الرئيسية/فتاوى/حكم المشاركة في برنامج لمراجعة القرآن في يوم واحد
share

حكم المشاركة في برنامج لمراجعة القرآن في يوم واحد

السؤال :

شيخنا الفاضل: انتشرَ مؤخَّرًا عقدُ دورات على النطاقين الرّجالي والنّسائي تستهدفُ الشَّباب غالبًا، ومدَّتُها يومٌ واحدٌ؛ لسردِ القرآن كاملًا، أو بضعة أجزاءٍ أو أقلَّ أو أكثر، الدَّافعُ لها تثبيتُ الحفظ وتعاهده، فهل المشاركةُ بسردِ القرآن في يومٍ لهذا العارض تدخلُ في حديث النَّهي عن ختم القرآن في أقل مِن ثلاث؟ وهل ترون أنَّ مثل هذا المحفل لا حرجَ فيه مِن حيث الاجتماع وإظهار العمل الجليل هذا ؟

علمًا أنَّ سؤالي لأجل الانتفاع بالفتوى شخصيًّا، حيث إنّي كرهتُ الإقدامَ دون علم، والله تعالى يقول: فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ [النحل:43].

الحمدُ لله وحده، وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمَّد، أما بعد :

فيقول الله تعالى: كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [ص:29]، وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: (مَن قرأَ القرآنَ في أقلّ مِن ثلاثٍ، لم يفقهْهُ) رواه أحمد وأبو داود، قال النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- لعبد الله بن عمرو بعد مراودة: (اقرأهُ في كلِّ سبعٍ، لا تزدْ على ذلكَ) متَّفق عليه. وكانَ أكثرُ السَّلف لا يزيدون في ختم القرآن على سبعة أيام، عملًا بهذه السُّنَّة، هذا مع قوله صلَّى الله عليه وسلَّم -كما في الصَّحيحين-: (تعاهدوا هذا القرآنَ، فوالذي نفسُ محمَّدٍ بيدهِ لهو أشدُّ تفلُّتًا مِن الإبلِ في عقلها)، فينبغي لِمَن رزقه الله حفظَ القرآن أن يتعاهده بكثرة التِّلاوة في الصَّلاة وخارجها، وينبغي أن يلزمَ المنهجَ الذي أرشدَ إليه النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- ابن عمرو، ومضى عليه السَّلفُ الأوَّلون، فلا يزيدُ في ختم القرآن على سبعة أيام.

وما جاءَ عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- وغيره مِن ختم القرآن في ليلة أو في كلِّ يومٍ وليلة هو مِن اجتهاد العباد، الذي غايته أن يدلَّ على الجواز، وخيرُ الهدي هديُ محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم.

فنقولُ للأخ السَّائل إذا كانَ حافظًا للقرآن ومتعاهدًا له بالتلاوة، وحريصًا على بقائه: عليكَ بلزوم ما أرشدَ إليه النَّاصحُ الأمينُ الذي بلَّغ هدى الله البلاغَ المبين، هذا ومعلومٌ أنَّ المسابقة بالتلاوة وختم القرآن في يوم يُفوت معه التَّدبُّر، وقد يفوت معه كمال الإخلاص، لذلك أرى عدم الدخول في هذه المسابقة، أسألُ الله أن ينفعنا وإياكَ بآيات كتابه، وأن يجعله لنا هدى ونورًا وشفاءً ورحمة وبشرى، فذلك فضله تعالى يؤتيه مَن يشاء، والله ذو الفضل العظيم .

قال ذلك :

عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك

حرر في 15 ربيع الآخر 1436هـ