الرئيسية/فتاوى/صلاة الغائب وقراءة القرآن للميت
sharefile-pdf-ofile-word-o

صلاة الغائب وقراءة القرآن للميت

السؤال :

 إذا مات فرد مِن العائلة خارج البلد فماذا يجب على العائلة أن تفعل هنا:
1-هل يجب أن نصلي صلاة الجنازة؟ وهذا يعني أنه سيكون هناك صلاتا جنازة؛ واحدة خارج البلد والأخرى هنا.
2-هل يجوز لنا أن نقرأ القرآن سوياً ونرجو أن أجر القراءة للفقيد؟
3-هل يجب أن نعمل قراءة قرآن خاصة وندعو الناس للطعام بعد ثلاثة أيام وبعد أربعين يوماُ؟ هذا التصرف يعمله الكثير في بلدنا، وقيل لي إن روح الفقيد تزور البيت لمدة أربعين يومًا لتحصل على الأجر.
عندما كنت في بلدنا كنت أفعل هذا، ولكن قيل لي إن النّبي محمد -صلّى الله عليه وسلّم- وصحابته لم يفعلوا هذا أبدًا. أنا أريد ان أفعل الشّيء الصّحيح فأرجو أن تعطيني دليلاً من القرآن والسنة أيضاً، هل هذا التصرف صحيح أم خطأ؟ أرجو أن تخبرني بالتصرف الصحيح في مثل هذه الحالة.

 الحمد لله، أولًا: إذا مات للإنسان قريب أو صديق عزيز عليه في بلد أخرى، فإنه يمكنه أن يسافر للصلاة عليه إذا تيسر له ذلك، ولا بأس بهذا السفر؛ لأنّه سفر لمصلحة شرعيّة، وإن لم يكن معروفاً مِن عمل المسلمين فيما مضى، لأنه كان لا يمكنهم ذلك بخلاف اليوم، فقد تيسّر السفر بالوسائل الحديثة السريعة.
وأمّا الصّلاة على الميت الغائب: فقد اختلف العلماء فيها اختلافًا كثيرًا، لأنه لم يُحفظ عن النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- في ذلك إلا صلاته على النجاشي، ولم يُنقل أنّ المسلمين خارج المدينة صلّوا على النّبي -عليه الصّلاة والسّلام- لمّا مات، مع عظيم محبتهم له، وكذلك الخلفاء الراشدون: لم يُنقل أنّ المسلمين صلّوا على أحد منهم حين مات.
ولم تكن الصّلاة على الميت الغائب معروفة مِن عمل المسلمين مع قيام المقتضي لذلك، وهو حرص المسلمين على نفع إخوانهم، خصوصًا مَن له منزلة في قلوب عموم المسلمين، أو له قرابة أو مودة توجب صلته والإحسان إليه بالصّلاة عليه.
ولذلك اختار العلماء -كشيخ الإسلام ابن تيمية- أنّ صلاة النّبي -عليه الصّلاة والسّلام- على النّجاشي خاصة به، إذ لم يكن في أرضه مَن يصلّي عليه في البلد التي مات فيها، وهذا في نظري قولٌ قويّ؛ لِمَا تقدم مِن التوجيه.
ومِن العلماء مَن خصّ الصّلاة على الغائب بالأعيان مِن الأمة كالعلماء المشهورين، والولاة العادلين، وهذا قول قريب مِن الذي قبله. وعلى هذا القول: فلا مانع مِن الصّلاة على الميت حاضرًا وغائبًا. 

ثانيًا: وأما الاجتماع لقراءة القرآن وإهداء ثوابها للميت فهي بدعة، ولو لم تكن بأجرة، فإن كانت بأجرة: فهي حرام؛ لأنّها عملٌ لغير الله، وما كان كذلك فلا ثواب فيه، وأمّا أن يقرأ الإنسان القرآن ويهدي ثواب القراءة لقريب أو صديق مِن غير اجتماع ولا أجرة ففي ذلك قولان لأهل العلم، أحدهما: أنّه جائز، وأنه يصل ثواب القراءة للميت. والقول الثاني: أنّه لايشرع إهداء ثواب القراءة لعدم الدليل على مشروعية ذلك. 

ثالثًا: وأمّا أن يعمل أهل الميت قراءة قرآن خاصة، ويدعوا الناس للطعام بعد ثلاثة أيام، وبعد أربعين يوماً: فبدعة، وكلّ بدعة ضلالة، وقد قال رسول الله -عليه الصّلاة والسلّام-: (مَن أحدثَ في أمرِنا هذا ما ليسَ منهُ فهو ردّ)(صحيح ابن حبان [26]). فهذا العمل المذكور مُحدث في الدّين، فهو مردود، ومَن يفعله مأزور غير مأجور.
وأمّا دعوى أن روح الميت تزور البيت بعد أربعين يومًا لتحصل على الأجر: فكذب، ولا أصل له، وقد صدق مَن قال لك: إنّ النّبي -عليه الصّلاة والسّلام- وصحابته لم يفعلوا شيئاً مِن ذلك، وقد أحسنت أيّها الأخ الكريم بسؤالك عما أشكل عليك، وحرصك على معرفة سنّة الرّسول -عليه الصّلاة والسّلام-، والعمل بها، وهذا هو الحق اللائق بالمسلم أن يكون همّه أن يعرف الحق ليتبعه، ويعرف الباطل ليتجنبه.
نسأل الله أن يثبتنا وإياك على الصراط المستقيم والله أعلم.