الحمدُ لله وحده، وصلّى الله وسلّم على مَن لا نبي بعده، أمّا بعد:
فإنّ تفسير "الأسف" في هذه الآية بالغضب هو المشهور مِن كلام المفسرين، والغضب مضافًا إلى الله قد جاء في القرآن صريحًا في مواضع؛ مِن ذلك قوله تعالى في المنافقين والمشركين: وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ في سورة الفتح، وقوله في اليهود: قَوْمًا غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم في سورة المجادلة.
وأما ما ذكره ابن عاشور -رحمه الله- مِن أن "الأسف" هو الغضب المشوب بحزن: فهذا أسف المخلوق، ولا يصحّ تفسير الأسف مِن الله به، فإنّ "الحزن" لا تجوز إضافته إلى الله؛ ّفإنه ألـمٌ مِن مكروه فائت لا حيلة في دفعه، وهو لا يكون إلا مِن ضعف، والله تعالى قوي عزيز، وهو ذو القوة المتين، سبحانه وتعالى.
ومما يدلّ على أن الغضب لا يستلزم الحزن، ولا الأسف يستلزم الغضب: أنّ الله جمع بينهما في الخبر عن موسى إذ قال تعالى: غَضْبَٰنَ أَسِفٗاۚ [طه:86]، وقال عن يعقوب: يَٰٓأَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَٱبْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ ٱلۡحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ [يوسف:84]، والله أعلم. حرر في: 27-1-1438 هـ
أملاه:
عبدالرّحمن بن ناصر البرّاك