الرئيسية/شروحات الكتب/عقيدة السلف للصابوني/(19) قوله “ويحرم أصحاب الحديث المسكر من الأشربة المتخذة من العنب أو الزبيب”

(19) قوله “ويحرم أصحاب الحديث المسكر من الأشربة المتخذة من العنب أو الزبيب”

بِسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح كتاب (عقيدة السَّلف وأصحاب الحديث) للإمام الصّابوني
الدّرس التّاسع عشر

***    ***    ***    ***
 
– القارئ: بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم، الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصّلاةُ والسّلام على أشرفِ الأنبياءِ والمرسلين، قال الإمامُ أبو عثمان الصّابوني -رحمه الله تعالى وغفرَ له ولشيخنا وللحاضرين ولجميع المسلمين-:
ويُحرّم أصحابُ الحديث المُسكِرَ مِن الأشربة، المُتَّخذة مِن العنبِ أو الزّبيب أو التّمر أو العسل أو الذرة أو غير ذلك مما يُسكرُ، يُحرِّمون قليله وكثيره، ويُنجّسونه ويُوجِبون به الحدَّ. ويرون المُسارعةَ إلى أداءِ الصلواتِ وإقامتها في أوائلِ الأوقاتِ أفضلَ من تأخيرِها إلى أواخرِ الأوقاتِ.

ويُوجبون قراءةَ فاتحةِ الكتاب خلفَ الإمامِ. ويأمرون بإتمامِ الركوعِ والسجودِ حتمًا واجبًا، ويعدُّون إتمامِ الركوع والسجودِ بالطمأنينةِ فيهما، والارتفاعَ من الركوعِ والانتصابَ منه والطمأنينةَ فيه، وكذلك الارتفاعَ من السجودِ، والجلوسَ بين السجدتينِ مُطمئنينَ فيه من أركانِ الصلاةِ التي لا تصحُّ إلا بها.
ويتواصون بقيام الليلِ للصّلاة بعدَ المنامِ، وبِصِلةِ الأرحامِ وإفشاء السّلامِ وإطعام الطّعامِ، والرّحمةَ على الفقراءِ والمساكينِ والأيتام، والاهتمامَ بأمورِ المسلمين، والتعفُّفِ في المأكلِ والمشرب والمنكحِ والملبس والسعي في الخيراتِ، والسّعي في الخيراتِ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والبِدار إلى فعلِ الخيراتِ أجمع، واتقاء سوءِ عاقبةِ الطمعِ.
ويتواصون بالحقِّ والصّبرِ، ويتحابُّون في الدّينِ ويتباغضون فيه، ويتّقون الجدالَ في الله، والخصوماتَ فيه، ويُجانِبون أهل البدعِ والضلالاتِ، ويُعادُون أصحابَ الأهواءِ والجهالاتِ. ويقتدون بالنّبي -صلّى الله عليه وسلّم- وبأصحابِه الذين هم كالنجوم بأيِّهم اقتدَوا اهتدَوا، كما كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يقولُه فيهم. ويقتدون بالسلفِ الصالحين من أئمةِ الدين وعلماءِ المسلمين، ويتمسّكونَ بما كانوا به مُتمسِّكين من الدينِ المتينِ والحقِّ المبين. ويُبغضون أهلَ البدعِ الذين أحدثُوا في الدين ما ليسَ منه، ولا يُحبونهم ولا يصحبونَهم، ولا يسمعونَ كلامَهم، ولا يُجالسونهم ولا يُجادلونهم في الدين، ولا يُناظرونهم ويرونَ صونَ آذانِهم عن سماعِ أباطيلهم، التي إذا مرَّتْ بالآذان وقرَّت في القلوب ضرّتْ، وجرَّت إليها من الوساوسِ والخطراتِ الفاسدةَ ما جرَّت. وفيه أنزلَ الله -عز وجلَّ- قوله: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ [الأنعام:68] وعلاماتُ البدعِ على أهلِها ظاهرةٌ باديةٌ، وأظهرَ آياتَهم وعلاماتَهم..
– الشيخ:
الكلامُ متواصل؟
– القارئ: بقي يا شيخ جملةً يسيرةً..
وعلاماتُ البدعِ على أهلِها ظاهرةٌ باديةٌ، وأظهرُ آياتِهم وعلاماتِهم شِدَّةُ معاداتهم لحملةِ أخبارِ النبي -صلى الله عليه وسلم- واحتقارِهم لها وتسميتِهم إياهم حشويَّةً وجَهَلَةً وظاهريةً ومُشبِّهةً، اعتقادًا منهم في أخبارِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- أنها بمعزلٍ عن العلم، وأنَّ العلمَ ما يُلقيه الشيطانُ إليهم من نتائجِ عقولِهم الفاسدةَ، ووساوسِ صدورِهم المُظلِمة، وهواجسِ قلوبِهم الخاليةَ عن الخيرِ العاطلة، وحججَهم الداحضةَ الباطلةَ. أولئك الذين لعنَهم الله، فأصمَّهُم وأعمى أبصارَهم وَمَن يُهِنِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِن مُّكۡرِمٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَفۡعَلُ مَا يَشَآءُ[الحج: 18]
– الشيخ:
على كلِّ حالٍ، في هذه الجملة، المُؤلفُ سردَ أمورًا كثيرة، تُعتبر منهجًا عمليًا لأهلِ السنّة، منهجهم في الصلاة، التحرِّي لهديِه -عليه الصلاة والسلام- وأشارَ في عباراته إلى بعضِ المسائل الاجتهاديةِ، كوجوبِ قراءةِ الفاتحة، فإنَّ هذا هو المشهورُ عن الإمامِ الشافعيِّ أنَّها تجبُ على المأموم مُطلَقًا، وهي مسألةٌ خلافيةٌ. أشار إلى مُخالفة الحنفيةِ في عدمِ الاعتدالِ بعد الركوعِ وبعد السجودِ، بيَّنَ أنَّ أهل الحديث يُصّلون ويتحرُّونَ ذلك كما كان النبيُّ -عليه الصلاة والسلام- وقد قال: (صلُّوا كما رأيتمُوني أُصلِّي) وقال للمُسيءِ: كذا وكذا، إذا قمتَ ثم ارفعْ حتى تعتدلَ قائمًا، وقالَ في السجودِ: (ثم ارفع حتى تطمئنَّ جالسًا)
ومن قالَ بغيرِ عدمِ وجوبِ الاعتدال كان مُخالفًا مخالفة ًصريحةً، ومذهبُهم باطلٌ، مذهبُ الأحنافِ في هذا باطلٌ، يعني ليس من المسائلِ التي يُقال فيها راجحٌ ومرجوحٌ، لا، هو مذهبٌ باطلٌ، لكن مع ذلك يعني المُقلِّدُونَ يُنكِرون والمُجتهدون مُخطِئون، نعم، نسأل الله العافية.
ثم ذكر يعني جملة من أخلاقِ أهلِ السنّة، في مُعاملةِ الناس، برِّ الوالدين، وصلةِ الأرحام، وإفشاء السلام، وما أشبهَ ذلك من حُسنِ المُعاملة. وهذا كله منهجُ أهل السنّة العملي في مُعاملةِ الناس، وهو هديُ النبي -صلى الله عليه وسلم- يعني استمدوا ذلك من كتابِ الله وسنّةِ رسولِه -عليه الصلاة والسلام- وفي المُقابل يُبغِضُون الكفار، ويُبغضون أهل البدعِ والأهواءِ، ويهجرونهم ولا يُجادلونهم، لأن كثيرًا منهم لا يجادلُ لمعرفةِ الحقِّ، بل يُجادل لنشر فكره، ونشرِ مذهبه، فمُجادلته ضررُها أكبر من نفعِها، وإذا اقتضى الأمرُ البيانَ، يعني كالجدال العام الآن، ولهذا كان أهلُ السنّة يردُّون، فمقصودُهم الجدال الذي يكونُ مع الواحد منهم. أهلُ السُّنَّةِ كتبوا الردود على الجهميةِ وعلى غيرهم، فكأنه يُريد الجدالَ المُباشرَ، إلى هنا.
 
 

info

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :العقيدة