الحمدُ لله، وصلَّى الله وسلَّم على محمَّد، أما بعد:
فالأصل أن كلَّ واجبٍ في الشَّريعة هو على الفور مِن وجوبه متى أمكن فعله، فلا يجوزُ تأخيره إلَّا مِن عذر؛ [1] فالحجّ على الفور، وكذلك الزَّكاة، لكن الزَّكاة لمَّا تعلَّقت بمصلحة الفقراء كان فيها مجال للاجتهاد تقديمًا وتأخيرًا، ولهذا ثبتَ في السُّنة [2] جواز تعجيلها للمصلحة، كأن يَنزل بالنَّاس نازلة مِن شدَّة حاجة، وكذلك يُقال في التَّأخير؛ فإذا كانَ تأخيرُ الزَّكاة مراعًى فيه مصلحة الفقير، كالذي لا يحسنُ التَّدبير إذا أعطي المال الكثير، فمِن الممكن التَّفاوض معه على تقسيط ما يخصص له مِن الزكاة، فيُعلم بِمَا يستحقه ويُتفق معه على أن يُعطَى المال على دفعات، هذا فيما يتعلَّق بمصلحة الفقير المعيَّن، فهذا التَّصرف مراعًى فيه الفقير المعين، وكذلك تأخير الزَّكاة إذا كان يُتوقَّع حصول حاجة شديدة في الناس، أو تأخيرها لِمَن هو أحوج وأفقر كتعجيلها، فمَن يأتي متأخرًا إذا كان أشدَّ حاجة ممَّن يأتي في أول وقت إخراجها؛ فيجوز تأخيرها مِن أجله، لكن مِن غير حرمان للمتقدّم، ومعنى هذا أنَّ تأخير الزَّكاة لِمَن هو أحوج جائزٌ كتعجيلها، فما دام التَّأخير لمصلحة الزَّكاة بأن تقع موقعها أو لمصلحة الفقراء، فأرجو ألَّا حرج في ذلك. والله أعلم. [3]
أملاه:
عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك
في 16 ذي القعدة 1442هـ.