الرئيسية/فتاوى/عبارة نفسي فداك
share

عبارة نفسي فداك

السؤال :

فضيلة الشيخ؛ يُطلق بعضُ النّاس كلمات قد تقدح في عقيدته، مثل قولهم: "وقتي فداك، وروحي فداك"، ومثل هذه الكلمات، وقد سمعتُ الشيخ عبدالرّحمن الدّوسري -رحمه الله- ينهى عن ذلك عندما قال: "وبعضهم يقول "رأسي فداء لفلان"، وهذا جهل بالعقيدة، فلا يكون الإنسانُ فداء إلّا لله ورسوله في حياته"، أو كما قال رحمه الله.
أرجو الإفادة، وبارك الله فيكم، علمًا أنّ أكثر مَن يقول هذه الكلمات هم الأزواج، وربما يكون عن حسن نية ومحبة للزوج.

الحمدُ لله، وصلّى الله وسلّم على رسول الله، أمّا بعد:
فإنّ قول الرّجل "نفسي فداك، أو وقتي فداؤك": هو كقول الرجل: "فداك أبي وأمي"، وقد قال النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- لبعض أصحابه، رضي الله عنهم: (فداك أبي وأمي).
وهذه مِن ألفاظ التّعبير عن التقدير والحب، والتّشجيع على فعل ما يرضاه الـمُفدِّي ويعجبه؛ فإن كان التّشجيع على فعل مرضي لله: كان هذا حسنًا، وإن كان على فعل محرم: كان هذا التشجيع حرامًا، وإن كان على أمر عادي ليس له أهمية وليس فيه كبير مصلحة: فلا ينبغي المبالغة في المدح والتشجيع.
فمثل هذه العبارة -فداك نفسي، فداك أبي وأمي-: لا تليق إلا أن تكون تشجيعًا على الأعمال المجيدة المرضية النافعة، لا على الأعمال التّافهة، فضلًا عن الأعمال القبيحة أو المنكرة.
وللناس في هذا مشارب ومذاهب، فينبغي للمسلم أن يكون مُعينًا على أفعال الخير ناهيًا عمّا لا خير فيه، نعم؛ النّفس لا تُبذل إلا لله سبحانه وتعالى، جهادًا في سبيله، وقد أثنى الله سبحانه وتعالى في كتابه على المجاهدين في سبيله الذين باعوا أموالهم وأنفسهم لله: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[التوبة:111]، ومع ذلك فلم يرد التعبير عن ذلك بالفداء؛ كأن يقول القائل: "نفسي فداءٌ لربي، أو نفسي فداؤك يا ربي، أو أفديك بنفسي"؛ لأنّ في الفداء معنى الوقاية، والله تعالى عزيز لا يُنال بسوء؛ فلا يحتاج إلى مَن يقيه ذلك، وعلى هذا: فالظاهر أنّه لا يجوز الفداء في حقّ الله. والله أعلم. حرر في: 24-8-1437هـ

أملاه:
عبدالرّحمن بن ناصر البرّاك