الرئيسية/شروحات الكتب/كتاب الفرقان بين الحق والباطل/(45) فصل وأهل الضلال الذين فرقوا دينهم “قوله وحقيقة قول الجهمية المعطلة”
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(45) فصل وأهل الضلال الذين فرقوا دينهم “قوله وحقيقة قول الجهمية المعطلة”

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح كتاب (الفُرقان بينَ الحقِّ والباطلِ) لابن تيميّة
الدّرس الخامس والأربعون

***    ***    ***    ***
 
– القارئ:  الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ على نبيِّنا محمّدٍ، وعلى آلِه وصحبِه أجمعين، اللهمَّ متِّعْ شيخَنا على طاعتِك واغفرْ لنا وله وللمسلمين. قال شيخُ الإسلامِ رحمنَا اللهُ وإيَّاهُ ووالدِينا والمسلمين:
وَحَقِيقَةُ قولِ الجهميّةِ الْمُعَطِّلَةِ هُوَ قَوْلُ فِرْعَوْنَ؛ وَهُوَ جَحْدُ الْخَالِقِ وَتَعْطِيلُ كَلَامِهِ وَدِينِهِ كَمَا كَانَ فِرْعَوْنُ يَفْعَلُ؛ فَكَانَ يَجْحَدُ الْخَالِقَ جَلَّ جَلَالُهُ وَيَقُولُ: مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إلَهٍ غَيْرِي [القصص:38]، وَيَقُولُ لِمُوسَى: قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ [الشعراء:29].
– الشيخ: لا إله إلا الله. يقولُ الشيخُ: حقيقةُ قولِ المُعطِّلةِ حقيقةُ قولِ فرعونَ؛ وهو النفيُ والجحدُ، لكن يعني فرقٌ بين حقيقةِ قولِهم يعني لازمَه ومضمونِه، … يقولُ: إنَّ قولَ المُعطِّلةِ هو قولُ فرعونَ وإلّا لما عُدُّوا من فِرَقَ المسلمين في الجملةِ، لكنْ نفيُ جميعِ الصفاتِ يستلزمُ نفيَ الذاتِ وهم يُقِرُّون بالخالقِ، لكنَّهم بنفيهم لجميعِ الصفاتِ يكون قولُهم هذا يستلزمُ تعطيلَ وجودِ الربِّ، ولذلك يقولُ الشيخُ في بعضِ المواضعِ: وينفونَ الأسماءَ والصفاتِ ويُعطِّلون الأسماءَ والصفاتِ تعطيلًا يستلزمُ نفيَ الذاتِ.
 
– القارئ: وَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى، وَكَانَ يُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ كَلَّمَ مُوسَى، أَوْ يَكُونَ لِمُوسَى إلَهٌ فَوْقَ السَّمَوَاتِ، وَيُرِيدُ أَنْ يُبْطِلَ عِبَادَةَ اللَّهِ وَطَاعَتَهُ وَيَكُونَ هُوَ الْمَعْبُودَ الْمُطَاعَ. فَلَمَّا كَانَ قَوْلُ الجهميةِ الْمُعَطِّلَةِ النفاةِ يَؤولُ إلَى قَوْلِ فِرْعَوْنَ

– الشيخ: يَؤولُ يَؤولُ لاحظ يَؤولُ، يَؤولُ إذا حقَّقَ فيه ونظرَ إلى لوازِمه يَؤولُ إلى قولِ فرعونَ.
 
– القارئ: فَلَمَّا كَانَ قَوْلُ الجهميةِ الْمُعَطِّلَةِ النفاةِ يَؤولُ إلَى قَوْلِ فِرْعَوْنَ؛ كَانَ مُنْتَهَى قَوْلِهِمْ إنْكَارَ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَإِنْكَارَ عِبَادَتِهِ، وَإِنْكَارَ كَلَامِهِ؛ حَتَّى ظَهَرُوا بِدَعْوَى التَّحْقِيقِ وَالتَّوْحِيدِ وَالْعِرْفَانِ؛ فَصَارُوا يَقُولُونَ: الْعَالَمُ هُوَ اللَّهُ.
– الشيخ: خلص، يعني بدايةُ الأمرِ نفيُ الصفاتِ ونفيُ الكلامِ وإلى آخرِه، وانتهى إلى قولِ الاتحاديّةِ، فالجهميةُ هم أصلُ الاتحاديّةِ، فالجهميةُ قالوا بالحلولِ، قالوا بالحلولِ وأنَّ اللهَ في كلِّ مكانٍ ونفوا عُلُوّ اللهِ.
والاتحاديّةُ قالوا بالاتحادِ، الله هو هذا الوجودُ كلُّه السماوات والأرضُ ومن فيهِنّ، كلّها هي هي واحد، شيءٌ واحدٌ، وجودُ الخالقِ هو وجودُ المخلوقِ، ووُجودُ المخلوقِ هو وُجودُ الخالقِ.
 
– القارئ: فَصَارُوا يَقُولُونَ: الْعَالَمُ هُوَ اللَّهُ، وَالْوُجُودُ وَاحِدٌ، وَالْمَوْجُودُ الْقَدِيمُ الْأَزَلِيُّ الْخَالِقُ هُوَ الْمَوْجُودُ الْمُحْدَثُ الْمَخْلُوقُ، وَالرَّبُّ هُوَ الْعَبْدُ، مَا ثَمَّ رَبٌّ وَعَبْدٌ وَخَالِقٌ وَمَخْلُوقٌ؛ بَلْ هُوَ عِنْدَهُمْ فُرْقَانٌ. وَلِهَذَا صَارُوا
– الشيخ: لأ لأ أيش؟ بل هو عندهم أيش؟
– القارئ: فُرْقَانٌ.
– الشيخ: آمنتُ باللهِ، ما في تعليق على الكلمةِ ذي؟
– القارئ: لا يا شيخنا
– الشيخ: بل هو عندَهم، غريبة، اقرأ الكلامَ قبلَها أيش هو؟
– القارئ: فَصَارُوا يَقُولُونَ: الْعَالَمُ هُوَ اللَّهُ، وَالْوُجُودُ وَاحِدٌ، وَالْمَوْجُودُ الْقَدِيمُ الْأَزَلِيُّ الْخَالِقُ هُوَ الْمَوْجُودُ الْمُحْدَثُ الْمَخْلُوقُ، وَالرَّبُّ هُوَ الْعَبْدُ.
– الشيخ: هو هو، يعني شيءٌ واحدٌ، العبدُ ربٌّ والربُّ عبدٌ، فليتَ شِعْري منِ المُكلَّفُ.
– القارئ: وَالرَّبُّ هُوَ الْعَبْدُ، مَا ثَمَّ رَبٌّ وَعَبْدٌ وَخَالِقٌ وَمَخْلُوقٌ؛ بَلْ هُوَ عِنْدَهُمْ فُرْقَانٌ.
– الشيخ: العكسُ الحقيقةُ، ما عندهم فُرقَان، فليس عندَهم فرقانٌ بس، اقرأها كذا، فليس عندَهم فُرقَانٌ بين الخالقِ والمخلوقِ؛ بل هو عندهم، بل ليس عندَهم فُرقَان.
– القارئ: وَالرَّبُّ هُوَ الْعَبْدُ مَا ثَمَّ رَبٌّ وَعَبْدٌ وَخَالِقٌ وَمَخْلُوقٌ؛ بَلْ ليس عِنْدَهُمْ فُرْقَانٌ.
– الشيخ: بَلْ ليس عِنْدَهُمْ فُرْقَانٌ، عندك؟
– القارئ: لا يا شيخ أنا على التعليق
– الشيخ: عندك العبارة بل، بل عندهم فُرْقَانٌ
– القارئ: نعم هو عند، بل هو عندهم فُرْقَانٌ، كذا العبارة.
– الشيخ: نعم بعده.

– القارئ: وَلِهَذَا صَارُوا يَعِيبُونَ عَلَى الْملائكة وَيُنْقِصُونَهُمْ، وَيَعِيبُونَ عَلَى نُوحٍ وَعَلَى إبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ وَغَيْرِهِمَا، وَيَمْدَحُونَ فِرْعَوْنَ، وَيُجَوِّزُونَ عِبَادَةَ جَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ.
– الشيخ: لعنةُ اللهِ على الكافرين، أعوذُ باللهِ.
– القارئ: وَجَمِيعِ الْأَصْنَامِ، وَلَا يَرْضَوْنَ بِأَنْ تُعْبَدَ الْأَصْنَامُ حَتَّى يَقُولُوا: إنَّ عُبَّادَ الْأَصْنَامِ لَمْ يَعْبُدُوا إلَّا اللَّهَ، وَأَنَّ اللَّهَ نَفْسَهُ هُوَ الْعَابِدُ وَهُوَ الْمَعْبُودُ، وَهُوَ الْوُجُودُ كُلُّهُ؛ فَجَحَدُوا الرَّبَّ وَأَبْطَلُوا دِينَهُ وَأَمْرَهُ وَنَهْيَهُ وَمَا أَرْسَلَ بِهِ رُسُلَهُ وَتَكْلِيمَهُ لِمُوسَى وَغَيْرِهِ. وَقَدْ ضَلَّ فِي هَذَا جَمَاعَةٌ لَهُمْ مَعْرِفَةٌ بِالْكَلَامِ وَالْفَلْسَفَةِ وَالتَّصَوُّفِ الْمُنَاسِبِ لِذَلِكَ؛ كَابْنِ سَبْعِينَ، وَالصَّدْرِ القونوي تِلْمِيذِ ابْنِ عَرَبِيٍّ، والبلياني، والتلمساني وَهُوَ مِنْ حُذَّاقِهِمْ عِلْمًا وَمَعْرِفَةً، وَكَانَ يُظْهِرُ الْمَذْهَبَ بِالْفِعْلِ؛ فَيَشْرَبُ الْخَمْرَ وَيَأتِي الْمُحَرَّمَاتِ.
– الشيخ: أعوذُ باللهِ، نسألُ اللهَ العافيةَ، وهم من، من أيش؟
– القارئ: وَهُوَ مِنْ حُذَّاقِهِمْ عِلْمًا وَمَعْرِفَةً.
– الشيخ: من حُذَّاقِهِمْ، الحَذَقُ ما فيه فضيلةٌ، الحذقُ صفةٌ محمودةٌ في ذاتِها لكنَّها مع الكفرِ والإلحادِ شرٌّ، كما يقولُ شيخُ الإسلامِ: أوتوا ذَكاءً وما أوتوا زَكاءً، زكاء، الذكاءُ بلا زكاءٍ هذا شرٌّ على صاحبِه، أعوذُ باللهِ، أوتوا ذكاءً وما أوتوا زكاءً، حُذَّاقٌ لكنَّهم فُسقاءُ خُبَثاءُ ملاحدةٌ.
 
– القارئ: وَحَدَّثَنِي الثِّقَةُ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِ "فُصُوصَ الْحِكَمِ" لِابْنِ عَرَبِيٍّ، وَكَانَ يَظُنُّهُ مِنْ كَلَامِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الْعَارِفِينَ، فَلَمَّا قَرَأَهُ رَآهُ يُخَالِفُ الْقُرْآنَ قَالَ فَقُلْت لَهُ: هَذَا الْكَلَامُ يُخَالِفُ الْقُرْآنَ، فَقَالَ: الْقُرْآنُ كُلُّهُ شِرْكٌ وَإِنَّمَا التَّوْحِيدُ فِي كَلَامِنَا. وَكَانَ يَقُولُ: ثَبَتَ عِنْدَنَا فِي الْكَشْفِ مَا يُخَالِفُ صَرِيحَ الْمَعْقُولِ. وَحَدَّثَنِي مَنْ كَانَ مَعَهُ وَمَعَ آخَرَ نَظِيرٍ لَهُ فَمَرَّا عَلَى كَلْبٍ أَجْرَبَ مَيِّتٍ بِالطَّرِيقِ عِنْدَ دَارِ الطُّعْمِ فَقَالَ لَهُ رَفِيقُهُ: هَذَا أَيْضًا هُوَ ذَاتُ اللَّهِ؟ فَقَالَ: وَهَلْ ثَمَّ شَيْءٌ خَارِجٌ عَنْهَا؟
– الشيخ: سبحانَكَ هذا بُهتانٌ، سبحانَ اللهِ وبحمدِه، سبحانَ اللهِ العظيمِ، لا إله إلا الله. ومع ذلك لهم من يُعظِّمُهم بالذكاءِ والتحقيقِ والمعرفةِ، هؤلاءِ الذين يُعرفُونَ بملاحدةِ الصوفيةِ، الصُّوفيةُ مراتب، على درجاتٍ، الصوفيةُ فيهم فضلاءُ وعقلاءُ وأئمةٌ وصالحونَ وأتقياءُ، وفيهم مُبتدعونَ ضالُّونَ، وفيهم دونَهم ودونَهم إلى أن ينتهي شرُّهم إلى هذه الحالةِ.
 
– القارئ: وَهَؤُلَاءِ حَقِيقَةُ قَوْلِهِمْ هُوَ قَوْلُ فِرْعَوْنَ؛ لَكِنَّ فِرْعَوْنَ مَا كَانَ يَخَافُ أَحَدًا فَيُنَافِقُهُ؛ فَلَمْ يُثْبِتِ الْخَالِقَ وَإِنْ كَانَ فِي الْبَاطِنِ مُقِرًّا بِهِ، وَكَانَ يَعْرِفُ أَنَّهُ لَيْسَ هُوَ إلَّا مَخْلُوقٌ؛ لَكِنَّ حُبَّ الْعُلُوِّ فِي الْأَرْضِ وَالظُّلْمِ دَعَاهُ إلَى الْجُحُودِ وَالْإِنْكَارِ، كَمَا قَالَ تعالى: فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ * وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ [النمل:13-14]. وَأَمَّا هَؤُلَاءِ فَهُمْ مِنْ وَجْهٍ يُنَافِقُونَ الْمُسْلِمِينَ؛ فَلَا يُمْكِنُهُمْ إظْهَارُ جُحُودِ الصَّانِعِ، وَمِنْ وَجْهٍ هُمْ ضُلَّالٌ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى حَقٍّ وَأَنَّ الْخَالِقَ هُوَ الْمَخْلُوقُ؛ فَكَانَ قَوْلُهُمْ هُوَ قَوْلَ فِرْعَوْنَ؛ لَكِنَّ فِرْعَوْنَ كَانَ مُعَانِدًا مُظْهِرًا لِلْجُحُودِ وَالْعِنَادِ، وَهَؤُلَاءِ إمَّا جُهَّالٌ ضُلَّالٌ، وَإِمَّا مُنَافِقُونَ مُبْطِنُونَ الْإِلْحَادَ وَالْجُحُودَ يُوَافِقُونَ الْمُسْلِمِينَ فِي الظَّاهِرِ. وَحَدَّثَنِي الشَّيْخُ عَبْدُ السَّيِّدِ
– الشيخ: لا إله إلا الله، سبحانَك هذا بهتانٌ عظيمٌ، آمنتُ باللهِ ورسولِه، آمنتُ باللهِ ورسولِه. لا شكَّ أنَّ المنافقيَن المتعمدينَ شرٌّ منهم؛ لكن ما يعني هذا أنَّ قولَ الشيخِ أنَّ منهم جهالًا ضلالًا إنَّهم، بس من حيث الموازنةِ هم أهونُ من أولئكَ وإلّا فليسوا ليس فيه يعني التهوينُ من أمرِهم أو عذرهم، كيف الخالقُ هو المخلوقُ، هذا منسلخٌ منَ العقلِ، منَ العقلِ والدِّينِ.
 
– القارئ: وَحَدَّثَنِي الشَّيْخُ عَبْدُ السَّيِّدِ -الَّذِي كَانَ قَاضِيَ الْيَهُودِ ثُمَّ أَسْلَمَ، وَكَانَ مِنْ أَصْدَقِ النَّاسِ، وَهو مِنْ خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ وَأَحْسَنِهِمْ إسْلَامًا.
شيخ في ترجمة له قال: وهو الشيخُ حسنُ الشيرازي، وقد..
– الشيخ: وهو الشيخ.
– القارئ: حسن الشيرازي.. وقد صرَّحَ شيخُ الإسلامِ باسمِه كما في الفتاوى. أي نعم.
– الشيخ: وش فيه؟
– القارئ: عذرًا عذرًا، قال يا شيخ: هو بهاءُ الدينِ عبدُ السيّدِ بن المهذّب.
– الشيخ: يعني أنت قرأتَ ترجمةً أخرى؟
– القارئ: أي خاطئة، عذرًا يا شيخ.
– الشيخ: طيّبْ تجاوزِ الاسمَ، مَشِّ.
 
– القارئ: وَهو مِنْ خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ وَأَحْسَنِهِمْ إسْلَامًا- أَنَّهُ كَانَ يَجْتَمِعُ بِشَيْخٍ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ الشَّرَفُ البلاسي يُطْلَبُ مِنْهُ الْمَعْرِفَةُ وَالْعِلْمُ. قَالَ: فَدَعَانِي إلَى هَذَا الْمَذْهَبِ فَقُلْت لَهُ: قَوْلُكُمْ يُشْبِهُ قَوْلَ فِرْعَوْنَ، قَالَ: وَنَحْنُ عَلَى قَوْلِ فِرْعَوْنَ. فَقُلْت لِعَبْدِ السَّيِّدِ وَاعْتَرَفَ لَك بِهَذَا؟ قَالَ نَعَمْ، وَكَانَ عَبْدُ السَّيِّدِ إذْ ذَاكَ قَدْ ذَاكَرَنِي بِهَذَا الْمَذْهَبِ، فَقُلْت لَهُ: هَذَا مَذْهَبٌ فَاسِدٌ وَهُوَ يَؤولُ إلَى قَوْلِ فِرْعَوْنَ، فَحَدَّثَنِي بِهَذَا، فَقُلْت لَهُ: مَا ظَنَنْتُ أَنَّهُمْ يَعْتَرِفُونَ بِأَنَّهُمْ عَلَى قَوْلِ فِرْعَوْنَ؛ لَكِنْ مَعَ إقْرَارِ الْخَصْمِ مَا يحْتَاجُ إلَى بَيِّنَةٍ. قَالَ عَبْدُ السَّيِّدِ فَقُلْت لَهُ: لَا أَدَعُ مُوسَى وَأَذْهَبُ إلَى فِرْعَوْنَ، فَقَالَ: وَلِمَ؟ قُلْت: لِأَنَّ مُوسَى أَغْرَقَ فِرْعَوْنَ؛ فَانْقَطَعَ وَاحْتَجَّ عَلَيْهِ بِالظُّهُورِ الْكَوْنِيِّ.
– الشيخ: قلت إيه موسى.
– القارئ: قَالَ عَبْدُ السَّيِّدِ فَقُلْت لَهُ: لَا أَدَعُ مُوسَى وَأَذْهَبُ إلَى فِرْعَوْنَ، فَقَالَ: وَلِمَ؟ قُلْت: لِأَنَّ مُوسَى أَغْرَقَ فِرْعَوْنَ فَانْقَطَعَ.
– الشيخ: آه، أغرقَ فرعونَ؛ فانقطعَ المُلحِدُ.. إش بعده فانقطعَ؟
– القارئ: وَاحْتَجَّ عَلَيْهِ بِالظُّهُورِ الْكَوْنِيِّ. فَقُلْت لِعَبْدِ السَّيِّدِ -كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ- نَفَعَتْكَ الْيَهُودِيَّةُ، يَهُودِيٌّ خَيْرٌ مِنْ فِرْعَوْنِيٍّ.
وَفِيهِمْ جَمَاعَاتٌ لَهُمْ عِبَادَةٌ وَزُهْدٌ وَصِدْقٌ فِيمَا هُمْ فِيهِ وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُ حَقٌّ، وَعَامَّتُهُمْ -الَّذِينَ يُقِرُّونَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا بِأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّهُ أَفْضَلُ الْخَلْقِ، أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءُ- لَا يَفْهَمُونَ حَقِيقَةَ قَوْلِهِمْ؛ بَلْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُ تَحْقِيقُ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ، وَأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ كَلَامِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ الَّذِينَ يَتَكَلَّمُونَ فِي حَقَائِقِ الْإِيمَانِ وَالدِّينِ، وَهُمْ مِنْ خَوَاصِّ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ؛ فَيَحْسَبُونَ هَؤُلَاءِ مِنْ جِنْسِ أُولَئِكَ؛ مِنْ جِنْسِ الفضيل بْنِ عِيَاضٍ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ وَأَبِي سُلَيْمَانَ الدَّاراني وَالسَّرِيِّ السقطي والجنيدِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَسَهْلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَمْثَالِ هَؤُلَاءِ. وَأَمَّا عُرَّافهم الَّذِينَ يَعْلَمُونَ حَقِيقَةَ قَوْلِهِمْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَيْسَ

– الشيخ: إلى آخرِه يا أخي، وأمَّا عُرَّافُهم بس، بعده.
 
– القارئ: شيخنا في ثلاثةُ أسطرٍ ثمَّ يبدأُ في المتفلسفةِ.
– الشيخ: طيِّب، كمِّلْ ثلاثةَ أسطر.
– القارئ: وَأَمَّا عُرَّافُهم الَّذِينَ يَعْلَمُونَ حَقِيقَةَ قَوْلِهِمْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، وَيَقُولُونَ مَا يَقُولُ ابْنُ عَرَبِيٍّ وَنَحْوُهُ: إنَّ الْأَوْلِيَاءَ أَفْضَلُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ، وَإِنَّ خَاتَمَ الْأَوْلِيَاءِ أَفْضَلُ مِنْ خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ، وَإِنَّ جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ يَسْتَفِيدُونَ مَعْرِفَةَ اللَّهِ مِنْ مِشْكَاةِ خَاتَمِ الْأَوْلِيَاءِ، وَأَنَّهُ يَأخُذُ مِنْ الْمَعْدِنِ الَّذِي يَأخُذُ مِنْهُ الْمَلَكُ الَّذِي يَأتِي خَاتَمَ الْأَنْبِيَاءِ؛ فَإِنَّهُمْ مُتَجَهِّمَةٌ مُتَفَلْسِفَةٌ يُخْرِجُونَ أَقْوَالَ الْمُتَفَلْسِفَةِ والجهميةِ فِي قَالَبِ الْكَشْفِ.
– الشيخ: انتهى.
– القارئ: جزاكم اللهُ خيرًا يا شيخ.
 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :