السؤال: عرفتُ أن التسمية بـ "مَلك" أو "ملاك" مكروهة، ولكن المشهور التسمية بـ "جبريل"، وأن ذلك لا بأس به؟ فكيف يمنع الأول ويجوز الثاني؟
الجواب: الحمد لله، وصلى الله وسلم على محمد، أما بعد:
فالتَّسمية بأسماء الفضلاء مندوبٌ إليها في الجملة، ومن شواهد ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: تسمّوا بأسماء الأنبياء الحديث، رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي عن أبي وهب الجُشَمِيِّ رضي الله عنه،[1] والملائكة عبادٌ مكرمون، أثنى الله عليهم بدوام العبادة، وكمال الطاعة، والتسمية بأسمائهم حسنةٌ، ولا أعلم أحدًا يمنع من التسمية بجبريل وميكائيل،[2] ومعنى جبريل: عبد الله،[3] قال في كشَّاف القناع:[4] "ولا يكره أن يسمَّى بجبريل ونحوه من أسماء الملائكة" اهـ.
وأما تسمية الأنثى بمَلك ومَلاك، فكره ذلك مَن كرهه من العلماء؛[5] لأن ذلك يتضمن ما يشبه قول المشركين: إن الملائكة بنات الله، والإناث يعبَّر عنهنَّ بالإماء، فيقال للمرأة المؤمنة: أمَة الله، والرجال: عبيد الله، قال الله في الملائكة: بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ [الأنبياء: 26] ، وأنكر تعالى على المشركين في آيات كثيرة قولهم في الملائكة: "بنات الله"، قال تعالى أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (٢١) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى [النجم: 21-22] ، وقال تعالى: وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ [الزخرف: 19].
وبهذا يُعلم الفرق بين تسمية الرجل بجبريل أو ميكائيل، وتسمية الأنثى ملَك أو مَلاك، وأظن أن لفظ "مَلاك" مرادا به الـمَلَك من ألفاظ النصارى،[6] فيكون -إذن- فيه تشبُّهٌ بهم، وفي اللغة وفي معاجم الأسماء من الألفاظ الحسنة الدالة على المعاني الفاضلة ما يغني عن التسمية بالأسماء المشتبهة.[7] والله أعلم.
أملاه:
عبدالرحمن بن ناصر البراك
حرر في 13 رمضان 1444هـ
[1] أخرجه أحمد (19032)، وأبو داود (4950)، والنسائي (3565)، وضعفه ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (1967)، والألباني في الإرواء (1178).
[2] وروي عن بعض أهل العلم الكراهة. ينظر: تحفة المودود (ص173).
[3] ينظر: تفسير الطبري (2/296).
[4] (6/445).
[5] ينظر: مجموع فتاوى ابن عثيمين (25/281)، وفتاوى اللجنة الدائمة- المجموعة الثانية- (10/505).
[6] فهم يعبِّرون بـ "ملاك الرب" عن الملَك، والملائكة، كما في كتابهم المقدَّس: العهد الجديد. ينظر على سبيل المثال: متى (1 -20)، ولوقا (1-11)، ويوحنا (4-4)، وكذا في العهد القديم: سِفْر التكوين (16-7)، وسِفْر اللاويين (22-31)، وسِفْر القضاة (12-8).
[7] ينظر: تسمية المولود لبكر أبو زيد (ص63).