الرئيسية/الكلمات العامة/تأملات في سورتي الرحمن والواقعة
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

تأملات في سورتي الرحمن والواقعة

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
 

تأملات في سورتي "الرّحمن والواقعة"

 
الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على عبده ورسوله، وعلى آله وصحبه، ومَن اهتدى بهداه، نختار الحديث في سورتين قُرِئتا في صلاة أوَّل الليل، الرحمن "سورة الرحمن" و"سورة الواقعة".
سورة الرحمن: افتُتِحَتْ بهذا الاسم الشّريف "الرّحمن"، "الرّحمن" اسم مِن أسماء الله {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ}[الإسراء:110]، وهذا الاسم كان الكفار يكفرون به، قريش ومَن تابعهم كانوا يكفرون بهذا الاسم؛ {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ}[الفرقان:60]، هكذا إذاً {أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا}[الفرقان:60]، وقال تعالى عنهم: {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ}[الرعد:30]؛ ولهذا كثر هذا الاسم، كثرَ ذكرُ هذا الاسمِ في القرآنِ في سورٍ كثيرةٍ، خصوصًا السّور المكِّيَّة؛ للردِّ على هؤلاءِ الكفرة الجاحدين لأسماء الله.

وجاء هذا الاسم مقرونًا بالاسم الجامع لكلِّ معاني الأسماء والصفات "الله"، ومقروناً بــ "الرحيم" كثيراً، كما في البسملة وكما في الآية الثانية مِن سورة الفاتحة، {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، وفي سورةِ الفاتحة الآية الثانية: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}.
وهو يدلُّ على أنَّه تعالى ذو الرحمة الواسعة، قال تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ}[الأعراف:156]. وقال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}[الأعراف:180]، يعني تدعو ربَّك: يا الله، يا الله، يا رحمن، يا رحيم، يا حيُّ، يا قيّوم، ادعُ الله بأسمائه، وهذا نوعٌ مِن التوسُّل، يعني إذا قال العبدُ لربِّه: "يا رحمن، يا رحيم" فإنَّه يتوسَّل إليه بهذه الأسماء؛ لحصول الرّحمة له ونزولها وحلولها عليه، تقول: "يا رحمن ارحمنا، يا أرحم الراحمين"، فهو الرّحمن، وهو الرّحيم، وهو أرحم الراحمين؛ فينبغي للعبد إذا دعا: يستحضر معنى هذا الاسم، ويتوجَّه إلى الله به،" يا رحمن، يا الله، يا حيّ، يا قيّوم، يا رحيم"، الرحمن.

وكلُّ ما في العباد مِن الخير والنّعم فهو من رحمة الله، نزول الغيث رحمة، وهو من آثار رحمته، من آثار اسمه "الرّحمن والرّحيم، وكلُّ ما خلقه الله من النعم فهو من آثار رحمته سبحانه وتعالى، بل إرسال الرسل وإنزال الكتب والشرائع العظيمة القويمة هو مِن آثار أسمائه الحسنى، الرّحمن الرّحيم، ولهذا قال سبحانه: {الرَّحْمَنُ*عَلَّمَ الْقُرْآَنَ}[الرحمن:1-2]؛ "عَلَّمَ الْقُرْآَنَ" يعني أنزله وعلَّمه لنبيِّه، والنبيُّ علَّمه أصحابه وهكذا، "عَلَّمَ الْقُرْآَنَ" وهذا مِن أعظم الرّحمة مِن الله بعباده، إرسال محمَّدٍ -صلَّى الله عليه وسلَّم- هي رحمة، رحمةٌ للعالمين {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}[الأنبياء:107]؛ إذاً إرسال محمَّدٍ -عليه الصلاة والسلام- هي مِن آثار هو من آثار اسمه الرحمن، {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}،
{الرَّحْمَنُ*عَلَّمَ الْقُرْآَنَ*خَلَقَ الْإِنْسَانَ*عَلَّمَهُ الْبَيَانَ}[الرحمن:1-4]، علَّمه النطق والكلام، جعله لم يكن أعجمًا يعني كالحيوانات العجماوات، لا، جعله ناطقًا يتكلَّم ويبين، {عَلَّمَهُ الْبَيَانَ}.
وآثار رحمة الله -الآثار الكونيَّة والآثار الشرعيَّة- لا تُحصَى، والكلام فيها طويل ويطول؛ ولهذا الله يذكِّر عباده بنعمه في آيات، كما في سورة "النحل" -سورة النعم-، وهو الذي، وهو الذي سخَّرَ لكم، وهو الذي خلقَ لكم، {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا}[البقرة:29]، كلُّ هذا مِن آثار رحمته بعباده، فآثار رحمته -الآثار الكونيَّة والآثار الشرعيَّة- لا تُحصَى.
وعرض في هذه السورة -أعني سورة الرحمن- يعني ذكَّر فيها ببعض الآيات الكونيَّة، كالشّمس، والقمر، والأرض والسماء، والنبات، والنجوم كلّها، كما في مقدِّمة السورة: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ*وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ*وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ}[الرحمن:5-7]، ثم ذكَّر بمبدأ خلق الإنسان، خلق الإنسان، هذه البشريَّة البشريَّة الكثيرة التي تُحسَب الآن بالمليارات في وقتٍ واحدٍ، فكيف بالأجيال الماضية والآتية!؟ لا إله إلا الله، كلّهم يرجعون إلى نفس واحدة وهي آدم، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ}: وهي نفس آدم، {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا}: وهذا مِن معنى قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى}[الحجرات:13]، {وَبَثَّ مِنْهُمَا} مِن آدم ومن حواء، {وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً}[النساء:1] يعني ونساءً كثيرةً
{خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ}[الرحمن:14]، آدم الأوَّل خلقه الله من طينٍ، من طين تراب مخلوط بماء، ثم هذا يعني أصاره الله إلى أن صار صلصالًا فخارًا، معروف الفخار الآن معروف، طين جامد متصلِّب إذا دققتَ عليه يكون له طنين صلصلة، إذاً هذا هو مبدأ البشريَّة، مبدأ البشريَّة: هو الإنسان الأوَّل، يجب الإيمان بذلك، ولعن الله اليهوديَّ ومَن قبل قوله، الذي يقول: إنَّ أصل الإنسان قردٌ، قرد فتطوَّر وصار إنساناً، فالذي يعتقد هذا يكون كافراً؛ لأنّه مناقضٌ لما أخبر الله به عن نشأة البشريَّة ومبدأ البشريَّة وأصل البشريَّة؛ {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ*وَخَلَقَ الْجَانَّ -الجن، الجان: هم الجن- مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ}[الرحمن:14-15]، ولهذا إبليس من الجن، ولما أُمِرَ بالسجود امتنع، لما أمره الله بالسجود لآدم امتنع، وقال: كيف أسجد؟ أنت خلقتني من نارٍ وخلقته من طين، تعاظم واستكبر فباء بلعنة الله وبالطرد والإبعاد عن رحمة الله، المقصود أنّه كان مِن الجن، والجن مخلوقون من نار؛ ولهذا افتخر وقال: {خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ}[الأعراف:12]، خلقت آدم من طين.

وهكذا جاءت السّورة؛ وعرض الله فيها آيات للمشرقين والمغربين والبحر المالح والبحر العذب، {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ}[الرحمن:19]، وذكَّر بما سخَّر من الجواري، الجواري: السّفن، وذكَّر ببعض صفاته -سبحانه وتعالى-: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}[الرحمن:26-27]، {يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ}[الرحمن:29].
وذكر -سبحانه وتعالى- يعني في بعض الآيات عاقبة المجرمين وعاقبة المؤمنين الخائفين لمقام الله: {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ}[الرحمن:41]، إلى قوله: {هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ*يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آَنٍ}[الرحمن:43-44].
وقال في الفريق الثاني -فريق السعداء-: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ*ذَوَاتَا أَفْنَانٍ*فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ*فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ*مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ}[الرحمن:46-48-50-52-54]، إلى آخر السورة وهي تعرض يعني أصناف نعيم أهل الجنَّة، إلى أن خُتِمَتْ السورة بتمجيد الله: {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}[الرحمن:78].
علينا أن نتدبَّر ما نقرأ وما نسمع من القرآن {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}[ص:29].

أمَّا سورة الواقعة فذكر الله في مطلعها أمرَ القيامة الكبرى، القيامة الكبرى: هي السّاعة، هي التي مبدؤها البعث، هي القيامة الكبرى، القيامة الكبرى هي التي يقوم فيها النّاس مِن قبورهم لربّ العالمين، يوم البعث، {أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ*لِيَوْمٍ عَظِيمٍ*يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}[المطففين:4-6].
والقيامةُ تُسمَّى: الواقعة، والحاقَّة، والغاشية، والطامَّة، والصاخَّة، لها أسماء بحسب معاني صفاتها {إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ*لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ*خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ*إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا*وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا*فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا}[الواقعة:1-6]، هذه بعض الأحداث التي تقوم عند قيام القيامة، زلازل وأهوال وعجائب، الجبال هذه الصلبة العظيمة تصير كالعهن المنفوش، خفيفة وتتطاير وتُسيَّر حتَّى تصير مثل السّراب {وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا}[النبأ:20].
أوصيكم بقراءة تفسير الشيخ عبدالرّحمن السّعدي، وتفسير ابن كثير، تفسيران يعني كلامهم فيها واضح وسهل، متيسِّر، ينتفع به عامَّة الناس -المتعلم والعاميّ- تفسير الشيخ عبدالرّحمن السعدي -رحمه الله- وتفسير الإمام ابن كثير -رحمه الله-.

ثم ذكر -سبحانه- أن النّاس يوم القيامة ثلاثة أصنفة: أصحاب اليمين، وأصحاب الشمال، {وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً*فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ*وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ*وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ}[الواقعة:7-1]؛ ثلاثة أصناف ثلاثة، أصحاب اليمين: وهم مِن السعداء لكن دون المقرَّبين، وأصحاب المشأمة: هم أصحاب الشّمال، وهم الأشقياء، وذكر الله عاقبة كلٍّ من الأصناف الثلاثة، أمّا السابقون: فبدأ بهم {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُون* أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ*فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ* ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ*وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ*عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ}[الواقعة:10-15].
وذكر جزاء أصحاب اليمين: {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ*فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ*وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ*وَظِلٍّ مَمْدُودٍ*وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ}[الواقعة:27-31]، إلى آخر الآيات؛ ثم ذكر عاقبة صنف الأشقياء وهم أصحاب الشمال: {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ*فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ*وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ*لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ*إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ*وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ}[الواقعة:41-46].
وكان مِن جرائمهم ومِن كفرهم: أنّهم ينكرون البعث والمعاد، فكانت عاقبتهم الشقاء والعذاب؛ {ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ*لَآَكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ*فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ*فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ*فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ*هَذَا نُزُلُهُمْ}[الواقعة:51-56]، النزل: بمعنى أنّها الضيافة، هذه ضيافتكم، ضيافتهم يوم القيامة ما ذكره الله {هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ}، "الحميم"، وطعامهم مِن الزقوم، مِن شجرة الزقوم.

وختم السّورة، خُتِمَتْ السورة بذكر القيامة الصغرى، والقيامة الصغرى: هي الموت؛ ولهذا يُقال: "مَن مات قامت قيامته"، حتى {إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ*وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ*وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ}[الواقعة:83-85].
فالناس في القيامة الصغرى عند الموت كذلك ثلاثة أصناف: مقرَّبون، وأصحاب يمين، وأصحاب شمال، {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ*فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ*وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ*فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ*وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ*فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ} ضيافة هي ضيافة، النزل: ضيافة، {فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ*وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ*إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ}[الواقعة:88-95].
{إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ} يعني هذه الأخبار يقين، يقين مثل الذي تقبره بيدك وتشاهده وتحسُّه، يقين، أخبار قاطعة لا شك فيها، يجب على المؤمن أن يستعظم هذه الأحوال العظيمة التي سيُقدم عليها في ذلك اليوم العظيم، سيقدم عليها ويشاهدها بعد أن كانت أخبارًا، {كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ*لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ*ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ*ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ}[التكاثر:5-8].
وخُتِمَتْ بالتسبيح {إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ*فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ}[الواقعة:95-96]، يعني قل: سبحان ربِّي العظيم، وهذا هو ذكر الركوع: "سبحان ربِّي العظيم" كما أن ذكر السجود: "سبحان ربِّي الأعلى". نفعنا الله وإياكم بكتابه.