الرئيسية/شروحات الكتب/كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية/(104) فصل رد ما جاء في التوراة من قوله نقدسك ونعظمك ونثلث لك تقديسا مثلثا

(104) فصل رد ما جاء في التوراة من قوله نقدسك ونعظمك ونثلث لك تقديسا مثلثا

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح كتاب (الجواب الصَّحيح لِمَن بدّل دين المسيح) لابن تيمية
الدّرس الرّابع بعد المئة

***    ***    ***    ***
 
– القارئ: بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، الصَّلاةُ والسَّلامُ على أشرفِ الأنبياءِ والمرسلينَ نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، أمَّا بعدُ فيقولُ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ -رحمَهُ اللهُ تعالى- في كتابِهِ "الجوابُ الصَّحيحُ لمَن بدَّلَ دينَ المسيحِ" يقولُ رحمَهُ اللهُ تعالى:
فصلٌ:
وَأَمَّا قَوْلُهُم: (نُقَدِّسُكَ، وَنُعَظِّمُكَ، وَنُثَلِّثُ لَكَ تَقْدِيسًا مُثَلَّثًا، كَالْمَكْتُوبِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكَ أَشْعِيَا). وَقَوْلُهُم: (قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ، رَبُّ الْقُوَّاتِ، وَرَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ) فَيُقَالُ: هَذَا الْكَلَامُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُثَلَّثَ هُوَ نَفْسُ التَّقْدِيسِ لَا نَفْسُ الْإِلَهِ الْمُقَدَّسِ.
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُم: (قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ) قَدَّسُوهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّهُ قَالَ: (نُقَدِّسُكَ، وَنُثَلِّثُ لَكَ تَقْدِيسًا مُثَلَّثًا) فَنَصَبَ التَّثْلِيثَ عَلَى الْمَصْدَرِ الَّذِي يُنْصَبُ بِفِعْلِ التَّقْدِيسِ، فَقَالَ: نُقَدِّسُكَ تَقْدِيسًا مُثَلَّثًا.
(فَنَصْبُ التَّقْدِيسِ عَلَى الْمَصْدَرِ) كَمَا تَقُولُ: سَبَّحْتُكَ تَسْبِيحًا مُثَلَّثًا، أَيْ سَبَّحْتُكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَقَالَ: نُثَلِّثُ لَكَ، أَيْ: نُثَلِّثُ تَقْدِيسًا لَكَ، لَمْ يَقُل: أَنْتَ ثَلَاثَةٌ، بَلْ جَعَلُوا أَنْفُسَهُمْ هُمُ الَّذِينَ يُقَدِّسُونَ التَّقْدِيسَ الْمُثَلَّثَ، وَهُمْ يُثَلِّثُونَ لَهُ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُمْ يُسَبِّحُونَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَلَا يُسَبِّحُونَ ثَلَاثَةَ آلِهَةٍ، وَلَا ثَلَاثَةَ أَقَانِيمَ.
وَهَذَا كَمَا فِي السُّنَنِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ -رضيَ اللهُ عنهُ-، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا قَالَ الْعَبْدُ فِي رُكُوعِهِ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ، ثَلَاثًا، فَقَدْ تَمَّ رُكُوعُهُ، وَذَلِكَ أَدْنَاهُ، وَإِذَا قَالَ فِي سُجُودِهِ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى، ثَلَاثًا، فَقَدْ تَمَّ سُجُودُهُ وَذَلِكَ أَدْنَاهُ» وَالتَّسْبِيحُ هُوَ تَقْدِيسُ الرَّبِّ، وَأَدْنَاهُ أَنْ يُقَدِّسَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَمَعْنَاهُ

– الشيخ: يقولُ الفقهاءُ: هذا أدنى الكمالِ، لأدنى الكمالِ، وإلَّا وإنْ سبَّحَ مرَّةً أجزأَهُ، معَ الطمأنينةِ، مع الطمأنينةِ إذا قالَ: سبحانَ ربّي العظيم، أجزأَه من هذا الذكرِ، لكن أدنى الكمالِ أن يأتيَ به ثلاثَ مرَّاتٍ.
 
– القارئ: وَالتَّسْبِيحُ هُوَ تَقْدِيسُ الرَّبِّ، وَأَدْنَاهُ أَنْ يُقَدِّسَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَمَعْنَاهُ: قَدِّسُوهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَا تَقْتَصِرُوا عَلَى مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ.
وَلِهَذَا يَقُولُونَ مُجَاوِبِينَ: قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ، فَيُقَدِّسُونَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ تَثْلِيثُ التَّقْدِيسِ حَيْثُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ لَفْظُهُ، وَمَا يَفْعَلُونَهُ مُمْتَثِلِينَ لِهَذَا الْأَمْرِ، وَمَا يُفْعَلُ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ مِنْ تَثْلِيثِ تَقْدِيسِهِ، وَأَنْ يُقَدَّسَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَا أَنْ يَكُونَ الْمُقَدَّسُ ثَلَاثَ أَقَانِيمَ، فَإِنَّ هَذَا أَمْرٌ لَمْ يَنْطِقْ نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ بِهِ لَا لَفْظًا وَلَا مَعْنًى، بَلْ جَمِيعُ الْأَنْبِيَاءِ -عَلَيْهِمُ الصلاة والسَّلَامُ- أَثْبَتُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى.
وَأَسْمَاؤُهُ مُتَعَدِّدَةٌ تَدُلُّ عَلَى صِفَاتِهِ الْمُتَعَدِّدَةِ، وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِثَلَاثَةِ أَسْمَاءٍ، وَلَا بِثَلَاثِ صِفَاتٍ، (وَلَيْسَتِ الصِّفَاتُ أُقْنُومًا هُوَ ذَاتٌ وَصْفَةٌ، بَلْ لَيْسَ إِلَّا ذَاتٌ وَاحِدَةٌ لَهَا صِفَاتٌ) مُتَعَدِّدَةٌ، فَالتَّعَدُّدُ فِي الصِّفَاتِ لَا فِي الذَّاتِ الَّتِي يُسَمُّونَهَا الْجَوْهَرَ، وَلَا فِي الذَّاتِ وَالصِّفَةِ الَّتِي يُسَمُّونَهَا الْأُقْنُومَ.
فصلٌ:
قَالُوا: فَمَا أَعْظَمَ إِقْرَارَهُمْ فِي الثَّالُوثِ، وَأَشَدَّ كُفْرَهُمْ بِمَعْنَاهُ. فَيُقَالُ: هَذَا مِنْ الِافْتِرَاءِ الظَّاهِرِ عَلَى الْيَهُودِ، وَإِنْ كَانَ الْيَهُودُ

– الشيخ: يعني: أنَّ اليهودَ يقولون أيش؟ قالوا..
– القارئ: قَالُوا: فَمَا أَعْظَمَ إِقْرَارَهُمْ فِي الثَّالُوثِ
– الشيخ:
كأنَّ الكلامَ يعني النصارى يقولون عن اليهودِ: ما أشدَّ إقرارَهم بالثالوثِ الَّذي هو الحقُّ عندَهم -عند النصارى- وكفرَهم بمعناهُ!
 
– القارئ: فَيُقَالُ: هَذَا مِنْ الِافْتِرَاءِ الظَّاهِرِ عَلَى الْيَهُودِ، وَإِنْ كَانَ الْيَهُودُ كُفَّارًا فَلَمْ يَكُنْ كُفْرُهُمْ لِأَجْلِ إِنْكَارِ الثَّالُوثِ، بَلْ لَوْ أَقَرُّوا بِهِ لَكَانَ زِيَادَةً فِي كُفْرِهِمْ يَزِيدُ بِهِ عَذَابُهُم.
كَمَا أَنَّ النَّصَارَى لَمَّا كَفَرُوا لَمْ يَكُنْ كُفْرُهُمْ بِإِقْرَارِهِمْ بِأَنَّ الْمَسِيحَ الْمُبَشَّرَ بِهِ الَّذِي قَدْ ظَهَرَ لَيْسَ هُوَ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ الَّذِي تَنْتَظِرُهُ الْيَهُودُ، وَإِذَا خَرَجَ كَانُوا شِيعَتَهُ وَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ مَعَهُ شَرَّ قِتْلَةٍ، حَتَّى إِنَّ الشَّجَرَ وَالْحَجَرَ يَقُولُ: يَا مُسْلِمُ هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائِي تَعَالَ فَاقْتُلْهُ. بَلْ لَوْ كَفَرُوا بِالْمَسِيحِ كَمَا كَفَرَتِ الْيَهُودُ لَكَانَ ذَلِكَ زِيَادَةً فِي كُفْرِهِم.
وَعِنْدَ الْيَهُودِ، وَعِنْدَكمْ فِي التَّوْرَاةِ مِنَ التَّوْحِيدِ الْمَحْضِ الَّذِي يُبْطِلُ تَثْلِيثَكُمْ مَا لَا يَخْفَى إِلَّا عَمَّنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ، وَهُدَاهُ الَّذِي هَدَى بِهِ عِبَادَهُ.
فصلٌ:
قَالُوا: فَمِنْ أَجْلِ هَذَا الْبَيَانِ الْوَاضِحِ الَّذِي قَالَهُ اللَّهُ تعالى فِي التَّوْرَاةِ، فِي كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ نَجْعَلُ ثَلَاثَةَ أَقَانِيمَ: جَوْهَرًا وَاحِدًا، إِلَهًا وَاحِدًا، خَالِقًا وَاحِدًا. وَهُوَ الَّذِي نَقُولُهُ: أَبٌ، وَابْنٌ، وَرُوحُ قُدُسٍ.
وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ فِي التَّوْرَاةِ وَالْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ مِنْ إِثْبَاتِ وَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ، وَنَفْيِ تَعَدُّدِ الْآلِهَةِ، وَنَفْيِ إِلَهِيَّةِ مَا سِوَاهُ مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي إِبْطَالِ قَوْلِ النَّصَارَى وَنَحْوِهُم، وَلَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ الْأَقَانِيمِ لَا لَفْظًا وَلَا مَعْنًى، حَيْثُ يَجْعَلُونَ الْأُقْنُومَ اسْمًا لِلذَّاتِ مَعَ الصِّفَةِ، وَالذَّاتُ وَاحِدَةٌ، وَالتَّعَدُّدُ فِي الصِّفَاتِ لَا فِي الذَّاتِ.
وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَتَّحِدَ صِفَةٌ دُونَ الْأُخْرَى، وَلَا دُونَ الذَّاتِ، فَيَمْتَنِعُ اتِّحَادُ أُقْنُومٍ أَوْ حُلُولُهُ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ دُونَ الْأُقْنُومِ الْآخَرِ، وَلَا إِثْبَاتُ ثَلَاثَةِ أَقَانِيمَ وَلَا إِثْبَاتُ ثَلَاثِ صِفَاتٍ دُونَ مَا سِوَاهَا فِي شَيْءٍ مِنَ الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ، وَلَا كَلَامِ الْحَوَارِيِّينَ، وَلَا إِثْبَاتُ إِلَهٍ حَقٍّ مِنْ إِلَهٍ حَقٍّ، وَلَا تَسْمِيَةُ صِفَاتِ اللَّهِ تعالى -مِثْلَ كَلَامِهِ وَحَيَاتِهِ- لَا ابْنًا، وَلَا إِلَهًا، وَلَا رَبًّا، وَلَا إِثْبَاتُ اتِّحَادِ الرَّبِّ خَالِقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ بِشَيْءٍ مِنَ الْآدَمِيِّينَ، وَلَا حُلُولُ ذَاتٍ وَصِفَةٍ دُونَ ذَاتٍ مَعَ الصِّفَاتِ الْأُخْرَى، بَلْ وَلَا حُلُولُ نَفْسِ الصِّفَةِ الْقَائِمَةِ بِهِ فِي غَيْرِهِ، لَا عِلْمِهِ وَلَا كَلَامِهِ وَلَا حَيَاتِهِ، وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ.
بَلْ جَمِيعُ مَا أَثْبَتُوهُ مِنَ التَّثْلِيثِ وَالْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ لَيْسَ فِي كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ الَّتِي بِأَيْدِيهِمْ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، بَلْ فِيهَا أَقْوَالٌ كَثِيرَةٌ صَرِيحَةٌ بِنَقِيضِ ذَلِكَ مَعَ الْقُرْآنِ وَالْعَقْلِ، فَهُمْ مُخَالِفُونَ لِلْمَعْقُولِ وَكُتُبِ اللَّهِ تعالى الْمُنَزَّلَةِ.
الثَّانِي: أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّمَا نُثْبِتُ إِلَهًا وَاحِدًا، ثُمَّ يَقُولُونَ فِي أَمَانَتِهِمْ وَأَدِلَّتِهِمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِمْ مَا هُوَ صَرِيحٌ بِإِثْبَاتِ ثَلَاثَةِ آلِهَةٍ، فَيَنْقُضُونَ كَلَامَهُمْ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ..

– الشيخ: بَعْضَهُم، ينقضون كلامَهم بعضَهُم ببعضٍ، أو ينقضون كلامَ بعْضِهِم، أو بعضُهم ينقضُ كلامَ بعضٍ، بعضُهُم ينقضُ كلامَ بعضٍ، أو ينقضُ كلامَهم بعضَهُ بعضاً.
– القارئ: وَيَقُولُونَ مِنَ الْأَقْوَالِ الْمُتَنَاقِضَةِ مَا يَعْلَمُ بُطْلَانَهُ كُلُّ عَاقِلٍ تَصَوَّرَهُ. وَهَذَا لَا..
– الشيخ:
نفس، يقولُ الشيخُ: إنَّهم يتناقضون، فيقولون: نثبتُ إلهاً واحداً، ثمَّ يقولون: نثبتُ أقنومَ كذا، الابنُ إلهٌ والأبُ إلهٌ وروحُ القدسِ إلهٌ فيتناقضون، فيثبتون واحداً في ثلاثةٍ أو ثلاثةً في واحدٍ، وهذا ممتنعٌ في العقل أن يكونَ الواحدُ ثلاثةً أو الثلاثةُ واحداً، الثلاثةُ غيرُ الواحدِ.
 
– القارئ: الثَّانِي: أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّمَا نُثْبِتُ إِلَهًا وَاحِدًا، ثُمَّ يَقُولُونَ فِي أَمَانَتِهِمْ وَأَدِلَّتِهِمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِمْ مَا هُوَ صَرِيحٌ بِإِثْبَاتِ ثَلَاثَةِ آلِهَةٍ، فَيَنْقُضُونَ كَلَامَهُمْ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، وَيَقُولُونَ مِنَ الْأَقْوَالِ الْمُتَنَاقِضَةِ مَا يَعْلَمُ بُطْلَانَهُ كُلُّ عَاقِلٍ تَصَوَّرَهُ.
وَهَذَا لَا يَنْضَبِطُ لَهُمْ قَوْلٌ مُطَّرِدٌ
– الشيخ:
الظاهرُ ولهذا، ولهذا، ما عندكم شيءٌ؟ ولهذا اقرأْها كذا وشوف تأمَّلْها
– طالب: في نسخةٍ هنا ولهذا
– الشيخ: ولهذا ولهذا
– القارئ: وَلهَذَا لَا يَنْضَبِطُ لَهُمْ قَوْلٌ مُطَّرِدٌ، كَمَا يَقُولُ مَنْ يَقُولُ مِنْ عُقَلَاءِ النَّاسِ: إِنَّ النَّصَارَى لَيْسَ لَهُمْ قَوْلٌ يَعْقِلُهُ عَاقِلٌ، وَلَيْسَ أَقْوَالُهُمْ مَنْصُوصَةً عَنِ الْأَنْبِيَاءِ، فَلَيْسَ مَعَهُمْ لَا سَمْعٌ وَلَا عَقْلٌ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ أَصْحَابِ النَّارِ: وقالوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ [الملك:10]
وَهُمْ أَيْضًا يُبْطِنُونَ خِلَافَ مَا يُظْهِرُونَ، وَيَفْهَمُ جُمْهُورُ النَّاسِ مِنْ مَقَالَاتِهِمْ خِلَافَ مَا يَزْعُمُ بَعْضُهُمْ عن أَنَّهُ مُرَادُهُم، فَإِنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ آنِفًا مِنَ اسْتِدْلَالِهِمْ بِالتَّوْرَاةِ، وَقَوْلِهِ: (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى مِنَ الْعُلَيْقَةِ قَائِلًا: أَنَا إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ، وَإِلَهُ إِسْحَاقَ، وَإِلَهُ يَعْقُوبَ) قَالُوا: وَلَمْ يَقُل: أَنَا إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ، بَلْ كَرَّرَ اسْمَ إِلَهٍ ثَلَاثَ دُفُوعٍ قَائِلًا: أَنَا إِلَهُ .. وَإِلَهُ .. وَإِلَهُ .. لِتَحَقُّقِ مَسْأَلَةِ الثَّلَاثِ أَقَانِيمَ فِي لَاهُوتِهِ، فَيُقَالُ لَهُم: وَإِنْ كَانَ هَذَا التَّكْرِيرُ لَا يَقْتَضِي إِلَّا إِثْبَاتَ إِلَهٍ وَاحِدٍ فَلَا حُجَّةَ لَكُمْ فِيهِ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَنَا إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ، وَإِنْ كَانَ يَقْتَضِي إِثْبَاتَ ثَلَاثَةِ آلِهَةٍ: فَقَدْ أَثْبَتُّمْ ثَلَاثَةَ آلِهَةٍ، وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: لَا نُثْبِتُ إِلَّا إِلَهًا وَاحِدًا، وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى: أنَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ مَوْصُوفٌ بِأَنَّهُ مَعْبُودُ إِبْرَاهِيمَ، وَمَعْبُودُ إِسْحَاقَ، وَمَعْبُودُ يَعْقُوبَ
– الشيخ:
نعم، وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ [الزخرف:84] ليسَ معناهُ: أنَّ اللهَ في السَّماءِ وهو في الأرضِ، بل هو في السَّماءِ لكنَّه معبودُ أهلِ السماءِ ومعبودُ أهلِ الأرضِ، أو معبودٌ في الأرضِ وفي السماءِ، وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ
 
– القارئ: فَلَا حُجَّةَ لَكُمْ فِيهِ عَلَى التَّثْلِيثِ وَالْأَقَانِيمِ، (بِحَيْثُ تَجْعَلُونَ الْأُقْنُومَ اسْمًا لِلذَّاتِ مَعَ صِفَةٍ وَالذَّاتُ وَاحِدَةٌ، فَالتَّعَدُّدُ فِي الصِّفَاتِ لَا فِي الذَّاتِ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَتَّحِدَ صِفَةٌ دُونَ أُخْرَى، وَلَا دُونَ الذَّاتِ فَيَمْتَنِعُ اتِّحَادُ أُقْنُومٍ وَحُلُولُهُ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ دُونَ الْأُقْنُومِ الْآخَرِ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: قَوْلُهُم: وَهُوَ الَّذِي نَقُولُهُ: أَبٌ، وَابْنٌ، وَرُوحُ الْقُدُسِ، قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ هُمْ مُعْتَرِفُونَ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوهُ ابْتِدَاءً، وَلَا عَلِمُوا بِالْعَقْلِ التَّثْلِيثَ الَّذِي قَالُوهُ فِي أَمَانَتِهِم، ثُمَّ عَبَّرُوا عَنْهُ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ، بَلْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ مَنْقُولَةٌ عِنْدَهُمْ فِي بَعْضِ الْأَنَاجِيلِ: أَنَّ الْمَسِيحَ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- أَمَرَ أَنْ يُعَمِّدُوا النَّاسَ بِهَا، وَحِينَئِذٍ، فَالْوَاجِبُ إِذَا كَانَ الْمَسِيحُ قَالَهَا أَنْ يُنْظَرَ مَا أَرَادَ بِهَا، وَيُنْظَرَ سَائِرُ أَلْفَاظِهِ وَمَعَانِيهَا فَيُفَسَّرَ كَلَامُهُ، بِلُغَتِهِ الَّتِي تَكَلَّمَ بِهَا تَفْسِيرًا يُنَاسِبُ سَائِرَ كَلَامِهِ.
وَهَؤُلَاءِ حَمَلُوا كَلَامَ الْمَسِيحِ وَالْأَنْبِيَاءِ -عَلَيْهِمُ الصلاة السَّلَامُ- عَلَى شَيْءٍ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُم، بَلْ يَدُلُّ عَلَى نَقِيضِهِ فَسَمَّوْا كَلَامَ اللَّهِ تعالى أَوْ عِلْمَهُ أَوْ حِكْمَتَهُ أو نُطْقَهُ ابْنًا، وَهَذِهِ تَسْمِيَةٌ ابْتَدَعُوهَا لَمْ يُسَمِّ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ شَيْئًا مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تعالى بِاسْمِ الِابْنِ، وَلَا بَاسْمِ الرَّبِّ، وَلَا بَاسْمِ الْإِلَهِ، ثُمَّ لَمَّا أَحْدَثُوا هَذِهِ التَّسْمِيَةَ قَالُوا: مُرَادُ الْمَسِيحِ بِالِابْنِ هُوَ الْكَلِمَةُ، وَهَذَا افْتِرَاءٌ عَلَى الْمَسِيحِ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، وَحَمْلٌ لِكَلَامِهِ عَلَى مَعْنًى لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ لَفْظُهُ.
وَلَفْظُ الِابْنِ عِنْدَهُمْ فِي كُتُبِهِمْ يُرَادُ بِهِ مَنْ رَبَّاهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَلَا يُطْلَقُ عِنْدَهُمْ فِي كَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ لَفْظُ الِابْنِ قَطُّ، إِلَّا عَلَى مَخْلُوقٍ مُحْدَثٍ، وَلَا يُطْلَقُ إِلَّا عَلَى النَّاسُوتِ دُونَ اللَّاهُوتِ، فَيُسَمَّى عِنْدَهُم إِسْرَائِيلُ ابْنًا وَدَاوُدُ ابْنًا لِلَّهِ، وَالْحَوَارِيُّونَ كَذَلِكَ، بَلْ عِنْدَهُمْ فِي إِنْجِيلِ يُوحَنَّا فِي ذِكْرِ الْمَسِيحِ
– الشيخ:
يعني المصطفى هذا يعني الَّذي أكرمَهُ اللهُ وربَّاه لا بنوّة ولادة، لا بنوّة ولادة، بل كما قالَ: لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ [الزمر:4] فالولادةُ ممتنعةٌ عليه سبحانه وتعالى.
 
– القارئ: بَلْ عِنْدَهُمْ فِي إِنْجِيلِ يُوحَنَّا فِي ذِكْرِ الْمَسِيحِ إِلَى خَاصَّتِهِ، أَيْ وَخَاصَّتُهُ لَمْ يَقْبَلُوهُ، وَالَّذِينَ قَبِلُوهُ أَعْطَاهُمْ لِيَكُونُوا أَبْنَاءَ اللَّهِ الَّذِي لَيْسَ مِنْ دَمٍ وَلَا مِنْ مُشَبَّهِ لَحْمٍ، وَلَا مِنْ مُشَبَّهِ رَجُلٍ، بَلْ مِنَ اللَّهِ وُلِدَ.
فَهَذَا إِخْبَارٌ بِأَنَّهُمْ يَكُونُونَ جَمِيعًا أَبْنَاءَ اللَّهِ، وَهُمْ مُعْتَرِفُونَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِمْ لَاهُوتٌ يَتَّحِدُ بِنَاسُوتٍ، بَلْ كُلٌّ مِنْهُمْ نَاسُوتٌ مَحْضٌ، فَعُلِمَ أَنَّ الْكُتُبَ نَاطِقَةٌ بِأَنَّ لَفْظَ ابْنِ اللَّهِ
– الشيخ:
الناسوتُ يعنون به: الإنسانُ المخلوقُ، نعم ناسوتٌ
– القارئ: فَعُلِمَ أَنَّ الْكُتُبَ نَاطِقَةٌ بِأَنَّ لَفْظَ ابْنِ اللَّهِ يَتَنَاوَلُ النَّاسُوتَ فَقَط
– الشيخ:
يعني: ابن الله في كتبهم إنَّما يتناولُ أو يتعلَّقُ بالناسوتِ يعني بالإنسانِ لا بمعنى الإلهِ
– القارئ: يَتَنَاوَلُ النَّاسُوتَ فَقَط، وَلَيْسَ مَعَهُمْ لَفْظُ ابْنُ اللَّهِ، وَالْمُرَادُ بِهِ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ
– الشيخ:
وليسَ عندَهم
– القارئ: وَلَيْسَ مَعَهُمْ
– الشيخ: لَفْظٌ
– القارئ: لَفْظٌ ابْنُ اللَّهِ، وَالْمُرَادُ بِهِ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ
– الشيخ:
[…..] لَفْظُ ابْنِ اللَّهِ
– القارئ: وَلَيْسَ مَعَهُمْ لَفْظُ ابْنِ اللَّهِ، وَالْمُرَادُ بِهِ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ. فَقَوْلُهُم: إِنَّ الْمَسِيحَ أَرَادَ بِلَفْظِ الِابْنِ اللَّاهُوتَ كَذِبٌ بَيِّنٌ عَلَيْهِ، وَالْمَسِيحُ لَا يُسَمَّى ابْنًا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، وَرُوحُ الْقُدُسِ لَمْ يُعَبِّر بِهَا أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ عَنْ حَيَاةِ اللَّهِ الَّتِي هِيَ صِفَتُهُ، بَلْ رُوحُ الْقُدُسِ فِي كُتُبِ اللَّهِ يُرَادُ بِهَا الْمَلَكُ، وَيُرَادُ بِهَا الْهُدَى وَالْوَحْيُ وَالتَّأْيِيدُ، فَيُقَالُ: رُوحُ اللَّهِ، كَمَا يُقَالُ: نُورُ اللَّهِ، وَهُدَى اللَّهِ، وَوَحْيُ اللَّهِ، وَمُلْكُ اللَّهِ، وَرَسُولُ اللَّهِ، لَمْ يُرِدْ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، بِقَوْلِهِ: رُوحُ اللَّهِ، وَرُوحُ الْقُدُسِ – مَا يُرِيدُهُ الْإِنْسَانُ بِقَوْلِهِ: (رُوحِي).
فَالْإِنْسَانُ مُرَكَّبٌ مِنْ رُوحٍ وَبَدَنٍ، وَفِي بَدَنِهِ بُخَارٌ يَخْرُجُ مِنَ الْقَلْبِ، وَيَسْرِي فِي بَدَنِهِ، وَلَهُ جَوْفٌ يَخْرُجُ مِنْهُ هَوَاءٌ وَيَدْخُلُ فِيهِ، فَإِذَا قِيلَ: رُوحُ الْإِنْسَانِ فَقَدْ يُرَادُ بِهَا الرُّوحُ الَّتِي بِهَا الْبُخَارُ اللَّطِيفُ الَّذِي فِي الْبَدَنِ، وَقَدْ يُرَادُ بِهَا الرِّيحُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ جَوْفِ الْبَدَنِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ.
وَاللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى لَيْسَ هُوَ رُوحًا وَبَدَنًا كَالْإِنْسَانِ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ أَحَدٌ صَمَدٌ، لَا جَوْفَ لَهُ، وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ شَيْءٌ، وَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ شَيْءٌ، لَا بُخَارٌ وَلَا هَوَاءٌ مُتَرَدِّدٌ.
وَقَدْ يُعَبِّرُ بَعْضُ النَّاسِ بِلَفْظِ الرَّوْحِ عَنِ الْحَيَاةِ، وَاللَّهُ تَعَالَى حَيٌّ لَهُ حَيَاةٌ، لَكِنْ لَمْ تُرِدِ الْأَنْبِيَاءُ -عَلَيْهِمُ الصلاة والسَّلَامُ- بِقَوْلِهِم: رُوحُ الْقُدُسِ – حَيَاةَ اللَّهِ، بَلْ أَرَادُوا بِهِ مَا يَجْعَلُهُ اللَّهُ تعالى فِي قُلُوبِ الْأَنْبِيَاءِ وَيُؤَيِّدُهُمْ بِهِ، كَمَا يُرَادُ بِنُورِ اللَّهِ ذَلِكَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [النور:35]
فَضَرَبَ اللَّهُ تعالى مَثَلًا لِلْمُؤْمِنِ الَّذِي جَعَلَ صَدْرَهُ كَالْمِشْكَاةِ، وَقَلْبُهُ كَالزُّجَاجَةِ فِي الْمِشْكَاةِ، وَنُورُ الْإِيمَانِ الَّذِي فِي قَلْبِهِ -وَهُوَ نُورُ اللَّهِ- كَالْمِصْبَاحِ الَّذِي فِي الزُّجَاجَةِ
– الشيخ:
نورُ اللهِ يعني: الإيمانُ، الإيمانُ في قلبِ العبدِ سمَّاه نوراً، فقولُه: {مَثَلُ نُورِهِ} يعني: مثلُ نورِ اللهِ في قلبِ عبدِه المؤمنِ وهو إيمانُهُ
– القارئ: وَهُوَ نُورُ اللَّهِ – كَالْمِصْبَاحِ الَّذِي فِي الزُّجَاجَةِ، وَذَلِكَ النُّورُ الَّذِي فِي قَلْبِهِ لَيْسَ هُوَ نَفْسَ صِفَةِ اللَّهِ الْقَائِمَةِ بِهِ.
فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْعَارِفَ كُلَّمَا تَدَبَّرَ مَا قَالَتْهُ الْأَنْبِيَاءُ -عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ-، وَمَا قَالَهُ أَهْلُ الْبِدَعِ مِنَ النَّصَارَى وَغَيْرِهِم، لَمْ يَجِدْ لَهُمْ فِي كَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ إِلَّا مَا يَدُلُّ عَلَى نَقِيضِ ضَلَالِهِمْ لَا مَا يَدُلُّ عَلَى ضَلَالِهِم.
قالَ رحمَهُ اللهُ تعالى: فصلٌ
– الشيخ:
أحسنْتَ، إلى هنا يا أخي، نعم يا محمَّد
– طالب: الأسماءُ والصفاتُ
– الشيخ: لعلَّه يُؤجَّلُ اليومَ.
 

info

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :العقيدة