الرئيسية/شروحات الكتب/كتاب زاد المستقنع/كتاب الزكاة من زاد المستقنع/كتاب الزكاة (1) “مقدمة” تجب بشروط خمسة: حرية وإسلام وملك نصاب
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

كتاب الزكاة (1) “مقدمة” تجب بشروط خمسة: حرية وإسلام وملك نصاب

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
– شرح كتاب "زاد المستقنع في اختصار المقنع"
– (كتاب الزكاة)
– الدّرس الأول

***    ***    ***    ***
 
– القارئ: الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصلّى اللهُ وسلَّمَ على نبيِّنا محمّدٍ، وعلى آلهِ وصحبه أجمعين، أمّا بعد:
قال المصنِّفُ رحمهُ اللهُ تعالى:
[كتابُ الزكاةِ]
– الشيخ: جرى أهلُ العلمِ على هذا التّرتيبِ في مصنّفاتِهم وفي أحاديثِ الأحكامِ، يبدؤون بكتابِ الطّهارةِ ثمَّ بكتابِ الصّلاةِ، وبعدَ ذلك يُتبِعونَها بكتابِ الزَّكاةِ على ترتيبِ أركانِ الإسلامِ: "بُني الإسلامُ على خمسٍ، شهادةِ أن لا إلهَ إلّا الله، وأنّ محمّدًا رسولُ الله، وإقامِ الصّلاةِ، وإيتاءِ الزّكاةِ …" والزّكاةُ قرينةُ الصّلاةِ في الكتابِ والسنّةِ، قال تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ [البقرة:43]، وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ [النساء:162]، فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ [التوبة:11].
وكذلك السنَّةُ كحديث معاذٍ: "إذا هم أطاعوكَ لهذا فأعْلِمْهم أنَّ اللهَ افترضَ عليهم صدقةً تُؤخذُ من أغنيائِهم" فالزّكاةُ قرينةُ الصّلاةِ، وقال أبو بكرٍ رضي اللهُ عنه: "لأُقاتلنَّ من فرّقَ بين الصّلاةِ والزكاةِ".
والزّكاةُ في اللغةِ: "النّماءُ" ويستشهدونَ لذلك بقولِهم: زكا الزَّرعُ، إذا نَمَا.
والزّكاةُ في الشَّرعِ: هي الحقُّ المفروضُ في المالِ وهو المعنى المشهورُ، وزكاةُ النّفسِ في الإيمانِ والتّوحيدِ، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا [الشمس:9]، وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ*الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ فقيل: أنّ الزّكاةَ هي زكاةُ المالِ، وقيل: أنّ الزّكاةَ هي زكاةُ النَّفْسِ بالإيمانِ والتّوحيدِ، وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ*الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ [فصلت:6-7]
 
– القارئ: (تجبُ بشروطٍ خمسةٍ: حريةٌ، وإسلامٌ، ومُلْكُ نِصَابٍ، واستقرارُه، ومضيُّ الحولِ)
– الشيخ: يقولُ المُصنِّفُ تجبُ بخمسِ شروطٍ، والشّروطُ في العباداتِ منها عامّة ومنها شروطٌ خاصّةٌ.
والشَّرطُ في الاصطلاح: ما يلزمُ من عَدَمِه العَدَمُ، ولا يلزمُ من وجودِه وجودٌ ولا عدمٌ، فالشّرطُ إذا عُدِم عُدِمَ المشروطُ، وإذا وجدَ الشَّرطُ ما يلزمُ؛ قد يُوجدُ وقد لا يُوجدُ، فإذا عُدِمَت الطَّهارةُ عُدِمَتْ صِحَّةُ الصَّلاةِ، فمن شروطِ صِحَّةِ الصّلاةِ الطّهارةُ، ولكن لا يلزمُ من وجودِ الطّهارةِ وجودُ الصّلاةِ، وهكذا في الزّكاةِ يلزمُ من عَدَمِ الشّرطِ عَدَمُ الوجوبِ، ولا يلزمُ من وجودِ هذه الشّروطِ وجوبَ الزّكاةِ. إذا اجتمعتْ هذه الشُّروطُ الخمسةُ وَجَبَتْ الزَّكاةُ، وأوَّلُها: "الحريَّةُ": لا تجبُ الزكاةُ على العبدِ، لأنَّ العبدَ لا مالَ له، المالُ لسيِّدِه.
"الإسلامُ": وهو إسلامُ المالكِ للمالِ، فلا تجبُ الزَّكاةُ على كافرٍ، وهنا تُذكرُ مسألةُ الكفَّارِ هل هم مُخاطَبونَ بفروعِ الشّريعةِ؟ هم مُخاطَبون بالاتِّفاقِ بأصلِ الدِّينِ، مُخاطَبون في الدُّخولِ إلى الإسلامِ، وبعبادةِ اللهِ وحدَهُ لا شريكَ له، لكن هل هم مُخاطَبون بالصّلاةِ والزَّكاةِ والصِّيام؟ قيل: أنَّهم غيرُ مُخاطَبين لأنَّه لا تصحُّ منهم، وقيلَ: بل هم مُخاطَبون وإنْ كانت لا تصحُّ، كما يُخاطُب بالصَّلاةِ من ليس على طَهَارةٍ وإن كانت لا تصحُّ منه الصَّلاةُ لكنَّه مأمورٌ بها، فهم مخاطبون بفروعِ الشَّريعةِ. ومن الأدلَّةِ على أنَّهم مُخاطَبون بفروعِ الشَّريعةِ آياتٌ منها: مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَر*قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ*وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ*وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ*وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ*حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ [المدثر:42-47]. ومعنى أنَّهم مُخاطَبون بها: أي أنَّهم مُعاقَبونَ على تركِها، فدلَّ على أنّهم مُخاطَبون بها، وقيل: أنّهم مُخاطَبون بالنَّواهي.
"ملكُ النِّصابِ": فشرطُ وجوبِ الزَّكاةِ مِلْكُ النِّصابِ، لأنَّ الأموالَ التي تجبُ فيها الَّزكاةُ كما سيأتي على قولِ الجمهورِ: الماشيةُ من بقرٍ وإبلٍ وغنمٍ، والأثمانُ وهما الذَّهبُ والفضَّةُ، والخارجُ من الأرضِ، وعُروضُ التِّجارةِ، ولكلِّ صِنْفٍ من هذه الأصنافِ مِقدارٌ لا تجبُ الزَّكاةُ فيما دُونَه، فأوَّلُ مِقدارٍ تجبُ به الزَّكاةُ في الإبلِ مثلًا هو خمسةٌ: "ليس فيما دونَ خمسةِ ذودٍ من الإبلِ صدقةٌ" ونصابُ البقرِ ثلاثون، ونصابُ الغنمِ أربعون، فلا تجبُ الزَّكاةُ فيما دونَ الأربعين، ونصابُ الفضَّةِ مئتا دِرهمٍ، والذَّهبِ عشرون دينارٍ، فهنا يقولُ المؤلِّفُ: الشّرطُ الثّالثُ مِلْكُ النِّصابِ.
الشَّرطُ الرَّابعُ: "استقرارُ المِلْكِ": وقد يُعبَّرُ عنه بتمامِ المِلْكِ، ويُمثِّلونَ لهذا بالصَّدَاقِ الذي يُعطى للمرأةِ قَبْلَ الدُّخولِ، فإنَّه غيرُ مُستَقِرٍّ لأنَّه يمكنُ أنْ يُطَلِّقَ ويَستَرجِعَ نصفَ الصَّداقِ، إذًا الصَّداقُ غيرُ مُستَقِرٍّ، ويستقرُّ الصَّداقُ بالدُّخولِ، فلو أَصْدَقَهَا خمسًا من الإبلِ أو أربعين شاةً، فقبلَ الدُّخولِ المِلْكُ غيرُ مُستَقِرٍّ، فمن تَمَامِ المِلْكِ استقرارُهُ.
والشَّرطُ الخامسُ: "تمامُ الحَوْلِ": في غيرِ الخارجِ من الأرضِ، فالخارجُ من الأرضِ له وقتٌ آخرُ، فيشملُ بَهيمةَ الأنعامِ وهي الماشيةُ، والذَّهبَ والفضَّةَ، وعروضَ التّجارةِ.
 
– مداخلةٌ: بالنّسبةِ للعبدِ لو أنَّ سيَّدهُ مَلَكَهُ سنتين أو ثلاثة؟
– الشيخ: هذا يرجعُ إلى مسألةِ هل يملكُ أو لا يملكُ، وهذا فيه خلافٌ بين أهلِ العلمِ، فهذا السؤالُ يَرِدُ على من يقولُ أنَّه يملكُ، إذا قيل أنَّه يملكُ فيمكنُ أن يُقالَ نعم، لكن يَرِدُ أنَّه غيرُ مستقرٍّ أيضًا لأنَّه يمكنُ أن يُصادِرَه، والتَّبعيضُ واردٌ في كلِّ الأحكامِ.
– مداخلةٌ: كأنَّ شرطَ الحريَّةِ فيه نَظَرٌ، يعني اشتراطُه؟
– الشيخ: على هذا التَّفصيل، لكنَّ المذهبَ والقولَ المعروفَ أنَّ العبدَ لا زكاةَ عليه فيما بين يديهِ، لأنَّه إمَّا غيرُ مالكٍ، أو مِلْكُهُ غيرُ مُستَقرٍّ.
 
– القارئ: (في غيرِ المُعَشَّرِ)
– الشيخ:  يريدون به الخارجَ من الأرضِ، أي الذي يجبُ فيه العُشرُ، فإنَّ الخارجَ من الأرضِ يجبُ فيه العُشرُ أو نصفُ العُشرِ كما سيأتي.
 
– القارئ: (إلا: نتاجَ السَّائمةِ ورِبْحَ التجارةِ)
– الشيخ:  يعني هذا استثناءٌ من تمامِ الحولِ، فنِتاجُ السَّائمةِ لا يُشترطُ فيه الحولُ، فلو أنَّ إنسانًا لديهِ أربعونَ شاةً ومضى عليها ستَّةُ أشهرٍ فولدت أربعينَ، أو في أثناءِ السَّنةِ عند تمامِ الحولِ بلغتْ مثلًا، يعني قُلْ عندهُ ثمانينَ فولدنَ، فإنَّه ليس في الثَّمانينَ إلا شاةً واحدةً، وعندَ تمامِ الحولِ بلغنَ مئةً وإحدى عشرين فإنَّه يجبُ عليه فيها شاتان، وإن كانت هذه الصِّغارُ جاءت أثناءَ الحولِ ولم يَحُل الحولُ على الصِّغار.
 
– القارئ: (إلا: نتاجَ السَّائمةِ ورِبْحَ التجارةِ: ولو لم يبلغْ نصابًا: فإنَّ حولَهُمَا: حولُ أصلِهِمَا إنْ كانَ نصابًا، وإلّا فمِنْ كَمَالِه)
– الشيخ:  يقولُ إلَّا نتاجَ السَّائمةِ وربحَ التّجارةِ ولو لم يبلغْ نِصابًا فإنَّ حولَهما حولُ أصلِهما إن كان نصابًا، أمَّا إذا لم يكن نصابًا فمن تَمَامِ الحولِ، فرجلٌ عندهُ ثلاثونَ شاةً مضى عليها كذا من السَّنَةِ، وفي أثناءِ السَّنةِ أنتجنَ عشرةً فأتمَّتْ أربعينَ فلا تجبُ عليه الزَّكاةُ إلَّا من تَمَامِ النِّصابِ، لهذا قال: فإنَّ حولَهُما حولُ أصلِهما إن كان نصابًا، وإن لم يكن نصابًا فبتمامِ النِّصابِ يبدأُ الحولُ، يبدأُ حولُ الجميعِ.
 
– مداخلة: بالنِّسبةِ للصّداقِ قبلَ الدُّخولِ في المالِ غيرِ المستقرِّ؛ أي نصفِ الصَّداقِ، ألا تجبُ فيه الزَّكاةُ قبل الدُّخولِ؟
– الشيخ:  قلتُ لك، الكلامُ على نصفِ الصَّداقِ.
 
القارئُ يقرأُ من الشَّرحِ الممتع:
قولُه: "تجبُ بشروطٍ خمسةٍ: حريةٌ، وإسلامٌ، ومِلكُ نِصابٍ، واستقرارُهُ، ومضيُّ الحولِ".
شروطُ وجوبِ الزَّكاةِ هي:
1 ـ الحريةُ: وضِدُّها الرِّقُّ، فلا تجبُ الزَّكاةُ على رقيقٍ، أي: على عبدٍ؛ لأنَّه لا يملكُ، فالمالُ الذي بيدِهِ لسيِّدِه.
ودليلُ ذلك: قولُ النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: "مَنْ باعَ عبدًا له مالٌ فمالُه للذي باعَهُ إلَّا أن يشترطَه المبتاعُ".
فقال: "مالُه" أي الذي بيده "للذي باعهَ" أي: لا له، فيكونُ بمنزلةِ الفقيرِ الذي ليس عندهُ مالٌ، والفقيرُ لا تجبُ عليه بالاتِّفاقِ.
وأمَّا قولُه -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: "له مالٌ": فاللامُ في (له) للاختصاصِ، كما تقولُ: للدّابَّةِ سَرْجٌ؛ فلا يُعارضُ ما قرّرناهُ.

– الشيخ: يعني هذا المالُ الذي في يدِ العبدِ على هذا فإنَّ زكاتَه على سيِّدِهِ لأنَّه مالُه، وقولُهُ "له مالٌ" كما قال الشيخُ: اللامُ ليس للملكِ، بل للاختصاصِ بسببِ وضعِ السيّدِ المالَ في يدهِ أو تمليكِهِ له.

2 ـ الإسلامُ: وضِدُّهُ الكفرُ، فلا تجبُ على كافرٍ، سواءٌ أكانَ مرتدًا أم أصليًا؛ لأنَّ الزَّكاةَ طُهْرَةٌ، قال تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ [التوبة:103] والكافرُ نجسٌ، فلو أنفقَ ملءَ الأرضِ ذهبًا لم يَطْهُرْ حتى يتوبَ من كُفرِهِ.
وأمَّا قولُه تعالى: وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ فالمرادُ بها هنا: زكاةُ النَّفسِ عند أكثرِ العلماءِ؛ لقولِهِ تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا [الشمس:9]. فيكونُ معنى الآيةِ على هذا: أي لا يؤتون أنفسَهم زكاتَها بل يهينونَها ويغفلونَ عنها.
وإذا قلنا: إنَّ الكافرَ لا تجبُ عليه الزَّكاةُ، فلا يعني ذلك أنَّه لا يُحاسَبُ عليها، بل يُحاسَبُ عليها يومَ القيامةِ، لكنّها لا تجبُ عليه، بمعنى أنّنا لا نُلزمُه بها حتى يُسلمَ.
ودليل ذلك قول النبي -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- حين بعث معاذًا إلى اليمن بعد أن ذكر التوحيد، والصلاة: "أعلمهم أنَّ اللهَ افترضَ عليهم صدقةً تُؤخذُ من أغنيائِهم، وتُرَدُّ على فقرائِهم".
 والدَّليلُ من القرآن قوله تعالى: وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنْفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ [التوبة:54]
فإذا كانت لا تُقبلُ فلا فائدةَ في إلزامِهم بها، ولكنَّهم يُحاسَبون عليها يومَ القِيامةِ، ويُعذَّبونَ عليها.
ودليلُ ذلك قولُه تعالى عن المجرمين: مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ [المدثر:42-43-44] فلولا أنَّهم عُوقبوا على تركِ الصَّلاةِ وتركِ إطعامِ المسكينِ لَمَا ذكروا ذلك سببًا في دخولِهِم النَّارَ.
3 ـ ملكُ نِصابٍ: النِّصابُ: هو القَدرُ الذي رَتَّبَ الشَّارعُ وجوبَ الزَّكاةِ على بلوغِه، وهو يختلفُ، فلابُدَّ أن يملكَ نِصابًا
– الشيخ:
يعني يختلفُ باختلافِ الأموالِ، فلكلِّ نوعٍ من الأموالٍ قدرٌ يخصُّه.
 
– القارئ: فلو لم يملكْ شيئًا كالفقيرِ فلا شيءَ عليه، ولو مَلَكَ ما هو دونَ النِّصابِ فلا شيءَ عليه.
ودليلُ اشتراطِ ملكِ النِّصابِ قولُه -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: "ليسَ فيما دونَ خمسةِ أوسقٍ صدقةً ولا فيما دونَ خمسِ أواقٍ صدقةٌ، ولا فيما دونَ خمسِ ذودٍ صدقةٌ" وقال في الغنمِ: "إذا بلغت أربعينَ شاةً شاةٌ" وغيرُ ذلك من الأدلَّةِ، ولأنَّ ما دونَ النِّصابِ لا يحتملُ المواساةَ.
– الشيخ:
هذا تعليلٌ، والأوّلُ دليلٌ، الثاني هو تعليلٌ وتوجيهٌ للحكمِ، أنَّ المالَ الذي دونَ النِّصابِ لا يحتملُ المواساةَ لأنَّه ليس بالكثيرِ، فهو قليلٌ.
– القارئ:
4 ـ استقرارُهُ: أي: استقرارُ المِلكِ، ومعنى كونِه مستقرًا: أي أنَّ ملكَهُ تامٌّ، فليس المالُ عرضةً للسّقوطِ، فإنْ كان عرضةً للسّقوطِ، فلا زكاةَ فيه.
ومَثَّلوا لذلك: بالأجرةِ (أجرةِ البيت) قبلَ تمامِ المدّةِ فإنَّها ليست مُستقرَّةً؛ لأنَّه من الجائزِ أن ينهدمَ البيتُ، وتنفسخَ الإجارةُ. ومثلُ ذلك أيضًا حصّةُ المضارَبِ ـ بالفتحِ، وهو العاملُ ـ من الرِّبحِ فلا زكاةَ فيها؛ لأنَّ الرِّبحَ وِقايةٌ لرأسِ المالِ، مثالُه: أعطيتُ شخصًا مائةَ ألفٍ ليتَّجرَ بها فربحتُ عشرةَ آلافٍ؛ للمالكِ النِّصفُ وللمضاربِ النّصفُ؛ خمسةُ آلافٍ، فلا زكاةَ في حصّةِ المضاربِ لأنّها ُعرضةٌ للتَّلفِ، إذ هي وقايةٌ لرأسِ المالِ، إذ لو خسرَ المالَ لا شيءَ له، وحصّةُ المالكِ من الرِّبحِ فيها الزَّكاةُ لأنّها تابعٌة لأصلٍ مستقرٍّ، فمالُ ربِّ المالِ فيه الزَّكاةُ وكذا نصيبُه من الرِّبحِ؛ لأنَّ نصيبَه تابعٌ لأصلٍ مستقرِّ.
ومثَّلوا لذلك أيضًا بدَينِ الكتابةِ أي: إذا باعَ السّيدُ عبدَهُ نفسَهُ بدراهمَ، وبقيتْ عند العبدِ سنةً فإنَّه لا زكاةَ فيها؛ لأنَّ العبدَ يملكُ تعجيزَ نفسِهِ، فيقولُ: لا أستطيعُ أن أوفي، وإذا كان لا يستطيعُ أن يوفي، فإنَّه يسقطُ عنه المالُ الذي اشترى نفسَهُ به، فيكونُ الدَّينُ حينئذٍ غيرَ مُستقرٍّ.
مسألةٌ: إذا حَصَلْتَ على المالِ الذي كان غيرَ مستقرٍّ، فهل تجبُ فيه الزَّكاةُ لما مضى؟
الجوابُ: لا، ولكنْ تستأنفُ به حولًا؛ لأنَّه لم يكن مُستقرًا قبلَ ذلك.
5 ـ مُضيُّ الحولِ: أي: تمامُ الحولِ؛ لأنَّ النبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- قال:
(لا زكاةَ في مالٍ حتى يحولَ عليه الحولُ) أخرجه ابنُ ماجه في الزكاةِ؛ ولأنّنا إنْ لم نقدِّر زمنًا فهل يقالُ: تجبُ في كلِّ يومٍ، أو كلِّ شهرٍ، أو كلِّ أسبوعٍ، أو كلِّ عشرةِ أعوامٍ، فلابدَّ من تقديرٍ، ولأنّنا لو أوجبنا الزَّكاةَ كلَّ شهرٍ، لكانَ ضررًا على أهلِ الأموالِ، ولو أوجبناها كلَّ سنتينِ لأضررنا بأهلِ الزَّكاةِ. والحولُ مقدارٌ يكون به الرِّبحُ المطردُ غالبًا، ويكون فيه خروجُ الثّمارِ، ويكونُ فيه النَّماءُ في المواشي غالبًا، فلهذا قُدِّرَ بالحولِ، والحولُ هنا باعتبارِ السَّنةِ القمريَّةِ لقولِ اللهِ تعالى: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ [البقرة:189]
– الشيخ:
يعني الحولُ الشرعيُّ هو الحولُ المبنيُّ على الأشهرِ القمريّةِ، هذا هو مناطُ الزّمنِ الذي تتعلّقُ به الأحكامُ الشّرعيةُ، العباداتُ من الزَّكاةِ والصّومِ وغيرِ ذلك، أمَّا السَّنةُ الشَّمسيَّةُ فلا تتعلَّقُ بها شيءٌ من الأحكامِ الشّرعيةِ، ولهذا عَمَلُ المسلمين حتى في أمورِ دنياهُم يربطونَها بالسَّنةِ القمريَّةِ، إلَّا بعدَ أن استولى الكفَّارُ على بلادِ المسلمين اعتمدوا وألزموا في تاريخِهم وأشهُرِهم، فصارَ المشهورُ عند أولئكَ هي السَّنةُ الشّمسيّةُ التي هي مربوطةٌ بتأريخِ النَّصارى وهو ميلادُ المسيحِ عليه السَّلامُ، فهي السَّنةُ الميلاديَّةُ المبنيَّةُ على التَّأريخِ النَّصراني.

واستثنى المؤلِّفُ أشياءَ لا يُشترطُ لها تمامُ الحولِ وهي:
فِي غَيْرِ الْمُعَشَّرِ، إِلاَّ نَتَاجَ السَّائِمَةِ، وَرِبْحَ التِّجَارَةِ….
قولُه: "في غير المُعَشَّرِ" وهذا هو الأوَّلُ، يريدُ الخارجَ من الأرضِ من الحبوبِ والثِّمارِ، وسُمِّيَ مُعَشَّرًا لوجوبِ العُشرِ أو نصفَهُ فيه، فلا يُشتَرُط لها الحولُ، ودليلُ ذلك قولُ اللهِ تعالى: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ [الأنعام:141]، فأمرَ اللهُ تعالى عبادَه أن يُعطوا زكاةَ الحبوبِ والثِّمارِ عند اجتنائِها حيثُ يتوفَّرُ الشيءُ في أيديهم، ويسهُلُ عليهم إخراجُهُ قبلَ وصولِه إلى المخازنِ، ولهذا يزرعُ الإنسانُ الأرضَ ويكتملُ الزَّرعُ في أربعةِ أو ستّةِ شُهورٍ وتجبُ فيه الزَّكاةُ.
قولُه: "إلاَّ نتاجَ السَّائمةِ" هذا مُستثنى من قولِه: (ومُضيُّ الحولِ) أي: إلّا ما تُنتجُهُ السَّائمةُ أي: أولادُها، هذا هو الثَّاني، فلا يُشترطُ له تمامُ الحولِ، ودليلُ ذلك أنَّ النبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- كان يبعثُ السُّعاةَ إلى أهلِ المواشي، فيأخذون الزَّكاةَ ممّا يجدونَ مع أنَّ المواشيَ فيها الصّغارُ والكبارُ، ولا يستفصلُ متى ولدت؟ بل يحسبونَها وُيخرجونَها حسَب رؤوسِها، فمثلًا: رجلٌ عنده أربعونَ شاةً تجبُ فيها الزَّكاةُ، فولدتْ كلُّ واحدةٍ ثلاثةً، إلَّا واحدةٌ ولدت أربعةً، فأصبحتْ مائةً وواحدًا وعشرين ففيها شاتانِ مع أنَّ النَّماءَ لم يَحُلْ عليه الحولُ؛ ولكنَّه يتبعُ الأصلَ.

– الشيخ:هذا التقريرُ وهذا الافتراضُ من أجلِ أن تبلغَ النِّصابَ الثاني وهي مئةٌ وإحدى وعشرون.
 
 قولُه: "وربحَ التِّجارةِ" وهذا الثَّالثُ، ولا يُشترطُ له تمامُ الحولِ؛ لأنَّ المسلمينَ يُخرجونَ زكاتَها دونَ أن يحذفوا ربحَ التّجارةِ، ولأنَّ الرِّبحَ فَرْعٌ، والفرعُ يتبعُ الأصلَ، مثالُه: لو قدَّرنا شخصًا اشترى أرضًا بمائةِ ألفٍ، وقبلَ تمامِ السَّنةِ صارت تساوي مائتين فيُزَكِّي عن مائتين، مع أنَّ الرِّبحَ لم يَحُلْ عليه الحولُ؛ ولكنَّه يتبعُ الأصلَ. هذا ما ذكرهُ المؤلِّفُ، ويُضافُ إليه ما يأتي:
الرَّابعُ: الرِّكازُ: وهو ما يوجدُ من دفنِ الجاهليةِ، فهذا فيه الخُمسُ بمجرَّدِ وجودِه، لقولِ النّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-:
(وفي الرِّكازِ الخمسُ) ولم يقل: بعدَ الحولِ؛ ولأنَّ وجودَهُ يُشبهُ الحصولَ على الثِّمارِ التي تجبُ الزَّكاةُ فيها من حين الحصولِ عليها عندَ الحصادِ، وهو زكاةٌ على المشهورِ من المذهبِ، وقيل: إنَّه فيءٌ، وسيأتي ذكرُهُ إن شاءَ اللهُ تعالى.
الخامسُ: المعدنُ، لأنَّه أشبَهُ بالثِّمارِ من غيرِها، فلو أنَّ إنسانًا عَثَرَ على معدنِ ذهبٍ أو فضَّةٍ واستخرجَ منه نصابًا فيجبُ أداءُ زكاتَه فورًا قبلَ تمامِ الحولِ. السادسُ: العسلُ على القولِ بوجوبِ الزِّكاةِ فيه.
السابعُ: الأجرةُ على رأي شيخِ الإسلامِ ابنِ تيميةَ رحمهُ اللهُ فتخرجُ الزَّكاةُ عنده بمجرَّدِ قبضِها؛ لأنَّها كالثَّمرةِ.
– الشيخ:
الأجرةُ على قولِ الشيخِ، من عنده عقارٌ يؤجّرهُ تجبُ عليه الزَّكاةُ بمجرَّدِ قبضِ الأُجرةِ، وجمهورُ أهلِ العلمِ على أنَّ العقارَ لا زكاةَ في أجرتِه إلَّا بعدَ مُضيِّ حولٍ من قبضِهِ لها واستحقاقِه لها.
 
وَلَوْ لَمْ يَبْلُغْ نِصَابًا، فَإِنَّ حَوْلَهُمَا حَوْلُ أصْلِهِمَا إِنْ كَانَ نِصَابًا، وَإِلاَّ فَمِن كَمَالِهِ….
قوله: "ولو لم يبلغْ نصابًا، فإنَّ حولَهما حولُ أصلِهما إن كان نصابًا، وإلّا فمن كمالِه" فإذا كان عنده (35) شاةً فليس فيها زكاةٌ؛ لأنَّ أقلَّ النِّصاب (40) وفي أثناءِ الحولِ نَتَجَتْ كلُّ واحدةٍ منها سَخلةً، فنحسبُ الحولَ من تمامِ النِّصابِ؛ ولهذا قال: "وإلّا فمن كمالِه".
مثالٌ آخرُ: لو كان عنده نصفُ نصابٍ ثمَّ بعد مُضيِّ ستَّةِ أشهرٍ كَمُلَ نصابًا، ثمَّ بعد ثلاثةِ أشهرٍ ربحَ نصابًا آخَر، فالحولُ يبتدئ من حينِ كمل نصابًا، والرِّبحُ يتبعُ الأصلَ.
مثالٌ آخرُ: لو أنَّ رجلًا اتَّجرَ بـ (100.000) ريالٍ، وفي أثناءِ الحولِ ربحتْ (50.000) ريالًا فنُزكِّي الخمسينَ إذا تمَّ حولُ المائةِوظاهرُ كلامِ المؤلِّفِ: أنَّه لا يشترطُ البلوغَ ولا العقلَ. وعلى هذا فتجبُ الزَّكاةُ في مالِ الصبيِّ وفي مالِ المجنونِ، وهذه المسألةُ فيها خلافٌ بين أهلِ العلمِ، وسببُ الخلافِ أنَّ بعضَ العلماءِ جعلها من العباداتِ المحضةِ فقال: إنَّ الصَّغيرَ والمجنونَ ليسا من أهلِ العبادةِ كالصّلاةِ، فإذا كانت الصَّلاةُ لا تجبُ على المجنونِ والصَّغيرِ، فالزَّكاةُ من بابِ أولى.
وبعضُ العلماءِ جعلَ الزَّكاةَ من حقِّ المالِ، أي: أنَّها واجبةٌ في المالِ لأهلِ الزَّكاةِ، فقال: إنَّه لا يُشترطُ البلوغُ والعقلُ؛ لأنَّ هذا حكمٌ رُتِّبَ على وجودِ شرطٍ وهو بلوغُ النِّصابِ، فإذا وُجدَ وجبتْ الزَّكاةُ، ولا يُشترطُ في ذلك التَّكليفُ فتجبُ في مالِ الصبيِّ ومالِ المجنونِ.

– الشيخ:  واستُدلَّ لهذا بقولِه -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: " تُؤخذُ من أغنيائِهم" والصَّغيرُ يُوصفُ بالغِنى، فهذا الذي استدَلَّ به الجمهورُ، وهذا يشملُ البالغَ وغيرَ البالغِ، والمكلَّفَ وغيرَ المكلَّفِ، فالصَّغيرُ الذي له مالٌ هو غنيٌّ وتجبُ عليه الواجباتُ الماليَّةُ كالنَّفقاتِ، فتجبُ عليه نفقتُه، مثلًا: والداهُ فقيران.
 
وهذا القولُ أصحُّ، ودليلُ ذلك ما يلي:
1 ـ قولُه تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا [التوبة:103] فالمدارُ على المالِ لا على المتموِّلِ. فإنْ قال قائلٌ: قولُه تعالى: تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا هذا في حقِّ المكلَّفينَ؛ لأنَّ التَّطهيرَ والتَّزكيةَ يكونُ من الذنوبِ؟ فيقالُ: هذا بناءٌ على الأغلبِ؛ فالزَّكاةُ تجبُ غالبًا في أموالِ المكلَّفينَ فيحتاجون إلى تطهيرٍ، على أنَّ الصبيَّ ـ ولا سيَّما المميِّزُ ـ يحتاجُ لتطهيرٍ، لما قد يحصلُ منه إخلالٌ بالآدابِ، فإنَّ أخذَ الزَّكاةِ منه مُطهِّرٌ له ومُنَمٍّ لإيمانِه وأخلاقِه الفاضلةِ.
2 ـ قولُ النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- حين بعثَ معاذًا ـ رضي الله عنه ـ إلى اليمنِ:
(أعلِمْهم أنَّ اللهَ افترضَ عليهم صدقةً في أموالهم) فجعلَ محلَّ الزَّكاةِ المالَ.
3 ـ ولأنَّ الزَّكاةَ حقُّ الآدميِّ، فاستوى في وجوبِ أدائِهِ المكلَّفُ وغيرُ المكلَّفِ، كما لو أتلفَ الصَّغيرُ مالَ إنسانٍ فإنّنا نُلزمُه بضمانِه مع أنَّه غيرُ مكلَّفٍ.
وهذا القولُ هو مذهبُ الإمامِ أحمدَ ـ رحمهُ الله ـ وخالفَ أبو حنيفةَ ـ رحمهُ الله ـ في هذا..

– الشيخ: الظَّاهرُ أنَّه قولُ الجمهورِ، والمشهورُ في الخلافِ أنَّ سقوطَ الزَّكاةِ عن الصّبيِّ والمجنونِ، المشهورُ أنَّ هذا مذهبُ أبي حنيفةَ، فالثّلاثةُ على وجوبِ الزَّكاةِ.

فإذا قال قائلٌ: إذا أوجبنا الزَّكاةَ في مالِ الصّبيِّ والمجنونِ فهذا يؤدي إلى نقصِهِ، وقد قال اللهُ تعالى: وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أْحْسَنُ [الأنعام:152-الإسراء:34]
فالجوابُ: هذا النَّقصُ هو في الحقيقةِ كمالٌ وزيادةٌ؛ لأنَّ الزَّكاةَ تُطهِّرُ وتُنمّي المالَ فهي وإنْ نقصَتْه حِسًّا، لكنَّها كمالٌ وزيادةُ معنى، فالزَّكاةُ من قربانِه بالتي هي أحسنُ.
ثمَّ إنَّه منقوضٌ بوجوبِ النَّفقةِ عليهما فلو كان للمجنونِ ـ مثلًا ـ أولادٌ وزوجةٌ وأبٌ لوجبتْ النَّفقةُ لهم في مالِه مع أنَّها تُنْقِصُه. فإنْ قال قائلٌ: إذا قلتم: إنَّ الزَّكاةَ من الأحسنَ فالصَّدقةُ أيضًا من الأحسنِ، فهل تُجيزونَ أنْ يُتَصدَّقَ بمالِ اليتيمِ والمجنونِ؟ فالجوابُ: لا؛ لأنَّ الصَّدقةَ محضُ تبرُّعٍ لا تنشغلُ الذِّمَّةُ بتركها، والزَّكاةُ فريضةٌ تنشغلُ الذِّمَّةُ بتركِها. ولهذا لو غَلَتْ موادُ الإنفاقِ، وصارَ ثوبُ الكِتَّانِ قيمتُه (100) ريالٍ والثَّوبُ من الخيشِ قيمتُه (10) ريالاتٍ، فنشتري له ثيابَ كِتَّانٍ؛ لأنَّ هذا هو المعتادُ، فإذا كان كذلك فنقولُ: الزَّكاةُ من بابِ أولى أنْ نُخرجَها من مالِ اليتيمِ؛ لأنَّها أبلغُ من أنْ يُخرجَ من مالِه لثوبٍ يلبسُهُ.
– القارئ:
(ومَنْ كانَ: لهُ دَينٌ، أو حقٌّ مِنْ صداقٍ، أو غيرِه، على مليءٍ أو غيرِه: أدّى زكاتَه إذا قبضَهُ لِمَا مَضَى)

– الشيخ: هذهِ مسألةُ وجوبِ الزّكاةِ في الدَّينِ، إذا كان له دينٌ على مليءٍ أو غيرِهِ من صَدَاقٍ أو غيرِهِ أدَّى زكاتَه إذا قبضَهُ لِمَا مَضَى، يعني معنى ذلك أنَّها تجبُ الزَّكاةُ في الدَّينِ، سواءٌ كان على مليءٍ قادرٍ باذلٍ، أو على فقيرٍ مُعسِرٍ لا يستطيعُ، هذا مفهومُ كلامِ المؤلِّفِ أنَّ الزَّكاةَ تجبُ في الدَّينِ على الغَيرِ، فمن له دَينٌ على مليءٍ أو على غيرِ مليءٍ فإنَّها تجبُ عليه الزَّكاةُ إذا قبضَهُ للمُدّةِ الماضيةِ، فلو كان لشخصٍ دينٌ على مُعسِرٍ ومضى عليه كذا سنةٍ، خمسُ سنواتٍ أو عشرُ سنواتٍ، مُقتضَى هذا الكلامِ أنَّه يجبُ عليه أنْ يُزكّيَهُ لكلِّ السَّنواتِ الماضيةِ.
والقولُ الأخرُ: إنَّها إنَّما تجبُ زكاةٌ في الدَّينِ على المليءِ حِسًَّا ومعنىً، وهو القادرُ على الوفاءِ الباذلُ غيرُ المماطِلِ، وهذا واللهُ أعلمُ هو الأظهرُ؛ لأنَّ الدَّينَ الذي على المعسرِ لا يقدرُ مالكُهُ على أخذِهِ، فهو بمنزلةِ المُعْدَمِ وبمنزلةِ من لا مالَ له، لا يستطيعُ أن ينتفعَ به، لكنَّ الدَّينَ على المليءِ يمكنُ أن يطلبَهُ ويأخذَهُ، فبقائُهُ عند المليءِ إنَّما باختيارِهِ أي المالِكِ، وهذا هو الصحيحُ أنَّ الدَّين على المعسرِ أو المماطِلِ الذي لا يقدرُ صاحبُهُ على أخذِهِ منه أنَّه لا تجبُ فيه الزَّكاةُ، لأنَّه في الحقيقةِ لا يكونُ غنيًّا بهذا المالِ فهو فقيرٌ، ولو كان له هذا الدَّينُ على مُعسِرٍ أو الدَّينِ على جاحدٍ، له دينٌ على شخصٍ جاحدٍ لدَيْنِه فإنَّه لا تجبُ فيه الزَّكاةُ.
 
– مداخلةٌ: إذا قبضَه؟
– الشيخ: قيل: يُزكِّيه لسنةٍ، وقيل: لا يُزكّيه مطلقًا. بعضُهم يُرجِّحُ لسنةٍ توسُّطًا بين القولين، يُزكِّي لسنةٍ ولا أجزمُ به، لكنَّهُ قولٌ حسنٌ.
 
القارئُ يقرأُ من الشّرحِ الممتعِ:
وَمَنْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ أَوْ حَقٌّ مِنْ صَدَاقٍ وَغَيْرِهِ عَلَى مَلِيءٍ أَوْ غَيْرِهِ أَدَّى زَكَاتَهُ إِذَا قَبَضَهُ لِمَا مَضَى …
قولُه: "ومن كانَ له دينٌ" الدَّين: ما ثبتَ في الذِّمَّةِ من قرضٍ، وثمنِ مبيعٍ، وأُجرةٍ، وغيرِ ذلك. قولُه: "أو حقٌّ" أي: الحقُّ الماليُّ فخرجَ بذلك الحقُّ غيرُ الماليِّ، وقولُه: "أو حقٌّ" لم أقفْ عليها عند غيرِه، والذي يظهرُ لي أنَّ الحقَّ إنْ كان ثابتًا فهو دَينٌ، وإن كان غيرُ ثابتٍ فلا زكاةَ فيه أصلًا، ولهذا عبارةُ الإقناعِ والمنتهى ليس فيها كلمةُ حقٍّ.
قولُه: "من صَداقٍ": الصَّداقُ للزّوجةِ، وهو ما يبذُلُه الزَّوجُ للمرأةِ في عقدِ النّكاحِ وإنّما نصَّ عليه؛ لأنَّ الصَّداقَ قد يسقطُ بعضُه، فإنَّه إذا طلَّقَها الزَّوجُ قبلَ الدّخولِ سقطَ النّصفُ، وقد يسقطُ كلُّه إذا كانت الفُرقةُ من قِبَلِها قبلَ الدّخولِ.
قولُه: "وغيرِه": أي: غيرِ الصّداقِ كعِوَضِ الخُلعِ الثَّابتِ للزَّوجِ وأرشِ جنايةٍ، وضمانٍ مُتلَفٍ، وكذا لو كان المالُ ضائعًا أو مسروقًا ثمَّ عثرت عليه بعد سنينَ، فالمذهبُ: يجبُ عليك إخراجُ زكاتِه.
تنبيهٌ: تجبُ الزَّكاةُ في العاريةِ والوديعةِ؛ لأنَّها على مِلكِ صاحِبِها فهي كسائرِ مالِه.
قولُه: "على مليءٍ أو غيرِه": المليءُ: الغنيُّ، أو غيرِه: الفقيرُ، وسواءٌ كان على باذلٍ أو مُماطِلٍ، وسواءٌ كان مؤجّلًا أو حالًّا.
قولُه: "أدّى زكاتَه إذا قبضَهُ لِمَا مَضَى": أي يجبُ عليه أن يُزكّيه إذا قبضَهُ لِمَا مَضَى من السّنين، وهذا هو المذهبُ. مثالُ ذلك: شخصٌ له (100) درهمٍ على أربعةِ أشخاصٍ على كلِّ واحدٍ (25) درهمًا، وبقيت عندهم سنوات، ولمّا قبضَهَا إذا زكاتُها أكثرُ منها، نقولُ: أدِّ زكاتَها ولو كانت أكثرَ منها، إذا كان عندكَ مالٌ يكملُ النِّصابَ، أمَّا إذا لم يكن لديكَ مالٌ سِواها، فهي في أوَّلِ سنةٍ تنقصُ عن النّصابِ، ولا يجبُ فيها شيءٌ.
مثالٌ آخرُ: رجلٌ باعَ أرضًا على شخصٍ بـ (100.000) ريالٍ، والمشتري فقيرٌ، وبقيت عنده عشرُ سنواتٍ ثمَّ قبضَهَا، فيؤدِّيها لعشرِ سنواتٍ؛ لقولِه: "لِمَا مَضَى".
واستفدنا من قولِه "أَدَّى": أنَّ هذه الزَّكاةَ أداءٌ، وليست قضاءٌ فـ (100.000) زكاتُها في كلِّ سنةٍ (2500)، فيصيرُ مجموعُ زكاتِها لعشرِ سنينَ (25.000)، فصارت زكاتُها الرُّبُعُ كامِلًا، وزكاةُ الدَّراهمِ رُبُعُ العُشرِ؛ لأنَّه يؤدِّيها لكلِّ ما مَضَى.
مثالٌ ثالثٌ: رجلٌ أجَّرَ شخصًا بيتَه لمدّةِ سنةٍ بـ (1000) درهمٍ وانتهت المدّةُ، ومَاطَلَ المستأجرُ حتى بقيتْ عنده عشرَ سنواتٍ، فزكاةُ الألفِ كلَّ سنةٍ (25)، في عشرٍ سنواتٍ (250) أي الرُّبعُ.
مثالٌ رابعٌ: امرأةٌ تزوَّجَهَا رجلٌ على صَدَاقٍ قدرهُ (20.000) ريالٍ ولم يُسلِّم الصَّداقَ، وبقيتْ الزّوجةُ عنده عشرَ سنواتٍ ثمَّ أعطاها صَدَاقَها، فتكونُ زكاتُه في عشرِ سنواتٍ (5000) ريالٍ، أي: الرُّبعُ، وكلُّ هذا على ما مشى عليه المؤلِّفُ رحمهُ اللهُ.
وقولُه: "أدَّى زكاتَه إذا قبضَه" أي: لا يلزمُه أن يؤدِّيَ زكاتَهُ قبلَ قَبْضِهِ، فهو مُرَخَّصٌ له في عدمِ أداءِ الزَّكاةِ حتى يقبضَه. فإنْ قال قائلٌ: أليست الزَّكاةُ على الفورِ، فلماذا لا تلزمُهُ الزَّكاةُ إذا تمَّ الحولُ، ولو كان في ذِمَّةِ غيرِه؟ الجوابُ: أنَّ فيه احتمالًا أن يتلفَ مالُ من عليه الدَّينُ، أو يعسرُ، أو يجحدُ نسيانًا أو ظُلمًا، فلمَّا كان هذا الاحتمالُ قائمًا رُخِّصَ له أن يُؤخِّر إخراجَ الزَّكاةِ حتى يقبضَه، فإن أدَّى الزَّكاةَ قبلَ قبضِهِ ليستريحَ فلهُ ذلك؛ لأنَّ تأخيرَها من بابِ الرُّخصةِ والتَّسهيلِ، بل قال أهلُ العلمِ: إنَّ ذلك أفضلُ، هذا هو القولُ الأوَّلُ في المسألةِ.
القولُ الثّاني: إن كان الدَّينُ على مُعسرٍ أو مُماطِلٍ فلا زكاةَ فيه، ولو بقي عشرينَ سنةً، وكذلك لو لم يبقَ إلّا شهرٌ واحدٌ على تمامِ الحولِ ثمَّ أخرجَ المالَ دينًا لمُعْسِرٍ فلا زكاةَ فيه، وإن كان على مُوسِرٍ باذلٍ ففيهِ الزّكاةُ كلَّ سنةٍ.
القولُ الثّالثُ: لا زكاةَ في الدَّينِ مُطلقًا، سواءٌ كان على غنيٍّ أو غيرِ غنيٍّ؛ لأنَّ الدَّينَ في ذمَّةِ الغيرِ ليس في يدكَ حتى يكونَ في جملةِ مالكَ؛ فلا زكاةَ في الدَّينِ حتى يقبضَه.
القول الرابع: أنه إذا كان يؤمِّلُ وجودَهُ فتجبُ فيه الزَّكاةُ، كالدَّينِ على الفقيرِ، فيحتملُ أن يجدَهُ، وإن كان لا يُؤمِّلُ وجودَه كالضائِعِ، والمَنْسِيِّ، والضَّالِّ فلا زكاةَ عليه.
والصَّحيحُ: أنَّه تجبُ الزَّكاةُ فيه كلَّ سنةٍ، إذا كان على غنيٍّ باذلٍ؛ لأنَّه في حكمِ الموجودِ عندك؛ ولكنْ يؤدِّيها إذا قَبَضَ الدَّينَ، وإن شاءَ أدَّى زكاتَه مع زكاةِ مالِه، والأوَّلُ رُخصةٌ والثاني فضيلةٌ، وأسرعُ في إبراءِ الذِّمَّةِ. أمَّا إذا كانَ على مُماطِلٍ أو مُعسِرٍ فلا زكاةَ عليه ولو بقي عشرَ سنواتٍ؛ لأنَّه عاجزٌ عنه، ولكنْ إذا قبضَهُ يُزكِّيهِ مرَّةً واحدةً في سنةِ القبضِ فقط، ولا يلزمُهُ زكاةُ ما مَضَى. وهذا القولُ قد ذكرهُ الشَّيخُ العنقريُّ في حاشيتِه عن شيخِ الإسلامِ محمّدِ بن عبدِ الوهابِ وأحفادِه رحمهم اللهُ وهو مذهبُ الإمامِ مالكٍ ـ رحمهُ اللهُ ـ، وهذا هو الرَّاجحُ لما يلي: أولًا: أنَّه يُشبهُ الثَّمرةَ التي يجبُ إخراجُ زكاتِها عند الحصولِ عليها

– الشيخ: هذا القولُ، يريدُ القولَ يُزكِّيه لِسنةٍ، أنَّه لا تجبُ الزَّكاةُ للسنين الماضيةِ، لكن يُزكِّيه لِسنةٍ.
– مداخلة:
– الشيخ: أستحسِنُهُ فقط.
 
والأجرةُ التي اختارَ شيخُ الإسلامِ وجوبَ الزَّكاةِ فيها: حين القبضِ، ولو لم يتمَّ عليها حولٌ.
ثانيًا: أنَّ من شرطِ وجوبِ الزَّكاةِ: القدرةُ على الأداءِ، فمتى قَدِرَ على الأداءِ زَكَّى.
ثالثًا: أنَّه قد يكونُ مَضَى على المالِ أشهرٌ من السّنةِ قبل أن يُخرجَه دينًا.
رابعًا: أنَّ إسقاطَ الزَّكاةِ عنه لِمَا مَضَى، ووجوبُ إخراجِها لسنةِ القبضِ فقط فيه تيسيرٌ على المالكِ؛ إذ كيفَ تُوجبُ عليه الزَّكاةُ مع وجوبِ إنظارِ المعسرِ، وفيه أيضًا تيسيرٌ على المعسرِ؛ وذلك بإنظارِهِ. ومثلُ ذلك، المالُ المدفونُ المَنسيُّ، فلو أنَّ شخصًا دَفَنَ مالَه خوفًا من السَّرقةِ ثمَّ نسيَهُ، فيُزكِّيه سنةَ عثورِهِ عليه فقط. وكذلكَ المالُ المسروقُ إذا بقي عند السَّارقِ عدَّةَ سنواتٍ، ثمَّ قَدِرَ عليه صاحُبُه، فيُزكِّيه لسنةٍ واحدةٍ، كالدَّينِ على المُعسِرِ.
مسألةٌ مهمةٌ كَثُرَ السؤالُ عنها وذلك حين كَسَدت الأراضي:
مثالُها: اشترى إنسانٌ أرضًا وقتَ الغلاءِ ثمَّ كَسَدَت، ولم يجدْ من يشتريها لا بقليلٍ ولا بكثيرٍ، فهل عليه زكاةٌ في مُدَّةِ الكَسَادِ أو لا؟
 الجوابُ: يرى بعضُ العلماءِ أنَّه لا شيءَ عليه في هذه الحالُ؛ لأنَّ هذا يُشبهُ الدَّينَ على المُعسِرِ في عدمِ التَّصرُّفِ فيه، حتّى يتمكّنَ من بيعها، فإذا باعَها حينئذٍ قلنا له: زكِّ لسنةِ البيعِ فقط. وهذا في الحقيقةِ فيه تيسيرٌ على الأمَّةِ، وفيه موافقةٌ للقواعدِ؛ لأنَّ هذا الرّجلَ يقول: أنا لا أنتظرُ الزّيادةَ أنا أنتظرُ من يقول: بِع عليَّ، والأرضُ نفسُها ليست مالًا زكويًّا في ذاتِها حتى نقولَ: تجبُ عليكَ الزَّكاةُ في عينِه. أمَّا الدَّراهمُ المُبْقَاةُ في البنك، أو في الصّندوقِ من أجلِ أن يشتريَ بها دارًا للسُّكنى أو يجعَلَها صَدَاقًا، فهي لا تزيدُ لكن لا شكَّ أنَّ فيها زكاةٌ، والفرقُ بينها وبينَ الأرضِ الكاسدةِ: أنَّ الزَّكاةَ واجبةٌ في عينِ الدَّراهم، وأمَّا الزَّكاةُ في العُروضِ فهي في قيمتِها، وقيمتُها حينَ الكَسَادِ غيرُ مقدورٍ عليها، فهي بمنزلةِ الدَّينِ على مُعسرٍ.
– الشيخ:
هذا في المسألةِ التي فرضَها الشيخُ، وأنَّه يملكُ الأرضَ ولا يجدُ من يشتريها، لكن إذا كانت كَاسدةً ممكن يبيعَهَا برخصٍ شديدٍ، أمَّا إذا كانَ لا يجدُ لها من يَقبلُها ولو بثمنٍ قليلٍ فنعم، فهو كما قال الشّيخُ تصبحُ الزَّكاةُ فيها كالدَّينِ على المُعسِرِ، أمَّا إذا كانت كاسدةً بمعنى رخيصةً يعنى ممكن تُشترى بمالٍ قليلٍ فتجبُ الزَّكاةُ في قيمتِها ولو كانت قليلةً، إذا كانت قيمتُها تبلغُ نصابًا.
 
– مداخلة: شرطُ الاستقرارِ، الآن البلديّةُ تمنحُ بعضَ الأراضي، وتشترطُ على صاحِبِها أن يَعْمُرَهَا، ولا تُعطِيه صَكًّا على هذه الأرض، ولكن يُعطَى ورقةً وليست صَكًّا فلا يستطيعُ أن يبيعَها، ثمَّ إذا بناها وبنى تسعينَ بالمئةِ من العمارةِ يُمنحُ الصكَّ، فمتى يكونُ الحولُ؟
– الشيخ: مثلُ المِنَحِ الزراعيّةِ؛ يشترطونَ فيها الإحياءَ، واللهِ الآنَ يظهرُ لي أنَّها من النَّوعِ غيرِ المستقِرِّ، يعني لا يملكُ التَّصرفَ فيها على هذا الكلامِ وعلى هذا الشّرطِ.
– مداخلة: رجلٌ يسجدُ من أجلِ الدُّعاءِ في غيرِ الصَّلاةِ، وإذا قال أنا أعملُ بحديثِ النبيِّ: "أقربُ ما يكونُ العبدُ من ربِّه وهو ساجدٌ"؟
– الشيخ: لا أراهُ، لا سجودَ إلّا السُّجودَ الواردَ، سجودَ الصَّلاةِ وسجودَ التِّلاوةِ وسجودَ الشّكرِ فقط، والحديثُ إنّما يكونُ في السّجودِ المشروعِ وهو سجودُ الصّلاةِ، وكذلك سجودُ التّلاوةِ فيمكنُ له الدُّعاءُ فيه أيضًا.
 


 
أسئلة:
س1: إذا قلنا أنَّ الكفَّارَ مُخاطَبون بفروعِ الشّريعةِ، فهل يلزمُ من ذلك أنْ نُلزمَهم بقضائِها إذا أسلموا؟

ج: لا والله، قالو لك بمعنى أنَّهم يُعاقَبون على تركِها، وليس من ثمراتِ هذا الرّأيِ أنَّهم يُطالبون بقضائِها.
…………………………………………
س2: رجلٌ عندهُ أكثرُ من مائةٍ من الغنمِ يأكلُ منها ويشربُ، وإذا جاءَ من يشتري يبيعُ منها، فهل يُزكّي زكاةَ عروضٍ، أم سائمةٍ؟
ج:
بل يُزكِّيها زكاةَ السّائمةِ، لأنَّه ما قصدَهَا أساسًا للتِّجارةِ، يعني لم يجلبهنَّ من أجل ِالتَّسمينِ، والتِّجارةِ.
…………………………………………
س3: تاجرٌ يُخرجُ زكاتَه في رمضانَ كلَّ عامٍ، فهل إذا جاءَ الوقتُ يحسبُ كلَّ أموالِه بما فيها الهِبَاتُ وغيرُها، فيُخرجُ من ذلك كلِّه رُبُعَ العُشرِ، أم ماذا يصنعُ؟
ج: الهبةُ أموالُ استفادةٍ طارئةٍ، ليست من ربحِ التِّجارةِ، وهي أموالٌ مستقلّةٌ ليست من نِتَاجِ أموالِه وتجارتِه، وأهلُ العلمِ قالوا: نِتَاجَ، والهباتُ ليست نتاجٌ. والهباتُ يَستأنفُ لها حولًا مستقلًا، إلّا إذا كان يريدُ يعني تكثر عليه هبات، يعني يستفيدُ أموالًا تردُ عليه مثلُ المرتَّبات، فينبغي له ربطَ الحولِ بأن يُحدِّدَ يومًا من شهرٍ ويعتبره هو يومُ إخراج الزَّكاةِ، فيزكّي كلَّ الموجودِ احتياطًا، وإلَّا إذا أراَد أن يحتاطَ لحظِّ نفسِهِ في التخفيف فهذا يُحصي لكلَّ مالٍ يردُ عليه حولًا، لكن مثلُ هذا يَشقُّ أن تضبطَ لكلِّ مالٍ مُستَفادٍ حولًا، فلهذا ينصحُ العلماءُ والمُفتون بأنَّ الذي تأتيهِ أموالٌ متفرِّقةٌ ويستفيدُ أموالًا متفرِّقةً، وأقربُ مثالٍ المرتّباتُ، فإنَّه يجعلُ لنفسِهِ حولًا يُخرُج زكاةَ الموجودِ إلى مثلِهِ، ففي هذا اليومِ الحسابُ فيه عشرةُ آلافٍ يزكِّي عشرةً، في العامِ القادمِ صارَ في الحسابِ عشرينَ ألفًا أكثرُها لم يستفدْهُ إلَّا في أثناءِ الحولِ، ألفٌ وألفان وبلغتْ عند تمامِ الحولِ البدايةَ، عند مجيءِ اليومِ المحدَّدِ يُزكِّي عشرينَ ألفًا، وإن كان بعضُها لم يمضي عليها حولٌ.
…………………………………………
س4: ما مقدارُ أقلِّ المالِ الذي تجبُ فيه الزَّكاةُ بالرّيالِ السّعودي؟
ج:
هذا يرجعُ أصلًا إلى الفضّةِ، فلابدَّ من تقويمِ النَّقدِ الورقيِّ بالفضَّة، أو تقويمِ الفضّةِ بالورقِ، فعلى سبيلِ المثالِ تعتبرُ سعرَ غرامِ الفِضَّةِ ثلاثةَ ريالاتٍ مضروبةً بستمئةٍ وثلاثينَ على رأي، فتبلغُ حوالي ألفًا وتسعمئة ريالٍ فيكون هذا هو النِّصابُ، فمن ليس عندهُ إلّا أقلَّ من هذا المبلغِ فلا زكاةَ عليه، ومن ملكَ من المالِ ألفًا وتسعمئةٍ ففي مالِه الزَّكاةُ إذا حالَ عليه الحولُ، يعني لا يوجدُ نصابٌ نستطيعُ أن نقولَ أنَّه محدَّدٌ، لأنَّ الأصلَ في وجوبِ الزَّكاةِ الفضّةُ التي هي أصلٌ للنقدِ الورقي.
س5: شخصٌ لديهِ أرضٌ وهو متردّدٌ بالنيّةِ في بيعِها أو الإبقاءِ عليها لإقامةِ مسكنٍ فيها، كيف يزكّي؟
ج: لا زكاةَ عليه فيها، لأنَّها لم تتحققُ أنَّها عروضُ تجارةٍ، بل هو مُترددٌ إمّا يبيعُ أو يبنيَ عليها مسكنٌ.
…………………………………………
س6: رجلٌ جُمِعَ له مالٌ من محسنينَ لعلاجِه، وبعد تمامِ الجمعِ توفِّي، هل المالُ للورثةِ، أم يُعادُ لأصحابِه؟
ج:
المالُ للورثةِ، والمحسنونَ على أجرِهِم إن شاءَ اللهُ. وإذا لم يوكِّلِ المريضُ أحدًا، وجُمعَ له عن طريقِ شخصٍ فهذا الشخصُ وكيلٌ لأصحابِ الأموالِ وعليه أن يَرُدَّ لهم أموالَهم.
…………………………………………………
س7: أوقاتُ التّبكيرِ لصلاةِ الجمعةِ هل تبدأُ بعدَ شروقِ الشّمسِ إلى زوالِ الشّمسِ؟
ج: نرجو ذلك، لأنَّ هذا الأظهرُ من أقوالِ أهلِ العلمِ، أي أنَّها تبدأُ من طلوعِ الشمسِ، يعني من بدايةِ النَّهارِ.
………………………………………………
س8: قومٌ إذا مرضَ أحدٌ يجتمعون لقراءةِ القرآنِ عليه بنيّةِ الشِّفاءِ، وأهلُ المريضِ يُقدِّمونَ الضِّيافةَ التي تكون وليمةً على الأغلبِ، فهل هذا من البدعِ؟
ج: لا أدري، لا يتبيّنُ لي فيها شيءٌ، لا أدري.
…………………………………………….
س9: هل الوترُ وتحيّةُ المسجدِ واجبتين مع حديثِ النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: "لا يقعدْ حتى يصليَ تحيَّةَ المسجدِ"؟
ج: المعروفُ لدى أهلِ العلمِ أنَّها ليست واجبةٌ، هذا هو المشهورُ، والقولُ بوجوبِها قويٌّ لأنَّ الرَّسولَ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أمرَ الرَّجلَ الذي دخلَ المسجدَ قال: "قم فصلِّي ركعتين" وقال: "إذا دخلَ أحدكُمُ المسجدَ فلا يجلسْ حتى يصليَ ركعتين" فهي ذاتُ سببٍ جاءَ فيها الأمرُ والنَّهيُ، النَّهيُ عن الجلوسِ، والأمرُ بالقيامِ، ولهذا إذا قيلَ بأنّها واجبةٌ فلِأنَّها ذاتُ سببٍ، وأمَّا الوِترُ فإنَّها سُنّةٌ مؤكدةٌ وليس واجبًا كهيئةِ المكتوبةِ.
……………………………………………..
س10: ما حكمُ جعلِ الإمامةِ كلَّ أسبوعٍ على أحدِ التَّلاميذِ بغرضِ تثبيتِ الحفظِ الأسبوعيِّ له، علمًا أنَّهم كلَّهم فوقَ البلوغِ وحفظهم مُتفاوتٌ؟
ج: أقولُ: لا بأسَ إن شاءَ اللهُ.



 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :الفقه وأصوله