الرئيسية/فتاوى/ما حكم اللحوم المستوردة من بلاد الكفار
file_downloadshare

ما حكم اللحوم المستوردة من بلاد الكفار

السؤال :

ما قول شيخنا عبد الرَّحمن بن ناصر البرَّاك في اللحوم المستوردة مِن بلاد الكفار؟ وما الذي يجوز أكله منها وما لا يجوز؟  أثابكم الله .

 

الحمدُ لله وحده، وصلَّى الله وسلَّم على مَن لا نبي بعده، أمَّا بعد :

فهذه مسألةٌ عظيمة اشتبهت على كثير مِن علماء العصر، وتباينت فيها مذاهبهم، وهي مسألة اللحوم المستوردة إلى بلاد المسلمين مِن بلاد الكفَّار مجمَّدة أو مبرَّدة أو معلَّبة مِن الدَّجاج والطّيور والبقر والغنم، وقد قسَّم العلماء تلك اللحوم أقسامًا بحسب أهل تلك البلاد في دينهم أو طريقتهم في التَّذكية على النحو الآتي:

– القسم الأول: الحرام البَيِّن، وهي اللحومُ المستوردة مِن بلاد لا تحلُّ ذبائحهم؛ كالشيوعيين، وكذا المستورد مِن بلاد أهل الكتاب؛ كاليهود والنصارى، الذين عُلم بالأخبار المستفيضة أنَّهم لا يُذكُّون التَّذكية الشَّرعية، بل يقتلون الحيوان بضربه أو خنقه أو بالصَّعق الكهربائي، فهذا النَّوع كذلك مِن الحرام البيِّن .

– القسم الثاني: الحلالُ البيِّن، وهو المستورد مِن بلاد أهل الكتاب مِن اليهود والنَّصارى، الذين عُلم أنَّهم يُذكُّونه بغير هذه الطَّرائق فهو حلال؛ لأنَّه مِن طعام أهل الكتاب الذي قال الله فيه: وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ [المائدة:5]، والمراد: ذبائحهم .

– القسم الثالث: المشكوكُ في مصدره، والمشكوكُ في تذكيته التَّذكية الشَّرعية، وهو المستورد ممَّن تحلُّ ذبائحُهم، فهذا هو الذي وقع فيه الخلاف بين المفتين في هذا العصر، فمنهم مَن يقطع بالتَّحريم، تغليبًا لجانب الحظر، كالشَّيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، والشَّيخ عبد الله بن محمد بن حميد، ومنهم مَن يغلِّب جانبَ الأصل، وهو حلُّ ذبائح أهل الكتاب، كشيخنا الشيخ عبد العزير بن باز، والشَّيخ محمد بن صالح العثيمين، رحم الله الجميع، ولكلٍّ منهم أدلَّة مفصَّلة في فتاواهم .

والذي يترجَّح عندي أنَّ المشكوك فيه مِن الذَّبائح لفقد شرطٍ مِن شروط الحلّ، هو حرام؛ لأنَّ الأصل في الحيوان التَّحريم إلا ما توفَّرت فيه شروطُ الحلِّ، وهي التَّذكية الشَّرعية ممَّن هو أهلٌ للذَّكاة، وهو المسلم والكتابي .

وحاصلُ القول أنَّ هذه اللحوم المستوردة التي في الأسواق الغالبُ عليها أن تكون مِن الحرام البيِّن أو المشكوك فيه؛ لأنَّها إمَّا مستوردة ممَّن لا تحلُّ ذبائحُهم كالشيوعين، أو ممَّن عُلِمت طرائقهم في الذَّكاة أنَّها غير شرعيَّة، ولو كانوا مِن أهل الكتاب .

وممَّا يقوي تحريم ذبائح اليهود والنَّصارى في هذا العصر: ما عُلِمَ مِن غلبة الإلحاد عليهم بترك دينهم، فيلتحقون بذلك بالملحدين كالشيوعيين، فعلى هذا لا تحلُّ ذبائحهم، ولو ذكَّوها ذكاة شرعيَّة، ويشبه ذلك اللحومُ المستوردة مِن بلاد إسلاميَّة غَلبَ على أهلها عبادة القبور؛ فإنَّها لا تحلُّ ذبائحُهم ولو انتسبوا إلى الإسلام، كالرَّافضة والبريلوية، وغيرهم مِن القبوريين .

والطَّريقُ الأقومُ للمسلم في هذا المقام العمل بقوله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «دَعْ مَا يُريبكَ إلى مَا لا يُريبكَ»، وقوله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «الحلالُ بيِّنٌ والحرامُ بيِّنٌ، وبينهما أمورٌ مُشتبهاتٌ لا يعلمها كثيرٌ مِن النَّاس؛ فمَن اتَّقى الشُّبهات فقد استَبْرَأ لدينِهِ وعرضِهِ»، والله أعلم، وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمَّد .