الرئيسية/فتاوى/السجود لا يكون شركًا إلا إذا اقترن بنية العبادة للمسجود له
share

السجود لا يكون شركًا إلا إذا اقترن بنية العبادة للمسجود له

السؤال :

إذا كان مقررًا أنَّ المنسوخ لا يمكن أن يكون شركًا، فهل نستدلُّ بذلك على أنّ مجرَّد السجود لغير الله لا يعدُّ شركًا حتى يقترن معه الاعتقاد؟

 

الحمد لله، وصلى الله وسلم على محمد، أما بعد:

فقد أخبر تعالى عن أمره الملائكة بالسجود لآدم، وأنهم كلَّهم سجدوا له، وأخبر أن أبوي يوسف -عليه السلام- وإخوته سجدوا له، ولم يكن شيءٌ من ذلك شركًا، بل كل ذلك سجود تحية وإكرام، [1]  وقد حُرِّم ذلك في هذه الشريعة المحمديَّة؛ لما ثبت أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- نهى معاذًا عن السجود له لما قدم من الشام وسجد للنبي -صلى الله عليه وسلم-، [2]  وقال -صلى الله عليه وسلّم- لقيس بن سعد: لو كنت آمرًا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن، لما جعل الله لهم عليهن من الحق رواه أبو داود وغيره، [3]  وإنما يكون السجود شركًا إذا كان سجود عبادة؛ لأن العبادة محضُ حقِّه تعالى، ولم يرخِّص الله بشيء من العبادة لغيره في شيءٍ من شرائع الرسل، قال تعالى: وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ [الزخرف:45] ، ولهذا نقول: إن السجود لا يكون شركًا إلا إذا اقترن بنية العبادة للمسجود له، فعُلم بهذا أن السجود المنسوخ لم يكن شركًا [4] . والله أعلم.

 

أملاه:

عبدالرحمن بن ناصر البراك

حرر في 15 شوال 1443هـ

 

 


الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
1 ينظر: تفسير الطبري (13/355-356)، (14/65).
2 أخرجه أحمد (19403) وابن ماجه (1853) من حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه، وصححه ابن حبان (4171)، والحاكم -ط الحرمين-(7404). وأخرجه أحمد (21986) من حديث معاذ بن جبل نفسه. وينظر: العلل للدارقطي (6/37 رقم 963).

 وورد النهي من حديث جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، منهم: أبو هريرة، وأنس بن مالك، وعائشة بنت أبى بكر الصديق. ينظر: الإرواء (1998).

3 أخرجه أبو داود (2140) وصححه الحاكم (2822).
4 ينظر: شرح التدمرية -ط المؤسسة- (ص376).