الرئيسية/شروحات الكتب/الطرق الحكمية في السياسة الشرعية/(32) فصل استثني من عدم التحليف في الحدود صورتان

(32) فصل استثني من عدم التحليف في الحدود صورتان

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرَّحيم
التَّعليق على كتاب (الطّرق الحُكميَّة في السّياسة الشَّرعيَّة) لابن قيّم الجوزيَّة
الدّرس الثّاني والثّلاثون

***    ***    ***    ***

 
– القارئ: الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّمَ وباركَ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين. اللهمَّ متِّع شيخَنَا على طاعتِكَ، واغفرْ لنا ولَه وللمسلمينَ. قالَ ابنُ القيِّمِ رحمه الله:
وَقَدْ اُسْتُثْنِيَ مِنْ عَدَمِ التَّحْلِيفِ فِي الْحُدُودِ صُورَتَانِ:
إحْدَاهُمَا: إذَا قَذَفَهُ فَطَلَبَ حَدَّ الْقَذْفِ، فَقَالَ الْقَاذِفُ: حَلِّفُوهُ أَنَّهُ لَمْ يَزْنِ.
فَذَكَرَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ فِيهِ وَجْهَيْنِ، قَالَ فِي "الرَّوْضَةِ": وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُحَلَّفُ.

– الشيخ: أيش؟
– القارئ: قَالَ فِي " الرَّوْضَةِ ":
– الشيخ: قَذَفَهُ وقال: "حَلِّفُوهُ"
– القارئ: أَنَّهُ لَمْ يَزْنِ
– الشيخ: قَذَفَهُ بالزِّنَا وهذا طالبَهُ، طالبَ بإقامةِ حَدِّ القذفِ عليهِ، فقالَ القاذفُ: حَلِّفُوهُ أنَّه ما زَنى. كلام! فقالَ: "حَلِّفُوهُ" أيش بعده؟
– القارئ: فَقَالَ: حَلِّفُوهُ أَنَّهُ لَمْ يَزْنِ.
فَذَكَرَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ فِيهِ وَجْهَيْنِ، قَالَ فِي "الرَّوْضَةِ": وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُحَلَّفُ.

– الشيخ: الصحيحُ أنه لا يُحَلَّفُ، الصحيحُ أنه لا يُحَلَّفُ، الزنا، ظواهرُ الشرعِ تقتضي بالسَّتْرِ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء فَأُوْلَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ [النور:13] خلاص الـمُـعَوَّلُ على الشهادةِ، يُحَلَّفُ!! سبحانَ الله!
 
– القارئ:
وَالصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ الْمَقْذُوفُ مَيِّتًا، وَأَرَادَ الْقَاذِفُ تَحْلِيفَ الْوَارِثِ: أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ زِنَا مُوَرِّثِهِ،
– الشيخ: لا حول ولا قوة إلا بالله!
– القارئ: فَلَهُ ذَلِكَ.
وَحُكِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ.
وَالصَّحِيحُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ: أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ، بَلْ الْقَوْلُ بِتَحْلِيفِهِ فِي غَايَةِ السُّقُوطِ،

– الشيخ: إي والله.
– القارئ: فَإِنَّ الْحَدَّ يَجِبُ بِقَذْفِ الْمَسْتُورِ الَّذِي لَمْ يَظْهَرْ زِنَاهُ، وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ أَلَّا يَكُونَ قَدْ زَنَى فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَلِهَذَا لَا يَسْأَلُهُ الْحَاكِمُ عَنْ ذَلِكَ: وَلَا يَجُوزُ لَهُ سُؤَالُهُ،
– الشيخ: ولا يجوز.
– القارئ: وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْجَوَابُ.
وَفِي تَحْلِيفِهِ تَعْرِيضُهُ لِلْكَذِبِ وَالْيَمِينِ الْغَمُوسِ إنْ كَانَ قَدْ ارْتَكَبَ ذَلِكَ، أَوْ تَعَريضُهُ لِفَضِيحَةِ نَفْسِهِ وَإِقْرَارُهُ بِمَا يُوجِبُ عَلَيْهِ الْجَلْدُ، أَوْ فَضِيحَتُهُ بِالنُّكُولِ الْجَارِي مَجْرَى الْإِقْرَارِ،

– الشيخ: الظاهرُ أنه حتى ولو حَكَمَ عليه أو نَظَرَ في الدعوةِ قَاضٍ يَرَى التَّحليفَ فَحَلَّفَهُ، يمكن أنْ يُحَلَّفَ، وإذا أمكن أنه يَتَأَوَّل، عجيب! يُطالَبُ بما لا يَلْزَمُهُ! ويفضحُ نفسَهُ!
– القارئ: أَوْ فَضِيحَتُهُ بِالنُّكُولِ الْجَارِي مَجْرَى الْإِقْرَارِ، وَانْتِهَاكُ عِرْضِهِ لِلْقَاذِفِينَ الْمُمَزَّقِينَ لِأَعْرَاضِ الْمُسْلِمِينَ.
– الشيخ: أيش؟ أعد الجملة.
– القارئ: قالَ رحمَه اللهُ: وَفِي تَحْلِيفِهِ تَعْرِيضُهُ لِلْكَذِبِ وَالْيَمِينِ الْغَمُوسِ إنْ كَانَ قَدْ ارْتَكَبَ ذَلِكَ،
– الشيخ: الظاهرُ أنه ما تصير يميناً غَمُوساً، لو حلفَ ما تكونُ يميناً غموساً؛ لأنَّهُ مُضطرٌّ إلى.. وهلْ إذا نَكَلَ يُقْضَى عليهِ بالزِّنا، سبحانَ اللهِ عجيبة!
 

– القارئ: أَوْ تَعَريضِهِ لِفَضِيحَةِ نَفْسِهِ وَإِقْرَارِهِ بِمَا يُوجِبُ عَلَيْهِ الْجَلْدُ، أَوْ فَضِيحَتُهُ بِالنُّكُولِ الْجَارِي مَجْرَى الْإِقْرَارِ، وَانْتِهَاكُ عِرْضِهِ لِلْقَاذِفِينَ الْمُمَزَّقِينَ لِأَعْرَاضِ الْمُسْلِمِينَ.
وَالشَّرِيعَةُ لَا تَأْتِي بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا التَّابِعِينَ وَلَا الْأَئِمَّةِ بِتَحْلِيفِ الْمَقْذُوفِ أَنَّهُ لَمْ يَزْنِ، وَلَمْ يَجْعَلُوا ذَلِكَ شَرْطًا فِي إقَامَةِ الْحَدِّ.
فَالْقَوْلُ بِالتَّحْلِيفِ فِي غَايَةِ الْبُطْلَانِ، وَهُوَ مُسْتَلْزِمٌ لِمَا ذَكَرْنَاه مِنْ الْمَحَاذِيرِ، وَلَا سِيَّمَا إنْ كَانَ قَدْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ تَابَ مِنْهُ، فَفِي إلْزَامِهِ بِالْحَلِفِ تَعْرِيضُهُ لِهَتِيكَةِ نَفْسِهِ، أو إِهْدَارِ عِرْضِهِ.
وَلِهَذَا كَانَ الصَّوَابُ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ: إنَّ الْبِكْرَ إذَا زَالَتْ بَكَارَتُهَا بِالزِّنَا فَإِذْنُهَا الصُّمَاتُ، لِأَنَّا لَوْ اشْتَرَطْنَا نُطْقَهَا لَكُنَّا قَدْ أَلْزَمْنَاهَا بِفَضِيحَةِ نَفْسِهَا وَهَتْكِ عِرْضِهَا، بَلْ إذَا اكْتُفيَ مِنْ الْبِكْرِ بِالصُّمَاتِ؛ لِحَيَائِهَا، فَلَأَنْ يُكْتَفَى مِنْ هَذِهِ بِالصُّمَاتِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ حَيَاءَهَا مِنْ الِاطِّلَاعِ عَلَى زِنَاهَا أَعْظَمُ بِكَثِيرٍ مِنْ حَيَائِهَا مِنْ كَلِمَةِ "نَعَمْ" الَّتِي لَا تُذَمُّ بِهَا وَلَا تُعَابُ، وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَتْ قَدْ أُكْرِهَتْ عَلَى الزِّنَا، بَلْ الِاكْتِفَاءُ مِنْ هَذِهِ بِالصّمَاتِ أَوْلَى مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِهِ مِنْ الْبِكْرِ؛ فَهَذَا مِنْ مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ وَكَمَالِهَا.
وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (إذْنُ الْبِكْرِ الصِّمَاتُ، وَإِذْنُ الثَّيِّبِ الْكَلَامُ) الْمُرَادُ بِهِ: الثَّيِّبُ الَّتِي قَدْ عَلِمَ أَهْلُهَا وَالنَّاسُ أَنَّهَا ثَيِّبٌ، فَلَا تَسْتَحْيِي مِنْ ذَلِكَ.
وَلِهَذَا لَوْ زَالَتْ بَكَارَتُهَا بِإِصْبَعٍ أَوْ وَثْبَةٍ: لَمْ تَدْخُلْ فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ، وَلَمْ تَتَغَيَّرْ بِذَلِكَ صِفَةُ إذْنِهَا، مَعَ كَوْنِهَا ثَيِّبًا، فَاَلَّذِي أَخْرَجَ

– الشيخ: التي زَنَتْ ما هي بثيِّب، وإلا لكانَتْ لو زنَتْ وثبتَ زِنَاها مرةً ثانيةً رُجِمَتْ، ما هي، هي بكرٌ من وجهٍ، فليسَتْ ثَيِّبَاً بمعنى أنَّها مُحْصَنَةٌ، فلا تدخلُ بعمومِ: (وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ)، الثيِّبُ يتنوَّعُ ويختلفُ مفهومُه بينَ موضعٍ وموضع.
 

– القارئ: فَاَلَّذِي أَخْرَجَ هَذِهِ الصُّورَةَ مِنْ الْعُمُومِ أَوْلَى أَنْ يُخْرِجَ الْأُخْرَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قال رحمه الله: وَمِمَّا لَا يُحْلَفُ فِيهِ إذَا ادَّعَى الْبُلُوغَ بِالِاحْتِلَامِ فِي وَقْتِ الْإِمْكَانِ، صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ الْبُلُوغُ، فَقَالَ: أَنَا صَبِيٌّ بَعْدُ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ: لَمْ يُحَلَّفْ.
قوله في نسخةٍ: "وهو يَحْتَلِمُ"

– الشيخ: "وهو" أيش؟
– القارئ: "يَحْتَلِمُ"
– الشيخ: "يَحْتَل"؟
– القارئ: "يَحْتَلِمُ"
– الشيخ: "يَحْتَمِل"، الظاهرُ أنَّ هذا ما عندَكَ.
– القارئ: وَلَوْ ادَّعَى عَامِلُ الزَّكَاةِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ لَهُ نِصَابًا، وَطَلَبَ زَكَاتَهُ، لَمْ يُحَلَّفْ عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ، وَلَوْ أَقَرَّ، فَادَّعَى الْعَامِلُ: أَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْ زَكَاتَهُ، لَمْ يُحَلَّفْ عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ.
– الشيخ: العباداتُ بينَ العبدِ وربِّهِ.
– القارئ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: لَا يُسْتَحْلَفُ النَّاسُ عَلَى صَدَقَاتِهِمْ.
قالَ رحمَهُ اللهُ: وَلِلْيَمِينِ فَوَائِدُ

– الشيخ: إلى هنا بس. نعم يا محمد.
 

info

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :متفرقات