الرئيسية/فوائد العلوم/فائدة قرآنية مهمة

فائدة قرآنية مهمة

فائدة قرآنيَّة مهمَّة

 

مما تَبَيَّنَ بالتَّأمُّلِ في كتاب الله مع تنبيْهِ شيخ الإسلام ابن تيمية، أنَّ الله تعالى يذكُرُ نفسَهُ تارةً بصيغَةِ الإفراد، وتارةً بصيغة الجَمْع، مُظْهرًا أو مُضْمَرًا؛ كقوله تعالى: وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ [الذاريات:47]، وقوله: أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ [الواقعة:59]، فـ "نحن" ضمير، و"الخالقون" اسم ظاهر.

لكنَّهُ لا يجوزُ أنْ يُدعَى سبحانه إلا بصيغة الإفرادِ في الجملة، لا بالاسم المفرد على طريقة الصوفية ؛ وذلك لتحقيقِ التوحيد مِنَ العبد، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [الأنبياء: 87]، وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ [هود: 47]، وكلُّ ما ورد مِنَ الأدعية عن الأنبياء وغيرِهِم في القرآن وغيرِهِ = فهُوَ وارِدٌ على هذا.

ومما يُؤَكِدُ ذلك ويناسِبُهُ: أنَّ اللهَ عزَّ وجَلَّ لا يَذْكُرُ نفسَهُ بصِيَغ الجمْعِ إلا في الأُمُورِ الكونية؛ كخَلْقِ السَّمواتِ والأرْضِ، وخلْقِ الإنسان، ومَا يفعَلُهُ سبحانه بالعباد مِنَ النِّعَمِ والعُقُوبات، كقوله تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ [ق:38]، وقوله: يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى [الدخان:16].

أمَّا مَا يَذْكُرُهُ سبحانه مِنْ حقِّه على عباده أمْرًا أو خبرًا فلا يَذكر نفسَهُ إلا بصيغة الإفراد، كقوله تعالى: وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ [البقرة: 40]، فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ [العنكبوت: 56]، فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ [البقرة: 152]، إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي [طه: 14].

 أملاه :

عبد الرحمن بن ناصر البراك

في 2 شوال 1441 هـ