الرئيسية/شروحات الكتب/الرسالة المدنية لابن تيمية/(6) قوله “الرابع أن الرسول ﷺ إذا تكلم بكلام وأراد به خلاف ظاهره وضد حقيقته”
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(6) قوله “الرابع أن الرسول ﷺ إذا تكلم بكلام وأراد به خلاف ظاهره وضد حقيقته”

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح (الرّسالة المدنيّة) لابن تيمية
الدّرس السّادس

***    ***    ***    ***
 
– القارئ: بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ، الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلّى الله وسلّم على عبدهِ ورسولهِ نبيّنا محمّد وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين، اللهم أغفر لشيخنا وللحاضرين وللمستمعين، يقولُ شيخُ الإسلامِ أبو العباس ابن تيمية -رحمهُ الله تعالى- وأجزلَ مثوبتهُ في "الرسالة المدنية في الحقيقةِ والمجازِ في الصفات" قال رحمهُ الله:
الرابع: أنَّ الرسولَ -صلّى الله عليه وسلّم- إذا تَكلّم َبكلامٍ وأرادَ بهِ خِلافَ ظاهرهِ..
– الشيخ:
أعطنا الأربع واحد واحد، بس رؤوس أقلام، واحد:
– القارئ: لفظاً مُسْتعملا بالمعنى المجازي..
– الشيخ:
أن يكون في..
القارئ: هو أربع مقامات، أربع أشياء الأول أن الفظ مستعمل بالمعنى
– الشيخ:
يعني مستعمل في اللغة العربية بالمعنى المجازي، اثنين:
– القارئ: أنْ يكونَ معهُ دليلٌ يوجبُ صرفَ اللفظِ عَنْ حقيقته.
– الشيخ:
ثلاثة:
– القارئ: أنّهُ لابدَّ مِنْ أن يَسْلمَ ذلك الدليلُ المعارض.
– الشيخ:
من المعارض
– القارئ: الصارف عن المعارض
– الشيخ:
المعارض، الرابع:
– القارئ: أنَّ الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- إذا تَكلّم بكلامٍ وأرادَ بهِ خلِافَ ظاهرهِ وضِدَّ حقيقتهِ، فلابُدَّ أنْ يُبيّنَ للأمّة أنّهُ لمْ يُرد حقيقتهُ.
– الشيخ:
نعم، لابد وإلا يصبح، وإلّا يُصْبح في تَلْبيس وتعمية، ما يجوز لا عقلاً ولا شرعاً أنْ يَتكلّم الإنسانُ بكلامٍ يُرادُ مِنْهُ خِلافَ حقيقتهِ، ثمَّ لا يُبيّن المتكلّم للمخاطَب هذا معناهُ إضلال، يُنزّهُ عنهُ المتكلّم الحكيم الناصح فضلاً عَنِ الرسول، فالرسولُ أنصحُ الناس، فلا يجوزُ، لا يجوز يعني مُمتَنع عقلاً وشرعاً أنَّ الرسولَ يتكلّم بكلام يُريدُ مِنهُ ضدَّ حقيقتهِ أو خِلافَ ظاهرهِ ثمَّ لا يُبيّنُ، هذا مُمتنع، هذا يعني مَضمون هذا المعنى الرابع.
– القارئ: إذا تَكلّم بكلامٍ وأرادَ بهِ خِلافَ ظاهرهِ وضِدَّ حقيقتهِ، فلابدَّ أنْ يُبيّن للأمة أنّهُ لمْ يُردْ حقيقتهُ.
– الشيخ:
لابد، كلمة لابد يعني يجبُ عليهِ يجبُ على الرّسول أنْ يبيّن، نعم وجوب، ما يجوز للرسول حاشا.
– القارئ: وأنّهُ أرادَ مجازهُ، سواءٌ عيّنهُ أو لم يُعيّنه، لا سيّما في الخطاب العلمي الذي أُريدَ مِنْهم فيهِ الاعتقادَ والعلم، دونَ عملِ الجوارح، فإنّهُ -سبحانه وتعالى- جعلَ القرآنَ نورًا وهدىً، وبيانًا للناس، وشفاءً لِما في الصدور، وأرسلَ الرُسُلَ ليبيّن للناس ما نُزِّل إليهم..
– الشيخ:
لا، وأرسل الرسول، يظهر لي أنّهُ كذا؛ لأنَّ هذا يطابق الآية
– القارئ: الآية أي نعم
– الشيخ:
عندك أيش؟
– القارئ: الرسل
– الشيخ:
كأنها الرسول
– القارئ: كأنّهُ أراد..
– الشيخ:
احتمال ماشي سهلة لكن أكثر ملائمة
– القارئ: يعني خرج مخرج الغالب مثلاً
– الشيخ:
ماشي سهلة..
 
– القارئ: وأرسلَ الرسول ليبيّنَ للناسِ ما نُزّل إليهم، وليحكمَ بينَ الناسِ فيما اختلفوا فيه.
– الشيخ:
وليحكمَ؟
– القارئ: بينَ الناس فيما اختلفوا فيه..
– الشيخ:
ينبغي وليحكموا
– القارئ: نعم، هو رحمه الله يعني تصرف فيها
– الشيخ:
ما ندري والله، محتملة بس أمشي
– القارئ: ولئلّا يكونَ للناس على الله حُجّةً بعدَ الرسل.
ثمَّ هذا الرسول الأمّي العربي بُعثَ بأفصحِ اللغاتِ وأبينِ الألسنةِ والعبارات، ثمَّ الأمة الذين أخذوا عَنهُ كانوا أعمقَ الناسِ عِلمًا، وأنصحهم للأمّة، وأبينُهم للسنّة، فلا يجوزُ أنْ يَتكلّم هو وهؤلاءِ بكلامٍ يريدونَ بهِ خلافَ ظاهره..
– الشيخ:
ولا يبين للناس
– القارئ: فلا يجوزُ أنْ يتكلّم هو وهؤلاءِ بكلامٍ يريدونَ بهِ خلافَ ظاهرهِ إلّا وقدْ نُصب دليلاً يَمنع مِنْ حمل..
– الشيخ:
أيش؟
– القارئ: إلّا وقدْ نُصِبَ دليلاً يَمنعُ مِنْ حملهِ..
– الشيخ:
لا، إمّا تكون نَصبَ أو نُصبَ دليلٌ
– القارئ: نعم
– الشيخ:
اقرأ زين
– القارئ: دليلاً هنا منصوبة
– الشيخ:
إذا نصبت فقل نصبَ
– القارئ: إلّا وقد نصبَ دليلاً يمنع من حملهِ على ظاهرهِ، إمّا أنْ يكونَ عقليًا ظاهرًا، مثل قوله: وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ [النمل:23] فإنَّ كلَّ أحدٍ يَعلمُ بعقلهِ أنَّ المرادَ أوتيت مِنْ جنسِ ما يؤتاه مثلها..
– الشيخ:
أي، يعني ما هو؟ يعني ما أوتيت ملك السموات والأرض
– القارئ: وكذلك خالق..
– الشيخ:
ولا مُلكَ سليمان ما هو …
– القارئ: يعني من جنس الملوك
– الشيخ:
يعني
– القارئ: أي نعم، أحسن الله إليكم، وكذلك خالق
– الشيخ:
يعني الآن هذا جاري في هذا الوقت والله جيتنا عنده كل شيء، نعم، يعني مما تجري العادة به وعندهم من كل شيء مبالغ
– القارئ: وكذلك: خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ
– الشيخ: ها؟
– القارئ: وكذلك خالق كل شيء، قوله تعالى: خالق كل شيء
– الشيخ:
لا، هذا خالق كلِّ شيء معروف أنَّ الخالقَ وصفاتهِ غيرُ داخلةٍ فيهِ، فلا يَدْخل كلامهُ ولا عِلْمهُ ولا صِفتهُ، وإنْ كانت في شيء لكن، بدهي نعم هذا مانع عقلي.
– طالب: قوله تعالى: وأوتيت من كل شيء، من هنا تنفي
– الشيخ:
لا لا
– طالب: تنفي الكل
– الشيخ:
من كل شيء يعني عندها كل شيء
– طالب: بيانية؟
– الشيخ:
لا لا، ما هي بيانية، وأوتيت يعني شيء من كلِّ شيء، أوتيت شيء من كل شيء، كل شيء عندها من شيء، نعم
– القارئ: وكذلك: خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ [الأنعام:102] يعلمُ المستمع: أنَّ الخالق لا يدخلُ في هذا العموم، أو سمعيًا ظاهرًا، مثل الدلالات في الكتابِ والسنّة التي تصرف بعض الظواهر.
ولا يجوزُ أنْ يُحيلُهم على دليلٍ خَفي، لا يَسْتنبطهُ إلّا أفرادُ الناس، سَواءٌ كانَ سمعيًّا أو عقليًّا؛ لأنّهُ إذا تكلّم بالكلام الذي يُفهم منهُ معنىً وأعادهُ مرات كثيرة، وخاطبَ بهِ الخلق كلّهم وفيهم الذكيُّ والبليد، والفقيهُ وغير الفقيه، وقدْ أوجبَ عَليهم أنْ يتدبّروا ذلكَ الخطابَ ويَعْقِلوه، ويَتفكّروا فيهِ ويَعْتَقدوا موجبه، ثمَّ أوجبَ ألّا يَعْتَقدوا بِهذا الخطاب شيئًا مِنْ ظاهر؛ لأنَّ هناك دليلاً خفيًّا يَسْتنبطهُ أفرادُ الناس يدلُّ على أنّهُ لمْ يُردْ ظاهره، كان هذا تدليسًا وتلبيسًا..
– الشيخ:
هذا هو، نعم
– القارئ: كانَ هذا تدليسًا وتلبيسًا، وكانَ نقيضَ البيانِ وضدَّ الهُدى.
– الشيخ:
إي والله، نعم؛ ولهذا نحنُ نقول يعني هذا المعنى نردُّ بهِ على أهلِ التأويل وعلى أهلِ التفويض كُلّهم، أهلُ التأويلِ الذين يُفسّرون النصوصَ بخلافِ ظاهرها، نقول مِن غيرِ دليلٍ يجبُ المصيرُ إليه، أو قول المفوّضة الذين يقولون أنَّ هذه النصوص ليسَ لها معنى مفهوم، ولا يَفْهمها أحد، نقول هذا وهذا كِلاهما ضِدُّ ما وَصفَ الله بهِ القرآن مِنْ أنّهُ هُدى، الكلام الذي لا معنى لهُ ولا يُفهم منهُ شيء أفيكونُ بياناً؟! أفيكونُ هدىً؟!
ما في فائدة، يعني وما في علم ولا هُدى ولا بيان ولا شِفاء ولا، بل ولا يكونُ أحسنَ الحديث، يكونُ أحسنَ الحديث وهو كلامٌ لا ما يُفهمُ مِنهُ شيء!
هذا المعنى الذي يُقرّرهُ الشيخ في هذا الموضع وفي مواضعَ أخرى يُردُّ بهِ على الطائفتين، لكن الآن هو حواره معَ مَن؟
– القارئ: الأشاعرة
– الشيخ:
معَ أهلِ التأويل، لا، مع أهلِ التأويلِ مِنَ الأشاعرةِ وغيرهم، نعم
– القارئ: وكانَ نَقيضَ البيانِ وضدَّ الهُدى، وهو بالألغازِ والأحاجيّ أشبهُ مِنهُ بالهُدى والبيان. فكيفَ إذا كانتْ دلالةُ ذلكَ الخطابِ على ظَاهرهِ، أقوى بدرجاتٍ كثيرة مِن دلالةِ ذلك الدليلِ الخفي على أنَّ الظاهرَ غيرُ مُراد؟! أم كيفَ إذا كانَ ذلكَ الخفي شُبهةً ليسَ لها حقيقة؟!
فسلّمَ لي ذلكَ الرجلُ هذه المقامات..

– الشيخ: الحمد لله، وش بعدها.
– القارئ: قلت: ونحنُ نتكلّمُ على صفةٍ مِنَ الصفات، ونجعلُ الكلامَ فيها أنموذجاً يُحتذى عَليهِ..
– الشيخ:
إلى هنا يا شيخ، جزاك الله.
– القارئ: أحسن الله إليكم.
 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :العقيدة