بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
مَن يدرك هذه المواسم -مواسم الخير والعمل الصّالح-، فعلى مَن منَّ الله عليه بذلك أن يغتنم الأوقات، هذه الأوقات المباركة، فيعمرها بالخير: بذكر الله، وتلاوة القرآن، وغير ذلك مِن الأعمال الصّالحة، فإنّ مِن الخسران العظيم أن يدرك الإنسانُ هذه المواسم وهذه السّاعات الخيِّرة الطّيبة ثمَّ يُفرِّط فيها ويُضيعها، إما في حرام -والعياذ بالله- وهذا أخسر، أخسر النّاس في هذا مَن يشغلُها بالحرام، كمشاهدة برامج الإعلام الأثيمة: مِن أنواع المسلسلات، والتُرَّهات، والكلام الهزيل، والكلام الرّذيل.
فاتّقوا الله أيّها الأخوة، وتواصوا، وخذوا على أيدي أهليكم ومَن تحت أيديكم، مروهم بالمعروف، مروهم بالمعروف وانهوهم عن المنكر، لا تتركوا لهم العِنان، اجتهدوا في ذلك، وناصحوهم، وحذِّروهم مِن متابعة المقاطع السّيئة مِن خلال الجوال، الجوال السّيئ الأثيم، فإنّ الجوال صار وسيلةً لشرّ كثير مستطير في حقّ مَن أساء الاستعمال، أمّا مَن أحسنَ استعماله -وهم القليل- فإنّهم ينتفعون به ويدركون به أمورًا نافعة؛ علميّة، وعمليّة، وفوائد طيّبة، لكن الغالب على الخلق: هو أنّهم لا يُحسنون استعمال نِعم الله عليهم.
فاستعينوا بالله، واجتهدوا فيما يُتمّ صيامكم ويُكمّله، ولا تُعرِّضوا صيامكم للنّقص بفعل المكروهات، والمحرّمات، والغيبة، والنّميمة، والسّخرية، ولغو القول، وكذلك احذروا مِن قضاء الليل فيما لا خير فيه، بإطالة السّهر، فإنّ صنفًا مِن النّاس أو كثيرًا مِن النّاس يسهرون ليلهم باللهو والباطل واللهو، ويعمرون نهارهم بالخمول والنوم وإضاعة الوقت، إلاّ أن يكون لهم عمل يضطرّهم للقيام؛ فحاسبوا أنفسكم، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾[الحشر:18].
نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يَمُنَّ عليَّ وعليكم بالهداية والاستقامة، وأن يعيننا وإيّاكم على طاعته، وأن يجعلنا وإيّاكم في هذا الشّهر المبارك مِن الموفَّقين، مِن الذين ينتفعون ويغنمون غنائم هذا الشّهر، ففي الحديث الصّحيح: (مَن صامَ رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّمَ مِن ذنبه، ومَن قامَ رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ لهُ ما تقدَّم مِن ذنبه)، فهذه أسباب الغفران: صيامٌ، وقيامٌ، وتلاوةُ قرآن. نسألُ الله أن يجعلنا وإيّاكم ِمن الموفَّقين لذلك إنّه على كلّ شيء قدير، وصلّى الله وسلّم وبارك على عبده ورسوله.
حرر في: 2-9-1437 هـ