الرئيسية/شروحات الكتب/كتاب بلوغ المرام/كتاب الطلاق من بلوغ المرام/(3) الجد والهزل في الطلاق والطلاق والرجعة والعتاق – لا يقع الطلاق بحديث النفس المكروه
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(3) الجد والهزل في الطلاق والطلاق والرجعة والعتاق – لا يقع الطلاق بحديث النفس المكروه

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح "بلوغ المرام مِن أدلّة الأحكام" (كتاب الطّلاق)
الدّرس الثّالث

***    ***    ***    ***
 
– القارئ:
بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ على نبيِّنَا محمَّدٍ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ. قالَ الحافظُ ابنُ حجرٍ -رحمه الله تعالى- في "بلوغ المرام" في تتمَّةِ كتاب الطلاق:
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: النِّكَاحُ، وَالطَّلَاقُ وَالرَّجْعَةُ) رَوَاهُ الْأَرْبَعَةُ إلَّا النَّسَائِيّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ. وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ عَدِيٍّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ضَعِيفٍ: (الطَّلَاقُ وَالْعِتَاقُ وَالنِّكَاحُ)وَلِلْحَارِثِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ- رَفَعَهُ (لَا يَجُوزُ اللَّعِبُ فِي ثَلَاثٍ: الطَّلَاقُ، وَالنِّكَاحُ، وَالْعَتَاقُ، فَمَنْ قَالَهُنَّ، فَقَدْ وَجَبْنَ) وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ.
– الشيخ:
الـمُعَوَّلُ على اللفظِ الأول، (ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جِدّ) معناه: أنَّه لا فرقَ بين مَن تكلَّمَ بهذهِ الأمور الثلاثة: النكاحُ والطلاقُ والرجعةُ، إن تكلَّم بها سواءً كان جادَّاً أو هازلاً، وهذا فيه مسألةُ طلاقِ الهازلِ، المعروفُ عند أهلِ العلم: أنَّ طلاقَ الهازلِ يقعُ، مثل مَن يقول لامرأتِه: أنتِ طالقٌ ويضحك، أنتِ طالِق، طلاقٌ صريحٌ، ولكنه.
يقول أهل العلم: هو طلاقٌ صريحٌ ومقصودٌ، يعني كلامٌ مقصودٌ. هل هذا جرى على لسانه خطأً؟ لا، بلْ جرى على لسانِه عمداً وقصداً، يعني هو يريدُ أن يقولَ: أنتِ طالقٌ، يعني ما تكلَّم بهذا الكلامِ سهواً أو سَبْقَ لسانٍ أو، لا، قالَه صريح، لكنه أراد اللَّعِبَ أو الـهَــزَلَ أو الْمِزاح، وهو كلامُ مقصود، كلامٌ مقصودٌ لكن نتيجتُه غيرُ مقصودة، فهو أوقعَ الطلاقَ لكنه لا يريدُ وقوعَه.
يقول أهل العلم: إنَّ وقوع الطلاق ليسَ إليه، الذي إليه إيقاعُ الطلاق بالكلام، إيقاعُه، فإذا قالَ: أنتِ طالقٌ فقدَ أوقعَ الطلاقَ على امرأتِه، كونه يريدُ أنْ يقعَ أو لا يقع، شيءٌ آخر.
والشرعُ يقتضي أنَّ من قال لامرأتِه: "أنتِ طالقٌ" فإنَّ هذا طلاقٌ صريحٌ، طلاقٌ صريحٌ، فيقعُ الطلاقُ، وبهذا يُعلَمُ أنه لا يجوزُ اللعِب، هذا لعبٌ بأحكامِ الشريعةِ لَعِبٌ. وهكذا النكاح، يقول: "زوّجتُكَ" وهو لا يريد التزويج، والطلاقُ في حكمِه.
الرَّجعة: إذا قالَ لمطلقتِه راجعتُك كذلكَ، هذا مقتضى هذا الحديث.
وجمهورُ أهلِ العلم على ظاهرِ هذا الدليل على أنَّ هذه الثلاث (جِدُّهُنَّ جِدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ)، فمن تكلَّم بشيءٍ من هذهِ الثلاثِ هازلاً مازحاً لزمَهُ مُوجَبُها.
وأضافَ الروايات الأخرى، أضاف إليها أيش؟ العتاق؟
– القارئ: العتاق أي..
– الشيخ:  وكذلكَ العِتاق، يعني الشرع له تشوّفَ في العِتق، فإذا قالَ شخصٌ لعبدِه مازحاً: أنتَ حرٌّ؛ أنتَ حرٌّ، أو عبدي فلانٌ حرٌّ؛ وقالَ: أنا لا أريدُ الحقيقة؛ فمقتضى هذا أنه يلزمُه، لماذا تقول حرٌّ؟ هذا لَعِبٌ، لَعبٌ بالأحكامِ الشرعيةِ، إذا قالَ: حرٌّ، معناه أنه أعتقَهُ، اقرأْ شرح الروايات هذه.
– القارئ: أحسن الله إليكم، الصنعاني -رحمه الله- شرح الأحاديث الثلاثة قال: لأنَّ..
– الشيخ: شرح الحديث الأول؟
– القارئ:  الثلاثة جميعاً.
– الشيخ: طيب ماذا قال؟ اقرأ.
 
– القارئ: قالَ -رحمه الله-: وَالْأَحَادِيثُ دَلَّتْ عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ مِنْ الْهَازِلِ، وَأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ فِي الصَّرِيحِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْهَادَوِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، وَذَهَبَ أَحْمَدُ وَالنَّاصِرُ وَالصَّادِقُ وَالْبَاقِرُ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ لِعُمُومِ حَدِيثِ: (الْأَعْمَالِ بِالنِّيَّاتِ).
– الشيخ: أيش؟ مِنْ النِّيَّةِ؟
– القارئنعم.
– الشيخ: هو ناوي للكلام، الكلام هذا صدرَ بنيَّةٍ.
– القارئ:  يعني ما نوى الجِدّ.
– الشيخ: أقول: الكلامُ صَدَرَ عن نيةٍ لم يتكلَّم بهذا خطاً، والحنابلةُ يقولونَ: الطلاقُ الصريحُ لا يَفتقرُ إلى نيّة، الطلاقُ الصريحُ.
– القارئ: لَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ.
– الشيخ: هو يقول: لَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ؟
– القارئنعم.
– الشيخ: إن كانتْ روايةً عند أحمد يمكن، ولّا الرواية المشهورة: لا، أنَّ الطلاقَ الصريحَ لا يتوقَّفُ على النيةِ.

– القارئ: وَذَهَبَ أَحْمَدُ وَالنَّاصِرُ وَالصَّادِقُ وَالْبَاقِرُ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ لِعُمُومِ حَدِيثِ (الْأَعْمَالِ بِالنِّيَّاتِ) وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ عَامٌّ أخَصَّهُ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَحَادِيثِ وَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي الْعِتْقِ.
– الشيخ: انتهى؟
– القارئ:  نعم، أحسن الله إليكم.
– الشيخ: طيّب البَسَّام؟
 
– القارئ: البَسَّام ما ذكر الأقوال، قال:
ما يُؤخذُ من الحديثين:
أولاً: الحديثانِ يدلَّانِ على نفوذِ الأحكامِ المذكورةِ، وهي: عقدُ النكاحِ، والطلاقِ، ورجعةُ الزوجةِ إلى عصمةِ النكاحِ، والعتقِ.
ثانياً: فهذهِ أحكامٌ سريعةُ النُّفوذِ، قويةُ السَّريانِ متى ما صدرتْ ممَّنْ يملكُها ويملكُ التَّصرُّفَ فيها، فإنَّهُ لا رجعةَ لَه فيها بعدَ إطلاقِها.
ثالثاً: فمَنْ عقدَ على مَوْليَّتِهِ، أو طلَّقَ زوجتَهُ، أو أعتقَ..

– الشيخ: إلى آخرِه يعني تطبيقات.
– القارئ: سواءً كانَ جادًّا.
– الشيخ: طيب الخلاف بس.
– القارئ: ما ذكرَ، ما ذكرَ خلاف ولا ذكرَ قولاً لأحدٍ، قال أخيراً، قال:
أجمعَ العلماءُ على أنَّ مَن طلَّقَ زوجتَه، طَلُقَتْ عليه، سواءٌ كانَ في طلاقِه هازلاً أو جادًّا، وأنَّه لا ينفعُ أنْ يقولَ فيهِ: كنتُ

– الشيخ: يقولُ: أجمع العلماء؟
– القارئ: نعم.
– الشيخ: والله كأنَّ فيه بحث.
– القارئ: خلاف الذي ذكرَه الصنعاني، قال:
أجمعَ العلماءُ على أنَّ مَن طلَّقَ زوجتَه، طَلُقَتْ عليه، سواءٌ كانَ في طلاقِه هازلاً أو جادًّا، وأنَّه لا ينفعُ أنْ يقولَ فيهِ: كنتُ لاعبًا، أو هازلاً.
– الشيخ: انتهى؟
– القارئ: نعم أحسن الله إليكم.
– الشيخ: الله المستعان، اللي بعد هذا حديث ابن عمر؟

– القارئ: وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ، أوْ تتَكَلَّمْ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ:
(إِنَّ اللهَ -تَعَالَى- وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الخَطَأ، وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ) رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَالحَاكِمُ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يَثْبُتُ.
– الشيخ: العُمدة الحديث الأول بس، (إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا) مناسبةُ هذا الحديث لبابِ الطلاق، أنَّ الطلاق في النَّفس لا يَقعُ به طلاقٌ، لو فَكَّرَ الإنسانُ ونوى طلاقَ امرأتِه أو اعتبرَها طالقاً بمجرَّدِ التفكيرِ فإنه لا يقعُ عليه طلاقٌ؛ لهذا الحديث (مَا لَمْ تَعْمَلْ، أوْ تتَكَلَّمْ)، فمجرَّدُ التفكير والنِّيةِ لا يكفي.
ثمَّ إنَّ من الأحكامِ ما يتوقَّفُ على النُّطقِ، فالطَّلاقُ يتوقَّف وقوعُهُ على الكلام، على النُّطق؛ لأنه من الأقوالِ.
يعني الأذكارُ الآن، الأذكارُ المشروعة تسبيحاً وتهليلاً، يكفي إمرارُها على الذِّهن؟ وكذلك تلاوة القرآن يكفي إمرارُ الفاتحة في الذِّهن؟ تُفكِّر: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2] في ذهنِك؟ لا، لابدَّ من تحريكِ اللسانِ، لا بدّ من النُّطقِ، وهذا هو المقصودُ في هذا المقامِ، إنَّ الطلاقَ لا يكونُ إلا بالنُّطقِ لا يكونُ بمجرَّدِ النِّيةِ والتفكيرِ.
وهذا من تيسيرِ الله، كثيراً من الناس يخطرُ في نفسِه الطلاق، ويفكِّرُ في الطلاقِ، ويعزِمُ على الطلاقِ، فيأتي يَسألُ: هلْ وقعَ عليه طلاق؟ هل طَلُقَتِ امرأته؟ الجواب: لا، لا بدَّ أن يتكلَّم.
وهكذا لو فكَّر الإنسانُ أنْ ينذُرَ، يعني هو وقعَ في نفسِه: إنْ شفى الله مريضَه فعلَ كذا وكذا وكذا، مجرَّد في قلبِه، فَكَّرَ أنْ يتصدّقَ، لا، لابُدَّ أنْ يتكلّم، والله أعلم، إلى هنا يا أخ محمد، نعم يا محمد.
– القارئ:  الخطأ -أحسن الله إليكم- والنسيان.
– الشيخ: الخطأُ والنسيانُ، لو جرى على لسانِه خطأً سَبْقُ لسانٍ، أراد أنْ يقولُ: أنها كذا فقال: طالقٌ، وقامتْ قرينةٌ على صدقِه يعني سَبْقَ، مثل ما جاء في الحديث: (اللهمَّ أنتَ عبدِيْ وأنا ربُّكَ) ها؟ (مِنْ شدةِ الفَرحِ).
– طالب: الموسوس شديدُ الوسواس.
– الشيخ: لا، الموسوس شديد الوسواس هذا لغوٌ كل.
– طالب: إن تكلَّمَ؟
– الشيخ: وإن تكلَّمَ.
– القارئ: -أحسن الله إليكم- الصنعاني قال:
وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ وَالزُّهْرِيِّ وَرِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ: بِأَنَّهُ إذَا طَلَّقَ فِي نَفْسِهِ وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَقَوَّاهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ
– الشيخ: لا، لا.
– القارئ: بِأَنَّ مَنْ اعْتَقَدَ الْكُفْرَ بِقَلْبِهِ وَمَنْ أَصَرَّ
– الشيخ:
لا، القياسُ على هذا صعبٌ، قياسُ الطلاقِ على الكُفرِ! الكفرُ يكونُ بالاعتقادِ.
 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :الحديث وعلومه