الرئيسية/شروحات الكتب/التبصرة في أصول الدين/(17) قوله “فإن قيل “كن” حرفان والنون مرتبة على الكاف”

(17) قوله “فإن قيل “كن” حرفان والنون مرتبة على الكاف”

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
التَّعليق على كتاب (التَّبصرةُ في أصولِ الدِّينِ) لأبي الفرج الشّيرازي
الدِّرس: السّابع عشر

***    ***    ***    ***
 

- مناقشة مع الاقترانيَّة [1] - الله يتكلَّمُ بِمَا شاءَ إذا شاءَ كيفَ شاء [2] - تفسير قوله تعالى: "غيرَ ذي عوجٍ" بمعنى: غيرَ ذي لبسٍ [3] - ضعف الرّوايات المرفوعة أنَّ القرآن كلامُ الله غير مخلوقٍ [4]

 
 
– القارئ: بسمِ اللهِ الرحمنُ الرحيم، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وصلَّى اللهُ وسلم وباركَ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعين، أمَّا بعدُ: قالَ أبو الفرجُ الشِّيرازي –رحمه الله- في كتابه (التبصرةُ في أصولِ الدين) قال رحمه الله:
فإنْ قيلَ: "كُنْ" حرفانِ والنونُ مرتبةٌ على الكافِ، فهذا يدلُّ على حدثِ النونِ

– الشيخ: "حَدَثِ النون" يعني: إن النّون حادثة ما هي قديمة، اللهمَّ لك الحمد، اللهمّ لك الحمد
– القارئ: الجوابُ: أنَّ هذا سؤالٌ فاسدٌ؛ لأنَّ عندَه الكلام عَرَضٌ
مناقشة مع الاقترانيَّة

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
1 - الشيخ: هذا مناقشةٌ للذين يقولون: "إنَّ كلامَ اللهِ قديمٌ"، ومعنى هذا إن جميعَ حروف الكلام قديمة، فالباء والسين مِن "بِسْم الله" "بِسْم الله" يعني ليسَت الباءُ قبلَ السِّين، بل كلاهُما قديمٌ، ليسَت الباءُ سابقةً للسِّين، لأنَّ كُلَّا منهما قديمٌ، فهذا السؤال جارٍ على هذا المعنى، وهذا خطابٌ ومناقشةٌ مع الاقترانية الذين يقولون: "جميعُ حروف كلامِ الله كلُّها مُقترنةٌ في الأزلِ"، "مقترنة في الأزل"، أي: كلٌّ منهما قديم قِدمًا لا نهاية له.
 

- القارئ: الجوابُ: أنَّ هذا سؤالٌ فاسدٌ؛ لأنَّ عندَه الكلامُ عَرَضٌ، والعَرَضُ لا يتأتَّى فيهِ الترتيبُ، كالأرياحِ الطيبةِ في أكوانِ الـمِسْكِ، والأرياحِ النَّتِنَةِ في أكوانِ الجيفةِ، وكالسَّوادِ والبياضِ وغيرِ ذلكَ مِن الأعراضِ، وأمَّا على أصلِنا، فإنَّ القرآنَ ليسَ بجسمٍ، ولا جَوهرٍ، ولا عَرَضٍ، وإنَّما هو صفةُ اللهِ تعالى، وإنَّه كما لمْ يَجُزْ أنْ تكونَ إرادتُهُ جسمًا ولا جوهرًا ولا عرضًا، فكذلكَ لا يجوزُ أن تكونَ صفاتُه جسمًا ولا جوهرًا ولا عَرَضًا، وإذا ثبتَ هذا
 
2 الله يتكلَّمُ بِمَا شاءَ إذا شاءَ كيفَ شاء
- الشيخ: كلُّ هذا الكلام، أقول: مِن اللَّغو ومِن الخَبْط والخَوضِ بما لا طائلَ تحتَه، الكلامُ معنىً معقولٌ، الكلامُ له معنىً معقولٌ، وهو حروفٌ وكلماتٌ، حروفٌ وكلمات، والقرآنُ حروفٌ وكلماتٌ وسُورٌ وآياتٌ، وكلامُ الله كثير، كثيرٌ لا يَفنى: قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي [الكهف:109] وهو يتكلَّمُ بمشيئةٍ إذا شاء، يتكلَّم بما شاء إذا شاء كيف شاء، ويتكلَّم في أزمانٍ مختلفة، كلَّمَ مَن شاءَ مِن الخلق، نادى الأبوين، ونادى الملائكة، وخاطبَ الملائكة: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً [البقرة:30] وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا [الحجر:28] كلامٌ كثير، ونادى نوح، ونادى فلان، ونادى آدم، ونادى في أزمانٍ مختلفة، وأخْبَرَنا أنه يُنادي في المستقبلِ ينادي، يُنادي المشركين يومَ القيامة، يُنادي الرسل يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا [المائدة:109] يُنادي عيسى -عليه السلام- يقول له: قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ [المائدة:116] إلى آخره، اللهمَّ لكَ الحمد.
 

- القارئ: فكذلكَ لا يجوزُ أن تكونَ صفاتُه جِسمًا ولا جَوهرًا ولا عَرَضًا، وإذا ثبتَ هذا فالترتيبُ إنَّما يتأتَّى في الأجسامِ والجواهر، وأمَّا في غيرِ ذلكَ فلا، وسنشرحُ ذلكَ مُبيَّنًا معَ الأشعريَّة إن شاءَ الله تعالى، دليلُنا الثاني
- الشيخ: كأنَّه واضح أنَّه يذهبُ إلى مذهبِ الاقترانيّة السَّالـميَّة
- القارئ: دليلٌ الثاني قولُه تعالى: أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ[الأعراف:54] ففرَّقَ سبحانَه وتعالى بينَ الخلقِ والأمرِ بواوٍ
- الشيخ: إي والله
- القارئ: فدلَّ على أنَّ الأمرَ غيرُ مخلوقٍ
- الشيخ: إي والله إنه غيرُ مخلوقٍ
- القارئ: وكذلكَ قولُه تعالى: وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ[الروم:25] ومعلومٌ أنَّهما لا يقومانِ بمخلوقٍ.
دليلٌ ثالثٌ: قولُه تعالى: قُرْآَنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ[الزمر:28] قالَ ابنُ عباسٍ وجماعةٌ مِن المفسِّرين: إنَّ معناهُ "غيرُ مخلوقٍ".
دليلٌ رابعٌ: ما روى إمامُنا أحمدُ بنُ حنبلٍ -رحمَه اللهُ تعالى- في المحنةِ بإسنادِه عَن رسولِ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلَّمَ- أنَّه قال..
3 تفسير قوله تعالى: "غيرَ ذي عوجٍ" بمعنى: غيرَ ذي لبسٍ
- الشيخ: راجع هذا القولَ المنسوب، وهو تفسيرُ العِوج، غَيْرَ ذِي عِوَجٍ أي: غيرُ مخلوقٍ، يعني ذِكْرُ القرآنُ مخلوقٌ أو غيرُ مخلوقٍ هذا حَدَث، حَدَث في الأمة لـما قالَتِ الجهمية: "إنَّ اللهَ لا يتكلَّمُ وأنَّه..."، صار هناك يعين الرَّد بأنَّ كلامَ الله غيرُ مخلوقٍ خلافًا للجهمية، أمَّا في عهدِ الصحابة ما كان يتكلَّمون بهذا ولم يَرِدْ له ذكر، فتفسيرُ عِوَج غَيْرَ ذِي عِوَجٍ أي: غيرُ مخلوق، هذا يحتاجُ إلى تدبُّر
- القارئ: قالَ: أخرجَه اللالكائيُّ والآجُرِّي والبيهقيُّ وابنُ بطَّة، كلُّهم مِن طريقِ عبدِ اللهِ بنِ الصَّعْلة عَن معاويةَ بن صالحٍ عَن عليِّ بنِ أبي طلحةَ عَن ابنِ عباسٍ، وفي هذهِ السلسلةِ كلامٌ مشهورٌ حاصلُهُ أنَّها حَسَنَةٌ إلا عندَ المخالفةِ
- الشيخ: يعني السند ما هو بـ... لو في حُسْنُ المروي، لكن هذا، طيّب والتفسيرُ الآخرُ لِـ "عِوَجِ"؟ خَل [اترك] هذا التفسير
- طالب: عبدُ الله بن صالح يا شيخ ضعيفٌ وله

- الشيخ: خله خله بس
- القارئ: أحسن الله إليك، دليلٌ رابعٌ
- الشيخ: لا، تفسير "عِوَج" عند {غَيْرَ ذِي عِوَجٍ}، أيش قال غير؟
- القارئ: ما ذكرَ شيئًا أحسن الله إليك
- الشيخ: مَن هو؟ مَن هو الذي تقرأُ لَه هذا؟
- القارئ: المحقق
- الشيخ: لا لا، راجعْ في التفسير، ابنُ جرير بما فسَّرَ {غَيْرَ ذِي عِوَجٍ}؟ فسَّره بأنَّه غير مخلوق بس؟
- القارئ: لا، لا بد أنه ذكر.. بإذن الله أرجع له
- الشيخ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا [الكهف:1] وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا يعني: لمْ يَجْعَلْهُ...! الله، راجع راجعْه الحين [الآن] راجع
- القارئ: أبشر يا شيخ
 

- الشيخ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا * قَيِّمًا [الكهف:2،1] يعني المتبادِرُ أنه ليسَ فيه اعوجاجٌ بل هو مستقيمٌ في أحكامِه وأخبارِه وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا [الأنعام:115] ما يتطرَّقُ إليهِ الباطلُ، لا إله إلا الله
- طالب: تفسير ابن كثير

- الشيخ: إي، اقرأ
- طالب: وَقَوْلُهُ: قُرْءَانًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ أَيْ: هُوَ قُرْآنٌ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ، لَا اعْوِجَاجَ فِيهِ وَلَا انْحِرَافَ وَلَا لَبْسَ، بَلْ هُوَ بَيَانٌ وَوُضُوحٌ وَبُرْهَانٌ، وَإِنَّمَا

- الشيخ: إي، أقولُ: هذا هو المعنى، لا مخلوقٌ ولا شيء
- القارئ: أحسن الله إليك
- الشيخ: نعم عندك شيء؟
- القارئ: عندي الطبري أحسن الله إليك
- الشيخ: إي أيش يقول؟
- القارئ: قال: {غَيْرَ ذِي عِوَجٍ} يَعْنِي: ذِي لَبْسٍ
- الشيخ: غيرُ ذَيْ لَبْسٍ، إي هذا هو
- القارئ: إي نعم، غيرَ ذَيْ لَبْسٍ، كَمَا حَدَّثَنِي ثمَّ ساقَهُ إلى مُجَاهِدٍ، قال: قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرِ ذِي عِوَجٍ غَيْرَ ذِي لَبْسٍ.
- الشيخ: يعني لا لَبْسَ فيهِ ولا اشتباهً، بل هو واضحٌ بَيِّنٌ، المهم أنَّ التفسيرَ هذا ما...، مَتْنُهُ غير، أقول: ما هو صحيح.
 
4 ضعف الرّوايات المرفوعة أنَّ القرآن كلامُ الله غير مخلوقٍ
- القارئ: دليلٌ رابعٌ: ما روى إمامُنا أحمدُ بنُ حنبلٍ -رحمَه اللهُ تعالى- في المحنةِ بإسنادِه عَن رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قالَ: (كلامُ اللهِ مُنَزَّلٌ غيرُ مخلوقٍ منه بدأَ وإليهِ يعودُ).
- الشيخ: يقولُ الرسولُ يقوله؟!
- القارئ: نعم
- الشيخ: يقوله الرسول؟
- القارئ: نعم
- الشيخ: لا لا
- القارئ: يقول: ما روى إمامُنا أحمدُ بنُ حنبلٍ –رحمَه اللهُ تعالى- في المحنةِ بإسنادِه عَن رسولِ اللهِ
- الشيخ: لا ما قالَه الرسول، أيش قالَ المحقق عليه؟
- القارئ: وقالَ البيهقيُّ في "الأسماءِ والصِّفاتِ": ونُقِلَ إلينا عَن أبي الدَّرداءِ مرفوعًا، القرآنُ كلامُ اللهِ غيرُ مخلوقٍ، ورُويَ كذلكَ عَن معاذِ بن جَبَل، وعَن عبدِ اللهِ بنِ مسعود، وجابرِ بن عبدِ الله مرفوعًا، ولا يصحُّ شيءٌ مِن ذلكَ
- الشيخ: ولا يصحُّ شيءٌ مِن ذلكَ
- القارئ: أسانيدُهُ مُظلمةٌ لا يَنْبِغي أنْ يُحتَجَّ بشيءٍ منها، ولا أنْ يُستشهدَ بشيءٍ منها
- الشيخ: هذا كلام؟
- القارئ: البيهقيّ
- الشيخ: حَقّ، الله المستعان، الله أكبر
- القارئ: دليلٌ خامسٌ: ما رُوِيَ عَن النَّبي -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قالَ: (خيرُكُم مَن حفظَ كتابَ اللهِ وعملَ به وعلَّمَهُ الناسُ؛ لأنَّه كلامُ اللهِ مُنَزَّلٌ غيرُ مخلوقٍ، منه بدأَ وإليهِ يعودُ، ومَنْ قالَ: مخلوقٌ، فهو كافرٌ ملعونٌ)
- الشيخ: هذا كله متن؟
- القارئ: كلُّه مَتْنٌ أحسن الله إليك
- الشيخ: كلّه حديث؟
- القارئ: نعم
- الشيخ: يا الله، يا الله، الله يرزقنا وإياكم البصيرة، هذا المشكل، ولعلّه المشكِل كتبُ العقائدِ تُوضَعُ فيها مثل هذه الأحاديث، المحقق أيش قال؟
- القارئ: ما علَّق، اكتفى بالتعليق الأول
- الشيخ: يكفي يكفي
- القارئ: حَق [الذي ذكره] البيهقي
- الشيخ: أيش بعده؟
- القارئ: دليلُ سادسُ: ما رُوِيَ عَن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-
- الشيخ: خله [اتركه]
- القارئ: الدليلُ السَّابعُ: ما رُوِيَ عَن عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضيَ اللهُ عنه- أنه قالَ: "واللهِ ما حَكَّمتُ مخلوقًا وإنَّما حكمتُ كلامَ اللهِ تعالى
- الشيخ: صح، هذا كلام معناه صحيح حكَّمَ كلام الله
- القارئ: في إسنادِه عمرو بن جميع متروكٌ
- الشيخ: إي بس معناه سهل
- القارئ: دليلٌ ثامنٌ: ما رُوِيَ أنَّ جعفر
- الشيخ: يكفي، إلى آخرِهِ تتابع هنا
- القارئ: إي مٌسترسل أحسن الله إليك
- الشيخ: خلّه [اتركه].
 
info

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :الفقه وأصوله