بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
شرح كتاب (الموطّأ – كتاب الطّلاق) للإمام مالك
الدّرس: الأول
*** *** *** ***
– القارئ: بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ على أشرفِ الأنبياءِ والمرسلين، نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، أمَّا بعد: قالَ في موطأ الإمامِ مالك:
كتابُ الطلاق، بابُ مَا جَاءَ فِي الْبَتَّةِ
وحدثني يحيى عن مَالِك؛ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-: إِنِّي طَلَّقْتُ امْرَأَتِي مِائَةَ تَطْلِيقَةٍ، فَمَاذَا تَرَى عَلَيَّ؟ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: طَلُقَتْ مِنْكَ لِثَلاَثٍ، وَسَبْعٌ وَتِسْعُونَ اتَّخَذْتَ بها آيَاتِ اللهِ هُزُواً ولعباً.
وحدثني عن مَالِك؛ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه-. فَقَالَ: إِنِّي طَلَّقْتُ امْرَأَتِي ثَمَانِيَ تَطْلِيقَاتٍ. فقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ:
– الشيخ: أقول: هذا … بعد
– القارئ: فقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: فَمَاذَا قِيلَ لَكَ؟
قَالَ: قِيلَ لِي: إِنَّهَا قَدْ بَانَتْ مِنِّي.
فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: صَدَقُوا، مَنْ طَلَّقَ، كَمَا أَمَرَهُ اللهُ، فَقَدْ بَيَّنَ اللهُ لَهُ، وَمَنْ لَبَسَ عَلَى نَفْسِهِ لَبْساً، جَعَلْنَا لَبْسَهُ بِهِ، ولاَ تَلْبِسُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَنَتَحَمَّلَهُ عَنْكُمْ، هُوَ كَمَا يَقُولُونَ.
وحدثني عن مَالِك، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ؛ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: الْبَتَّةُ، مَا يَقُولُ النَّاسُ فِيهَا؟
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَقُلْتُ لَهُ: كَانَ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ، يَجْعَلُهَا وَاحِدَةً. فَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: لَوْ كَانَ الطَّلاَقُ أَلْفاً، مَا أَبْقَتِ الْبَتَّةُ مِنْهُ شَيْئاً. مَنْ قَالَ: "الْبَتَّةَ" فَقَدْ رَمَى الْغَايَةَ الْقُصْوَى.
وحدثني عن مَالِك، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ؛ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ، كَانَ يَقْضِي فِي الَّذِي يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ الْبَتَّةَ، أَنَّهَا ثَلاَثُ تَطْلِيقَاتٍ.
قَالَ مَالِكٌ: وَهذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي ذلِكَ.
الحاشية السفلية
| ↑1 | أنواع الكنايات في الطلاق بابُ مَا جَاءَ فِي الْخَلِيَّةِ، وَالْبَرِيَّةِ، وَأَشْبَاهِ ذلِكَ. - الشيخ: هذه يسمّونها الكنايات، والكنايات يقسمونها يقولون: صريحةٌ وخفيَّة. - القارئ: وحدَّثَني يحيى عَن مَالِك: أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّهُ كُتِبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه-، مِنَ الْعِرَاقِ: أنَّ رَجُلاً قَالَ لِامْرَأَتِهِ: حَبْلُكِ عَلَى غَارِبِكِ. فَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى عَامِلِهِ: أَنْ مُرْهُ يُوَافِينِي بِمَكَّةَ فِي الْمَوْسِمِ، فَبَيْنَمَا عُمَرُ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ. إِذْ لَقِيَهُ الرَّجُلُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بن الخطاب: مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ: أَنَا الَّذِي أَمَرْتَ أَنْ أُجْلَبَ عَلَيْكَ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَسْأَلُكَ بِرَبِّ هذِهِ الْبَنِيَّةِ - الشيخ: ؟ - القارئ: الْبَنِيَّةِ - الشيخ: الكعبة يعني - القارئ: مَا أَرَدْتَ بِقَوْلِكَ: حَبْلُكِ عَلَى غَارِبِكِ؟ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: لَوِ اسْتَحْلَفْتَنِي فِي غَيْرِ هذَا الْمَكَانِ مَا صَدَقْتُكَ. أَرَدْتُ، بِذلِكَ، الْفِرَاقَ. فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: هُوَ مَا أَرَدْتَ. وحدَّثني عَن مَالِك؛ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ -رضيَ اللهُ عنه-، كَانَ يَقُولُ، فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ: "أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ": إِنَّهَا ثَلاَثُ تَطْلِيقَاتٍ. - الشيخ: الله المستعان - القارئ: قَالَ مَالِكٌ: وَذلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي ذلِكَ. - الشيخ: أعدِ الأثر - القارئ: وحدثني عن مَالِك؛ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ –رضي الله عنه-، كَانَ يَقُولُ، فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ: "أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ": إِنَّهَا ثَلاَثُ تَطْلِيقَاتٍ. قَالَ مَالِكٌ: وَذلِكَ - طالب: كيف يقول: "أنتِ عليَّ حرامٌ" ثمَّ يعدها - الشيخ: أيش [ماذا]؟ الطالب: يعني تكونُ بائناً إذا قالَ هذه اللَّفظة - الشيخ: إي، هذا مضمونُ الكلامِ، عجل! - القارئ: قَالَ مَالِكٌ: وَذلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي ذلِكَ. وحدثني عن مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ؛ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ –رضي الله عنهما-، كَانَ يَقُولُ فِي الْخَلِيَّةِ، وَالْبَرِيَّةِ: إِنَّهَا ثَلاَثُ تَطْلِيقَاتٍ، كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا. وحدثني عن مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَنَّ رَجُلاً |
|---|---|
| ↑2 | يُشترط فهمُ معنى الكنايات في الطَّلاق لِمَن تلفَّظ بها - الشيخ: هذا لِمَن يفهمُ معنى البريّة، أمَّا مَن يتكلَّم.. يفهم معاني الكلام، يعني: خَلِيَّة يعني: خلاص، خاليةٌ أنتِ، يعني: ليس لكِ زوجٌ، ... تصير من الكنايات الصريحة التي يعتبرونَها ثلاثة. - القارئ: وحدَّثني عَن مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ: أَنَّ رَجُلاً كَانَتْ تَحْتَهُ وَلِيدَةٌ لِقَوْمٍ، فَقَالَ لِأَهْلِهَا: شَأْنَكُمْ بِهَا، فَرَأَى النَّاسُ أَنَّهَا تَطْلِيقَةٌ وَاحِدَةٌ. وحدَّثني عَن مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ شِهَابٍ، يَقُولُ، فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ: بَرِئْتِ مِنِّي، وَبَرِئْتُ مِنْكِ: إِنَّهَا ثَلاَثُ تَطْلِيقَاتٍ، بِمَنْزِلَةِ الْبَتَّةِ. قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ خَلِيَّةٌ، أَوْ بَرِيَّةٌ، أَوْ بَائِنَةٌ: إِنَّهَا ثَلاَثُ تَطْلِيقَاتٍ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي قَدْ دَخَلَ بِهَا وَيُدَيَّنُ فِي الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا: أَوَاحِدَةً أَرَادَ، أَمْ ثَلاَثاً؟ فَإِنْ قَالَ: وَاحِدَةً، أُحْلِفَ عَلَى ذلِكَ، وَكَانَ خَاطِباً مِنَ الْخُطَّابِ. لِأَنَّهُ لاَ يُخْلِي الْمَرْأَةَ، الَّتِي قَدْ دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا، وَلاَ يُبْرِيهَا إِلاَّ ثَلاَثُ تَطْلِيقَاتٍ. وَالَّتِي - الشيخ: أعد، أعد مرة ثانية، لأن - القارئ: لِأَنَّهُ لاَ يُخْلِي الْمَرْأَةَ، الَّتِي قَدْ دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا، وَلاَ يُبْرِيهَا إِلاَّ ثَلاَثُ تَطْلِيقَاتٍ. وَالَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، تُخْلِيهَا، وَتُبْرِيهَا، وَتُبِينُهَا، الْوَاحِدَةُ. قَالَ مَالِكٌ: وَهذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي ذلِكَ. - الشيخ: سبحان الله، سبحان الله. - القارئ: باب مَا يُبِينُ مِنَ التَّمْلِيكِ - الشيخ: إلى هنا بس [يكفي]، الله يعين، حسبُنا الله. |