الرئيسية/شروحات الكتب/الرسالة العرشية لابن تيمية/(4) قوله “وفي الصحيحين عن أبي سعيد قال جاء رجل من اليهود إلى النبي ﷺ قد لطم وجهه”
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(4) قوله “وفي الصحيحين عن أبي سعيد قال جاء رجل من اليهود إلى النبي ﷺ قد لطم وجهه”

بسمِ اللهَ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح (الرّسالة العرشيّة لابن تيميّة)
الدّرس الرّابع

***    ***    ***    ***

– القارئ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: يقول شيخ الإسلام الإمام..
– الشيخ:
تتمة للكلام السابق، إذا كان يعني إذا كان الشيء هناك أصل فلا يُطالب الشخص، إذا كان الأصل مقرر لا يطالب يقول له: وش الدليل على حِل كذا، خلاص الأصل في الأشياء الإباحة انتهى، فإذا ادعى مدعٍ تحريم شيء من الأمور العادية نطالبه بالدليل، لأن الأصل الإباحة، فلا يعني نقبل منه دعواه التحريم إلا بدليل، أما مُدّعي الإباحة فهو الذي معه الأصل.
– القارئ: أحسن الله إليكم، في قاعدة مقاصدية تقول تعليل العادات، من مقاصد الشريعة تعليل العادات.
– الشيخ:
ما أدري، تقول أيش؟
– القارئ: تعليل العادات
– الشيخ:
تعليل؟
– القارئ: أي نعم
– الشيخ: وش فيها؟
– القارئ: هذه قاعدة مقاصدية يعني في باب العادات
– الشيخ: أنت تقول تعليل؟
– القارئ: أي نعم
– الشيخ: طيب وش الجديد في هذه الجملة؟
– القارئ: أن العادات لابد أن تُعلل من حيث هل هي مباحة أو محظورة
– الشيخ: لا العادات ما دامت عادات فالأصل فيها الإباحة، فمن ادّعى تحريماً أو كذا من ادعى فيها شيء لابد أن يعلل نعم، يعني تعليل الحكم في العادات بما يخالف الأصل من وجوب أو استحباب أو تحريم أو كراهة، لابد أن من ادعى شيئاً من ذلك لابد أن يُعلله، أما تعليل العادة تعليل الإباحة!
– القارئ: لا, يعني تعليل مطلق العادة
– الشيخ: تفضل بعده بعده

– القارئ: الله يبارك فيكم، الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مَن لا نبي بعده، أما بعد: يقول تقي الدين أبو العباس ابن تيمية -رحمه الله تعالى- في رسالته الموسومة "بالرسالة العرشية"، قال رحمه الله:
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ إلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ لُطِمَ وَجْهُهُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِك لَطَمَ وَجْهِي، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (اُدْعُوهُ) فَدَعَوْهُ، فَقَالَ: (لِمَ لَطَمْت وَجْهَهُ؟) فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي مَرَرْت بِالسُّوقِ وَهُوَ يَقُولُ: وَاَلَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ! فَقُلْت: يَا خَبِيثُ! وَعَلَى مُحَمَّدٍ؟ فَأَخَذَتْنِي غَضْبَةٌ فَلَطَمْته، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَا تُخَيِّرُوا بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ، فَإِنَّ النَّاسَ يُصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذًا بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ، فَلَا أَدْرِي أَفَاقَ قَبْلِي أَمْ جُوزِيَ بِصَعْقَتِهِ).
– الشيخ: بصعقته جاء في اللفظ الآخر يوم الطور، وخرَّ موسى صعقاً، أم جوزي بصعقته، يعني يوم الطور يوم جاء لميقات ربه، فلمّا تجلى ربه للجبل جعله دكاً وخر موسى صعقاً، وقوله صلى الله عليه وسلم "لا تخيروا بين الأنبياء" هذا ليس معناه أن الأنبياء لا يُفضَّل بعضهم على بعض لا، الله تعالى قال: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}[البقرة: 253]،  {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ}[الإسراء:55]، ولا ريب أن الأنبياء متفاضلون، وأفضل الرسل هم أولوا العزم وأفضلهم هم الخليلان، وأفضلهم على الإطلاق سيد ولد آدم محمد -صلى الله عليه وسلم-.
ولكن هذا قال فيه أهل العلم يعني لا تخيروا بين الأنبياء يعني على وجه التعصّب أو على وجه التنقّص للآخر للنبي الآخر، أما يعني مجرد بيان يعني بيان المنازل منازل الرسل تصديقاً لما أخبر الله به ورسوله فهذا لا بأس به، نقول إبراهيم أفضل من موسى، محمد أفضل من إبراهيم للبيان.

– القارئ: فَهَذَا فِيهِ بَيَانُ أَنَّ لِلْعَرْشِ قَوَائِمَ، وَجَاءَ ذِكْرُ الْقَائِمَةِ بِلَفْظِ السَّاقِ، وَالْأَقْوَالُ مُتَشَابِهَةٌ فِي هَذَا الْبَابِ.
– الشيخ: الأقوال، كأنه يريد الروايات لأن في بعضها: فإذا موسى باطشاً… بالعرش أو بقائم، أو بجانبٍ من العرش، نعم, الروايات.
– القارئ: وَقَدْ أَخْرَجَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْت النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: (اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ) قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ لِجَابِرِ: إنَّ الْبَرَاءَ يَقُولُ: اهْتَزَّ السَّرِيرُ، قَالَ: إنَّهُ كَانَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَيَّيْنِ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ ضَغَائِنُ، سَمِعْت نَبِيَّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: (اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ) وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
– الشيخ: أنسٍ
– القارئ: مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ وَجِنَازَةُ سَعْدٍ مَوْضُوعَةٌ: (اهْتَزَّ لَهَا عَرْشُ الرَّحْمَنِ).
وَعِنْدَهُمْ أَنَّ حَرَكَةَ الْفَلَكِ التَّاسِعِ دَائِمَةٌ مُتَشَابِهَةٌ، وَمَنْ تَأَوَّلَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ اسْتِبْشَارُ حَمَلَةِ العرش وفرحهم، فلابد لَهُ مِنْ دَلِيلٍ عَلَى مَا قَالَ.
– الشيخ: نعم لأن الخبر الاهتزاز، الخبر ففيه نسبة الاهتزاز إلى العرش، فدعوى أن المراد حَملة العرش هذا تأويل تحريف للكلم عن مواضعه.
– القارئ: كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ الطبري وَغَيْرُهُ.
– الشيخ: كما ذكره؟
– القارئ: أَبُو الْحَسَنِ الطبري
– الشيخ: أي كأنه المتأول لهذا
– القارئ: هذا محب الدين محب الطبري
– الشيخ: نعم
– القارئ: هو محب، الشهير بمحب الدين أبو الحسن الطبري
– الشيخ: تقول أيش شريف؟
– القارئ: يُشهر بمحب الدين، يعني مشهور بمحب الدين، لقبه
– الشيخ: نعم تفضل، زين
– القارئ: ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ الطبري وَغَيْرُهُ، مَعَ أَنَّ سِيَاقَ الْحَدِيثِ وَلَفْظَهُ يَنْفِي هَذَا الِاحْتِمَالَ. وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ.
– الشيخ: الرسول فصيح، ما يحتاج إلى أن يقول العرش، يعني يمكن يقول اهتز ملائكة حملة العرش، أو فَرِحَ به حملة العرش أو ما أشبه ذلك، يأتي كلام واضح، الله تعالى ذكر حملة العرش، الذين يَحملون العرش ومن حولهم يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به.

– القارئ: وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ آمَنَ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ، وَآتَى الزَّكَاةَ وَصَامَ رَمَضَانَ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، هَاجَرَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ جَلَسَ فِي أَرْضِهِ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا نُبَشِّرُ النَّاسَ بِذَلِكَ؟ قَالَ: (إنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِهِ، كُلُّ دَرَجَتَيْنِ بَيْنَهُمَا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَإِذَا سَأَلْتُمْ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ، فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ، وَأَعْلَى الْجَنَّةِ، وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمِنْهُ تُفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ).
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (يَا أَبَا سَعِيدٍ، مَنْ رَضِيَ بِاَللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدِ نَبِيًّا: وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ) فَعَجِبَ لَهَا أَبُو سَعِيدٍ فَقَالَ: أَعِدْهَا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَفَعَلَ، قَالَ: (وَأُخْرَى يَرْفَعُ اللَّهُ بِهَا الْعَبْدَ مِائَةَ دَرَجَةٍ، مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) قَالَ: وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ).
– الشيخ: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر، شاهد هذا في قوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}[النساء:95]، إلى قوله: {وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا *دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}[النساء:95-96].

– القارئ: وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: إنَّ أُمَّ الرَّبِيعِ بِنْتَ الْبَرَاءِ وَهِيَ أُمُّ حَارِثَةَ بْنِ سُرَاقَةَ أَتَتْ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَلَا تُحَدِّثَنِي عَنْ حَارِثَةَ وَكَانَ قد قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ أَصَابَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ فَإِنْ كَانَ فِي الْجَنَّةِ صَبَرْت، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ اجْتَهَدْت عَلَيْهِ فِي الْبُكَاءِ. قَالَ: (يَا أُمَّ حَارِثَةَ، إنَّهَا جِنَانٌ فِي الْجَنَّةِ، وَإِنَّ ابْنَك أَصَابَ الْفِرْدَوْسَ الْأَعْلَى).
– الشيخ: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، فضل عظيم، هذه كلها شواهد بعضها يعني كلها تدل على فضل الجهاد، الجهاد في سبيل الله.
– القارئ: فَهَذَا قَدْ بُيِّنَ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ: أَنَّ الْعَرْشَ فَوْقَ الْفِرْدَوْسِ الَّذِي هُوَ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَاهَا، وَأَنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ، مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَالْفِرْدَوْسُ أَعْلَاهَا.
والْحَدِيثُ الثَّانِي: يُوَافِقُهُ فِي وَصْفِ الدَّرَجِ الْمِائَةِ.
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: يُوَافِقُهُ فِي أَنَّ الْفِرْدَوْسَ أَعْلَاهَا.
وَإِذَا كَانَ الْعَرْشُ فَوْقَ الْفِرْدَوْسِ، فَلِقَائِلِ أَنْ يَقُولَ: إذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ فِي هَذَا مِنْ الْعُلُوِّ وَالِارْتِفَاعِ مَا لَا يُعْلَمُ بِالْهَيْئَةِ، إذْ لَا يُعْلَمُ بِالْحِسَابِ أَنَّ بَيْنَ التَّاسِعِ وَالْأَوَّلِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ مِائَةَ مَرَّةٍ.
– الشيخ: أعد العبارة مرة ثانية
– القارئ: وَإِذَا كَانَ الْعَرْشُ فَوْقَ الْفِرْدَوْسِ، فَلِقَائِلِ أَنْ يَقُولَ إذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ فِي هَذَا مِنْ الْعُلُوِّ وَالِارْتِفَاعِ مَا لَا يُعْلَمُ بِالْهَيْئَةِ، إذْ لَا يُعْلَمُ بِالْحِسَابِ أَنَّ بَيْنَ التَّاسِعِ وَالْأَوَّلِ كَمَا بَيْنَ.
– الشيخ: أيش؟ أن..
– القارئ: أنَّ بَيْنَ التَّاسِعِ وَالْأَوَّلِ، يعني الفلك التاسع والفلك الأول.
– الشيخ: الفلك
– القارئ: أي نعم. كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ مِائَةَ مَرَّةٍ، وَعِنْدَهُمْ أَنْ التَّاسِعَ مُلَاصِقٌ لِلثَّامِنِ.
– الشيخ: عجيب! وعندهم
– القارئ: وَعِنْدَهُمْ أَنْ التَّاسِعَ مُلَاصِقٌ لِلثَّامِنِ، فَهَذَا قَدْ بَيَّنَ أَنَّ الْعَرْشَ فَوْقَ الْفِرْدَوْسِ، الَّذِي هُوَ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَاهَا.
وَفِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ الْمَشْهُورِ قَالَ: قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيَّمَا أُنْزِلَ عَلَيْك أَعْظَمُ؟ قَالَ: (آيَةُ الْكُرْسِيِّ) ثُمَّ قَالَ: (يَا أَبَا ذَرٍّ، مَا السَّمَوَاتُ السَّبْعُ مَعَ الْكُرْسِيِّ إلَّا كَحَلْقَةِ مُلْقَاةٍ بِأَرْضِ فَلَاةٍ، وَفَضْلُ الْعَرْشِ عَلَى الْكُرْسِيِّ كَفَضْلِ الْفَلَاةِ عَلَى الْحَلْقَةِ)، وَالْحَدِيثُ لَهُ طُرُقٌ، وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو حَاتِمٍ بْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَأَحْمَد فِي الْمُسْنَدِ وَغَيْرُهُمَا.
وَقَدْ اسْتَدَلَّ مَنْ اسْتَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْعَرْشَ مُقَبَّبٌ بِالْحَدِيثِ الَّذِي فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ رضي الله عنه قَالَ: أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، جهدت الْأَنْفُسُ، وَجَاعَ الْعِيَالُ، وَهَلَكَ الْمَالُ، فَادْعُ اللَّهَ لَنَا، فَإِنَّا نَسْتَشْفِعُ بِك عَلَى اللَّهِ، وَنَسْتَشْفِعُ بِاَللَّهِ عَلَيْك، فَسَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى عُرِفَ ذَلِكَ فِي وُجُوهِ أَصْحَابِهِ، وَقَالَ: (وَيْحَك! أَتَدْرِي مَا تَقُولُ؟ إنَّ اللَّهَ لَا يُسْتَشْفَعُ بِهِ عَلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ، شَأْنُ اللَّهِ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ، إنَّ اللَّهَ عَلَى عَرْشِهِ، وَإِنَّ عَرْشَهُ عَلَى سَمَوَاتِهِ وَأَرْضِهِ هَكَذَا وَقَالَ بِأَصَابِعِهِ مِثْلَ الْقُبَّةِ) وَفِي لَفْظٍ: (وَإِنَّ عَرْشَهُ فَوْقَ سَمَوَاتِهِ، وَسَمَوَاتُهُ فَوْقَ أَرْضِهِ هَكَذَا وَقَالَ بِأَصَابِعِهِ مِثْلَ الْقُبَّةِ).
– الشيخ: يعني أنه ليس كُريَّاً، مُحيطاً إحاطة الفلك بما دونه، بل هو مُقبب مثل القبة، يقول وصفه بيده مثل القبة، يعني ليس مسطّحاً بموجب هذا الحديث بل هو مُقبب، لكن ليس مستديراً استدارة الفلك نعم، ففي هذا الحديث استنباط – الشيخ.

– القارئ: وَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ دَلَّ عَلَى التَّقْبِيبِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ عَنْ الْفِرْدَوْسِ إنَّهَا أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَاهَا، مَعَ قَوْلِهِ: إنَّ سَقْفَهَا عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَإِنَّ فَوْقَهَا عَرْشَ الرَّحْمَنِ، وَالْأَوْسَطُ لَا يَكُونُ الْأَعْلَى إلَّا فِي الْمُسْتَدِيرِ، فَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ فَلَكٌ مِنْ الْأَفْلَاكِ. بَلْ إذَا قُدِّرَ أَنَّهُ فَوْقَ الْأَفْلَاكِ كُلِّهَا أَمْكَنَ هَذَا فِيهِ سَوَاءٌ.
– الشيخ: سواء كمل
– القارئ: أَمْكَنَ هَذَا فِيهِ سَوَاءٌ قَالَ الْقَائِلُ: إنَّهُ مُحِيطٌ بِالْأَفْلَاكِ، أَوْ قَالَ.
– الشيخ: سواءً، سواءً أيش؟
– القارئ: سَوَاءٌ قَالَ الْقَائِلُ: إنَّهُ مُحِيطٌ بِالْأَفْلَاكِ، أَوْ قَالَ: إنَّهُ فَوْقَهَا وَلَيْسَ مُحِيطًا بِهَا، كَمَا أَنَّ وَجْهَ الْأَرْضِ فَوْقَ النِّصْفِ الْأَعْلَى مِنْ الْأَرْضِ.
– الشيخ: أيش؟
– القارئ: كَمَا أَنَّ وَجْهَ الْأَرْضِ فَوْقَ النِّصْفِ الْأَعْلَى مِنْ الْأَرْضِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحِيطًا بِذَلِكَ.
– الشيخ: كما أن وجه الأرض
– القارئ: كَمَا أَنَّ وَجْهَ الْأَرْضِ فَوْقَ النِّصْفِ الْأَعْلَى مِنْ الْأَرْضِ، وَإِنْ لَمْ.
– الشيخ: كما أن وجه الأرض؟
– القارئ: فَوْقَ النِّصْفِ الْأَعْلَى
– الشيخ: فوق النصف، فوق النصف الأعلى؟
– القارئ: من الأرض
– الشيخ: ما أدري والله، كما أن وجه الأرض أي
– القارئ: فوق النصف الأعلى من الأرض
– الشيخ: ما هو بواضح عندي
– القارئ: لعله يريد الاستدارة، يعني إذا كان في وجه
– الشيخ: ما هو واضح، كمل بس
– القارئ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحِيطًا بِذَلِكَ.
وَقَدْ قَالَ إيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ: السَّمَاءُ عَلَى الْأَرْضِ مِثْلُ الْقُبَّةِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْفَلَكَ مُسْتَدِيرٌ مِثْلُ ذَلِكَ، لَكِنَّ لَفْظَ الْقُبَّةِ يَسْتَلْزِمُ اسْتِدَارَةً مِنْ الْعُلُوِّ.
– الشيخ: نعم بس من العلو ما يلزم أن يكون استدارة تامة.
– القارئ: وَلَا يَسْتَلْزِمُ اسْتِدَارَةً مِنْ جَمِيعِ الْجَوَانِبِ إلَّا بِدَلِيلِ مُنْفَصِلٍ. وَلَفْظُ الْفَلَكِ يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِدَارَةِ مُطْلَقًا.
– الشيخ: حط على العبارة اللي فاتت إشارة يعني استفهامية. بعده نعم اقرأ.
– القارئ: وَلَفْظُ الْفَلَكِ يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِدَارَةِ مُطْلَقًا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}[الأنبياء:33]، وقَوْله تَعَالَى: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}[يس:40].
– الشيخ: الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله
– القارئ: يَقْتَضِي أَنَّهَا فِي فَلَكٍ مُسْتَدِيرٍ مُطْلَقًا، كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: فِي فَلْكَةٍ مِثْلُ فَلْكَةِ الْمِغْزَلِ.
– الشيخ: الشمس يعني والقمر
– القارئ: وَأَمَّا لَفْظُ الْقُبَّةِ، فَإِنَّهُ لَا يَتَعَرَّضُ لِهَذَا الْمَعْنَى، لَا بِنَفْيٍ وَلَا إثْبَاتٍ، لَكِنْ يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِدَارَةِ مِنْ الْعُلُوِّ، كَالْقُبَّةِ الْمَوْضُوعَةِ عَلَى الْأَرْضِ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ الْأَفْلَاكَ غَيْرُ السَّمَوَاتِ.
– الشيخ: إلى هنا بس قف على هذا يا أخي
– القارئ: أثابكم الله
– الشيخ: الله المستعان
– القارئ: يعني كأنه يريد وجه الأرض فوق النصف الأعلى يعني مثل القبة..

 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :العقيدة