الحمد لله، وصلى الله وسلم على محمد، أما بعد:
فقد قال الفقهاء والمفسرون وأهل اللغة: معنى (آمين) اللهم استجب، [1] فهذه الكلمة دعاء، وقد شرع الدعاء بها بعد الفاتحة للإمام والمأموم والمنفرد، أما الإمام والمأموم فلقوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «إذا أمَّن الإمام فأمنوا» [2] الحديث، وعلى هذا فلا يلتفت لقول الحسن وأبي حنيفة: "لا يقولها الإمام لأنه الدَّاعي" [3] ؛ لأنه مصادم للحديث الصحيح الصريح.
وأما المنفرد فسواء أكان مصلِّيًا أو تاليًا فقد ذكر المفسرون والقرَّاء أنها تسنُّ بعد الفاتحة، [4] وأما تأمين الداعي على دعائه -وهو موضوع السؤال- فيقال: إن الأصل الجواز، فما المانع من ختم الدعاء بدعاء، كما لو قال القائل: (اللهم تقبل منِّي) بعد ختم عمل من الأعمال الصالحة، لكن يبقى التردد: هل تأمين الدَّاعي على دعائه جائز أو سنة؟ الأظهر عندي أنه جائز، إلا بعد الفاتحة؛ فإنه سنة، وأما قول السائل: فمع كثرة الدعاء جدًّا في القرآن والحديث وكلام الصحابة والسلف والعرب، لم أجد نحو ذلك" إلخ، فأقول: إن عدم العلم ليس علما بالعدم. والله أعلم.
أملاه:
عبد الرحمن بن ناصر البراك
في 25 جمادى الأولى 1443هـ
الحاشية السفلية
↑1 | ينظر: معاني القرآن للزجاج (1/54)، والمغني (2/163). |
---|---|
↑2 | أخرجه البخاري (780)، ومسلم (410). |
↑3 | السائل صادر عن الكشاف للزمخشري (1/125) وتمام كلام الزمخشري: "وعن الحسن: لا يقولها الإمام لأنه الداعي. وعن أبي حنيفة رحمه الله مثله، والمشهور عنه وعن أصحابه أنه يخفيها " وترك الإمام التأمين هو قول لمالك في رواية ابن القاسم ورواية الحسن عن أبي حنيفة. وينظر: المدونة (1/167)، والمبسوط (1/32). |
↑4 | ينظر: زاد المسير (1/16)، وتفسير ابن كثير (1/145). |