الرئيسية/شروحات الكتب/موطأ مالك/كتاب الطلاق من موطأ مالك/(5) باب ظهار الحر – باب ظهار العبيد – باب ما جاء في الخيار

(5) باب ظهار الحر – باب ظهار العبيد – باب ما جاء في الخيار

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
شرح كتاب (الموطّأ – كتاب الطّلاق) للإمام مالك
الدّرس: الخامس

***    ***    ***    ***

 

– القارئ : بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على أشرفِ الأنبياءِ والمرسلينَ، نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، أمَّا بعدُ؛ قالَ في موطَّأِ الإمامِ مالكٍ:

بَابُ ظِهَارِ الْعَبِيدِ

– الشيخ : ظِهَارُ الْعَبِيدِ يعني: مظاهرةُ العبدِ من زوجتِه، إذا قالَ العبدُ لزوجته: أنتِ عليَّ كظهرِ أمِّي أو أختي أو خالتي، والعبيدُ لهم أحكامٌ تختلفُ عن أحكامِ الأحرارِ في أبوابٍ كثيرةٍ، في أبواب أو في أكثرِ أبوابِ الفقه، ولهذا عقدَ الإمامُ مالكٌ هذا البابَ، بابُ ظِهَارِ الْعَبِيدِ.

 

– القارئ : حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ ظِهَارِ الْعَبْدِ، فَقَالَ: «نَحْوُ ظِهَارِ الْحُرِّ» قَالَ مَالِكٌ: «يُرِيدُ أَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ كَمَا يَقَعُ عَلَى الْحُرِّ» قَالَ مَالِكٌ: «وَظِهَارُ الْعَبْدِ وَاجِبٌ، وَصِيَامُ الْعَبْدِ فِي الظِّهَارِ شَهْرَانِ»

– الشيخ : هنا لم يُنَصِّفُوهُ؛ لأنَّ هذا صيامُ تأديبٍ وعقوبةٍ، تأديبٌ وعقوبةٌ، هذا رأيٌ، يمكن في رأي تنصيف، يمكن رأي آخر.

 

– القارئ : قَالَ مَالِكٌ: فِي الْعَبْدِ يَتَظَاهَرُ مِنِ امْرَأَتِهِ، إِنَّهُ «لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ إِيلَاءٌ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ ذَهَبَ يَصُومُ صِيَامَ كَفَّارَةِ الْمُتَظَاهِرِ، دَخَلَ عَلَيْهِ طَلَاقُ الْإِيلَاءِ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ صِيَامِهِ».

– الشيخ : لا إله إلَّا الله، تقدَّمَ أنَّه العبد في الإيلاء على النِّصفِ، الحرُّ إذا آلى على امرأتِه أنَّه لا يطؤُها يُضرَبُ له أربعةُ أشهرٍ، والعبدُ يُضرَبُ له شهرين، فإذا وجبَ عليه صيامُ شهرين لا يمسُّ امرأتَه فيها مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا [المجادلة:4] مَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا [المجادلة:4] دخلَ عليه حكمُ الإيلاءِ في هذه المدَّة، والمولي إذا تمَّت المدَّة -مدَّة الانتظار- يقالُ له: إمَّا أنْ تفيء وإمَّا أن تطلِّق. طيِّب أعد العبارةَ أشوف [أرى]

 

– القارئ : قَالَ مَالِكٌ: فِي الْعَبْدِ يَتَظَاهَرُ مِنِ امْرَأَتِهِ، إِنَّهُ «لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ إِيلَاءٌ

– الشيخ : لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ الإِيلَاءٌ"، يعني: لا يدخلُ عليه حكمُ الإيلاء.

– القارئ : وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ ذَهَبَ يَصُومُ صِيَامَ كَفَّارَةِ الْمُتَظَاهِرِ، دَخَلَ عَلَيْهِ طَلَاقُ الْإِيلَاءِ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ صِيَامِهِ»

– الشيخ : "قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ صِيَامِهِ». … الصِّيامُ شهرين، يدخلُ عليه! ما يدخلُ عليه إلَّا بعدَ الفراغِ من صيامِه، ما، ليسَ هذا بظاهرٍ.

 

– القارئ : بَابُ مَا جَاءَ فِي الْخِيَارِ

حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ فِي بَرِيرَةَ ثَلَاثُ سُنَنٍ، فَكَانَتْ إِحْدَى السُّنَنِ الثَّلَاثِ: أَنَّهَا أُعْتِقَتْ فَخُيِّرَتْ فِي زَوْجِهَا، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ).

وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْبُرْمَةُ تَفُورُ بِلَحْمٍ، فَقُرِّبَ إِلَيْهِ خُبْزٌ وَأُدْمٌ مِنْ أُدْمِ الْبَيْتِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَلَمْ أَرَ بُرْمَةً فِيهَا لَحْمٌ؟) فَقَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَكِنْ ذَلِكَ لَحْمٌ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ، وَأَنْتَ لَا تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ وَهُوَ لَنَا هَدِيَّةٌ)

– الشيخ : الله المستعان، يعني تُصُدِّقَ…، يجوزُ للمتصدِّق أن يهديَ، أن يهدي إلى غنيٍّ أن يهدي إلى من تحرمُ عليه الصَّدقةُ، لأنَّه يختلفُ، يختلفُ الحكمُ، فالفقيرُ قبض الصدقة -زكاة أو غير زكاة- ثمَّ إذا أهدى منها لا يكونُ الآخذُ لها آخذًا لصدقةٍ، بل هدية، ولهذا قال عليه الصَّلاة والسَّلام: (هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ وَهُوَ لَنَا منها هَدِيَّةٌ).

 

– القارئ : وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الْأَمَةِ تَكُونُ تَحْتَ الْعَبْدِ فَتَعْتِقُ: «إِنَّها لَهَا الْخِيَارُ مَا لَمْ يَمَسَّهَا».

– الشيخ : الله المستعانُ، يعني: لها الخيارُ إن شاءتْ تبقى معَه وترضى بالبقاءِ، وإمَّا أن تختارَ نفسَها وتنفصلَ، ويكون هذا الخيارُ فسخًا، إذا اختارتْ نفسها انفصلَت منه، انفصال فسخ أو فراق فسخ لا طلاق.

 

– القارئ : قَالَ مَالِكٌ: «وَإِنْ مَسَّهَا زَوْجُهَا فَزَعَمَتْ أَنَّهَا جَهِلَتْ، أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ، فَإِنَّهَا تُتَّهَمُ وَلَا تُصَدَّقُ بِمَا ادَّعَتْ مِنَ الْجَهَالَةِ، وَلَا خِيَارَ لَهَا بَعْدَ أَنْ يَمَسَّهَا».

– الشيخ : اللهُ المستعان، موضعُ اجتهادٍ.

– القارئ : وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ مَوْلَاةً لِبَنِي عَدِيٍّ يُقَالُ لَهَا: "زَبْرَاءُ"، أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ عَبْدٍ، وَهِيَ أَمَةٌ يَوْمَئِذٍ. فَأُعْتِقَتْ، قَالَتْ: فَأَرْسَلَتْ إِلَيَّ حَفْصَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَدَعَتْنِي. فَقَالَتْ: «إِنِّي مُخْبِرَتُكِ خَبَرًا، وَلَا أُحِبُّ أَنْ تَصْنَعِي شَيْئًا، إِنَّ أَمْرَكِ بِيَدِكِ، مَا لَمْ يَمْسَسْكِ زَوْجُكِ، فَإِنْ مَسَّكِ فَلَيْسَ لَكِ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ». قَالَتْ، فَقُلْتُ: «هُوَ الطَّلَاقُ، ثُمَّ الطَّلَاقُ، ثُمَّ الطَّلَاقُ، فَفَارَقَتْهُ ثَلَاثًا».

– الشيخ : ما.. ما تملكُ الطَّلاقَ، هذا تعبيرٌ بس [فقط]، يعني تأكيد أنَّها تختارُ نفسَها ولا تريدُ البقاءَ، إذا قيلَ للمرأة: "أنتِ لكِ الخيارُ" تقولُ: "خلاص، هو طالقٌ، هو طالقٌ"، الطَّلاقُ ليسَ بيدها، لكن بيدِها تختارُ نفسَها فتنفسخ، فرقٌ بين الفراقِ بالفسخِ والفراقِ بالطلاق، لكن هذه تعبيرٌ عن مبالغتِها في تعبر عن كمالِ رغبتها في مفارقتِه.

 

– القارئ : وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُ قَالَ: «أَيُّمَا رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً، وَبِهِ جُنُونٌ أَوْ ضَرَرٌ، فَإِنَّهَا تُخَيَّرُ فَإِنْ شَاءَتْ قَرَّتْ، وَإِنْ شَاءَتْ فَارَقَتْ».

وقَالَ مَالِكٌ: «فِي الْأَمَةِ تَكُونُ تَحْتَ الْعَبْدِ، ثُمَّ تَعْتِقُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا أَوْ يَمَسَّهَا، إِنَّهَا» إِنِ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَلَا صَدَاقَ لَهَا، وَهِيَ تَطْلِيقَةٌ وَذَلِكَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا".

وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: «إِذَا خَيَّرَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ، فَاخْتَارَتْهُ، فَلَيْسَ ذَلِكَ بِطَلَاقٍ» قَالَ مَالِكٌ: «وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ» قَالَ مَالِكٌ

– الشيخ : الرَّسولُ خيَّرَ نساءَه كما في الآيةِ وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ [الأحزاب:29]، يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا [الأحزاب:28]. ولم يكنْ طلاقًا، فاخترنَ اللهَ ورسولَه ولم يكنْ تخييرهنَّ طلاقًا.

 

– القارئ : قَالَ مَالِكٌ: «فِي الْمُخَيَّرَةِ إِذَا خَيَّرَهَا زَوْجُهَا، فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا، فَقَدْ طَلُقَتْ ثَلَاثًا، فإِنْ قَالَ زَوْجُهَا: لَمْ أُخَيِّرْكِ إِلَّا وَاحِدَةً، فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُهُ»

– الشيخ : الله المستعانُ

– القارئ : قَالَ مَالِكٌ: "وَإِنْ خَيَّرَهَا. فَقَالَتْ: قَدْ قَبِلْتُ وَاحِدَةً، وَقَالَ: لَمْ أُرِدْ هَذَا، وَإِنَّمَا خَيَّرْتُكِ فِي الثَّلَاثِ جَمِيعًا، أَنَّهَا إِنْ لَمْ تَقْبَلْ إِلَّا وَاحِدَةً، أَقَامَتْ عِنْدَهُ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِرَاقًا".

بَابُ مَا جَاءَ فِي الْخُلْعِ

– الشيخ : حسبُك يا أخي. أعوذُ بالله من الخذلانِ، أعوذُ بعزَّتك أن تضلَّني، أعوذُ بعزَّتك أن تضلَّني، لا حول ولا قوَّة إلَّا بالله.

 

 

info

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :الحديث وعلومه