بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
شرح رسالة "مُقدِّمة التَّفسير" لشيخ الإسلام ابن تيميّة
الدَّرس: الرَّابع
*** *** ***
– القارئ: بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيم، الحمدُ للهِ والصلاةُ والسلامُ على رسولِ الله، وعلى آلِه وصحبِه ومن اهتدى بهُدَاه، أما بعدُ؛ قالَ شيخُ الإسلامِ رحمَه الله تعالى:
وَمِنْ الْأَقْوَالِ الْمَوْجُودَةِ عَنْهُمْ وَيَجْعَلُهَا بَعْضُ النَّاسِ اخْتِلَافًا أَنْ يُعَبِّرُوا عَنْ الْمَعَانِي بِأَلْفَاظٍ مُتَقَارِبَةٍ لَا مُتَرَادِفَةٍ، فَإِنَّ التَّرَادُفَ فِي اللُّغَةِ قَلِيلٌ، وَأَمَّا فِي أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ فَإِمَّا نَادِرٌ وَإِمَّا مَعْدُومٌ، وَقَلَّ أَنْ يُعَبَّرَ عَنْ لَفْظٍ وَاحِدٍ بِلَفْظِ وَاحِدٍ يُؤَدِّي جَمِيعَ مَعْنَاهُ؛ بَلْ يَكُونُ فِيهِ تَقْرِيبٌ لِمَعْنَاهُ وَهَذَا مِنْ أَسْبَابِ إعْجَازِ الْقُرْآنِ فَإِذَا قَالَ الْقَائِلُ: يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا [الطور:9] إنَّ الْمَوْرَ هُوَ الْحَرَكَةُ كَانَ تَقْرِيبًا إذْ الْمَوْرُ حَرَكَةٌ خَفِيفَةٌ سَرِيعَةٌ. وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: "الْوَحْيُ" الْإِعْلَامُ أَوْ قِيلَ: أَوْحَيْنَا إلَيْكَ [النحل:123] أَنْزَلْنَا إلَيْك أَوْ قِيلَ: وَقَضَيْنَا إلَى بَنِي إسْرائِيلَ [الإسراء:4] أَيْ أَعْلَمْنَا وَأَمْثَالُ ذَلِكَ فَهَذَا كُلُّهُ تَقْرِيبٌ لَا تَحْقِيقٌ، فَإِنَّ الْوَحْيَ هُوَ إعْلَامٌ سَرِيعٌ خَفِيٌّ وَالْقَضَاءُ إلَيْهِمْ أَخَصُّ مِنْ الْإِعْلَامِ فَإِنَّ فِيهِ إنْزَالًا إلَيْهِمْ وَإِيحَاءً إلَيْهِمْ. وَالْعَرَبُ تُضَمِّنُ الْفِعْلَ مَعْنَى الْفِعْلِ وَتُعَدِّيهِ تَعْدِيَتَهُ
– الشيخ: الحمدُ لله، وصلَّى الله وسلَّمَ وباركَ على عبدِه ورسولِه.
ومما يعدُّه بعض الناسِ اختلافًا وينسبون ذلك إلى مُفسِّري السلفِ، وفي الحقيقةِ يشبهُ ما تقدَّمَ من حيث أنه اختلافٌ في التعبيرِ، اختلافُ تعبيرٍ، وإن شئْتَ أن تقولَ: من قبيلِ اختلافِ التنوعِ، من ذلك التفسيرُ بألفاظٍ على وجه التقريبِ لا على وجه التحديدِ فإنَّ الألفاظَ منها الألفاظُ المُترادفةُ –تقدم- والمُتكافئة والمُتباينةُ -تقدَّم ذكرُها والتمثيلُ لها- وفي [توجد] الألفاظُ المُتقاربة: هذه بين المُتكافئةِ والمُترادفةِ يقول – الشيخ: إنَّ الترادفَ في اللغةِ قليلٌ جدًّا، ما حقيقةُ الترادفِ؟ اتحادُ المعنى واختلافُ اللفظِ، يعني ألفاظٌ لمُسمّىً واحدٍ يُقال لهذه الألفاظِ التي يعني اتحدَ معناها واختلفَ لفظُها يُقالُ أنَّها مُترادفةٌ، يقول – الشيخ: إنَّ الترادفَ في هذا المعنى -في اللغةِ- قليلٌ لكن كل ما هنالك أن تكونَ الألفاظُ يعني مُتقاربةً مع فروقٍ، أما القرآنُ يقول: إنه ليس فيه ترادفٌ يعني كأنه إما نادرٌ كأنه ما عندَه مثالٌ أو معدومٌ وهو أشبهُ، ويأتي عن السلفِ عباراتٌ في تفسيرِ بعض ألفاظِ القرآنِ لا تكون –يعني- دقيقةً في تفسيرِ هذا اللفظِ لأنها تقريبيةٌ، لأنها ذُكرت على وجهِ التقريبِ لا على وجه التحريرِ لمعنى الكلمةِ وضرب لنا أمثلةً: يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا إذا قالَ بعضُ المُفسرين تمورُ: يعني تتحركُ، كأنَّ هذا التفسيرُ ليس دقيقًا في معنى المورِ، صحيحٌ إنَّ المور حركةٌ لكن المورَ أخصُّ من مُطلقِ حركةٍ -حركةٍ خاصة- وهي حركةٌ مع اضطراب. أيش يقول مع؟
– القارئ: حركة سريعةٌ وخفيفة
– الشيخ: حركة سريعةٌ وخفيفة تمور، لو شئت إن قلتَ تمورُ تشبه لفظَ الموجِ، شوف تقاربَ الكلماتِ، يتضمنُ تقاربًا واشتراكًا في المعنى تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا يعني تتحركُ حركةً سريعة، مادة "مَوَرَ" تدلُّ على هذا المعنى، فتفسيرُ المورِ بالحركةِ فيه تسامحٌ، تقريبٌ صحيحٌ لكن ما يدلُّ أو ما يُعبِّرُ عن مدلولِ كلمة "تمورُ" وهكذا الأمثلةُ الأخرى إذا قالَ القائلُ: أَوْحَيْنَا إلَيْكَ الوحيُ الإعلامُ كان صحيحًا، الوحيُ الإعلامُ لكنه ليس مُرادفًا للإعلامِ، الوحيُ إعلامٌ خاصٌّ إعلامٌ بسرعةٍ وخفيةٍ وقلْ مثلَ هذا في فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ [الذاريات:26] اقرؤوها في التفسير: "راغَ" ما هو ذهبَ إلى أهلِه فقط، لا، راغَ: يعني ذهبَ إليهم بسرعةٍ وخفية لأنَّ هذا شأنُ الكريمِ يعني ينسلُّ ويروغُ إلى أهلِه لإعدادِ الضيافة دون أن يشعرَ به الضيفُ {فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ} فجاءَ ذهبَ بسرعةٍ وجاءَ بعجلٍ سمينٍ، راغَ: فلو قالَ ذهبَ كأن في قصورٍ عمَّا في راغَ من الدلالةِ ومثَّلَ – الشيخ: وَقَضَيْنَا إلَى بَنِي إسْرائِيلَ يعني منهم من قالَ أنزَلْنا أو أعلمْنا أو..، لكن قضَينا إليهم، قضَينا إلى بني إسرائيلَ: فيه إعلامٌ كذلك، إعلامٌ خاصٌّ حكمٌ بوحيٍ وإنزال ولهذا يقول: أنه مُضمَّنٌ معنى "أوحينا إلى بني إسرائيل" أنزلنا إلى بني إسرائيلَ، ولم يقلْ: وقضينا أنَّ بني إسرائيلَ ليفسدونَ، لا، "أوحينا إلى بني إسرائيل" يعني أعلمْناهم أنه سيكونُ منهم كذا وكذا، أوحينا إليهم وأنزلْنا إليهم أنه سيكونُ منهم الفسادُ مرَّتَين لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا [الإسراء:4] سيأتي ذكرٌ لبعضِ الكلماتِ مثل: الريبِ، الريبُ عند كثيرٍ من المفسِّرين: الشكُّ لاَ رَيْبَ فِيهِ : لا شكَّ فيه، لكن سيأتي وهو شاهدٌ لما نحنُ فيه الرَّيبِ، شكٌّ خاصٌّ شكٌّ مع اضطرابٍ وقلقٍ: (دعْ ما يَريبُك) الشيءُ الذي تخافُ منه، تخافُ منه، فالشيءُ الذي تخافُ من حرمتِه، المؤمنُ يقلقُ منه، على على كلِّ حالٍ إذا قالَ بعضُهم: قضينا: أوحينا، أو قالَ بعضُهم: أنزلنا، أو قالَ بعضُهم مثلًا: يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ يعني تتحرُك أو تضطربُ أو كلماتٍ من هذا النوعِ يكون هذا من اختلافِ التنوعِ بسبب تقاربِ معاني الكلماتِ، ويكون مقصودُ المُفسِّرِ هو التقريبُ لا التحديدُ.
– القارئ: وَالْعَرَبُ تُضَمِّنُ الْفِعْلَ مَعْنَى الْفِعْلِ وَتُعَدِّيهِ تَعْدِيَتَهُ، وَمِنْ هُنَا غَلِطَ مَنْ جَعَلَ بَعْضَ الْحُرُوفِ تَقُومُ مَقَامَ بَعْضٍ كَمَا يَقُولُونَ فِي قَوْلِهِ: لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إلَى نِعَاجِهِ [ص:24]: أَيْ مَعَ نِعَاجِهِ وَمَنْ أَنْصَارِي إلَى اللَّهِ [آل عمران:52]: أَيْ مَعَ اللَّهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ.
– الشيخ: {مَنْ أَنْصَارِي إلَى اللَّهِ}
– القارئ: قالَ: مع الله
– الشيخ: مع الله
– القارئ: وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَالتَّحْقِيقُ: مَا قَالَهُ نُحَاةُ الْبَصْرَةِ مِنْ التَّضْمِينِ، فَسُؤَالُ النَّعْجَةِ يَتَضَمَّنُ جَمْعَهَا وَضَمَّهَا إلَى نِعَاجِهِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إلَيْكَ [الإسراء:73] ضُمِّنَ مَعْنَى يُزِيغُونَك وَيَصُدُّونَك
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا [الأنبياء:77] ضُمِّنَ مَعْنَى نَجَّيْنَاهُ وَخَلَّصْنَاهُ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ [الإنسان:6] ضُمِّنَ يُرْوَى بِهَا وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ.
– الشيخ: هذا أيضًا يُشبه ما قبلَه وهو أنَّ العربَ تضمن ==الفعل معنى فعلٍ آخرَ وتعديه تعدية هذه كقاعدة وأسلوبٍ من أساليبِ العربِ، تضمَّنَ الفعلُ معنى فعلًا آخر ثم تُعدِّيه تعديةَ ذلك الفعلِ المُنطوي في الفعلِ المنطوقِ، تُضمِّنُ الفعلَ المنطوقَ معنى فعلٍ آخرَ غيرِ منطوقٍ به، فتُعدِّي ذلك الفعلَ المنطوقَ بما يتعدَّى به المعنى المُضمرَ غيرَ المنطوقِ، هذا من شأنِ العربِ في لغتِهم.
نقولُ: بناءً على هذا فالذين زعمُوا أنَّ الكلماتِ ينوبُ بعضُها عن بعضٍ والحروفُ -حروفُ الجرِّ- ينوبُ بعضُها عن بعضٍ، هذا غَلِطَ. ومن أمثلةِ ذلك كثير عندَهم وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ [طه:71] يقولُون: معناها على جذوعِ النخلِ، ففي: بمعنى على. هذه على طريقةِ الكوفِيِّين، وأمَّا على طريقةِ البصرِيّيِن فمعنى لَأُصَلِّبَنَّكُمْ: مُضمَّنٌ معنى أُدخلُكم في جذوعِ النحلِ، تضمينٌ من شدةِ الصلبِ بحيث تلتصقُ الأجسادُ بجذعِ النخلِ حتى كأنه قد أدخلَ فيه وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ومن هذا القبيلِ قولُه تعالى في شأنِ نوحٍ وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ المعتاد أيش يُقال؟ على فالكوفيون يقولون: بأنَّ الحروفَ ينوبُ بعضها عن بعض فيقولون: {وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ} أي: على القومِ فمَنْ: بمعنى "على" وتمشي.
وهكذا قولُه تعالى عن الخصمَين: إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ * قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ [ص:23] قِيل: معناه مع نعاجِه، هذا تعبير ما يعطي المعنى الحقيقي بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ مع نعاجِه بل سؤال نعجتِك مُضمَّنٌ معنى الضمِّ بسؤالِ نعجتِك ليضُمَّها إلى نعاجِه أو بضمِّ نعجتِك إلى نعاجِه، فيكونُ الفعلُ حينئذٍ -يعني- دالًّا على أمرَين على السؤالِ الذي هو مدلولُ اللفظِ المنطوقِ وعلى الجمعِ والضمِّ الذي هو معنى الفعلِ المُضمَّنِ للفعلِ المنطوقِ، ومن أمثلةِ ذلك: هذا مشهورٌ عندَهم: عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ [الإنسان:5-6] المُعتاد أن يُقالَ: "عينًا يشربُ منها" فقالَ الكوفيون الباءُ بمعنى "مِن" يعني هذا سهلٌ لكن أحسنُ منه من حيثُ دلالةٍ على معنىً واسعٍ ومُتعدِّدٍ {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا} ضُمِّنَ معنى يُروى بها فأفادت الكلمةُ معنَيين الشربَ والريَّ، يشربون منها ويَرْوَون بها وهكذا نظائرُ هذه الأمثلةِ كثيرٌ، والتضمينُ أرجحُ من القولِ بتناوبِ الحروفِ بعضِها عن بعضٍ، لا، بل القولُ الذي هو أبلغُ وأدلُّ هو القولُ بتضمينِ الفعلِ معنى فعلٍ آخرَ، ثم تعديتُه بما يتعدَّى به، وهذا نوعٌ من إعجازِ القرآن الذي جاءَ بهذه الأساليبِ البديعةِ، فتكونُ الكلمة دالَّةً على المعنَيين معنى الفعلِ المنطوقِ، ومعنى الفعلِ المطويِّ المُضمِّن معنى الفعلِ المُنطوي، فيكون هذا من اختلافِهم يعني بسببِ الاختلافِ في قضية الترادفِ بين هذه الحروفِ: وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ "مِنَ" خلاص بمعنى "على" وانتهى، هذا قولٌ لفريق: نصرناه من القومِ: يعني على القومِ. والقولُ الثاني هو الراجحُ أنَّ الفعلَ نصرٌ مُتضمِّنٌ معنى نجَّى ونصَرناه يعني نجَّيناه من القومِ الذين كذَّبُوا بآياتِنا: وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ * وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ [الأنبياء:76-77] فمذهبُ التضمينِ هو مذهبُ نحاةِ البصرةِ يعني: القولُ بتضمينِ الفعل معنى فعلٍ آخرَ -هو قولُ نحاةِ البصرة- والقولُ بتناوبِ الحروفِ والألفاظِ هو قولُ نُحاةِ الكوفة.
– القارئ: قالَ رحمه الله: وَمَنْ قَالَ "لَا رَيْبَ: لَا شَكَّ" فَهَذَا تَقْرِيبٌ
– الشيخ: تقريبٌ مثل: تَمورُ: تحرَّك يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ: يعني تتحركُ، هذا تقريبٌ.
– القارئ: وَإِلَّا فَالرَّيْبُ فِيهِ اضْطِرَابٌ وَحَرَكَةٌ كَمَا قَالَ: (دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك)
– الشيخ: الشيءُ الذي تجدُ فيه حرجًا وقلقًا اتركْه مثل: (البرُّ ما اطمأنَّت إليه النفسُ واطمأنَّ إليه القلبُ) وقوله: (استفتِ قلبَك، البرُّ ما اطمأنَّت إليه النفسُ، والإثمُ ما حاكَ في نفسِك وكرهْتَ أنْ يطَّلِعَ عليه الناسُ) في حرجٍ.
– القارئ: وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ: "مَرَّ بِظَبْيٍ حَاقِفٍ فَقَالَ: (لَا يَرِيبُهُ أَحَدٌ)"
– الشيخ: هذا في مسيرِهم إلى الحجِّ مُحرِمِين مرَّ بظبيٍ حاقفٍ قد لجأَ إلى بعضِ ما يتَّقي به فقال: (لا يُريبه أحدٌ) -يعني لا يعرُضُ إليه أحدٌ ويُنفِّرُه ولا يُخيفه أحدٌ-.
– القارئ: فَقَالَ: (لَا يَرِيبُهُ أَحَدٌ) فَكَمَا أَنَّ الْيَقِينَ ضُمِّنَ السُّكُونَ وَالطُّمَأْنِينَةَ فَالرَّيْبُ ضِدُّهُ ضُمِّنَ الِاضْطِرَابَ وَالْحَرَكَةَ. وَلَفْظُ "الشَّكِّ" وَإِنْ قِيلَ: إنَّهُ يَسْتَلْزِمُ هَذَا الْمَعْنَى؛ لَكِنَّ لَفْظَهُ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ.
– الشيخ: يعني الشكُّ يتضمَّنُ القلقَ لأنَّ الشكَّ مُتحيِّرٌ والحيرةُ تُوجِبُ قلقًا، لكن يقولُ: أنَّ لفظ الشكِّ لا يدلُّ على هذا، نعرفُ –يعني- من حيثُ الاستلزامِ، أما اللفظُ فلا يدلُّ على معنى الاضطرابِ والحركةِ بخلاف الريبِ فإنَّه يدلُّ على ذلك الصدقِ طمأنينةٌ، والكذبُ ريبةٌ يعني الذي عندَه حِسٌّ إيمانيٌّ يقلقُ إذا وقعَ منه الكذبُ.
– القارئ: وَكَذَلِكَ إذَا قِيلَ: ذَلِكَ الْكِتَابُ [البقرة:2] هَذَا الْقُرْآنُ فَهَذَا تَقْرِيبٌ؛ لِأَنَّ الْمُشَارَ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا فَالْإِشَارَةُ بِجِهَةِ الْحُضُورِ غَيْرُ الْإِشَارَةِ بِجِهَةِ الْبُعْدِ وَالْغَيْبَةِ، وَلَفْظُ "الْكِتَابِ" يَتَضَمَّنُ مِنْ كَوْنِهِ مَكْتُوبًا مَضْمُومًا مَا لَا يَتَضَمَّنُهُ لَفْظُ الْقُرْآنِ مِنْ كَوْنِهِ مَقْرُوءًا مُظْهَرًا بَادِيًا، فَهَذِهِ الْفُرُوقُ مَوْجُودَةٌ فِي الْقُرْآنِ فَإِذَا قَالَ أَحَدُهُمْ: أَنْ تُبْسَلَ [الأنعام:70]: أَيْ تَحْبِسَ وَقَالَ الْآخَرُ: تُرْتَهَنَ وَنَحْوَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مِنْ اخْتِلَافِ التَّضَادِّ، وَإِنْ كَانَ الْمَحْبُوسُ قَدْ يَكُونُ مُرْتَهَنًا وَقَدْ لَا يَكُونُ، إذْ هَذَا تَقْرِيبٌ لِلْمَعْنَى كَمَا تَقَدَّمَ، وَجَمْعُ عِبَارَاتِ السَّلَفِ فِي مِثْلِ هَذَا نَافِعٌ جِدًّا؛ فَإِنَّ مَجْمُوعَ عِبَارَاتِهِمْ أَدَلُّ عَلَى الْمَقْصُودِ مِنْ عِبَارَةٍ أَوْ عِبَارَتَيْنِ، وَمَعَ هَذَا فَلَا بُدَّ مِنْ اخْتِلَافٍ مُحَقَّقٍ بَيْنَهُمْ كَمَا يُوجَدُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْأَحْكَامِ.
– الشيخ: من شواهدِ ما تقدَّمَ أنَّ القرآنَ له أسماءٌ تقدَّمَ أنَّ القرآنَ له أسماءٌ، وأسماؤه مُتكافئة، من نوعِ الأسماءِ المُتكافئةِ كما قُلنا في السيفِ وأسماءِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم لكن بسببِ هذا التكافؤِ صارَت أسماءُ القرآن يُفسَّرُ بعضُها ببعضٍ، فإذا قال قائلٌ: ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيه} [البقرة:2] الكتابُ: القرآنُ، صادقٌ، الكتابُ: القرآنُ، و"ذلك" إشارةٌ للبعيدِ، و"هذا" إشارةٌ للقريبِ، فإذا كان القرآنُ موجودًا حاضرًا إذًا ما وجهُ ذلك: يعني هذا الذي جالسٌ معنا نقولُ: شوف ذلك، نقول: شوف هذا. الكتاب بين يدَيك، تقولُ: هذا هو الكتاب "هذا" إشارةٌ للقريبِ ولكن "ذلك" إشارةٌ للبعيدِ بُعدِ المسافة أو بُعد المنزلةِ، ولذلك قِيلَ في قوله تعالى: {ذَلِكَ الْكِتَابُ}: إلى إنَّ الإشارةَ إلى علوِّ المرتبةِ ذلك: أي ذلك هو الكتابُ العظيمُ فلهذا أُشير إليه بإشارةِ البعيدِ. من فسَّرَ الكتابَ بالقرآنِ فهو من التفسيرِ التقريبيِّ، فهو من قبيلِ التفسيرِ بالمُقارِبِ فإنَّ لفظَ القرآنِ اسمٌ لهذا الكتابِ والكتابُ اسمٌ فهما لمُسمَّىً واحدٍ للقرآن، لكن الكتابَ يدلُّ على أنَّه مكتوبٌ، فالرسالةُ لا تُعَدُّ كتابًا إلا إذا كانت مُحرَّرةً، كتابٌ، رسالةٌ خطية -كما يقولون- رسالةٌ خطِّيَّةٌ هذه كتابٌ لكن رسالةٌ شفهيةٌ، لا، إذًا: الكتابُ القرآنُ الهدى البصائرُ البشيرُ النذيرُ الفُرقانُ كلُّها أسماءٌ لهذا الكتابِ، ولكن كلُّ اسمٍ له دلالةٌ فإذا قالَ المُفسِّرُ ذلك الكتابَ يعني: القرآنَ هو صادقٌ لكنه –يعني- لم يقصدْ تفسيرَ كونِ الوحيِ المُنزَّلِ على محمدٍ الكتاب، فإن له أسماءً إنما قصدَ التحديدَ يعني التعيينَ، إنَّ هذا الكتابَ المُشارَ إليه هو القرآنُ وإلا فرقٌ بين الكتابِ وبين القرآنِ، فالكتابُ يُفيدُ أن هذا القرآنَ مكتوبٌ، وفعلًا هو مكتوبٌ باللوحِ المحفوظِ، وهو مكتوبٌ في صُحفِ الملائكةِ، ومكتوبٌ في صُحفِ المؤمنين: ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هدىً للمُتقِين، أستغفر الله، لا حول ولا قوة إلا بالله.
وهكذا لو قالَ: الهدى هو القرآنُ صح، هو القرآن، ولكن الهدى له دلالةٌ، القرآنُ قِيلَ أنه مصدرٌ وهو في الحقيقةِ مصدرٌ والمصدرُ يأتي في موضعِ اسمِ المفعولِ، فالقرآنُ مصدرُ قرأَ يقرأُ قرءانًا، ويُطلَقُ هذا اللفظُ على اسمِ المفعولِ يعني اللي في معنى الإظهارِ "القرء": بمعنى الإظهارِ، و"الكتابُ": في معنى الكتابةِ والهُدى في معنى الهدايةِ والدلالةِ.
– القارئ: وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ عَامَّةَ مَا يُضْطَرُّ إلَيْهِ عُمُومُ النَّاسِ
– الشيخ: لا لا، قبل.
– القارئ: فَإِذَا قَالَ أَحَدُهُمْ: {أَنْ تُبْسَلَ}: أَيْ تَحْبِسَ.
– الشيخ: هذا مثالٌ أيضًا تنوَّعَت عباراتُ المُفسِّرين عن {تُبْسَلَ} تُبسَلَ مالها نظيرٌ في القرآنِ إلا في هذا الموضعِ كلمتَين: وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللّهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ [الأنعام:70] أنْ تُبسَلَ وأولئك الذين أُبسِلُوا بس، فالكلمتين هذه واحدة فقالَ بعضُهم تُحبس إنَّ {الَّذِينَ أُبْسِلُواْ} يعني الذين حُبِسُوا وقيل ارتهَنُوا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ أي أنْ تُحبسَ، أو قال بعضُهم: أنْ تُرتَهَنَ فيقولُ: إنَّ هذه الألفاظَ مُتقاربةٌ وهذه التفاسيرَ مُتقاربةٌ، سبحان الله! والإبسالُ يعني أخصُّ من مُطلقِ الحبس أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ فعباراتُ المُفسِّرين عن هذا اللفظِ تنوَّعَت ولكن كلُّها تأتي مُقرِّبةً للمعنى.
– القارئ: وَقَالَ الْآخَرُ: "تُرْتَهَنَ" وَنَحْوَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مِنْ اخْتِلَافِ التَّضَادِّ
– الشيخ: بل اختلافُ تنوُّعٍ، كلُّ هذا البابِ تفسيرُ الكتابِ بالقرآنِ، أو تفسيرُ الهدى بالقرآنِ وما إلى ذلك، هذا كلُّه من التفسيرِ من قبيلِ اختلافِ التنوع.
– القارئ: وَإِنْ كَانَ الْمَحْبُوسُ قَدْ يَكُونُ مُرْتَهَنًا وَقَدْ لَا يَكُونُ إذْ هَذَا تَقْرِيبٌ لِلْمَعْنَى كَمَا تَقَدَّمَ، وَجَمْعُ عِبَارَاتِ السَّلَفِ فِي مِثْلِ هَذَا نَافِعٌ جِدًّا؛ فَإِنَّ مَجْمُوعَ عِبَارَاتِهِمْ أَدَلُّ عَلَى الْمَقْصُودِ مِنْ عِبَارَةٍ أَوْ عِبَارَتَيْنِ
– الشيخ: هذا اقتراحٌ طيبٌ، يقولُ: جمعُ العبارات، الإنسانُ إذا أراد تفسيرَ آيةٍ فليجمعْ أقوالَ المُفسِّرين، هذه العباراتُ المُختلفةُ، فإنَّ جمعَها ممَّا يُعينُ على فهمِ الآيةِ، لأنَّ كلَّ واحدٍ عبَّرَ، هذا عبر بلفظٍ، وهذا عبَّرَ بمثالٍ، فإذا جمعْتَ أقوالَ المُفسرين اهتدى الباحثُ إلى المعنى المُرادِ بدقةٍ دون أن تختلطَ عليه وتختلفَ عليهِ عباراتُ المُفسِّرين. قُلْ: وينبغي أنَّ أيش؟
– القارئ: وَجَمْعُ عِبَارَاتِ السَّلَفِ فِي مِثْلِ هَذَا نَافِعٌ جِدًّا؛ فَإِنَّ مَجْمُوعَ عِبَارَاتِهِمْ أَدَلُّ عَلَى الْمَقْصُودِ مِنْ عِبَارَةٍ أَوْ عِبَارَتَيْنِ، وَمَعَ هَذَا فَلَا بُدَّ مِنْ اخْتِلَافٍ مُحَقَّقٍ بَيْنَهُمْ كَمَا يُوجَدُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْأَحْكَامِ.
– الشيخ: يقولُ: مع ما تقدَّمَ من بيانِ أنَّ اختلافَ السلف بالتفسيرِ من قبيلِ اختلاف التنوُّعِ وذكرَ لنا هذه التقسيماتِ، ومنشأُ هذا الاختلافِ –اختلافُ التنوعِ- منشؤُه يعني تعدُّدُ الأسماءِ واختلافِ المعاني والصفاتِ كما في الأسماءِ المُتكافئةِ أو الاختلافُ في بيانِ المعنى بالمثالِ، فهذا يذكرُ مثالًا وذلك يذكرُ مثالًا، أو الاختلاف في الكلامِ في أسبابِ النزولِ فيقولُ: إنَّ جمعَ عباراتِ السلفِ المُختلفة ممَّا يُعينُ على فهمِ الآيةِ لأنه بجمعُها يمكن استبعادُ ما يترجَّحُ ضعفُه وإلَّا فالبقيةُ تجمعُ وتكونُ مُعبِّرةً كما يقولُ ابنُ جرير، والصوابُ من هذه الأقوالِ أنَّ الآيةَ تعمُّها، معناه أنَّه حملَها على كلِّ ما نقلَه من التفاسيرِ.
– القارئ: وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ عَامَّةَ مَا يُضْطَرُّ إلَيْهِ عُمُومُ النَّاسِ مِنْ الِاخْتِلَافِ مَعْلُومٌ بَلْ مُتَوَاتِرٌ عِنْدَ الْعَامَّةِ أَوْ الْخَاصَّةِ، كَمَا فِي عَدَدِ الصَّلَوَاتِ وَمَقَادِيرِ رُكُوعِهَا وَمَوَاقِيتِهَا وَفَرَائِضِ الزَّكَاةِ وَنُصُبِهَا وَتَعْيِينِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَالطَّوَافِ وَالْوُقُوفِ وَرَمْيِ الْجِمَارِ وَالْمَوَاقِيتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
– الشيخ: أولًا: نقولُ أنَّه لابدَّ من اختلافِ نوعٍ مُحدَّدٍ، ولكنه قليلٌ كما اختلفَ السلفُ ومن بعدَهم في الأحكامِ -يعني في أحكامِ أفعالِ المُكلَّفين- كذلك اختلفَ الصحابةُ في عددٍ من مسائلِ الفرائضِ وهي قليلةٌ بالنسبةِ لما اتفقوا عليه، وقد يحصلُ اختلافٌ في مسائلِ الاعتقادِ -وهي قليلةٌ- يعني وقولُه مُحقَّقٌ يعني اختلافَ تضادٍّ اختلافٌ مُحقَّقٌ لا اختلافَ تنوعٍ، سبحان الله العظيم! هي [هذه] آخرُ فقرةٍ
– القارئ: يقولُ: ونحن نعلمُ أنَّ عامةَ ما يضطرُّ إليه
– الشيخ: ونحن نعلمُ أنَّ عامةَ ما يضطرُّ إليه عمومُ المسلمين لابدَّ أن يكون مُبيَّنًا وثابتًا ومتفقًا عليه، بل هو مُتواترٌ، وضربَ الأمثلةَ بالصلاةِ والزكاةِ والصيامِ والحجِّ فهذه فرائضُ على الأعيانِ، الصلاةُ فرضُ عينٍ، والزكاة فرضُ عين على من ملكَ النِّصابَ، وصيامُ رمضان يعني فرضُ عينٍ على كل مُكلَّفٍ قادرٍ بالشروط المعروفةِ، والحجُّ كذلك..، فكلُّها ثابتةٌ عند المسلمين ومُتواترةٌ ومعلومةٌ من دينِ الإسلام بالضرورةِ لأنها أحكامٌ يضطرُّ إليها جميعُ المُكلَّفِين وهذا من لطفِ الله، كلَّما -يذكرُ شيخُ الإسلام وابنُ القيمِ أنه كلما- أنه كلَّما اشتدَّت الحاجةُ إلى شيءٍ كان مُيسَّرًا، وأسبابُه مُهيأةٌ للناس يقولُ في هذا المعنى شرعًا وقدرًا: فانظرْ إلى ضرورياتِ الحياةِ تجدُها أوفرَ ما تكون، ويضربُ لهذا مثلًا بالماءِ والهواءِ أليس من الأشياء الماءُ والهواءُ؟ وحاجةُ الناس إليها أعظم من حاجتِهم إلى الطعامِ والشرابِ الهواء بس … وكذلك في المسائلِ الشرعيةِ يقول: كالتوحيدِ، فالدلائلُ عليه أعظمُ وأظهرُ من الدلائلِ على غيرِه وهكذا..، فكلما عظُمَت الضرورةُ واشتدَّت الحاجةُ إلى شيءٍ كان أسبابُه وطرقه ودلائلُه، أسبابُه أيسرُ ودلائلُه أظهرُ واللهُ أعلم.
– القارئ: وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ عَامَّةَ مَا يُضْطَرُّ إلَيْهِ عُمُومُ النَّاسِ مِنْ الِاخْتِلَافِ مَعْلُومٌ
– الشيخ: لا لا
– طالب: …
– القارئ: في تعليق للشيخِ محمد كدا
– الشيخ: طيب، الأحكامُ، أحكام، فيها الحاء والخاء بينَهما تقاربٌ واختلافٌ
– القارئ: وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ عَامَّةَ مَا يُضْطَرُّ إلَيْهِ عُمُومُ النَّاسِ مِنْ الِاخْتِلَافِ مَعْلُومٌ بَلْ مُتَوَاتِرٌ عِنْدَ الْعَامَّةِ أَوْ الْخَاصَّةِ.. كَمَا فِي عَدَدِ الصَّلَوَاتِ وَمَقَادِيرِ رُكُوعِهَا وَمَوَاقِيتِهَا
– الشيخ: معناها لا اختلافَ فيها ما دامَ أنه معلومٌ كلُّ ما يُضطرُّ إليه الناسُ فإنه مُتواترٌ فلا اختلافَ فيه، كلُّ ما يُضطرُّ إليه الناسُ لو جاءت "لا اختلافَ" اللهم إنا نعوذ بك من الاختلاف. مشِّ مشِّ المعنى معلومٌ جدًّا
– القارئ: وَمَوَاقِيتِهَا وَفَرَائِضِ الزَّكَاةِ وَنُصُبِهَا وَتَعْيِينِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَالطَّوَافِ وَالْوُقُوفِ وَرَمْيِ الْجِمَارِ وَالْمَوَاقِيتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
– الشيخ: ما في [يوجد] اختلافٌ في مواضعِ الحجِّ –المناسك- ولا اختلافٌ في زمنِ الحجِّ: أيامِ الحج، ما في [يوجد] واحد يقولُ: الحجُّ يكون في أولِ الشهرِ وبعضهم يقولُ: في آخرِ الشهرِ، لا، أيامُ الحجِّ معلومةٌ: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ [البقرة:197] يعني مواضعُ الحجِّ معلومةٌ: عرفة ومُزدلفة ومِنى وموضعُ الطوافِ معلومٌ وهكذا..، يعني أمورٌ قطعيةٌ.
– القارئ: ثُمَّ اخْتِلَافُ الصَّحَابَةِ فِي الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ وَفِي الْمُشَرَّكَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَا يُوجِبُ رَيْبًا فِي جُمْهُورِ مَسَائِلِ الْفَرَائِضِ، بَلْ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ عَامَّةُ النَّاسِ هُوَ عَمُودُ النَّسَبِ مِنْ الْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ وَالْكَلَالَةِ؛ مِنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ وَمِنْ نِسَائِهِمْ كَالْأَزْوَاجِ، فَإِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ فِي الْفَرَائِضِ ثَلَاثَ آيَاتٍ مُفَصَّلَةٍ ذَكَرَ فِي الْأُولَى الْأُصُولَ وَالْفُرُوعَ وَذَكَرَ فِي الثَّانِيَةِ الْحَاشِيَةَ الَّتِي تَرِثُ بِالْفَرْضِ كَالزَّوْجَيْنِ وَوَلَدِ الْأُمِّ وَفِي الثَّالِثَةِ الْحَاشِيَةَ الْوَارِثَةَ بِالتَّعْصِيبِ وَهُمْ الْإِخْوَةُ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ وَاجْتِمَاعُ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ نَادِرٌ؛ وَلِهَذَا لَمْ يَقَعْ فِي الْإِسْلَامِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
– الشيخ: يقولُ هنا: الخلافُ وُجِدَ في بعض الأحكامِ يعني من عصرِ الصحابة اختلفوا في بعضِ المسائلِ الفرائض كمسألةِ الجدِّ والإخوةِ والـمُشَرَكةِ ومسائلُ أخرى -يعني معدودةٌ- تصلُ إلى كذا مسائلَ ذكرَها ابنُ القيم في "إعلامِ المُوقعين"، هذا الاختلافُ لا يوجب ريبًا في سائرِ المسائلِ التي اتفقُوا عليها، فإنَّ هذه المسائلَ التي اختلفوا فيها قليلةٌ في جانب ما اتفقوا عليه، ومسائلُ الفرائضِ تتعلقُ بمن تتعلقُ؟ بميراث الأصولِ: "الأبوين الأم والأب والجدَّات" والفروعِ: "الأولادُ بنينَ وبناتٍ وأولادِ البنين" وكذلك الحواشِي: الإخوةُ والأخوات وبنُوا الإخوةِ والأشقاءُ لأبٍ والعمومةُ وأبناءَهم العمومةُ لأبوَين أو لأبٍ معظمُ هذه المسائلِ ما فيها خلافٌ وهي كمٌّ كبيرٌ، ومما يُهوِّنُ مسألة الخلافِ في مسألة الجدِّ والإخوةِ لأن الخلافَ فيها حادٌّ لأنَّ بين الصحابةِ في [يوجد] اختلافٌ وتباينٌ فأبو بكر وكثيرٌ من الصحابةِ يعدُّونه أبًا -الجدُّ أبًا- ويُسقطُ به الإخوةُ، وعمرُ ومن وافقَه زيدُ بن ثابت يعدُّونه يرثُ معه الإخوةُ، ولهم تفصيلٌ في ميراثِ الإخوةِ مع الجدِّ، والجدُّ مع الإخوة مقررٌ ومُبين ومُفصَّلٌ في هذا العلمِ -علمِ الفرائضِ- يقول الشيخُ: أيضًا إنَّ مسألة الجدِّ يعني بالقياسِ إلى بقية المسائلِ نادرةٌ قليلةٌ … يعني الغالبُ من يرثُ الولدَ أبوه هذا الغالبُ أكثر من ميراثِ جدِّه يرثُه ثم يرثُه أبناؤُه، يعني الإخوةُ يسقطون بالابنِ خلاص، كلهم يسقطونَ بالابنِ إذا صارَ في ابن أو ابنِ ابن، فلا ميراثَ لأحدٍ من الإخوةِ كلِّهم. وبهذا يُعلمُ أن صورةَ الجدِّ والإخوةِ أنَّها قليلةٌ بالقياسِ إلى صورِ مسائلِ الفرائضِ.
– القارئ: قال رحمه الله: وَالِاخْتِلَافُ قَدْ يَكُونُ لِخَفَاءِ الدَّلِيلِ أَوْ لِذُهُولِ عَنْهُ وَقَدْ يَكُونُ لِعَدَمِ سَمَاعِهِ وَقَدْ يَكُونُ لِلْغَلَطِ فِي فَهْمِ النَّصِّ وَقَدْ يَكُونُ لِاعْتِقَادِ مُعَارِضٍ رَاجِحٍ. فَالْمَقْصُودُ هُنَا التَّعْرِيفُ بِجُمَلِ الْأَمْرِ دُونَ تَفَاصِيلِهِ.
– الشيخ: هذه هي يعني أهمُّ ما عرضَ له في رسالتِه المعروفة "رفعُ الملامِ عن الأئمةِ الأعلام" يعني في أمرِ الاختلاف الذي بينَهم وتركِ بعضِهم للعملِ ببعضِ النصوصِ يقول: الاختلافُ -اختلافُ العلماءِ في الأحكامِ- يعني له أسبابٌ لا يتعمدونَ مُخالفةَ النصِّ، هذا هو الأصلُ أنَّهم لا يتعمدُ أحدٌ منهم مُخالفةَ النصِّ من الكتابِ أو السُّنةِ، لكن قد يكونُ الخلافُ سببُه –يقولون- خفاءُ الدليلِ، يكونُ الدليلُ خفيَ عليه -يعني خفيَ عليه فهمُه- أو ذهلَ عنه، ذهلَ عن دلالة هذا النصِّ على هذا الحكمِ ذهولًا، أو لأنه ما بلغَه ما سمعَه أصلًا، ما بلغه الحديثُ، هذا كثير يتعذرُ به لتركِ بعض الصحابةِ عن بعضِ الأحاديثِ أنَّه ما بلغَه، هذا يُعتذَرُ به عمَّن خالفَ بعضَ النصوصِ أنَّه لم يسمعْه لم يبلُغْه أو أنه اعتقدَ في تصوُّرِه أنَّ لهذا الدليل ناسخًا -أنَّ هناك ناسخًا لهذا الحكمِ- فهذه الاعتذاراتُ التي ذكرها الشيخُ أو يبلغُه –ايضًا هذا ممَّا أضافَه- أو يبلغُه لكن من طريقٍ ضعيفٍ لا يُعتمدُ عليه، لا يُعوَّلُ عليه وهو معذورٌ في تركِه العملَ في هذا الحديثِ، فهذه أهمُّ الأعذارِ التي تكلَّمَ عنها في تلك الرسالةِ وهي رسالةٌ قيمةٌ "رفعُ الملامِ عن الأئمةِ الأعلامِ" لأنَّ الشُّبهةَ كيف الصحابة يُخالفون بعضَ الأدلةِ، يُخالفون بعضَ الأحاديثِ، هذه جِماعُ أسبابِ خلافِهم وتركِهم للعملِ ببعضِ النصوصِ. أعد الجملة هذه
– القارئ: قالَ رحمه الله: وَالِاخْتِلَافُ قَدْ يَكُونُ لِخَفَاءِ الدَّلِيلِ والذُهُولِ عَنْهُ
– الشيخ: كدا والذهولِ ولَّا [أم] أو الذهولِ عنه
– القارئ: عندي بالواو أحسنَ الله إليك
– الشيخ: ما في أحد يقول؟ عندكم أو
– طلاب: ….
– الشيخ: تمام هذا أشبه "لخفاء الدليل أو الذهول عنه" قد يكون ظاهرًا لكن ذهلَ عنه، الإنسان يذهلُ ولو كان ذكيًّا يذهلُ عن الشيءِ.
انظروا إلى قصةِ خزيمةَ بن ثابت –سبحانَ الله- الرسولُ صلى الله عليه وسلم اشترى فرسًا من أعرابيٍّ ونقدَه الثمنَ وثم جاءَ الأعرابيُّ وقالَ: "أعطِني الثمنَ" فقالَ: "نقدْتُكَ أعطيْتُك" قالَ: ما أعطيتَني من يشهدُ؟ جاءَ إلى جمعٍ -بعض الصحابة- أحد منكم من يشهد لي؟ من يشهدُ للرسولِ؟ سبحان الله! سكتوا -لا إله إلا الله- فجاءَ خزيمةُ وقال: نعم أنا أشهدُ، يعني موقفٌ عظيمٌ، كيف!؟ إي والله أنَّنا نشهدُ ونحن لم نحضر لأننا يعني أصلُ دينِنا يقومُ على تصديقِه في كلِّ ما يُخبِرُ به صلى الله عليه وسلم معصومٌ من الكذبِ فيما يُخبرُ به عن اللهِ، وفيما يُخبرُ به عن غيرِه. فالشاهد: فكان جزائِه أنْ جعلَ اللهُ شهادتَه بشهادةِ عدْلَين، هذا من الذُّهولِ ذهلُوا ولَّا [أو] الأمرُ بيِّنٌ تُصدِّقُونه في خبرِ السماءِ في كلِّ ما يُخبرُ به ثم. نعم كمِّل: الذهول، أو الذهول
– القارئ: قَدْ يَكُونُ لِخَفَاءِ الدَّلِيلِ أَوْ الذُهُولِ عَنْهُ وَقَدْ يَكُونُ لِعَدَمِ سَمَاعِهِ وَقَدْ يَكُونُ لِلْغَلَطِ فِي فَهْمِ النَّصِّ
– الشيخ: هذا غلط، فهمَه على خلاف
– القارئ: وَقَدْ يَكُونُ لِاعْتِقَادِ مُعَارِضٍ رَاجِحٍ فالمقصودُ هنا
– الشيخ: أو يكون اللفظُ مُحتملًا، يكون ما هو بغلطٍ، ولكن كلٌّ منه..، يعني النصُّ مُحتملٌ، واعتبروا هذا في قولِ النبيِّ عليه الصلاة والسلام: (لا يُصلِّيَنَّ أحدٌ منكُم إلا في بني قُريظة) منهم من تمسَّكَ بظاهرِ اللفظِ ومنهم من نظرَ للمعنى، ففريقٌ صلُّوا في الطريقِ وفريقٌ أخَّرُوا الصلاةَ قالوا: لو غابَت الشمسُ وما وصلْنا ما صلَّينا العصَر يقولُ ابنُ القيمِ: الذين صلُّوا في الطريقِ هم سلفُ أصحابِ المعاني، والآخَرون سلفٌ لأهلِ الظاهرِ. الشيخ محمد أيش قال عن الذهولِ؟ … حدِّد الموقف حدِّد أيش قال عالذهول
– القارئ: الآن "فصلٌ"
– الشيخ: فصلٌ، زين الحمد لله. أيش قال عالذهول [عن الذهول]
– القارئ: قالَ: وقد يذهلُ عنه: أي يكونُ ذاكرًا له ولكن نسيَه ثم قال: وقد يكونُ لعدم سماعِه
– الشيخ: يعني ما مثَّلَ له بواقعٍ.
– القارئ: لا ما ذكرَ.
– الشيخ: طيب يكفي قف على هذا
الأسئلة:
س1: أحسنَ الله إليك، هذا سائلٌ من الشبكةِ يقولُ: انتشرَ في هذه الأيامِ كتابةُ عبارةِ "إلَّا رسولَ اللهِ" فهل ترون جوازَ استعمالِ هذهِ العبارةِ؟
ج: لا أرى جوازَها لأنَّها لا تُفيدُ شيئًا، هي عندي تشبهُ ذِكْرَ الصوفيةِ "الله الله" لكن نعلمُ أن مقصودَ الذين كتبُوها يعني كلُّ شيءٍ ولا الرسولُ، لا تقربُون حِماه ومقامَه وحرمتَه، هذا مُرادُ من كتبَها ولكن إذا نظرْنا إلى تحديدِ اللفظةِ اللي ما يدري عن القصةِ يقولُ وش فيه؟ "إلَّا رسولَ الله" وهل هو صحيحٌ؟ يعني سُبُّوا كلَّ أحدٍ إلا رسولَ الله هل يستقيمُ الكلامُ؟! سبُّوا كلَّ أحدٍ إلا الرسولَ فهي غلطٌ.
_________________
س2: أحسنَ الله إليك، هذا أخونا زكريا من ليبيا يقولُ: نسألُ عن حكمِ فعلِ عمليةٍ جراحيةٍ: خُنثى مُشكِل بحيثُ يتمُّ تعديلُ خلقتِه ويتمُّ تحديدُ نوعِه إلى ذكرٍ أو أنثى؟
ج: الظاهرُ أنَّه لا مانعَ منه مثلُ هذا لا يكونُ إلا لخُنثى، والخنثى ذكرَه أهلُ العلم الذي له آلةُ ذكرٍ وآلةُ أنثى ثم إنه عندما يُولدُ يقولون إنه يصيرُ إلى أحد النوعَين، أما أن تغلبَ عليه الذكورةُ فتجري له أحكامُ الذكورةِ، وهناك عندَ الفقهاءِ الخُنثى المُشكل هو الذي لا يتبيَّنُ فيه، يبقى على حالِه ومما يُميِّزُ الذكر..، يعني قالوا أن يتفلَّكَ ثدْيَاه هذا يقتضي الأنوثةَ، ومما يُميِّزُه للذكورةِ أن تنبتَ له اللحيةُ ويُميزونَه بعلاماتِ كذا وبالميولِ وبالبولِ مثلًا من هذا أو هذا يعني علاماتٌ تُلحقُه بأحدِ النوعين لكن لله الحكمةُ البالغةُ، قد تغلبُ عليه مثلًا أحدُ النوعيةِ، يعني تغلبُ عليه الذكورةُ ثم بعد ما شاءَ الله تتغيرُ الحالُ ويغلبُ عليه جانبُ الأنوثةِ.
حتى سمعت أنه في بعضِ التاريخِ أنَّ إنسانًا خُنثى كان في أولِ أمره أمًّا يعني أنثى، تزوَّجَ وأنجبَ طفلًا ثم غلبت عليه جانبُ الذكورةِ وتزوجَ وولدَ له وصارَ أبًا فصارَ أمًّا لبعضٍ وأبًا لبعضٍ -كذا يُروى- وما ذكرْتُ من جوازِ إجراءِ عمليةٍ لتحويلِه حسبَ ما قويَ عندَه من النزعتَين، لا مانعَ منه لأنه..، أمَّا تحويلُ ذكرٍ خالصٍ خلْقيٍّ هذا لا أظنُّه يكونُ أبدًا -لا يكونُ-.
_________________
س3: أحسنَ الله إليك، ويسأل أيضًا أخونا زكريا يقولُ: جاءَ في السُّنةِ: الأمرُ في الدعاءِ بالبركةِ إذا رأى ما يُعجبُه ولكن نُلاحظُ أنَّ الكثيرَ استبدلَوا هذه العبارة بمقولةِ: "ماشاءَ الله" فهل لهذهِ العبارةِ أصلٌ في السُّنةِ؟
ج: ما أعلمْ ما أعلم، أخذُوها كأنهم أخذوها من صاحبِ ذاك المُشركِ { قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا * لَّكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا * وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ} [الكهف:37-39] كأنَّ الناس أخذُوها من هذا، ولكن قول القائلِ إذا رأى شيئًا معناها هذا ما شاءَه الله، يعني هذا ليس بحولِي وقوتي بل هذا بفضلِ ربِّي، هذا ماشاءَ الله لا قوةَ إلا باللهِ يعني لم يكن هذا بقوَّتِي وبمحضِ مشيئتِي إلى آخره. يعني اعترافٌ بالفضلِ للهِ وبالربوبيةِ للهِ، وكما استعاضوا -كما تقولُ- بعبارةِ: "ما شاءَ اللهُ" أيضًا، بعضُهم يقول: اذكرِ اللهَ قُلْ: لا إلهَ إلا الله. وذِكرُ الله خيرٌ وبركةٌ -إنْ شاءَ الله- لعلَّ هذا يطردُ ما في نفسِ الحاسدِ.
_________________
س4: أحسنَ الله إليك، وهذا أيضًا سائلٌ من الشبكةِ يقولُ: نسألُ عن عبارةِ: "كلُّ مُجتهدٍ مُصيبٍ" أو "كلُّ من طلبَ الحقَّ لابدَّ أنْ يصلَ إليه" هل العباراتُ صحيحةٌ؟
ج: "كلُّ مُجتهدٍ مُصيبٍ" ليس بالصحيحٍ، بل كلُّ مجتهدٍ مأجورٌ على حدِّ قولِه صلى الله عليه وسلم: (إذا اجتهدَ الحاكمُ فأصابَ فله أجران، وإذا اجتهدَ وأخطأَ..) هذا الحديثُ ردٌّ صريحٌ على هذه المقولةِ: "إنَّ كلَّ مُجتهدٍ مُصيبٍ" لكن بعضهم يُطلقُ أنَّه مُصيبٌ يعني إنْ شاء الله مأجورٌ ويتجوزُ يعني أنَّه على خيرٍ، يعني كلُّ مُجتهدٍ على خيرٍ، كلُّ من طلبَ الحقَّ أيش
– القارئ: يقولُ: "وكلُّ من طلبَ الحقَّ لابدَّ أنْ يصلَ إليه"
ج: كلُّ من طلبَ الحقَّ فحريٌّ أن يُوفَّقَ له، بس، أمَّا لابدَّ..، قد لا يُّوفَّقُ له مثلُ المجتهدِ: المجتهدُ أليس طالبًا للحقِّ؟ يعني الردُّ على العبارةِ الثانية هو الردُّ على العبارةِ الأولى، المجتهدُ قد يُخطئ، إذًا هو وصلَ إلى الحقِّ؟ هل كلُّ مُجتهدٍ؟ المجتهدُ في معرفةِ أحكامِ الشريعةِ أليسَ هو طالبٌ للحق؟ طالبٌ للحقِّ. وهل كلُّ مجتهدٍ في ذلك لا بدَّ أن يصلَ؟ إذًا: كأننا نقولُ إنَّ كلَّ مجتهدٍ لابد أن يُصيبَ وهذا ليس بصحيحٍ.
_________________
س5: هذا سائلٌ يسألُ يا شيخ، وكتبَ أجرَك ورفعَ قدرك، ما رأيُكم في تفسيرِ الشيخِ الشعراويِّ من حيثُ أنَّه يُقرِّبُ معاني القرآنِ ويُوضِّحُ الإعجازَ البيانيَّ؟
ج: واللهِ أنا ما أعرفُه، وما وقفْت عليه ولكن يظهرُ أنه كغيرِه -له وعليه- أنا سمعتُ بعض حلقاتِه أنه يفسرُ القرآن بلغتِه العامية المصرية، ويأتي بأشياءَ من الواقعِ يعني فيه أشياء حسنة، ولكن ما عندي ما أقولُه في الحكمِ على تفسيرِه، وذكروا -ولا أدري بالضبط- يعني يمكن في بعض آياتِ الصفاتِ أنهعلى طريقةِ كثيرٍ من مشايخِ الأزهرِ وغيرِهم.
_________________
س6: أحسنَ الله إليك، هذا يسألُ عن تفسيرِ اعتنى بعباراتِ السَّلَفِ والتقريبِ بينِها كما ذكرَ شيخُ الإسلامِ؟
ج: ما أعرفُ، اللي جمعَ هذا "الدررُ المنثورُ في التفسيرِ المأثورِ" للسيوطي كتابٌ كبيرٌ نقلَ فيه الأقاويلَ، ولكنه قرَّبَ بينها وجمعَ بينها، لا، لكنه يُعينُ يعني جمعُها يُعينُ الباحثَ.
_________________
س7: أحسنَ الله إليك، هذا سائلٌ من الشبكةِ يقول: نسألُ عن الأموالِ التي يكسبُها أصحابُ مقاهي الإنترنت، هل هي حلالٌ أم حرامٌ وشكرًا؟
ج: ما أدري؟ مقاهي الإنترنت تختلفُ، روَّادُ هذه المقاهي تختلفُ أغراضُهم فما أغراضهم؟ وما المواقعُ التي يدخلون عليها؟ صاحبُ المقهى يمكنه يعرفَ المواقعَ فإذا كان داخلٌ عليها يدخلون على مواقعِ الفجورِ والفواحشِ ويرتكبون بسبب ذلك أمورًا مُنكرةً يصبح الكسبُ حرامًا وبناءً على التصورِ الإجماليِّ أنَّه المُكتسَبُ مُختلطٌ يعني الأموالُ التي يكسبُها صاحبُ المقهى مُختلطٌ لأن الروَّادَ مُختلطون تختلفُ أغراضُهم فقد تكونُ نسبة الحرامِ أكثرُ، وقد تكونُ أقلَّ، وهكذا، واللهُ أعلم.