الرئيسية/شروحات الكتب/كتاب الفرقان بين الحق والباطل/(36) فصل وأهل الضلال الذين فرقوا دينهم “قوله وحقيقته أن كل موجود فهو ممكن…”
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(36) فصل وأهل الضلال الذين فرقوا دينهم “قوله وحقيقته أن كل موجود فهو ممكن…”

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح كتاب (الفُرقان بينَ الحقِّ والباطلِ) لابن تيميّة
الدّرس السّادس والثّلاثون

***    ***    ***    ***
 
– القارئ:  الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ على نبيِّنا محمّدٍ، وعلى آلِه وصحبِه أجمعين، اللهمَّ متِّعْ شيخَنا على طاعتكِ، واغفرْ لنا وله وللمسلمين. قال ابنُ تيميةَ رحمهُ اللهُ تعالى:
وَحَقِيقَتُهُ أَنَّ كُلَّ مَوْجُودٍ فَهُوَ مُمْكِنٌ، لَيْسَ فِي الْوُجُودِ مَوْجُودٌ بِنَفْسِهِ، مَعَ أَنَّهُمْ جَعَلُوا هَذَا طَرِيقًا لِإِثْبَاتِ الْوَاجِبِ بِنَفْسِهِ.
– الشيخ: على أيَّ حالٍ، القولُ أنَّ كلَّ موجودٍ فهو ممكنٌ هذا ما هو بصحيحٍ، بل الوُجودُ ينقسمُ إلى واجبٍ ومُمكِن، الوُجودُ ينقسمُ إلى واجبٍ ومُمكن، فوجودُ الكائناتِ، يعني جميعُ الكائناتِ وجودُها الصحيحُ أنَّه ممكنٌ، فالوُجودُ الواجبُ هو وجودُ الرَّبّ سبحانَه وتعالى، والوجودُ المُمكِنُ هو وجودُ المخلوقاتِ، فتقولُ: كلُّ مخلوقٍ فهوَ مُحدَثٌ، وكلُّ مُحدَثٍ فهو مُمْكِنٌ، هذا الصحيحُ؛ لأن يقولون: إنَّ المُحدَثَ ليس بواجبٍ ولا مُمتنِع، المُمكنُ أو المُحدَثُ ليس بواجبٍ ولا مُمْتنِعٍ، فوُجودُه ينفي امتناعَه، ينفي امتناعَه؛ إذ لو كان مُمْتنِعًا لَمَا وُجِدَ، وحُدوثُه ينفي وُجوبَه؛ لأنَّ الحُدوث يسبِقُه العدمُ، فالمُحدَثُ ليس بواجبٍ ولا مُمتنِعٍ، فوُجودُه ينفي امتِنَاعَه، وحُدوثُه ينفي وجوبَه.
 
– القارئ: مَعَ أَنَّهُمْ جَعَلُوا هَذَا طَرِيقًا لِإِثْبَاتِ الْوَاجِبِ بِنَفْسِهِ كَمَا يَجْعَلُ أُولَئِكَ هَذَا طَرِيقًا لِإِثْبَاتِ الْقَدِيمِ، وَكِلَاهُمَا يُنَاقِضُ ثُبُوتَ الْقَدِيمِ وَالوَاجِبِ.
– الشيخ: وَكِلَاهُمَا يُنَاقِضُ، نعم وجود، وكلاهما ينافي.
– القارئ: وَكِلَاهُمَا يُنَاقِضُ ثُبُوتَ الْقَدِيمِ وَالْوَاجِبِ فَلَيْسَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا إثْبَاتُ قَدِيمٍ وَلَا وَاجِبٍ بِنَفْسِهِ؛ مَعَ أَنَّ ثُبُوتَ مَوْجُودٍ قَدِيمٍ وَوَاجِبٍ بِنَفْسِهِ مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ؛ وَلِهَذَا صَارَ حُذَّاقُ هَؤُلَاءِ إلَى أَنَّ الْمَوْجُودَ الْوَاجِبَ وَالْقَدِيمَ هُوَ الْعَالَمُ بِنَفْسِهِ وَقَالُوا…
– الشيخ: نفْسُه.. عندك أيش؟
– القارئ: هُوَ الْعَالَمُ بِنَفْسِهِ
– الشيخ: يظهر
– القارئ: وقالوا: هُوَ اللَّهُ. وَأَنْكَرُوا أَنْ يَكُونَ لِلْعَالَمِ رَبٌّ مُبَايِنٌ لِلْعَالَمِ؛ إذْ كَانَ..
– الشيخ:
هذا كأنَّه مذهبُ الاتِّحادِيَّةِ، العالَم هو اللهُ، فما ثمَّ شيئانِ، وكلمةُ حُذَّاقِهم هذه؛ يعني أنّهم لما رأوا أنَّها طريقُة المُتكلِّمينَ والفلاسفةِ أنَّها غيرُ سَديدةٍ لا تُوصلُ إلى إثباتِ الواجبِ ولا إثباتِ القَديمِ قالوا: خَلاصُ هذ العالَمِ هو الواجبُ بنفسِه وهو قديمٌ، العالَمُ كلُّه ما في شيء، وقالوا: -شوف عبارة الشيخ- وقالوا: هو اللهُ، نَفْسُ العالَمِ هو اللهُ، الرَّبُّ عبدٌ والعبدُ ربٌّ، والعبدُ رَبٌّ، هؤلاءِ أصحابُ وحدةِ الوجودِ، وربما يُقالُ لهم: الاتِّحادِيَّةُ، والآن أيش حُذَّاقُهم أيش يقول، حُذَّاقُهم هذي ما، يعني ليس فيها تزكيةٌ، بس بيان أنَّهم أدركوا ما عند هؤلاءِ من التَّناقضِ فلجأوا إلى قولٍ هو أقبحُ وأكفرُ، قولُ الاتِّحاديَّةِ هو أكفرُ مذاهبِ هذه الطَّوائِفِ.
 
– القارئ: وَأَنْكَرُوا أَنْ يَكُونَ لِلْعَالَمِ رَبٌّ مُبَايِنٌ لِلْعَالَمِ؛ إذْ كَانَ ثُبُوتُ الْقَدِيمِ الْوَاجِبِ بِنَفْسِهِ لَا بُدَّ مِنْهُ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ، وَفِرْعَوْنُ وَنَحْوُهُ مِمَّنْ أَنْكَرَ الصَّانِعَ؛ مَا كَانَ يُنْكِرُ هَذَا الْوُجُودَ الْمَشْهُودَ. فَلَمَّا كَانَ حَقِيقَةُ قَوْلِ أُولَئِكَ يَسْتَلْزِمُ أَنَّهُ لَيْسَ مَوْجُودٌ قَدِيمٌ وَلَا وَاجِبٌ، لَكِنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ أَنَّ هَذَا يَلْزَمُهُمْ؛ بَلْ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ أَقَامُوا الدَّلِيلَ عَلَى إثْبَاتِ الْقَدِيمِ الْوَاجِبِ بِنَفْسِهِ، وَلَكِنْ وَصَفُوهُ بِصِفَاتِ الْمُمْتَنِعِ فَقَالُوا: لَا دَاخِلَ الْعَالَمَ وَلَا خَارِجَهُ وَلَا هُوَ صِفَةٌ وَلَا مَوْصُوفٌ، وَلَا يُشَارُ إلَيْهِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الصِّفَاتِ السَّلْبِيَّةِ الَّتِي تَسْتَلْزِمُ عَدَمَهُ، وَكَانَ هَذَا مِمَّا تَنْفِرُ عَنْهُ الْعُقُولُ وَالْفِطَرُ، وَيُعْرَفُ أَنَّ هَذَا صِفَةُ الْمَعْدُومِ الْمُمْتَنِعِ لَا صِفَةُ الْمَوْجُودِ، فَدَلِيلُهُمْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ يَسْتَلْزِمُ أَنَّهُ مَا ثَمَّ قَدِيمٌ وَلَا وَاجِبٌ وَلَكِنْ ظَنُّوا أَنَّهُمْ أَثْبَتُوا الْقَدِيمَ وَالْوَاجِبَ.
– الشيخ: يعني وضحَ أنَّهم من مذهبِ التّعطيلِ يهدِفُون إلى إثباتِ الواجبِ، الفلاسفةُ والمُتكلِّمونَ يُثبِتونَ القديمَ، يُعبِّرونَ هكذا، فمع نَفيهم لجميعِ الصِّفاتِ لا يُثبِتونَ حينئذ واجبًا ولا قديمًا؛ لأنَّ نفيَ جميعِ الصفاتِ يستلزمُ نفيَ الذَّاتِ، فإذا قالوا إنَّه، يكفي كلمة إنّه لا داخلَ العالمِ ولا خارجَه، هل يُتصوَّرُ موجودٌ لا داخلَ العالمِ ولا خارجَه؟! موجودٌ لا داخلَ العالمِ ولا خارجَه! هذا الوصفُ لا يَصْدقُ إلَّا على المعدومِ، سبحانَ اللهِ العظيمِ!، نعوذُ باللهِ من تلبيسِ الشيطانِ، لا داخلَ العالَمِ، والغُلاةُ الآخرونَ مثل الباطنيةِ يقولون: لا داخلَ العالمِ ولا خارجَه، ولا موجودٌ ولا معدومٌ، ولا قائمٌ بنفسِه ولا قائمٌ بغيرِه. هذا كلُّه يستلزمُ أنَّه معدومٌ، بل يستلزمُ قولُ الباطنيةِ أنَّه ممتنعُ الوجودِ، فمن يقول: اللهُ موجودٌ لكنْ لا داخلَ العالَمِ ولا خارجَه، في الحقيقةِ كلامُه هذا يساوي أنَّه موجودٌ معدومٌ؛ لأنَه يقولُ: اللهُ موجودٌ لا داخلَ العالَمِ ولا خارجَه، إذًا: العبارةُ تتضمنُ أنَّه موجودٌ معدومٌ. نعم، سبحانَ اللهِ.
 
– القارئ: فَدَلِيلُهُمْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ يَسْتَلْزِمُ أَنَّهُ مَا ثَمَّ قَدِيمٌ وَلَا وَاجِبٌ، وَلَكِنْ ظَنُّوا أَنَّهُمْ أَثْبَتُوا الْقَدِيمَ وَالْوَاجِبَ، وَهَذَا الَّذِي أَثْبَتُوهُ هُوَ مُمْتَنِعٌ؛ فَمَا أَثْبَتُوا قَدِيمًا وَلَا وَاجِبًا.
فَجَاءَ آخَرُونَ مِنْ جهميتهم فَرَأَوْا هَذَا مُكَابَرَةً وَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِ الْقَدِيمِ وَالْوَاجِبِ؛ فَقَالُوا: هُوَ هَذَا الْعَالَمُ فَكَانَ.

– الشيخ: هذا هو اللي عبَّرَ عنهم بالحُذاقِ، فجاءَ..
– القارئ: فَجَاءَ آخَرُونَ مِنْ جهميتهم فَرَأَوْا هَذَا..
– الشيخ: هؤلاءِ هم اللي قال عنهم: مِن حُذَّاقِهم، نعم، وهم الاتِّحَاديَّة، نعم.
– القارئ: فَرَأَوْا هَذَا مُكَابَرَةً وَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِ الْقَدِيمِ وَالْوَاجِبِ فَقَالُوا: هُوَ هَذَا الْعَالَمُ، فَكَانَ قُدَمَاءُ الجهمية يَقُولُونَ: إنَّهُ بِذَاتِهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَهَؤُلَاءِ قَالُوا: هُوَ عَيْنُ الْمَوْجُودَاتِ، وَالْمَوْجُودُ الْقَدِيمُ الْوَاجِبُ هُوَ نَفْسُ الْمَوْجُودِ الْمُحْدَثِ الْمُمْكِنِ، وَالْحُلُولُ هُوَ الَّذِي أَظَهَرَتْهُ الجهمية لِلنَّاسِ حَتَّى عَرَفَهُ السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ وَرَدُّوهُ، وَأَمَّا حَقِيقَةُ قَوْلِهِمْ فَهُوَ النَّفْيُ؛ أَنَّهُ لَا دَاخِلَ الْعَالَمِ وَلَا خَارِجَهُ، وَلَكِنَّ هَذَا لَمْ تَسْمَعْهُ الْأَئِمَّةُ وَلَمْ يَعْرِفُوا أَنَّهُ قَوْلُهُمْ إلَّا مِنْ بَاطِنِهِمْ؛ وَلِهَذَا كَانَ الْأَئِمَّةُ يَحْكُونَ عَنْ الجهميةِ أَنَّهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَيَحْكُونَ عَنْهُمْ وَصْفَهُ بِالصِّفَاتِ السَّلْبِيَّةِ، وَشَاعَ عِنْدَ النَّاسِ أَنَّ الجَهميَّة يَصِفُونَهُ بِالسُّلُوبِ؛ حَتَّى قَالَ أَبُو تَمَّامٍ: جهميّةُ الْأَوْصَافِ إلَّا أَنَّهَا قَدْ حُلِّيَتْ بِمَحَاسِنِ الْأَشْيَاءِ.
وَهُمْ لَمْ يَقْصِدُوا نَفْيَ الْقَدِيمِ وَالْوَاجِبِ فَإِنَّ هَذَا لَا يَقْصِدُهُ أَحَدٌ مِنْ الْعُقَلَاءِ لَا مُسْلِمٌ وَلَا كَافِرٌ؛ إذْ كَانَ خِلَافَ مَا يَعْلَمُهُ كُلُّ أَحَدٍ بِبَدِهيَّةِ عَقْلِهِ؛ فَإِنَّهُ إذَا قُدِّرَ أَنَّ جَمِيعَ الْمَوْجُودَاتِ حَادِثَةٌ عَنْ عَدَمٍ لَزِمَ أَنَّ كُلَّ الْمَوْجُودَاتِ حَدَثَتْ بِأَنْفُسِهَا، وَمِنْ الْمَعْلُومِ بِبَدَاهَةِ الْعُقُولِ أَنَّ الْحَادِثَ لَا يَحْدُثُ بِنَفْسِهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ [الطور:35]، وَقَدْ قِيلَ: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ [الطور:35]، مِنْ غَيْرِ رَبٍّ خَلَقَهُمْ، وَقِيلَ: مِنْ غَيْرِ مَادَّةٍ، وَقِيلَ: مِنْ غَيْرِ عَاقِبَةٍ وَلا جَزَاءٍ، وَالْأَوَّلُ مُرَادٌ قَطْعًا؛ فَإِنَّ كُلَّ مَا خُلِقَ مِنْ مَادَّةٍ أَوْ لِغَايَةِ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ خَالِقٍ. وَمَعْرِفَةُ الْفِطَرِ أَنَّ الْمُحْدَثَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُحْدِثٍ أَظْهَرُ فِيهَا مِنْ أَنَّ كُلَّ مُحْدَثٍ…
– الشيخ: كلَّ مُحدَثٍ.

– القارئ: أَظْهَرُ فِيهَا.
– الشيخ: أنَّ كلَّ مُحدَثٍ، نعم.
– القارئ: أحسنَ اللهُ إليكم، أَظْهَرُ فِيهَا مِنْ أَنَّ كُلَّ مُحْدِثٍ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مَادَّةٍ خُلِقَ مِنْهَا وَغَايَةٍ خُلِقَ لَهَا؛ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْعُقَلَاءِ نَازَعَ فِي هَذَا وَهَذَا وَلَمْ يُنَازِعْ فِي الْأَوَّلِ. طَائِفَةٌ قَالَتْ: إنَّ هَذَا الْعَالَمَ حَدَثَ مِنْ غَيْرِ مُحْدِثٍ أَحْدَثَهُ، بَلْ مِنْ الطَّوَائِفِ مَنْ قَالَ: إنَّهُ قَدِيمٌ بِنَفْسِهِ.
– الشيخ:
لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، ظهرَ في مَلاحدةِ هذا العصرِ من الكَفَرةِ يتكلَّمونَ عنه، لكن هؤلاءِ يخرجونَ عن دائرةِ العقلِ، يقولون: حدثَ صُدفةً، يقولونَ بالصُّدفةِ، خروجٌ، انْسِلاخٌ من العقلِ، ويتكلَّمونَ عن أصلِ وجودِ هذه المخلوقاتِ، يقولون: حصلَ انفجارٌ، الانفجارُ العظيمُ الذي حصلَ يعني تولَّدت عنه هذه الأَجْرامُ، خيالٌ، من أين لهم؟! وشاعَ الآن، ومن المُؤسِفِ أنَّ بعضَ ما يتصلُ بهذا يُدرَّس لأولادنا في المدارسِ، ومثل الكلامِ في خلقِ الأرضِ وخلقِ السماءِ، وتقديرِ بدايةِ هذا العالمِ بالملايينَ بل بألوفِ الملايين، أنا ممّا أقولُ: يقولون عن الأرضِ أنَّها يعني مُنفصِلةٌ عن الشَّمسِ يعني قطعة، هذا تدرُسوه، أنتم درستُم، واللي دَرَسَ، درستْم يا شباب؟.. إنَّ الأرضَ قطعةٌ من الشمسِ؟
– طالب: حدوثُ الانفجارِ الكبيرِ.
– الشيخ: أيوا، الانفجارُ الكبيرُ، المقصودُ قطعةٌ من الشمسِ، وهذا يعني منذ أربعةِ آلافِ مليونِ سنةٍ وخمسمائةِ مليون، شوف انتبه للكسرِ!
– طالب: نعم
– الشيخ: الحمدُ للهِ، هذا يُوجبُ لنا أن نقولَ: يا مُقلِّبَ القلوبِ ثبِّتْ قُلُوبنَا على دِينِك.. يا سلام سلِّمْ، هذه أقوالُ الملاحدةِ الزنادقةُ يعني اللي تكلّمَ عنهم الشيخُ، هؤلاءِ أحسنُ حالًا منهم، آمنتُ باللهِ ورسولِه، أعوذُ باللهِ.
– طالب:  حتى الجِبالُ بعضُهم يذكرُ أنَّها بعواملِ التَّعريةِ من خلالِ آلافِ السنينَ تكوَّنَتْ.
– الشيخ: لا، ما هي آلاف السنين، آلاف أيش؟! لا، قل: ملايين.
– طالب:  بل ملايين نعم.
– الشيخ: أي ما يَصْلُح.
– طالب:  واللهُ جلَّ وعلا يقول: والجِبالَ أرْسَاها [النازعات:32]
– الشيخ: لا إله إلا الله.
– طالب: أحسنَ اللهُ إليكم، مُناقضةٌ صَريحةٌ للنصوصِ، قولُهم بشُمُوسٍ كثيرةٍ، وتُدرَّسُ.
– الشيخ: لا لا شيء شيء هائل هائل، العلمُ هذا اللي يُسمّونَه علمَ الهيئةِ، وقد دخلَ على المسلمينَ بحسنِ نيَّةٍ، ويقولون لك: المجموعةُ الشمسيةُ التي نحن أرضنُا جزءٌ منها، ويُسمّونَ الشمسَ، ويسمّونَ الأرضَ يُسمُّونها كوكبًا، في كوكبنا نحن في كوكبٍ الآن، في كَوكَبٍ، سبحانَك! آمنتُ باللهِ.
المُصيبةُ العُظمى أنْ تُدرَّسَ هذه العلومُ، لا، وخُذْ ممَّا يتَّصلُ بهذا تقديرُهم الأبعادَ بيَّنَ الأجرامَ؛ بماذا؟ يُقدِّرُونه بالسير الضَّوئي، ويُقدِّرونَ المَسافاتِ بكذا آلافِ سنين ضوئية، هذا يتضمَّنُ أنَّ هذا العالمَ في هذا الفضاءِ المَوجودِ وبس، ما في، يعني حتى ما في سماوات هذا مضمونٌ قولهم، ما في سمواتٍ ينتهي إليها الفضاءُ القريبُ بين السماءِ والأرضِ، يا سَلَام سلِّمْ، نعم يا شيخ.
– طالب: الكوكبُ في لغةِ الأولينَ نجمٌ ولَّا يا شيخ؟
– الشيخ: إي، كوكبٌ ونجمٌ، إنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الكَواكِب [الصافات:6]
 
– القارئ: بَلْ مِنْ الطَّوَائِفِ مَنْ قَالَ: إنَّهُ قَدِيمٌ بِنَفْسِهِ وَاجِبٌ بِنَفْسِهِ لَيْسَ لَهُ صَانِعٌ، وَأَمَّا أَنْ يَقُولَ: إنَّهُ مُحْدَثٌ حَدَثَ بِنَفْسِهِ بِلَا صَانِعٍ؛ فَهَذَا لَا يُعْرَفُ عَنْ طَائِفَةٍ مَعْرُوفَةٍ؛ وَإِنَّمَا يُحْكَى عَمَّنْ لَا يُعْرَفُ. وَمِثْلُ هَذَا الْقَوْلِ…
– الشيخ: يُحْكَى عَمَّنْ لَا يُعْرَفُ، لكنَّ الظَّاهرَ أنَّ هذا الذي لا يعرفُ أنَّهم الآن هم الذين برزوا في المجالِ الفكريِّ كما يقولون، نعم، قف على هذا يا شيخ عبد الرحمن، طالَ المقالُ عندَكَ أيش؟
– القارئ: وَمِثْلُ هَذَا الْقَوْلِ وأمثاله، أكمِّل يا شيخ؟
– الشيخ: إي إي، كمّلْ، نعم.
– القارئ: وَمِثْلُ هَذَا الْقَوْلِ وَأَمْثَالِهِ يَقُولُهُ مَنْ يَقُولُهُ مِمَّنْ حَصَلَ لَهُ فَسَادٌ فِي عَقْلِهِ صَارَ بِهِ إلَى السَّفْسَطَةِ، وَالسَّفْسَطَةُ تَعْرِضُ لآحادِ النَّاسِ، وَفِي بَعْضِ الْأُمُورِ.
– الشيخ: لا لا، تُعرفُ لبعضِ النَّاسِ، أو تُعرَفُ من بعضِ النَّاسِ، نعم، يعني ما في طائفة، يُريد يقول: ما في طائفة يعني تعتنقُ السَّفْسَطَةَ.
– القارئ: أحسنَ اللهُ إليكم، تُعْرَفُ
– طالب: تَعْرِضُ.
– الشيخ: تَعْرِضُ صَحْ، تَعْرِضُ صَحِيح، نعم.
– القارئ: تَعْرِضُ لِآحَادِ النَّاسِ وَفِي بَعْضِ الْأُمُورِ؛ وَلَكِنْ أُمَّةٌ مِنْ الْأُمَمِ كُلُّهُمْ سَفسَاطَيَّةٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ هَذَا لَا يُتَصَوَّرُ؛ فَلِهَذَا لَا يُعْرَفُ عَنْ أُمَّةٍ مِنْ الْأُمَمِ أَنَّهُمْ قَالُوا بِحُدُوثِ الْعَالَمِ مِنْ غَيْرِ مُحْدِثٍ. وَهَؤُلَاءِ لَمَّا اعْتَقَدُوا أَنَّ كُلَّ مَوْصُوفٍ أَوْ..
– الشيخ: لكنه، لكنه استفْحَلَ، يعني يوجدُ في فكرِ بعض الذين عَرَضَت لهم هذه الخَيَالات، يعني كون المُحدَث أو الحادِث يحدُث من غيرِ مُحدِث، هذا لا يُعقَلُ.
 
– القارئ: وَهَؤُلَاءِ لَمَّا اعْتَقَدُوا أَنَّ كُلَّ مَوْصُوفٍ أَوْ كُلَّ مَا قَامَتْ بِهِ صِفَةٌ أَوْ فِعْلٌ بِمَشِيئَتِهِ فَهُوَ مُحْدَثٌ وَمُمْكِنٌ؛ لَزِمَهُمْ الْقَوْلُ بِحُدُوثِ كُلِّ مَوْجُودٍ؛ إذْ كَانَ الْخَالِقُ جَلَّ جَلَالُهُ مُتَّصِفًا بِمَا يَقُومُ بِهِ مِنْ الصِّفَاتِ وَالْأُمُورِ الاختياريات؛ مِثْلَ أَنَّهُ مُتَكَلِّمٌ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ، وَيَخْلُقُ مَا يَخْلُقُهُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ؛ لَكِن هَؤُلَاءِ اعْتَقَدُوا انْتِفَاءَ هَذِهِ الصِّفَاتِ عَنْهُ؛ لِاعْتِقَادِهِمْ صِحَّةَ الْقَوْلِ بِأَنَّ مَا قَامَتْ بِهِ الصِّفَاتُ وَالْحَوَادِثُ فَهُوَ حَادِثٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْلُو مِنْ الْحَوَادِثِ، وَمَا لَمْ يَخْلُ مِنْ الْحَوَادِثِ فَهُوَ حَادِثٌ، وَإِذَا كَانَ حَادِثًا كَانَ لَهُ مُحْدِثٌ قَدِيمٌ، وَاعْتَقَدُوا أَنَّهُمْ أَثْبَتُوا الرَّبَّ، وَأَنَّهُ ذَاتٌ مُجَرَّدَةٌ عَنْ الصِّفَاتِ، وَوُجُودُهُ مُطْلَقٌ لَا يُشَارُ إلَيْهِ وَلَا يَتَعَيَّنُ، وَيَقُولُونَ: هُوَ بِلَا إشَارَةٍ وَلَا تَعْيِينٍ. وَهَذَا الَّذِي أَثْبَتُوهُ لَا حَقِيقَةَ لَهُ فِي الْخَارِجِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي الذِّهْنِ؛ فَكَانَ مَا أَثْبَتُوهُ وَاعْتَقَدُوا أَنَّهُ الصَّانِعُ لِلْعَالَمِ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ فِي الْأَذْهَانِ لَا فِي الْأَعْيَانِ، وَكَانَ حَقِيقَةُ قَوْلِهِمْ تَعْطِيلَ الصَّانِعِ؛ فَجَاءَ إخْوَانُهُمْ فِي أَصْلِ الْمَقَالَةِ وَقَالُوا: هَذَا الْوُجُودُ الْمُطْلَقُ الْمُجَرَّدُ…
– الشيخ: هذا نفسُه، الكلامُ متواصلٌ، هو متصلٌ كلامُ الشيخِ.
– القارئ:  سطرٌ واحدٌ يا شيخ ونقف؛ لأنَّه قال: وقال آخرون…
– الشيخ:
طيّب.
– القارئ: فَجَاءَ إخْوَانُهُمْ فِي أَصْلِ الْمَقَالَةِ وَقَالُوا: هَذَا الْوُجُودُ الْمُطْلَقُ الْمُجَرَّدُ عَنْ الصِّفَاتِ هُوَ الْوُجُودُ السَّارِي فِي الْمَوْجُودَاتِ؛ فَقَالُوا بِحُلُولِهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ.
– الشيخ: أحسنت، نعم الكبير، نعم.
– طالب: أحسنَ اللهُ إليكم، الذين يقولون أنَّ اللهَ هو عَيْنُ المَوجُوداتِ، أنْكَروا اللهَ سبحانَه وتعالى؟
– الشيخ: أجل ما أنكروا؟! بس [لكن] مو [ليس] إنكار صريح، قالوا: ما في اللهِ ما في، لا، هذا العالَم هو، أكبرُ من هذا..
 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :