بالحمد لله، وصلى الله وسلم على محمد، أما بعد:
فإنَّ تفسير المعاصرين للآية مخالفٌ لتفسير السَّلف، [1] فهذان التفسيران ضدَّان، والاختلاف الذي بين تفسير السَّلف وتفسير الخلف كالاختلاف الذي بين الدنيا والآخرة، والسماء والأرض، ولا ريب أن الصحابة والتابعين أعلم بكتاب الله، فكل فهم يناقض فهمهم للقرآن فهو مردود، وليس له اعتبار، كيف وكثير من المفسرين المعاصرين يتلقون نظرياتهم من الغرب، ويجتهدون في الاستدلال لها ببعض الآيات، ويعدون ذلك من قبيل إعجاز القرآن، ويسمونه الإعجاز العلمي، [2] وقول السائل: “إن تفسير المعاصرين وجيه جدًّا” فمنشؤه الانخداع والانبهار.
ولا ريب أنَّ ظاهر القرآن لا يدل على دوران الأرض، بل على خلافه، فالشمس والقمر والنجوم تجري، أي: تدور في أفلاكها، والأرض ثابتة، قال تعالى وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا [يس: 38] إلى قوله: وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ [يس: 40]، وقال تعالى: فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (١٥) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ [التكوير: 15-16] ، والجوار الكنَّس هي النجوم، [3] ثم إن الآية التي هي موضوع السؤال جاءت بين آيات كلها تصف أحوال القيامة، من قوله تعالى: وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ [النمل: 87] إلى قوله: فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [النمل: 90]، فكيف تخرج هذه الآية عن سياقها وتُعزَل عن سوابقها ولواحقا؟! فما هذا إلا ضرب من تحريف القرآن بصرف الآية عن ظاهرها. والله أعلم.
أملاه:
عبدالرحمن بن ناصر البراك
حرر في 28 رمضان 1444هـ