الرئيسية/شروحات الكتب/تفسير القرآن الكريم للشيخ: عبدالرحمن بن ناصر البراك/تفسير سورة الحاقة/(2) من قوله تعالى {فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة} الآية 13 إلى قوله تعالى {لا يأكله إلا الخاطئون} الآية 37
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(2) من قوله تعالى {فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة} الآية 13 إلى قوله تعالى {لا يأكله إلا الخاطئون} الآية 37

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

تفسير الشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك / سورة الحاقَّة

الدَّرس: الثَّاني

***     ***     ***

 

– القارئ : أعوذُ باللهِ مِن الشَّيطانِ الرَّجيمِ

فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (13) وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (14) فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (15) وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (16) وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17) يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ (18) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27) مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (29) خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (32) إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (34) فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (35) وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ (36) لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ [الحاقة:13-37]

– الشيخ : إلى هنا.

الحمدُ للهِ، في هذهِ الآياتِ تفصيلٌ لبعضِ أحوالِ القيامةِ فبعدَ أنْ ذكرَها مجملةً في أوَّلِ السُّورةِ {الْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ} [الحاقة:1-2] ذكرَ بعضَ أحوالِها وأهوالِها، ذكرَ بعضَ أحوالِها وأهوالِها، ومن ذلكَ قولُهُ: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ} الصُّورُ هذا مخلوقٌ عظيمٌ وكَّلَ اللهُ به ملكًا من الملائكةِ اسمُه "إسرافيلُ" إذا جاءَ الأجلُ المعلومُ عندَ اللهِ ينفخُ فيه نفخاتٍ، قيلَ: ينفخُ فيهِ نفختَينِ، وقيلَ: ثلاثةً، نفخةَ الفزعِ، نفخةَ الصَّعقِ، نفخةَ البعثِ والنُّشورِ والقيامِ من القبورِ، {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ} ولعلَّ المرادَ بهذا نفخةُ الصَّعقِ أو الفزعِ.

{وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً} تُدَكُّ هذه الأرضُ وكذلك الجبالُ، وتفصيلُ ذلك في الآياتِ الأخرى كما في قولِهِ: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} [الزلزلة:1] وقولُهُ: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا} [طه:105] وآياتٌ أخرى في شأنِ الجبالِ، {يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ (4) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ} [القارعة:4-5]

قالَ اللهُ: {فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ} في ذلكَ الوقت تكونُ الواقعةُ قد وقعَت، القيامةُ، {فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ} وقعَتِ القيامةُ، فتقعُ القيامةُ بهذه الأحوالِ، {وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ} جاءَ ذكرُ الانشقاقِ وعُبِّرَ عنه بالانفطارِ في آياتٍ أخرى، فالسَّمواتُ يكونُ لها أحوالٌ تنشقُّ وتُطوَى وتكونُ فروجًا فيها أبوابٌ {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا (18) وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا (19) وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا} [النبأ:18-20] الآيات، {فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ} واهيةٌ ضعيفةٌ بعدَ أنْ كانَتْ شديدةً، {سَبْعًا شِدَادًا} [النبأ:12]، {فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ}.

{وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا} الملَكُ اسمُ جنسٍ للملائكةِ، والملائكةُ على أرجاءِ السَّماءِ أي: في نواحيها، {وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} دلَّتِ الآثارُ على أنَّ العرشَ تحملُه أربعةُ أملاكٍ، لكن يوم القيامةِ يحملُه ثمانيةٌ {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ}

{يَوْمَئِذٍ} أي: في ذلكَ الوقتِ {تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ} يُعرَضونَ على اللهِ، فيحاسبُهم ويخاطبُهم، يخاطبُ الرُّسلَ، ويخاطبُ الكفَّارَ، {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} [القصص:62]، {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} [المائدة:109]، {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ} واللهُ يعلمُ أحوالَ العبادِ في كلِّ زمانٍ، ولكن هذا فيه التَّهويلُ، فيهِ التَّرهيبُ، ففي ذلكَ اليوم تكونُ أحوالُهم معلومةً لربِّ العالمينَ {أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9) وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (10) إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ} [العاديات:9-11]

ثمَّ أخبرَ تعالى عن النَّاسِ في ذلك اليومِ وأنَّهم فريقان: فريقُ السُّعداءِ وفريقُ الأشقياءِ، فأمَّا السُّعداءُ فيُؤتونَ كتبَهم بأيمانِهم {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ} يجدُ فيه ما يسرُّهُ من الخيرِ والحسناتِ فيقولُ لأصحابِه وإخوانِه، أو يقولُ للملائكةِ، اللهُ أعلمُ، {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} يصيرُ إلى حياةٍ طيِّبةٍ ونعيمٍ مقيمٍ، هذه عاقبتُه.

{فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ} هذا تفسيرٌ لهذه العيشةِ، هذا تفسيرٌ للعيشةِ الرَّاضيةِ أنَّهُ {فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} جزاءً على ما قدَّمْتُم في الأيَّامِ الذَّاهبةِ، أيَّام الدُّنيا، وماذا أسلفَ فيها هؤلاء؟ أسلفُوا فيها الأعمالَ الصَّالحةَ من فعلِ الطَّاعاتِ وتركِ السَّيِّئات، من أنواعِ العباداتِ من صلاةٍ وصيامٍ وصدقةٍ وجهادٍ وغيرِ ذلك، {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ} أي: بسببِ ما أَسْلَفْتُمْ {فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} أيَّام الدُّنيا الَّتي ذهبَتْ.

 

(تفسيرُ السَّعديِّ)

– القارئ : بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، قالَ الشَّيخُ عبدُ الرَّحمنِ السَّعديُّ -رحمَهُ اللهُ تعالى- في تفسيرِ قولِ اللهِ تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ} الآياتِ:

لَمَّا ذكرَ تعالى ما فعلَهُ بالمكذِّبينَ لرسلِهِ وكيفَ جازاهم وعجَّلَ لهم العقوبةَ في الدُّنيا وأنَّ اللهَ نجَّى الرُّسلَ وأتباعَهم كانَ هذا مقدِّمةً للجزاءِ الأخرويِّ وتوفيةِ الأعمالِ كاملةً يومَ القيامةِ. فذكرَ الأمورَ الهائلةَ الَّتي تقعُ أمامَ القيامةِ، وأنَّ أوَّلَ ذلكَ أنَّهُ ينفخُ إسرافيلُ {فِي الصُّورِ} إذا تكاملَتِ الأجسادُ نابتةً. {نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ} فتخرجُ الأرواحُ فتدخلُ كلُّ روحٍ في جسدِها فإذا النَّاسُ قيامٌ لربِّ العالمينَ.

{وَحُمِلَتِ الأرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً}

– الشيخ : كأنَّ الشَّيخَ فسَّرَ النَّفخةَ هذه بالنَّفخة الثَّانية نفخة البعثِ {ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} [الزمر:68] والآيةُ مُحتَمَلَةٌ، واللهُ أعلمُ.

 

– القارئ : أي: فُتِّتَتِ الجبالُ واضمحلَّتْ وخُلِطَتْ بالأرضِ ونُسِفَتْ على الأرضِ فكانَ الجميعُ قاعًا صفصفًا لا ترى فيها عِوجًا ولا أمتًا. هذا ما يُصنَعُ بالأرضِ وما عليها.

وأمَّا ما يُصنَعُ بالسَّماءِ فإنَّها تضطربُ وتمورُ وتتشقَّقُ ويتغيَّرُ لونُها، وتَـهِيْ بعدَ تلكَ الصَّلابةِ والقوَّةِ العظيمةِ، وما ذاكَ إلَّا لأمرٍ عظيمٍ أزعجَها، وكربٍ جسيمٍ هائلٍ أوهاها وأضعفَها.

{وَالْمَلَكُ} أي: الملائكةُ الكرامُ {عَلَى أَرْجَائِهَا} أي: على جوانبِ السَّماءِ وأركانِها، خاضعينَ لربِّهم، مستكينينَ لعظمتِهِ.

{وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} أملاكٌ في غايةِ القوَّةِ إذا أتى للفصلِ بينَ العبادِ والقضاءِ بينَهم بعدلِهِ وقسطِهِ وفضلِهِ.

ولهذا قالَ: {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ} على اللهِ {لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ} لا مِن أجسادِكم وذواتِكم ولا مِن أعمالِكم وصفاتِكم، فإنَّ اللهَ تعالى عالمُ الغيبِ والشَّهادةِ.

ويحشرُ العبادَ حفاةً عراةً غُرلًا في أرضٍ مستويةٍ، يُسمعُهم الدَّاعي، وينفذُهم البصرُ، فحينئذٍ يجازيهم بما عملُوا، ولهذا ذكرَ كيفيَّةَ الجزاءِ، فقالَ:

{فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ} الآياتِ:

وهؤلاءِ هم أهلُ السَّعادةِ يُعطَونَ كتبَهم الَّتي فيها أعمالُهم الصَّالحةُ بأيمانِهم تمييزًا لهم وتنويهًا بشأنِهم ورفعًا لمقدارِهم، ويقولُ أحدُهم عندَ ذلكَ مِن الفرحِ والسُّرورِ ومحبَّةِ أنْ يطَّلعَ الخلقُ على ما مَنَّ اللهُ عليهِ بهِ مِن الكرامةِ: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} أي: دونَكم كتابي فاقرؤُوهُ فإنَّهُ يبشرُ بالجنَّاتِ، وأنواعِ الكراماتِ، ومغفرةِ الذُّنوبِ، وسترِ العيوبِ.

والَّذي أوصلَني إلى هذهِ الحالِ، ما مَنَّ اللهُ بهِ عليَّ مِن الإيمانِ بالبعثِ والحسابِ، والاستعدادِ لهُ بالممكنِ مِن العملِ، ولهذا قالَ: {إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ} أي: أيقنْتُ فالظَّنُّ -هنا- بمعنى اليقينِ.

{فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} أي: جامعةٍ لما تشتهيهِ الأنفسُ، وتلذُّ الأعينُ

– الشيخ : الظَّنُّ يأتي في القرآنِ بمعنى العلمِ واليقينِ، كما في هذه الآيةِ، وكما في قولِهِ: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ} [البقرة:46]، وغيرِ ذلك، ويأتي بمعنى الشَّكِّ {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} [يونس:66] يعني: الاعتقادُ الَّذي لا أصلَ له ولا مستندَ له، فيجبُ الفرقُ بينَ الأمرينِ.

 

– القارئ : {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} أي: جامعةٍ لما تشتهيهِ الأنفسُ، وتلذُّ الأعينُ، وقد رضوها ولم يختارُوا عليها غيرَها.

{فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ} المنازلِ والقصورِ عاليةِ المحلِّ.

{قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ} أي: ثمرُها وجناها مِن أنواعِ الفواكهِ قريبةٌ، سهلةُ التَّناوُلِ على أهلِها، ينالُها أهلُها قيامًا وقعودًا ومتَّكئينَ.

ويُقالُ لهم إكرامًا: {كُلُوا وَاشْرَبُوا} أي: مِن كلِّ طعامٍ لذيذٍ، وشرابٍ شهيٍّ، {هَنِيئًا} أي: تامًّا كاملًا مِن غيرِ مُكدِّرٍ ولا مُنغِّصٍ.

وذلكَ الجزاءُ حصلَ لكم {بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأيَّامِ الْخَالِيَةِ} مِن الأعمالِ الصَّالحةِ مِن صلاةٍ وصيامٍ وصدقةٍ وحجٍّ وإحسانٍ إلى الخلقِ، وذكرٍ للهِ وإنابةٍ إليهِ، وتركِ الأعمالِ السَّيِّئةِ، فالأعمالُ جعلَها اللهُ سببًا لدخولِ الجنَّةِ ومادَّةً لنعيمِها وأصلًا لسعادتِها.

قالَ اللهُ تعالى: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ}

– الشيخ : إلى آخرِه، اللهُ المستعانُ، لا إله إلَّا الله.