الحمدُ لله والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، أما بعد:
فالهمّ أقوى مِن مطلق النيَّة، والنيَّة أعمّ مِن الهمّ، والمذمومُ أن تكونَ الدُّنيا هي موضع همّه، والمحمودُ أن تكونَ الآخرةُ هي نيَّته في أمر دينه ودنياه، فالنيَّة هي القصد، ومَن كانت الآخرة نيَّته فمقصوده في جميع أمره هي الآخرة، في أكله وشربه ولباسه وأخذه وعطائه ودخوله وخروجه وحبّه وبغضه، وأمره كلّه، مِن أجل ثواب وسعادة الآخرة، وعلى هذا فمَن كانت نيَّته الآخرة فإنَّ همّه في الدنيا نيَّته فيه الآخرة، فتكون الدنيا على هذا تابعة لمقصوده الأعظم وهو الآخرة، فالمؤمنُ الصَّادق -وإن حرص على أمور الدنيا- فإنَّه نيَّته فيها الآخرة، فيحرصُ على مصالح الدنيا لتكون عونًا له، وكأن المعنى: مَن كانت الدنيا همّه وليس له نيَّة في الآخرة فهو المذمومُ المتوعد، ومَن كانت همّته في الدنيا تابعة لنيَّته في الآخرة فلا يلحقه ذمٌّ في همّ الدنيا.
ومَن كانت نيَّته في جميع ذلك الدنيا: كان أحقّ بالذمّ والوعيد؛ لأنَّ عمله حينئذٍ كلّه لغير الله، كما قال تعالى: من كانَ يُريدُ الحَياةَ الدُّنيا وَزينَتَها نُوَفِّ إِلَيهِم أَعمالَهُم فيها وَهُم فيها لا يُبخَسونَ*أُولئِكَ الَّذينَ لَيسَ لَهُم فِي الآخِرَةِ إِلَّا النّارُ وَحَبِطَ ما صَنَعوا فيها وَباطِلٌ ما كانوا يَعمَلونَ، والله أعلم.
أملاه:
عبدالرَّحمن بن ناصر البراك
في 1 – 11 – 1442هـ