الجواب : هو ما خرجَ فيما جاء إلَّا عددٌ معروفٌ خرجوا جماعةً، وكانوا كم؟ ما ندري كم كان الصَّحابةُ، وقالُوا إنَّه جاء في الرّوايات أنَّه لم يبقَ إلَّا اثنا عشر، واللهُ أعلمُ ... يعني: هذا غلطٌ وقعَ مِن بعضهم، واللهُ تعالى أنكرَ عليهم ذلك، وعرَّض بهم ؛ وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [الجمعة:11] ، وهم بشرٌ -رضوان الله عليهم- ليسوا بمعصومين .
ثمَّ نلاحظُ أنَّ اللهَ لم يُغلِّظ عليهم ؛ أوَّلاً مهَّدَ لهذه القصَّة بالأمر بالسَّعي إلى الجمعة ثمَّ بالنهي عن البيعِ ثمَّ أرشدَهم إلى تأخير طلبِ الرِّبحِ والكسب إلى بعد الصَّلاة : فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا [الجمعة:9] إباحةٌ، إباحةٌ لما كان محظورًا فكانَ البيعُ قبلَ الصَّلاة محظورًا وبعدَ الصلاةِ جائزًا أو مُستحبًّا بعد الصَّلاةِ ، فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُم.. ثمَّ جاءَ، أُشيرَ للقصَّة بعد ذلك : وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ .
فالكلامُ فيه رفقٌ وفيه لطفٌ وفيه توجيهٌ كما يُقالُ هادئٌ ليس فيه تشنيعٌ وتشديدٌ ووعيدٌ ، اللهُ أكبرُ ، قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ .