file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(4) باب جامع الأيمان

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
شرح كتاب (الموطّأ – كتاب النذور والأيمان) للإمام مالك
الدّرس: الرَّابع

***    ***    ***    ***

 

– القارئ : بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على أشرفِ الأنبياءِ والمرسلينَ نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ. قالَ في موطَّأِ الإمامِ مالكٍ –رحمَهُ اللهُ-: بابُ جامعِ الأيمانِ.

حدَّثَني يحيى عن مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عبدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ -رضيَ اللهُ عنهما-؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-، أَدْرَكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ -رضيَ اللهُ عنهُ-، وَهُوَ يَسِيرُ فِي رَكْبٍ، وَهُوَ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: «إِنَّ اللهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، فمَنْ كَانَ حَالِفاً فَلْيَحْلِفْ بِاللهِ، أَوْ لِيَصْمُتْ».

– الشيخ : الحلفُ بغيرِ اللهِ شركٌ، جاءَتْ الأحاديثُ في النهي عن ذلكَ، لا يجوزُ الحلفُ بغيرِ اللهِ، لا بالآباءِ ولا بالعظماءِ ولا بالرؤساءِ أو العلماءِ ولا بالأنبياءِ، مَن كانَ حالفاً فليحلفْ باللهِ بس، من كانَ حالفاً فليحلفْ باللهِ أو ليصمتْ، أي: ليسكتْ لا يحلفْ، من كانَ حالفاً باللهِ، من كانَ حالفاً فليحلفْ باللهِ وحدَهُ لا يحلفْ بغيرِهِ، فالحلفُ بغيرِ اللهِ شركٌ حرامٌ، لكنَّه شركٌ أصغرٌ هذا هو الأصلُ فيهِ.

الحلفُ باللهِ يكونُ باسمِه العظيمِ الله والله، أو الرحمن: والرحمن، أو بصفةٍ من صفاتِه بعزَّةِ اللهِ وبقدرةِ اللهِ، كالاستعاذةِ بكلماتِ اللهِ، كلُّ هذا يعني من الأمورِ الجائزةِ.

 

– القارئ : وحدَّثَني عن مَالِكٍ؛ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- كَانَ يَقُولُ: «لاَ، وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ».

– الشيخ : ومقلِّبِ القلوبِ هذا بعضُ الناسِ يقولُ: هذه صفةٌ وهو حقٌّ، ولكنَّه صفةٌ وهو اسمٌ، اسمٌ لأنَّه ما يصدقُ إلَّا على اللهِ، يا مقلِّبَ القلوبِ، اللهُ يقولُ: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [الأعراف:180]

يا مقلِّبَ القلوبِ، فالرسولُ كانَ يدعو: "يا مقلِّبَ القلوبِ ثبِّتْ قلبي على دينِك"، ويقسمُ يقولُ: "ومُقلِّبِ القلوبِ"، "لا ومقلب القلوب".

 

– القارئ : وحدَّثَني مَالِكٌ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ بْنِ خَلْدَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ حِينَ تَابَ اللهُ عَلَيْهِ. قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ. أهْجُرُ دَارَ قَوْمِي الَّتِي أَصَبْتُ فِيهَا الذَّنْبَ، وَأُجَاوِرُكَ، وَأَنْخَلِعُ مِنْ مَالِي؛ صَدَقَةً إِلَى اللهِ، وَإِلَى رَسُولِهِ.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: «يُجْزِيكَ مِنْ ذلِكَ الثُّلُثُ».

وحدَّثَني عن مالكٍ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ مَنْصُورِ الْحَجَبِيِّ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ -رضيَ اللهُ عنها- أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنْ رَجُلٍ، قَالَ: مَالِي فِي رِتَاجِ الْكَعْبَةِ.

فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يُكَفِّرُهُ مَا يُكَفِّرُ الْيَمِينَ..

– الشيخ : هذا دخلَ في الإيمانِ لأنَّهُ ما يُلزِمُ الإنسانُ بهِ نفسَه ليمنعَها من أمرٍ أو يحملُها على فعلٍ يعني له حكمُ اليمينِ، لأنَّه موافقٌ لليمينِ من حيثُ الغرض، فهذا الَّذي يسمُّونه الفقهاءُ نذر اللَّجاجِ والغضبِ، يقول: إن فعلْتُ كذا فمالي صدقةٌ، إنْ لمْ أفعلْ كذا فعليَّ صيامُ شهرٍ، هذا يمينٌ مُكفَّرةٌ.

ومن هذا المنطلقِ قالَ من قالَ من أهلِ العلمِ أنَّ قولَ الرجلِ: إنْ فعلْتُ كذا فامرأتُهُ طالقٌ أنَّ هذهِ يمينٌ لأنَّه يقصدُ بها الحضَّ يقصدُ به المنعَ، فإلزامُ الإنسانِ نفسَه بأمرٍ لحضِّها على أمرٍ أو منعِها عن أمرٍ هذا يمينٌ مُكفِّرةٌ، هكذا إذا الإنسانُ ألزمَ نفسَه بأنْ يُخرجَ من مالِه كذا.

أمَّا إذا نذرَ نذراً كتبرُرٍ قالَ: للهِ عليَّ أنْ أصومَ شهراً وجبَ عليهِ ولا تجزئُهُ الكفَّارةُ.

 

– القارئ : قَالَ مَالِكٌ فِي الَّذِي يَقُولُ: مَالِي فِي سَبِيلِ اللهِ، ثُمَّ يَحْنَثُ. قَالَ: يَجْعَلُ ثُلُثَ مَالِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ. وَذلِكَ؛ الذي جَاءَ عنْ رَسُولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- فِي أَبِي لُبَابَةَ.

كتابُ الضَّحايا

بابُ مَا يُنْهَى عَنْهُ مِنَ الضَّحَايَا

حدَّثَني يحيى عن مَالِكٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ فَيْرُوزٍ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ -رضيَ اللهُ عنهُ-؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-، سُئِلَ: مَاذَا يُتَّقَى مِنَ الضَّحَايَا؟ فَأَشَارَ بِيَدِهِ، وَقَالَ: «أَرْبَعة وَكَانَ الْبَرَاءُ يُشِيرُ بِيَدِهِ، وَيَقُولُ: يَدِي أَقْصَرُ مِنْ يَدِ رَسُولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم -: الْعَرْجَاءُ، الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا

– الشيخ : أشارَ بيدِه … يعني لابدَّ أنَّه بسطَ الأصابعَ الأربعةَ، يُتَّقَى من الأضاحي أربعةٌ.

– القارئ : الْعَرْجَاءُ، الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا، وَالْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا. وَالْمَرِيضَةُ، الْبَيِّنُ مَرَضُهَا. وَالْعَجْفَاءُ، الَّتِي لاَ تُنْقِي».

وحدَّثَني عن مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ؛ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ -رضيَ اللهُ عنهما-، كَانَ يَتَّقِي.

– الشيخ : يعني هذهِ كلُّها لا تُجزئُ في الأضاحي، لا تجزئُ التضحيةُ بالعوراءِ ولا ولا، لكن بشرط البيّن، البيّن عورها، أو العرجاء البيّن ظلعها، وكذلكَ ما هو أسوأُ منها، كالعمياءِ والكسيرةِ.

 

– القارئ : وحدَّثَني عن مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ؛ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ -رضيَ اللهُ عنهما-، كَانَ يَتَّقِي مِنَ الضَّحَايَا، وَالْبُدْنِ الَّتِي لَمْ تُسِنَّ

– الشيخ : أيش؟

– القارئ : لم تُسِنَّ

– الشيخ : أي يعني يعني الَّتي لم تكنْ لم تبلغْ سنَّ كالجذعة من الضأنِ، مثل سخلة … فكان يتَّقي التضحيةَ بهذه بالصغارِ، فلا يضحّي إلَّا بالمسنَّةِ الَّتي بلغَتْ سنَّاً.

 

– القارئ : كَانَ يَتَّقِي مِنَ الضَّحَايَا، وَالْبُدْنِ الَّتِي لَمْ تُسِنَّ، وَالَّتِي نَقَصَ مِنْ خَلْقِهَا

– الشيخ : معيبةٌ يعني.

– القارئ : قَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ: وَهذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ في ذلكَ.

بابُ ما يُستحَبُّ مِن الضَّحايا

– الشيخ : اللهُ المستعانُ، قفْ على هذا بس [يكفي].

– طالب: يا شيخ تفسير ابن عاشور.. تفسير ابن عاشور: وجاءَ … أو اللي بعدها.

– الشيخ : ارفعْ صوتَك

– طالب: اقرأ عليك تفسير ابن عاشور في قولِهِ تعالى: {وجاءَتْ سيَّارةٌ}؟

– الشيخ : أي أيش يقول؟

القارئ : قالَ: وكانَ هؤلاءِ السَّيَّارةُ مِن الإسماعيليِّينَ.

– الشيخ : آه [نعم] من بني إسماعيل كذا هذا المعنى، إسماعيليّين لا تستبعد تروح للإسماعيليَّة، أعوذُ بالله.

– القارئ : … التوراةُ، أي مِن أبناءِ إسماعيلَ بنِ إبراهيمَ.

الشيخ : من ذريَّة إسماعيلَ يعني هذول [هؤلاء] أقارب أقارب يعني من العرب.

القارئ : وقيلَ: كانُوا مِن أهلِ مدينَ وكانَ مجيئُهم الجبَّ للاستسقاءِ منها، ولم يشعرْ بهم إخوةُ يوسفَ إذْ كانُوا قد ابتعدُوا عن الجبِّ، ومعنى أسرُّوهُ أخفوهُ، والضَّميرُ للسَّيَّارةِ لا محالةَ أي

الشيخ : والضمير في قوله أسرُّوهُ للسيّارة لا محالةَ.

القارئ : أي: أخفَوا يوسفَ -عليهِ السَّلامُ- أي: أخفى خبرَ التقاطِهِ خشيةَ أنْ يكونَ مِن وِلْدانِ بعضِ الأحياءِ القريبةِ مِن الماءِ قد تردَّى في الجُبِّ، فإذا علمَ أهلُهم بخبرِهِ طلبُوهُ وانتزعُوهُ منهم، لأنَّهم توسَّمُوا منهُ مخائلَ أبناءِ البيوتِ، وكانَ الشَّأنُ أنْ يُعرِّفُوا مَن كانَ قريباً مِن ذلكَ الجُبِّ.

الشيخ : يعني كانَ الواجبُ أنَّهم يُعرفون، لُقَطَة يروحون للناسِ اللي حولهم ها ضاعَ لكم ولدٌ ضاعَ لكم ولدٌ؟! لكن لا هم أسرُّوه، يعني كأنّي بهم حّطوه عندهم في عندِ بعضِهم وقالُوا: لا يطلع لا يظهر لا يظهر ولا، حتّى ما يدري به أحدٌ.

 

القارئ : وكانَ الشَّأنُ أنْ يُعرفوا مَن كانَ قريباً مِن ذلكَ الجُبِّ ويعلونَهُ كما هوَ الشَّأنُ بالتعريفِ باللُّقطةِ، ولذلكَ قولُهُ ولذلكَ كانَ قولُهُ: {وأسرُّوهُ}، مُشعِراً بأنَّ يوسفَ -عليهِ السَّلامُ- أخبرَهم بقصَّتِهِ، فأعرضُوا عن ذلكَ طمعاً في أنْ يبيعوهُ، وذلكَ مِن فقدانِ الدِّين بينَهم أو لعدمِ العملِ بالدِّينِ، وبضاعةً منصوبٌ على الحالةِ المقدَّرةِ من.

الشيخ : وأسرُّوهُ حالة … نعم بضاعةً مقدّرةً.

القارئ : أي: جعلُوهُ بضاعةً، والبضاعةُ عروضُ التَّجارةِ ومتاعُها، أي: عزموا على بيعِهِ، وجملةُ واللهُ عليمٌ بما يعملونَ معترضَةٌ، أي: واللهُ عليمٌ بما يعملونَ مِن استرقاقِ.

الشيخ : طيّب بعده، وشروه أي..

القارئ : معنى {شرَوهُ} باعوهُ، يُقالُ: شرى كما يُقالُ: باعَ، ويُقالُ اشترى كما يُقالُ: ابتاعَ، مثلُهما رهنَ وارتهنَ، وعاوضَ واعتاضَ، وكرى واكترى، والأصلُ في ذلكَ.

الشيخ : بس إلى آخره طويل يكفي، نعم يا محمَّد.

القارئ : وضمائرُ الجمعِ كلُّها للسَّيَّارةِ على أصحِّ التَّفاسيرِ

الشيخ : إي بس [لكن] هذا الشاهد، لو قرأت هذه الجملة لكفتْ.

– القارئ : أي صحّ.

الشيخ : يكفي هذه الجملة تكفي، لأنّ هي محلُّ الإشكالِ.

 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :الحديث وعلومه