(107) فصل رد زعمهم أنه لا يلزمهم عبادة ثلاثة الهة وأنه لا لوم عليهم في التثليث قوله "الشمس وشعاعها وضوءها"
بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح كتاب (الجواب الصَّحيح لِمَن بدّل دين المسيح) لابن تيمية
الدّرس السّابع بعد المئة *** *** *** ***
- القارئ: بسم الله الرحمنِ الرحيم، الحمدُ لله رب العالمين، والصلاةُ والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد؛ فيقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- في كتابه "الجواب الصحيح لمن بدّل دين المسيح"، يقول رحمه الله -تعالى-: الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ قَوْلَهُمُ: الشَّمْسُ وَشُعَاعُهَا وَضَوْءُهَا، إِنْ أَرَادُوا بِالضَّوْءِ مَا يَقُومُ بِهَا، وَبِالشُّعَاعِ مَا يَنْفَصِلُ عَنْهَا فَلَيْسَ هَذَا مِثَالَ النَّارِ وَحَرِّهَا وَلَهَبِهَا؛ إِذْ كِلَاهُمَا يَقُومُ بِهَا، وَعَلَى هَذَا فَالشَّمْسُ لَمْ تَقُمْ بِهَا إِلَّا صِفَةٌ وَاحِدَةٌ لَا صِفَتَيْنِ، فَلَا يَكُونُ التَّمْثِيلُ بِهَا مُطَابِقًا.
- الشيخ: إنَّ المُناسب "لا صفتان" لأن "لا" عاطفة والصفةُ مرفوعة، لأن الاستثناء مُفرَّغ، لم يقمْ بالشمس، لم يقم بالشمس إلا صفةٌ واحدةٌ لا صفتان، هذا هو ما يقتضيه التركيبُ.
- القارئ: فَلَا يَكُونُ التَّمْثِيلُ بِهَا مُطَابِقًا، وَإِنْ أَرَادُوا بِالضَّوْءِ وَالشُّعَاعِ كِلَاهُمَا؛ مَا يَقُومُ بِهَا، أَوْ كِلَاهُمَا؛ مَا يَنْفَصِلُ عَنْهَا - فَكِلَاهُمَا صِفَةٌ وَاحِدَةٌ لَيْسَ هُمَا صِفَتَانِ كَالْحَيَاةِ وَالْعِلْمِ. - الشيخ: بعده. - القارئ: ليس هما صفتان، أحسن الله إليك؟ - الشيخ: ليس هما صفتين.. نعم، ما هو هذا الذي أنت تعنيه - القارئ: لَيْسَ هُمَا صِفَتَينِ كَالْحَيَاةِ وَالْعِلْمِ، فَعُلِمَ أَنَّ تَمْثِيلَهُمْ بِالشَّمْسِ خَطَأٌ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: الشَّمْسُ وَحَرُّهَا وَضَوْءُهَا، كَمَا يَقُولُونَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي النَّارِ. وَهَذَا التَّمْثِيلُ أَصَحُّ لَوْ ثَبَتَ أَنَّ فِي جِرْمِ الشَّمْسِ حَرَارَةً تَقُومُ بِهَا، فَإِنَّ هَذَا. - الشيخ:لو صحَّ، شوف لاحظْ انتبه، لو صحَّ يعني: المسألة فيها خلافٌ بين علماء الطبائع وعلماء الهيئة. في خلاف، هل الشمسُ تقوم بها حرارة في جرمها؟ والأظهر يعني أقول في نظري: أنَّ الشمس ليست حارّةً، جرمها ليس حارًّا، لأنه لو كان جرمُها حارًّا كان يلزم من هذا أنك كلما تقتربُ وترتفع يكون أشدَّ حرارة، لأنك تقترب من الجسمِ الحار تقترب، وأنتم تقرؤون الآن في التعليمات في الطيران يقول لك وأنت في طبقاتٍ عالية في الطائرة ماذا يقولون عن درجة الحرارة؟ شفتوها؟ - طالب: تنخفض، تقلّ - الشيخ:تنخفض؟ - طالب: ... - الشيخ: يقولُ: درجةُ الحرارة كذا، ما أدري! أظنُّه يقول تحت الصفر، يعني كلما ترتفع تكون الأمورُ أشدُّ برودة، إذًا الحرارة هذه كما يذكر الشيخُ -وهو المحسوس- أنَّ الحرارة الآن ناشئةٌ من الشعاع الواقع على الأرض، شعاع الشمس، تتولد الحرارة المُتولدة من شعاع الشمس، والجسم الذي هو عليها. اقرأ الكلمات اللي يقولها الشيخ.
- القارئ: وَهَذَا التَّمْثِيلُ أَصَحُّ لَوْ ثَبَتَ أَنَّ فِي جِرْمِ الشَّمْسِ حَرَارَةً تَقُومُ بِهَا فَإِنَّ هَذَا لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ دَلِيلٌ، وَكَثِيرٌ مِنَ الْعُقَلَاءِ يُنْكِرُهُ، وَيَزْعُمُ أَنَّ جِرْمَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالْكَوَاكِبِ لَا تُوصَفُ بِحَرَارَةٍ وَلَا بُرُودَةٍ، وَهُوَ قَوْلُ أَرِسْطُو وَأَتْبَاعِهِ. - الشيخ: خلاص ما دام أرسطو، كبير، فيلسوف، الظاهرُ أصحابُ الدراساتِ والعلوم يتكلمون عن الشمس، فيما تدرسون أنتم؟ درستُموه ولا بدَّ، أنَّهم يقولون أنَّ درجة حرارةِ الشمس كذا وكذا وكذا بالآلاف، كذا عندكم؟ - القارئ: نعم. أحسن الله إليك. - الشيخ: درستموه؟ - القارئ: صحيح. - الشيخ: أي بالآلاف، درجة حرارة الشمس كذا بالآلاف، والشيخ هنا وش يقول؟ يقول لم يقم، يعني لم يقم على حرارتها دليل، وأيش؟ وجمهور العقلاء يُنكرون أيش؟ - القارئ: وكثيرٌ من العقلاء يُنكره. - الشيخ: يُنكره، نعم. - طالب: يا شيخ حديث: (وتدنو الشمسُ منهم قدرَ مِيلٍ هل له علاقةٌ بالحرارة)؟ - الشيخ: أي أجل، حرارة، لكن الآن، الآن لو تدنو الشمسُ الآن الحرُّ يزيدُ وينقصُ بحسبِ قربِ الشمس وبعدِها الآن. - طالب: لكن هذا ما يتعلقُ بوجودِ الحرارة في جرمِ الشمس. - الشيخ: لا ما يلزم، ما يلزم، من الضوءِ، نعم.
- القارئ: وَأَمَّا تَمْثِيلُهُمْ بِرُوحِ الْإِنْسَانِ وَنُطْقِهِ، فَإِنْ أَرَادُوا بِالرُّوحِ حَيَاتَهُ، فَلَيْسَ هَذَا هُوَ مَفْهُومَ الرُّوحِ، وَإِنْ أَرَادُوا بِالرُّوحِ الَّتِي تُفَارِقُ بَدَنَهُ بِالْمَوْتِ وَتُسَمَّى "النَّفْسَ النَّاطِقَةَ" فَهَذِهِ جَوْهَرٌ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ لَيْسَ عَرَضًا مِنْ أَعْرَاضِهِ، وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ رُوحُ اللَّهِ جَوْهَرًا قَائِمًا بِنَفْسِهِ مَعَ جَوْهَرٍ آخَرَ نَظِيرَ بَدَنِ الْإِنْسَانِ، وَيَكُونَ الرَّبُّ -سُبْحَانَهُ وَتعالى- مُرَكَّبًا مِنْ بَدَنٍ وَرُوحٍ كَالْإِنْسَانِ. - الشيخ:تعالى الله، تعالى الله، نعم. - القارئ: وَلَيْسَ هَذَا قَوْلَ أَهْلِ الْمِلَلِ، لَا الْمُسْلِمِينَ وَلَا الْيَهُودِ وَلَا النَّصَارَى، بَلْ هُوَ كُفْرٌ عِنْدَهُم، فَتَبَيَّنَ أَنَّ تَمْثِيلَهُمْ بِالثَّلَاثَةِ بَاطِلٌ. وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّ التَّمْثِيلَ إِمَّا أَنْ يَقَعَ بِصِفَاتِ الشَّمْسِ وَالنَّارِ وَالْإِنْسَانِ، أَوِ النَّفْسِ الْقَائِمَةِ بِهَذِهِ الْجَوَاهِرِ، أَوْ بِمَا هُوَ مُبَايِنٌ لِذَلِكَ، كَالضَّوْءِ الَّذِي يَقَعُ عَلَى الْأَرْضِ وَالْحِيطَانِ وَالْهَوَاءِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَجْسَامِ إِذَا قَابَلَتِ الشَّمْسَ أَوِ النَّارَ أَوِ الْإِنْسَانَ أَوِ النَّفْسَ الْقَائِمَةَ بِهَذِهِ الْجَوَاهِرِ، فَإِنْ أُرِيدَ هَذَا فَهَذَا شُعَاعٌ مُنْعَكِسٌ، وَضَوْءٌ مُنْقَلِبٌ، وَلَيْسَ صِفَةً قَائِمَة بِالشَّمْسِ وَالنَّارِ. - الشيخ:سبحان الله! ولهذا يمكن مما يتصف بهذا الأجسام التي تعكسُ ضوء الشمس لا تقعُ أو لا تتولد معها الحرارة، مثل: بلاطِ الحرم الآن، بلاط الحرم الآن، تمشي في عزِّ النهار وسَط النهار تجدُه عاديًّا، والأسودُ يتشرَّبُ الحرارة ويلذع من يطأُ عليه، هذا شفتوه، جرَّبتوه؟
- القارئ: وَلَا مَا يَحْصُلُ فِيهِ شُعَاعُ الشَّمْسِ شَمْسًا. - الشيخ: ومع ذلك يتجوَّزون، يقولون اقعدْ في الشمس، اقعدْ في الشمس، أنت قاعدٌ في الشمس؟ الشمس في برجِها في مكانها، ما هي عندك، عندك ضوءُ الشمس وشعاع الشمس.