الرئيسية/شروحات الكتب/القواعد الحسان لتفسير القرآن/(59) القاعدة الستون: قوله “من قواعد التعليم التي أرشد الله إليها في كتابه”
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(59) القاعدة الستون: قوله “من قواعد التعليم التي أرشد الله إليها في كتابه”

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح كتاب (القواعد الحِسان في تفسير القرآن)
الدّرس التّاسع والخمسون

***     ***     ***     ***

– القارئ: الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلّى الله وسلَّمَ على نبيِّنا محمّدٍ، وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين، اللهمَّ اغفر لشيخنا وللحاضرين والمستمعين، قال الشيخ عبد الرّحمن بن ناصر السّعدي رحمهُ الله تَعالى، وأسكنهُ فَسيحَ جِنانه، في رِسالتهِ "أصولٌ وقواعدُ في تَفْسيرِ القرآن":
القاعدة الستون:
مِن قَواعِد التّعليم الذي أرشدَ الله إليها في كِتابهِ، أنَّ القَصصَ المَبْسوطة يُجمِلُها في كَلماتٍ يَسيرة ثمَّ يَبْسُطها، والأمورُ المُهمّة يَنْتَقِلُ في تَقْريرها نَفْياً وإثباتاً مِن درجةٍ إلى أعلى أو أنزلَ مِنْها..
– الشيخ:
إش تقول يا ابو أيوب؟
– طالب: نسخة أخرى
– الشيخ:
نسخة اخرى؟
– طالب:
– الشيخ:
جيد، يَعني بما هذا، يَعْني بِما ذَكرهُ ابنُ كَثير، يَعْني ما ذَكرهُ هو حاصِلهُ، بِما هذا حاصِله، جيد هذه نسخة إيش؟ بِما حاصِلهُ، بِما هذا حاصِلهُ، هذا أحسن، أمّا إذا قال: بِما لا حاصِلَ لهُ، يَصير فيهِ ذمٌّ، ما لهُ حاصلٌ ما فيه فائِدة، بِما هذا حاصِلهُ يَعْني: بِما ذَكرهُ مِنَ الأقوالِ في قَولهِ: مُستكْبِرينَ بِهِ [المؤمنون:67]، جاءَ فيهِ ثلاثةُ أقوال، يقول: أطْنَبَ بِما هذا حاصِلهُ، تمام، ماشي، هذه أجودُ عِندي، نعم يا أبو عبد الرحمن.

– القارئ: أحسن الله إليك، وهذه قاعدةٌ نافِعة، فإنَّ هذا الأسلوبَ العَجيب يَصيرُ لهُ مَوقِعٌ كبيرٌ، وتُقرَّر فيهِ المطالِبُ المُهمّة، وذلكَ أنّهُ إذا أجْمِلَت القِصّة بكلامٍ كالأصلِ والقاعدةِ لَها، ثمَّ وَقعَ التّفصيلُ بعدَ ذلكَ الإجمال، وَقعَ إيضاحٌ وبَيانٌ تامٌّ كاملٌ لا يَقعُ ما يُقارِبهُ لو فُصِّلت القِصة الطّويلة مِن دونِ تقدُّمِ إجمال.
وقدْ وَقعَ هذا النوعُ في القرآنِ في مَواضِع، مِنها: في قِصة يوسُف عليهِ الصّلاة والسّلام: في قولهِ: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ 
[يوسف:3]، ثمَّ قال: لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ [يوسف:7]، ثمَّ ساقَ القِصةَ بَعْدَها.
وكذلكَ في قِصةِ أهلِ الكَهف لمّا قال: أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً * إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً * فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً * ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَداً [الكهف: 9-12]، فهذا إجمالٌ قدْ حَوى مَقْصودُها وزُبْدَتُها، ثمَّ وقعَ بَعدهُ التّفصيلُ بِقولهِ: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقّ [الكهف:13] إلى آخر القصة.
وكذلكَ في قِصة موسى عليه السّلام لمّا قالَ تَعالى: نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَأِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [القصص:3]، إلى قوله: يَحْذَرُونَ [القصص:6]، هذا مُجْمَلُها، ثمَّ وَقعَ التّفصيل.
وقدْ قالَ تَعالى: وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً [طه:115]، فأجْمَلها ثمَّ وَقعَ بعدهُ التفصيل، وأمّا التّنقّل في تَقْريرِ الأشياءِ مِن أمرٍ إلى ما هو أولى مِنْهُ، فَكثير، مِنها: لمّا أنكرَ على مَن اتَّخذَ مَع الله إلهاً آخر، وزَعمَ أنَّ الله تَعالى اتَّخذَ وَلداً، قالَ في إبطالِ هذا: مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلاَ لآبَائِهِمْ [الكهف:5]، فأبانَ أنَّ قَولَهم هذا قولٌ بِلا عِلم، ومِنَ المعلومِ: أنَّ القولَ بِلا علمٍ مِنَ الطّرقِ الباطِلة.
ثمَّ ذَكرَ قُبْحَهُ فَقال: كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ [الكهف:5]، ثمَّ ذَكرَ مَرتبةَ هذا القولِ مِنَ البُطلانِ فَقال: إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً [الكهف:5]
وقالَ في حقِّ المُنكرينَ للبعثِ: بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَةِ [النمل:66]، أيْ عِلْمُهم فيها عِلمٌ ضَعيفٌ، لا يُعْتَمدُ عليهِ، ثمَّ ذَكرَ ما هو أبلغُ مِنه، فَقالَ: بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ [النمل:66]، ومِنَ المعلومِ أنَّ الشكَّ ليسَ مَعهُ مِنَ العِلمِ شيء..
– الشيخ:
الشَّاكَّ
– القارئ: نعم، ومِنَ المَعلومِ أنَّ الشَّكَّ ليسَ مَعهُ مِنَ العلمِ شيء..
– الشيخ:
كأن: الشَّاكَّ..؟
– القارئ: ومِنَ المَعلومِ أنَّ الشَّاكَّ ليسَ مَعهُ مِنَ العِلمِ شيء، ثمَّ انْتَقلَ منهُ إلى قوله: بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ [النمل:66] والعَمى آخِرُ مَراتبِ الحيرة والضّلال.
وقالَ نوحٌ عليه السّلام في تَقْريرِ رسالتهِ عِندَ مَن كذَّبَهُ، وزَعمَ أنّهُ في ضَلالٍ مُبين: قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ [الأعراف:61]، فلمّا نَفى الضّلالةَ مِن كُلِّ وَجهٍ أثبتَ بَعدهُ الهُدى الكامِلُ مِن كُلِّ وَجه، فَقال: وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ العَالَمِينَ [الأعراف:61]، ثمَّ انْتَقل إلى ما هو أعلى مِنهُ، وأنَّ مادة هذا الهُدى الذي جِئْتُ بهِ مِنَ الوَحي الذي هو أصلُ الهُدى ومَنْبَعهُ ومادّتهُ، فَقال: أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ [الأعراف:61]
وكذلكَ هود عليهِ السّلام، وقالَ في تَقْريرِ رِسالةِ أكملِ الرُّسل: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى [النجم:1]
– الشيخ:
إيش؟ ها، انتقل الشيخ
– القارئ: مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى [النجم:2]، فَنَفى عَنهُ ما يُنافي الهُدى مِن كُلِّ وَجه، ثمَّ قال: إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى[النجم:4]، إلى آخرِ الآيات.
وهو في القرآنِ كثيرٌ جداً، كانْتِقالهِ مِن ذِكْرِ هِبَةِ الولدِ لزكريا إلى مَريم عليهما الصّلاة والسّلام، وأمر القِبْلة بعدَ تَعْظيمهِ للبيتِ وغَيرها، انتهى.
– الشيخ:
يعني اختلاف نقص ولا حروف
– طالب:
– القارئ: هذه النسخة التي عِنْدَنا التي عَليها تَعْليق الشيخ محمّد، يُمكن حَبيبنا اللي عِنده الأصل، ليسَ عليها تَعْليق.
– الشيخ:
عندك عليها تعليق؟
– القارئ: ممكن هذه حقة مجموعة مشيقح، اللي جمع مؤلفات الشيخ ابن سعدي
– طالب:
ممكن كل سطر تحصل كلمة
– الشيخ: يعني ما سَمعناه وما قَرأناه يعني ما في إشكال فيه بعض العبارات، هات، على سبيل المثال..
– طالب: آخر كلام عنده قال: في تقرير رسالة أفضل الرسل وخاتمهم
– الشيخ: إي
– القارئ: وقال هنا: وقال في تقرير رسالة أكمل الرسل
– الشيخ:
أكمل؟
– القارئ: نعم
– الشيخ:
وعندك؟
– طالب: أفضل
– الشيخ:
يعني قريب
– طالب: ثم قال: وهو في القرآن كثير جداً، كانتقاله من ذكر هِبَةَ الولد لزكريا على كِبَرِهِ وعُقْمِ زوجته. هذه ما هي عنده..
– الشيخ:
شو يقول على كِبَرِهِ؟
– طالب: على ذكر هِبَةَ الولد لزكريا على كِبَرِهِ وعُقْمِ زوجته إلى ذكر مريم وعيسى، وكذلك أمرَ بالتوجيه إلى الكعبة..
– الشيخ:
بالتوجيه، بالتوجُّهِ
– طالب: بالتوجُّه إلى الكَعبة، بعدَ أنْ قَررَ في الآيات السابقة حُرْمَتها وعظمتها، وهذا في القرآن كثير.
– القارئ: هنا يا شيخ: وهو في القرآن كثير جداً، كانتقاله من ذِكْرِ هِبَةِ الولد لزكريا إلى مريم، وأمْرِ القبلة بعد تعظيمه.

– الشيخ: سقط كلماتها، اللي عند مُطيع مناسب يعني، هِبَةُ الولد على كِبره وعُقْم زوجته. يعني إثباتها أجود، أجود
– طالب: كثير في سَقْط، أكثر من الزيادات غالباً
– الشيخ:
نعم بعده قاعدة

– القارئ: نعم احسن الله إليك
القاعدة الحادية والستون:
مَعْرِفةُ الأوقاتِ وضَبْطِها حثَّ الله عليه، حيثُ يَتَرتّبُ عليهِ حُكمٌ عامٌ أو حُكمٌ خاص.
وذلكَ أنَّ الله رتَّبَ كثيراً مِنَ الأحكامِ العامة والخاصة على مُددٍ وأزمِنة تَتوقّفُ الأحكامُ عَملاً وتَنْفيذاً على ضَبطِ تِلكَ المُدة وإحصائِها، قال الله تعالى: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ 
[البقرة:189]، وقولهُ: مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ، يَدْخلُ فيهِ مَواقيتُ الصّلواتِ والصّيامِ والزّكاة.
– الشيخ:
مواقيت العبادات والمُعاملات
– القارئ: وخصَّ الحجَّ بالذكرِ لِكَثرةِ ما يَتَرتّبُ عليهِ مِنَ الأوقاتِ الخاصّة والعامة، وكذلكَ مَواقيتَ للعددِ والدّيون.
– الشيخ:
لا لا، أعد الصلوات يقول مواقيت؟
– القارئ: نعم، يَدْخلُ فيهِ مَواقيتُ الصّلواتِ والصّيامِ والزّكاةِ، وخَصَّ الحجَّ بالذكرِ..
– طالب:
عندي والعقود وغيره
– الشيخ: العقود وغيره، ستأتي
– القارئ: يَدْخلُ فيهِ مَواقيتُ الصّلواتِ والصّيام والزّكاةِ، وخَصَّ الحجَّ بالذكرِ لِكَثرةِ ما يَتَرتّبُ عليهِ مِنَ الأوقاتِ الخاصة والعامة.
وكذلكَ مَواقيتَ للعِدَدِ والدّيونِ والإجاراتِ وغَيرها، وقدْ قالَ تَعالى لمّا ذَكرَ العِدّة: وَأَحْصُوا العِدَّةَ [الطلاق:1]، وقولهُ في الصّيام: فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184]، وقولهُ تَعالى: إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً [النساء:103]، وقالَ تَعالى: بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَداً [الكهف:12]
وذلكَ لِمَعرفةِ كَمالِ قُدْرة الله في إفاقَتِهم، فَلَو اسْتَمرّوا على نَومِهم لمْ يَحْصلِ الاطِّلاعُ على شيءٍ مِن ذلكَ مِن قَصّتهم، فَمتى تَرتبَّ على ضَبطِ الحِساب وإحصاءِ المُدة، مَصْلحةٌ في الدَّينِ..
– الشيخ:
في الدِّينِ
– القارئ: في الدِّينِ أو في الدنيا، كانَ مِمّا حَثَّ وأرشدَ إليهِ القرآن.
وُيقارِبُ هذا قَولهُ تَعالى: أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا [البقرة:259]، إلى آخرِ الآيات، وقَولهِ: وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ [الإسراء:12]، ونَحو ذلكَ مِنَ الآيات. والله أعلم.
القاعدة الثانية والستون.

– الشيخ:
إلى هنا يا أخي
– القارئ: أحسن الله إليك
– الشيخ: الله امْتَنَّ على العبادِ بِما سَخَّر لَهم مِنَ الشّمس والقَمر، وبيَّنَ لنا أنَّ مِن حِكمةِ ذلكَ مَعْرفةُ الحِساب: الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ [الرحمن:5]، هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ [يونس:5]، جعلَ الزّمانَ أقْسام: أيام ولَيالي وشُهور وأعوام.
أيام، جَعلَ يَعْني بَعضَ العِبادات مُقدَّرةً بالأيام، ثلاثةَ أيام، بَعض العبادات مُقدَّرةٌ بالشّهور، شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ، والْأَشْهُرُ الْحُرُمُ [التوبة:5]
بَعضُ العباداتِ مُقدَّرةٌ كذلك بالسّنين، مثل الحج، إنّما يَجبُ في السّنة، ورمضان أيامٌ مَعْدودات، أيامٌ مَعْدودات، والشّهر هو أيامٌ مَعْدودات، فَلهُ الحِكمةُ البالِغة وهو اللطيفُ الخَبير، سُبْحانهُ وتَعالى.
 
 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :القرآن وعلومه