بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح كتاب (الجواب الصَّحيح لِمَن بدّل دين المسيح) لابن تيمية
الدّرس الأول بعد المئة
*** *** *** ***
– القارئ: بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على أشرفِ الأنبياءِ والمرسلينَ، نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، أمَّا بعدُ: فيقولُ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ -رحمَهُ اللهُ تعالى- في كتابِهِ "الجوابُ الصَّحيحُ لمَن بدَّلَ دينَ المسيحِ"، يقولُ رحمَهُ اللهُ تعالى:
وَالْوَجْهُ السَّادِسُ: أَنَّ قَوْلَهُ: (سَنَخْلُقُ خَلْقًا عَلَى شِبْهِنَا) لَا يَتَنَاوَلُ صِفَتَهُ، مِثْلَ كَلَامِهِ وَحَيَاتِهِ الْقَائِمَةِ بِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ، وَحِينَئِذٍ فَهَذَا لَا يَتَنَاوَلُ اللَّاهُوتَ الَّذِي يَزْعُمُونَ أَنَّهُ تَدَرَّعَ بِالنَّاسُوتِ، فَإِنَّ اللَّاهُوتَ..
– الشيخ: لا إله إلَّا الله، ما في بالتعليقات شيء؟ ملحوظة
– القارئ: ما عندي شيءٌ، أحسنَ اللهُ إليكم
– الشيخ: نعم ليسَ بمخلوقٍ..
– القارئ: فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ، وَحِينَئِذٍ فَهَذَا لَا يَتَنَاوَلُ اللَّاهُوتَ الَّذِي يَزْعُمُونَ أَنَّهُ تَدَرَّعَ بِالنَّاسُوتِ، فَإِنَّ اللَّاهُوتَ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ.
وَأَمَّا النَّاسُوتُ فَهُوَ كَسَائِرِ نَوَاسِيتِ النَّاسِ لَا اخْتِصَاصَ لَهُ، بِأَنْ يَكُونَ شَبِيهًا لِلَّه تعالىِ دُونَ سَائِرِ النَّوَاسِيتِ، فَقَوْلُهُ: فَمَنْ هُوَ الشِّبْهُ الْمَخْلُوقُ سِوَى كَلِمَتِهِ وَرُوحِهِ؟ بَاطِلٌ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: (هَا آدَمُ قَدْ صَارَ كَوَاحِدٍ مِنَّا) وَقَوْلُهُم: إِنَّ هَذَا قَوْلٌ وَاضِحٌ أَنَّ اللَّهَ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ لِابْنِهِ رُوحِ قَدُسِهِ، فَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يُجْعَلَ الَّذِي صَارَ كَوَاحِدٍ مِنَّا لِابْنِهِ، كَانَ هَذَا مِنْ أَبْطَلِ الْكَلَامِ؛ فَإِنَّ هَذَا الِابْنَ إِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْكَلِمَةَ الَّتِي هِيَ صِفَةٌ لِلَّهِ، فَتِلْكَ لَمْ يُخْلَقْ لَهَا أَمْرٌ يَصِيرُ كَوَاحِدٍ مِنْهُم، وَتِلْكَ لَا تُسَمَّى آدَمَ وَلَا سَمَّاهَا اللَّهُ تعالى ابْنًا.
وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ نَاسُوتُ الْمَسِيحِ فَذَاكَ مَخْلُوقٌ مُبْتَدَعٌ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ كَالْقَدِيمِ الْأَزَلِيِّ، وَأَيْضًا فَإِنَّ اللَّهَ تعالى قَالَ عَن آدَمَ -عليهِ السَّلامُ- وَآدَمُ لَيْسَ هُوَ الْمَسِيحَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: آدَمُ وَيُرَادُ بِهِ الْمَسِيحُ، كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: عَصَى آدَمُ وَيُرَادُ بِهِ الْمَسِيحُ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ قَالَ: (هَا آدَمُ قَدْ صَارَ كَوَاحِدٍ مِنَّا) هَذِهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَمْرٍ قَدْ كَانَ فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي، لَيْسَ هُوَ إِشَارَةً إِلَى مَا سَيَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ بِأُلُوفٍ مِنَ السِّنِينَ، وَإِنْ أَرَادُوا أَنَّ اللَّهَ تعالى قَالَ لِابْنِهِ الَّذِي هُوَ كَلِمَتُهُ وَرُوحُهُ، وَهَذَا هُوَ مُرَادُهُم، كَقَوْلِهِم: إِنَّهُ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ يَسْتَهْزِئُ بِآدَمَ، أَيْ أَنَّهُ طَلَبَ أَنْ يَصِيرَ كَوَاحِدٍ مِنَّا، صَارَ هَكَذَا عُرْيَانًا مُفْتَضَحًا، وَيَكُونُ شُبْهَتَهُمْ قَوْلُهُ: (مِنَّا) لِأَنَّهُ عَبَّرَ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ، وَكَذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا هَذَا بِقَوْلِهِ: (نَخْلُقُ بَشَرًا عَلَى صُورَتِنَا وَشِبْهِنَا) فَاحْتَجُّوا عَلَى التَّثْلِيثِ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ.
وَهَذَا مِمَّا احْتَجَّ بِهِ نَصَارَى نَجْرَانَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى (إِنَّا) (نَحْنُ) قَالُوا: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ ثَلَاثَةٌ، وَكَانَ هَذَا مِنَ الْمُتَشَابِهِ الَّذِي اتَّبَعُوهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ، وَتَرَكُوا الْمُحْكَمَ الْمُبِينَ الَّذِي لَا يَحْتَمِلُ إِلَّا وَاحِدًا، فَإِنَّ اللَّهَ فِي جَمِيعِ كُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ قَدْ بَيَّنَ أَنَّهُ إِلَهٌ وَاحِد
– الشيخ: لا إله إلَّا.. يقولُ اللهُ لموسى: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا} ضمير الواحد، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي [طه:14] ويقولُ ذو النونِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ [الأنبياء:87] ضميرُ الواحدِ المُخاطبِ، {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ} واللهُ تعالى يذكرُ نفسَه بصيغةِ الإفرادِ، وهذه الصيغةُ تدلُّ على التوحيدِ، ويذكرُ نفسَه بصيغةِ الجمعِ الدالَّة على التعظيم، الدالَّة على تعدُّدِ أسمائِه وكثرةِ صفاتِه الحميدةِ، فآياتُ التوحيدِ محكمةٌ، والآياتُ الَّتي فيها الجمع هذه من المتشابه، فالنصارى ذهبوا يستدلُّون على التثليثِ بالآيات الَّتي جاءت بصيغةِ الجمعِ.
– القارئ: وَتَرَكُوا الْمُحْكَمَ الْمُبِينَ الَّذِي لَا يَحْتَمِلُ إِلَّا وَاحِدًا، فَإِنَّ اللَّهَ فِي جَمِيعِ كُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ قَدْ بَيَّنَ أَنَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ، وَأَنَّهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَلَا مِثْلَ لَهُ.
وَقَوْلُهُ: (إِنَّا) (نَحْنُ) لَفْظٌ يَقَعُ فِي جَمِيعِ اللُّغَاتِ عَلَى مَنْ كَانَ لَهُ شُرَكَاءُ وَأَمْثَالٌ، وَعَلَى الْوَاحِدِ الْمُطَاعِ الْعَظِيمِ الَّذِي لَهُ أَعْوَانٌ يُطِيعُونَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا شُرَكَاءَ وَلَا نُظَرَاءَ، وَاللَّهُ تَعَالَى خَلَقَ كُلَّ مَا سِوَاهُ، فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ لَهُ شَرِيكٌ أَوْ مِثْلٌ، وَالْمَلَائِكَةُ وَسَائِرُ الْعَالَمِينَ جُنُودُهُ تَعَالَى.
قَالَ تَعَالَى: وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ [المدثر:31]
وَقَالَ تَعَالَى: وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا [الفتح:7]
فَإِذَا كَانَ الْوَاحِدُ مِنَ الْمُلُوكِ يَقُولُ: إِنَّا، وَنَحْنُ، وَلَا يُرِيدُونَ أَنَّهُمْ ثَلَاثَةُ مُلُوكٍ فَمَالِكُ الْمُلْكِ رَبُّ الْعَالَمِينَ، رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكُهُ هُوَ أَحَقُّ بِأَنْ يَقُولَ: إِنَّا، وَنَحْنُ، مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ شَرِيكٌ، وَلَا مَثِيلٌ، بَلْ لَهُ جُنُودُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ.
وَأَيْضًا فَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ آدَمَ -عليهِ السَّلامُ- لَمْ يَطْلُبْ أَنْ يَصِيرَ مِثْلَ اللَّهِ وَلَا مِثْلَ صِفَاتِهِ كَعِلْمِهِ وَحَيَاتِهِ، وَأَيْضًا فَلَيْسَ فِي ظَاهِرِ اللَّفْظِ أَنَّ اللَّهَ خَاطَبَ صِفَاتِهُ بِتِلْكَ
– الشيخ: خاطب؟ صفاته؟
– القارئ: نعم أحسنَ اللهُ إليكم
– الشيخ: ها؟
– القارئ: بتلك
– طالب: بذلك
– الشيخ: بذلك أنسب
– القارئ: وَأَيْضًا فَالصِّفَةُ الْقَائِمَةُ بِالْمَوْصُوفِ لَا تُخَاطِبُ وَلَا تُخَاطَبُ، وَإِنَّمَا يُخَاطَبُ الْمَوْصُوفُ، وَلَمْ يَكُنْ قَدْ خَلَقَ آدَمَ نَاسُوتَ الْمَسِيحِ، وَلَا غَيْرَهُ مِنَ الْبَشَرِ حَتَّى يُخَاطِبَهُ، فَعُلِمَ أَنَّ دَعْوَاهُمْ أَنَّ اللَّهَ تعالى خَاطَبَ صِفَتَهُ الَّتِي سَمَّوْهَا ابْنًا وَرُوحَ قُدُسٍ كَلَامٌ بَاطِلٌ، بَلْ قَدْ يُخَاطِبُ مَلَائِكَتَهُ.
وَآدَمُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-
– الشيخ: يعني صفة لا تُخاطب يعني ليستْ شيئاً قائماً بنفسه، ولهذا قالَ أهلُ العلمِ: إنَّه حرامٌ نداءُ الصفةِ، نداءُ الصفةِ، يا رحمةَ اللهِ، يا قدرةَ اللهِ حرامٌ؛ لأنَّ القدرةَ ليسَتْ شيئاً قائماً بنفسِه، يُخاطَبُ ويسمعُ ويُخاطِبُ ويتكلَّمُ، هذا يتضمَّنُ جعلُ الصفةِ إلهاً معَ اللهِ.
– القارئ: وَآدَمُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- أَرَادَ مَا أَطْمَعَهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْخُلْدِ وَالْمُلْكِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى [طه:120]
قالَ رحمَهُ اللهُ تعالى: فَصْلٌ
قَالُوا: وَقَالَ اللَّهُ عِنْدَمَا أَخْسَفَ بِسَدُومَ وَعَامُورَةَ، قَالَ فِي التَّوْرَاةِ: (وَأَمْطَرَ الرَّبُّ مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى سَدُومَ وَعَامُورَةَ نَارًا وَكِبْرِيتًا) أَوْضَحَ بِهَذَا رُبُوبِيَّةَ الْأَبِ وَالِابْنِ.
وَالْجَوَابُ: أَنَّ احْتِجَاجَهُمْ بِهَذَا مِنْ أَبْطَلِ الْبَاطِلِ لِوُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ تَسْمِيَةَ اللَّهِ عِلْمَهُ وَحَيَاتَهُ ابْنًا وَرَبًّا تَسْمِيَةٌ بَاطِلَةٌ، لَمْ يُسَمِّ مُوسَى فِي التَّوْرَاةِ شَيْئًا مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ بِاسْمِ الِابْنِ وَلَا بَاسْمِ الْأَبِ، فَدَعْوَى الْمُدَّعِي أَنَّ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- أَرَادَ بِالرَّبِّ شَيْئًا مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ، أَوْ أَنَّ لَهُ صِفَةً تُسَمَّى ابْنَهُ كَلَامٌ بَاطِلٌ.
الثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ أَنَّ صِفَةَ اللَّهِ تُسَمَّى بِذَلِكَ فَمَعْلُومٌ أَنَّ الَّذِي أَمْطَرَ هُوَ الَّذِي كَانَ الْمَطَرُ عِنْدَهُ، لَمْ يَكُنِ الْمَطَرُ عِنْدَ أَحَدِهِمَا وَالْآخَرُ هُوَ الْمُمْطَرَ، كَمَا يجوزُ أنْ يُقالَ
– الشيخ: لا، مُمْطِر
– القارئ: وَالْآخَرُ هُوَ الْمُمْطِرَ، كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: خُلِقَ أَحَدُهُمَا مِنْ شَيْءٍ عِنْدَ الْآخَرِ، وَلَا أَنْزَلَ أَحَدُهُمَا الْمَطَرَ مِنْ سَحَابِ الْآخَرِ.
الثَّالِثُ: أَنَّ الصِّفَةَ لَا تَفْعَلُ شَيْئًا، وَلَا عِنْدَهَا شَيْءٌ، بَلْ هِيَ قَائِمَةٌ بِالْمَوْصُوفِ، وَالذَّاتُ الْمُتَّصِفَةُ بِالصِّفَةِ هِيَ الَّتِي تَفْعَلُ، وَعِنْدَهَا يَكُونُ مَا يَكُونُ
– الشيخ: لا إله إلَّا الله، لا حول ولا قوَّة إلَّا بالله، لا إله إلَّا الله، يعني الصفةُ ليستْ فعلٌ، هي الَّتي تفعلُ، فلا تقولُ: قدرةُ اللهِ خلقَتْ السمواتَ والأرضَ، بل اللهُ خلقَ بقدرتِهِ كذا، اللهُ خلقَ بقدرته ومشيئته، ولا تقولُ: قدرةُ اللهِ خلقَتْ السموات، فالصفةُ لا تفعلُ شيئاً ولا تُخاطِبُ ولا تُخاطَبُ كما تقدَّمَ.
– القارئ: عبارةُ: (ألجأَتْنا أقدارُ اللهِ أو حدتْنا الظُّروفُ أو شيءٌ مِن هذا)
– الشيخ: أمَّا الظروفُ فهي يُعبَّرُ بها عن الزمانِ، ولا يجوزُ، والناسُ ما يريدونَ بالزمانِ الظروفَ، يريدون يعبِّرون، هذا التعبيرُ حتَّى لغةً لما يصحُّ، لكنَّهم يقصدون بالظروف يعني الأسباب، والأسبابُ المخلوقةُ لها تأثيرٌ، فمن عقيدة الإسلام إثباتُ الأسبابِ، إثباتُ الأسبابِ المؤثِّرةِ، الإنسانُ أحياناً تلجئُه الأسبابُ إلى أمرٍ، ويحصلُ له ببعض الأسباب كمالٌ وعزٌّ ويحصلُ له نقصٌ، يلجئُه الفقرُ، الفقرُ سببٌ.
الظاهرُ أنَّه لا بأسَ أن يقولوا: ألجأتْني الحاجةُ أو الضرورةُ، ألجأَتْني الحاجةُ إلى كذا، أمَّا الظروفُ في الزمانِ فالزمانُ لا يفعلُ شيئاً، الزمانُ لا يفعلُ شيئاً، لكنَّ الناسَ إذا قالوا: الظروفَ، يريدونَ الأسبابَ الَّتي قدَّرَها اللهُ سبحانه وتعالى، والأسبابُ الَّتي خلقَها اللهُ لها تأثيرٌ، لها تأثيرٌ، المطرُ سببٌ له تأثيرٌ، فتقولُ: اللهُ تعالى أنبتَ النباتَ بالماء، فأنزلنا بهِ، فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ [الأعراف:57] أخرجَ اللهُ بالماء، فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ [الأعراف:57] فاللهُ يخلقُ بالأسبابِ ما يشاءُ، يخلقُ بالأسبابِ ما يشاءُ. فالمخلوقاتُ أسبابٌ ومسبِّباتٌ، واللهُ تعالى خالقُ الأسبابِ والمسبِّباتِ.
– القارئ: أحسنَ اللهُ إليكم، العبارةُ الدَّارجةُ: شاءَتْ الأقدارُ، شاءَتْ
– الشيخ: غلط هذا غلط، هذا غلط… الأقدارُ ما يُسنَدُ إليها مشيئةٌ
– القارئ: الرَّابِعُ: أَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: (أَمْطَرَ الرَّبُّ مِنْ عِنْدِهِ) لَكِنْ جَعَلَ الِاسْمَ الظَّاهِرَ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ إِظْهَارًا، لِأَنَّ الْأَمْرَ لَهُ وَحْدَهُ
– الشيخ: جعل جعل أيش؟
– القارئ: لَكِنْ جَعَلَ الِاسْمَ الظَّاهِرَ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ إِظْهَارًا
– الشيخ: هذا كثيرٌ في التفسير تجدون وضعَ الظاهرِ وضعَ المضمرِ، لنكتةٍ أو لمعنىً أو لحكمةٍ، كثيرٌ في التفسير في الإعرابات، وضعُ الظاهرِ موضعَ المضمرِ، مثل ما، يعني كثيرٌ، في القرآنِ: قالَ اللهُ: قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ [المائدة:119] {وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا} هو سبحانه وتعالى، وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ [النحل:51]
– القارئ: لِأَنَّ الْأَمْرَ لَهُ وَحْدَهُ فِي هَذَا وَهَذَا.
وَمِثْلُ هَذَا فِي الْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ: الْحَاقَّةُ * مَا الْحَاقَّةُ [الحاقة:1-2] الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ [القارعة:1-2]
وَقَالَ تَعَالَى: تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ [غافر:2] تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [فصلت:2]
وَاللَّهُ هُوَ الْمُنْزِلُ، وَلَمْ يَقُلْ مِنِّي
– الشيخ: ولم يقلْ منِّي، نعم، هو المتكلِّمُ، هو المتكلِّمُ، {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ} اللهُ هو المتكلِّمُ، وهذا معروفٌ في اللغةِ العربيَّةِ، معروفٌ في اللغةِ العربيَّةِ وضعُ الظاهرِ موضعَ المضمرِ
– القارئ: قالَ رحمَهُ اللهُ تعالى: فصلٌ
– الشيخ: إلى هنا يا أخينا، نعم يا محمَّد.