فتنة القول بخلق القرآن كانت فتنة عظيمة، والقول بخلق القرآن قديم، وأول من ابتدعه الجعد بن دِرْهم، وأخذه عنه الجهم بن صفوان، الذي حمل لواء هذه البدعة ونشرها فاشتهر بها واشتهرت به، ولم تزل تتفاقم هذه البدعة وتشتهر، ويُضل بها المفتونون، ويتصدَّى الأئمة لقمعها ومحاربتها والتحذيرمنها ومن أهلها، حتى جاء عهد الخليفة العباسي المأمون فأحاطت به المعتزلة واعتنق مذهبهم في القرآن، فحمل الناس عليه وامتحنهم به، فعظمت المحنة، وابتُلي العلماء، وتأول من تأول، وافتُتِن من افتتن، وثَبَّتَ الله من ثبت، وأعظم من ثبت في المحنة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، فلم يداهن في دين الله ولم يتأول، بل ثبت على القول بأن القرآن كلام الله غير مخلوق، ورد على المبتدعة وناظرهم وبين أن القول بخلق القرآن بدعة منكرة، لم تأتِ في كتاب الله ولا سنَّة رسوله ، ولا قائل بها من سلف الأمة، بل هي باطل مبني على باطل، فالقول بخلق القرآن مبني على نفي كلام الرب وهذا باطل .
توضيح المقصود في نظم ابن أبي داود ص32-33