الرئيسية/شروحات الكتب/كتاب الفرقان بين الحق والباطل/(38) فصل وأهل الضلال الذين فرقوا دينهم “قوله إنه يمتنع عدم الجسم”
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(38) فصل وأهل الضلال الذين فرقوا دينهم “قوله إنه يمتنع عدم الجسم”

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح كتاب (الفُرقان بينَ الحقِّ والباطلِ) لابن تيميّة
الدّرس الثّامن والثّلاثون

***    ***    ***    ***

– القارئ:  الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلَّمَ وباركَ على نبيِّنا محمدٍ، وآله وصحبه أجمعين، اللهمَّ متِّعْ شيخَنا على طاعتك واغفر لنا وله وللمسلمين. قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ رحمنا اللهُ وإياهُ ووالدِينا والمسلمين:

وَهُمْ يَقُولُونَ: إنَّهُ يَمْتَنِعُ عَدَمُ الْجِسْمِ، وَعِنْدَهُمْ أَنَّ الْبَارِيَ يَقُومُ بِهِ إحْدَاثُ الْمَخْلُوقَاتِ وَإِفْنَاؤُهَا. فَالْحَوَادِثُ الَّتِي تَقُومُ بِهِمْ تَقُومُ بِهِ؛ لَوْ أَفْنَاهُم لَقَامَ بِهِ الْإِحْدَاثُ وَالْإِفْنَاءُ؛ فَكَانَ قَابِلًا لِأَنْ يَحْدُثَ فِيهِ حَادِثٌ وَيَفْنَى ذَلِكَ الْحَادِثُ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَخْلُ مِنْ إحْدَاثٍ وَإِفْنَاءٍ؛ فَلَمْ يَخْلُ مِنْ الْحَوَادِثِ، وَمَا لَمْ يَخْلُ مِنْهَا فَهُوَ حَادِثٌ.

– الشيخ: أعوذ بالله، نسأل الله العافية، أعد مرة أخرى، وهم يقولون.

– القارئ: وهم يقولون: إنّه يمتنعُ عدمُ الجسمِ، وعندَهم.

– الشيخ: وهم يقولون: إنَّه يمتنعُ عدمُ الجسمِ. فيه إشكال، نعم، يمتنعُ عنه الجسمُ، أيش بعدَه؟

– القارئ: وَعِنْدَهُمْ أَنَّ الْبَارِيَ يَقُومُ بِهِ إحْدَاثُ الْمَخْلُوقَاتِ وَإِفْنَاؤُهَا؛ فَالْحَوَادِثُ الَّتِي تَقُومُ بِهِ..

– الشيخ: لا، ما يستقيم، ما أدري كأنَّ المناسبَ، يقول: وعندَهم، أيش أعد..

– القارئ: وَعِنْدَهُمْ أَنَّ الْبَارِيَ يَقُومُ بِهِ إحْدَاثُ..

– الشيخ: لا يقومُ، هذا المناسبُ، لا يقومُ، لعلَّه: لا يقومُ، نعم.

– القارئ: وَعِنْدَهُمْ أَنَّ الْبَارِيَ لا يَقُومُ بِهِ إحْدَاثُ الْمَخْلُوقَاتِ وَإِفْنَاؤُهَا. فَالْحَوَادِثُ الَّتِي تَقُومُ بِهِم تقومُ به، لَوْ أَفْنَاهَا لَقَامَ بِهِ الْإِحْدَاثُ وَالْإِفْنَاءُ.

– الشيخ: أعدْ أعد الجملةَ مرّةً أخرى، وعندَهم.

– القارئ: وَعِنْدَهُمْ أَنَّ الْبَارِيَ لا يَقُومُ بِهِ إحْدَاثُ الْمَخْلُوقَاتِ وَإِفْنَاؤُهَا.

– الشيخ: أيوا.

– القارئ: فَالْحَوَادِثُ الَّتِي تَقُومُ بِهِم…

– الشيخ: فإنَّه، فإنَّه، نعم.

– القارئ: فالحوادثُ

– الشيخ: فإنَّه، فإنَّه يلزَمُ، فإنَّه يلزَمُ، اقرأها كذا بس لفهمِ المعنى، فإنَّهُ يلزَمُ.

– القارئ: أن تقومَ بهم

– الشيخ: فإنَّه يلزمُ، اقرأْ لنشوف

– القارئ: فالحوادثُ..

– الشيخ: فإنه يلزم أنَّ الحوادث.

– القارئ: نعم، فإنَّه يلزمُ أنَّ الحوادثَ…

– الشيخ: الَّتِي تَقُومُ بِهِم تقومُ به، هذا معنى الكلام، فإنَّه يلزمُ أنَّ الحوادثَ الَّتِي تَقُومُ بِهِم تقُومُ به، عجيبٌ والله، كنّا قرأنا هذا في، قرأناهُ بس ما أدري.
 

– القارئ: وَعِنْدَهُمْ أَنَّ الْبَارِيَ لا يَقُومُ بِهِ إحْدَاثُ الْمَخْلُوقَاتِ وَإِفْنَاؤُهَا؛ فإنَّه يلزمُ أنَّ الحوادثَ الَّتِي تَقُومُ بِهِم تقوم به، لَوْ أَفْنَاهَا لَقَامَ بِهِ الْإِحْدَاثُ وَالْإِفْنَاءُ، فَكَانَ قَابِلًا لِأَنْ يَحْدُثَ فِيهِ حَادِثٌ وَيَفْنَى ذَلِكَ الْحَادِثُ. وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَخْلُ مِنْ إحْدَاثٍ وَإِفْنَاءٍ؛ فَلَمْ يَخْلُ مِنْ الْحَوَادِثِ.

– الشيخ: وَمَا لَمْ يَخْلُ مِنَ الحوادث

– القارئ: فَهُوَ حَادِثٌ

– الشيخ: فَهُوَ حَادِثٌ، طيب

– القارئ: وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْقَابِلَ لِلشَّيْءِ لَا يَخْلُو عَنْهُ وَعَنْ ضِدِّهِ كَمَا قَالَتْ الكُلَّابية؛ لَكِنَّ الْمُعْتَزِلَةَ يَقُولُونَ: السُّكُونُ ضِدُّ الْحَرَكَةِ فَالْقَابِلُ لِأَحَدِهِمَا لَا يَخْلُو عَنْهُ وَعَنْ الْآخَرِ.

وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: السُّكُونُ لَيْسَ بِضِدِّ وُجُودِي؛ بَلْ هُوَ عَدَمِيٌّ؛ وَإِنَّمَا الْوُجُودِيُّ هُوَ الْإِحْدَاثُ وَالْإِفْنَاءُ؛ فَلَوْ قَبْلَ قِيَامَ الْإِحْدَاثِ وَالْإِفْنَاءِ بِهِ لَكَانَ قَابِلًا لِقِيَامِ الْأَضْدَادِ الْوُجُودِيَّةِ، وَالْقَابِلُ لِلشَّيْءِ لَا يَخْلُو عَنْهُ وَعَنْ ضِدِّهِ. وَهَؤُلَاءِ لَمَّا…

– الشيخ: لَا يَخْلُو عَنْ الشيء، لَا يَخْلُو عَنْ الشيء، عنه وعن ضِدِّه

– القارئ: عنه وعن ضدِّه. وَهَؤُلَاءِ لَمَّا أَرَادَ مُنَازِعُوهُمْ إبْطَالَ قَوْلِهِمْ كَانَ عُمْدَتُهُمْ بَيَانَ تَنَاقُضِ أَقْوَالِهِمْ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو الْمَعَالِي وَأَتْبَاعُهُ، وَكَمَا ذَكَرَ الآمدي تَنَاقُضَهُمْ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ قَدْ ذُكِرَتْ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَغَايَتُهُمَا أَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى مُنَاقَضَتِهِمْ لَا عَلَى صِحَّةِ مَذْهَبِ الْمُنَازِعِ. وَثَمَّ طَائِفَةٌ كَثِيرَةٌ تَقُولُ: إنَّهُ تَقُومُ بِهِ الْحَوَادِثُ وَتَزُولُ، وَإِنَّهُ كَلَّمَ مُوسَى بِصَوْتٍ، وَذَلِكَ الصَّوْتُ عُدِم؛ وَهَذَا مَذْهَبُ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ مِنْ السَّلَفِ وَغَيْرِهِمْ، وَأَظُنُّ الكرَّامِيَّة لَهُمْ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ بِفَنَاءِ الصَّوْتِ الَّذِي كَلَّمَ بِهِ مُوسَى مِنْ جِنْسِ الْقَوْلِ بِقِدَمِهِ كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ مَنْ يَقُولُهُ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ مِنْ السَّالِميَّة وَغَيْرِهِمْ، وَمِنْ الْحَنْبَلِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ يَقُولُ: إنَّهُ كَلَّمَ مُوسَى بِصَوْتِ سَمِعَهُ مُوسَى؛ وَذَلِكَ الصَّوْتُ قَدِيمٌ، وَهَذَا الْقَوْلُ يُعْرَفُ فَسَادُهُ بِبَدِيهَةِ الْعَقْلِ، بِبَدِيهيَّةِ الْعَقْلِ.

وَكَذَلِكَ قَوْلُ مَنْ يَقُولُ: كَلَّمَهُ بِصَوْتٍ حَادِثٍ، وَأَنَّ ذَلِكَ الصَّوْتُ بَاقٍ لَا يَزَالُ هُوَ وَسَائِرُ مَا يَقُومُ بِهِ مِنْ الْحَوَادِثِ هِيَ أَقْوَالٌ يُعْرَفُ فَسَادُهَا بِالْبَدِيهَةِ.

وَإِنَّمَا أَوْقَعَ هَذِهِ الطَّوَائِفَ فِي هَذِهِ الْأَقْوَالِ ذَلِكَ الْأَصْلُ الَّذِي تَلَقَّوْهُ عَنْ الجهمية؛ وَهُوَ أَنَّ مَا لَمْ يَخْلُ مِنْ الْحَوَادِثِ فَهُوَ حَادِثٌ وَهُوَ بَاطِلٌ عَقْلًا وَشَرْعًا، وَهَذَا الْأَصْلُ فَاسِدٌ مُخَالِفٌ لِلْعَقْلِ وَالشَّرْعِ، وَبِهِ اسْتَطَالَتْ عَلَيْهِمْ الْفَلَاسِفَةُ الدَّهْرِيَّةُ، فَلَا لِلْإِسْلَامِ نَصَرُوا وَلَا لِعَدُوِّهِ كَسَرُوا؛ بَلْ قَدْ خَالَفُوا السَّلَفَ وَالْأَئِمَّةَ وَخَالَفُوا الْعَقْلَ وَالشَّرْعَ، وَسَلَّطُوا عَلَيْهِمْ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ عَدُوَّهُمْ مِنْ الْفَلَاسِفَةِ وَالدَّهْرِيَّةِ وَالْمَلَاحِدَةِ بِسَبَبِ غَلَطِهِمْ فِي هَذَا الْأَصْلِ الَّذِي جَعَلُوهُ أَصْلَ دِينِهِمْ، وَلَوْ اعْتَصَمُوا بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ لَوَافَقُوا الْمَنْقُولَ وَالْمَعْقُولَ وَثَبَتَ لَهُمْ الْأَصْلُ؛ وَلَكِنْ ضَيَّعُوا الْأُصُولَ فَحُرِمُوا الْوُصُولَ؛ وَالْأُصُولُ اتِّبَاعُ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ -صلَّى الله عليه وسلَّمَ-، وَأَحْدَثُوا أُصُولًا ظَنُّوا أَنَّهَا أُصُولٌ ثَابِتَةٌ؛ وَكَانَتْ كَمَا ضَرَبَ اللَّهُ الْمَثَلَيْنِ: مِثْلَ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرَةِ.

فَقَالَ فِي الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُنَافِقِينَ: أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ[التوبة:109]

وَقَالَ سبحانه: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ * يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ[إبراهيم:24-27]

وَالْأُصُولُ مَأخُوذَةٌ مِنْ أُصُولِ..

– الشيخ: إلى هُنا بس.

– القارئ: أحسنَ اللهُ إليكم.

– طالب: في قاعدةٌ في الحسبةِ.

– الشيخ: لا، اليوم مُؤجَّلة، نعم.

– طالب: أحسنَ اللهُ إليك، قولُه: بقولِهم بفَناءِ الصَّوتِ.. أقول: وإلّا قولهم بفناءِ الصوتِ الذي كلَّم به موسى من جِنسِ القولِ بالقِدمِ، عبارته… تستقيم. بعدمِ فناءِ الصوتِ.

– الشيخ: ما هي واضحةٌ واللهِ الآن، ما هي واضحةٌ، نعم. القولُ بالقِدَمِ وهو قولُ السَّالِميَّةِ ونحوِهم، وهو قولٌ باطلٌ، ثمَّ أنَّه نسبَ القولَ بفناءِ الصَّوتِ، يعني أنَّه نَسبَهُ لأهلِ السُّنَّةِ ولأهلِ الحديثِ، فقولُه أنَّه من جِنْسِ كذا، ما أدري والله.
 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :