بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح كتاب (الجواب الصَّحيح لِمَن بدّل دين المسيح) لابن تيمية
الدّرس الثّامن بعد المئة
*** *** *** ***
– القارئ: بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ على أشرفِ الأنبياءِ والمرسلينَ، نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِه وأصحابِه أجمعينَ، أمَّا بعدُ: فيقولُ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ -رحمَه اللهُ تعالى- في كتابه "الجوابُ الصحيحُ لمن بدَّلَ دينَ المسيحِ" يقول -رحمه الله تعالى-:
وَفِرَقُ النَّصَارَى الثَّلَاثَةُ يَقُولُونَ بِالِاتِّحَادِ، فَلَا يَنْفَعُهُمُ التَّمْثِيلُ بِحُلُولِ الْمَاءِ فِي الظَّرْفِ، وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُمْ قَالُوا بِالْحُلُولِ الْمُجَرَّدِ مَعَ أَنَّ الرَّبَّ لَا يَحْتَاجُ إِلَى النَّاسُوتِ لَا يَحْوِيهِ وَلَا يَمَسُّهُ، بَلْ كَمَا خَاطَبَ مُوسَى مِنَ الشَّجَرَةِ، فَهَذَا يُوجِبُ أَنَّ النَّاسُوتَ لَا يَتَّصِفُ بِشَيْءٍ مِنَ الْإِلَهِيَّةِ كَالشَّجَرَةِ
– الشيخ: لا إله إلا الله، الناسوت كلمة عند النصارى، الناسوتُ هو الإنسان، يقول: حَلَّ اللاهوتُ في الناسوت.
– القارئ: ثُمَّ إِنَّهُ مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ الصَّوْتَ الَّذِي كَانَ يُسْمَعُ هُوَ صَوْتُ النَّاسُوتِ،
– الشيخ: الصَّوْتَ الَّذِي يُسْمَعُ من المسيح -عليه السلام- من المسيح، لأنهم يدَّعون أنه قال كذا وكذا وقال، يقول: الصَّوْتَ الَّذِي يُسْمَعُ، ينبغي أن يُقال كذا، يبيِّن.
– القارئ: ثُمَّ إِنَّهُ مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ الصَّوْتَ الَّذِي كَانَ يُسْمَعُ
– الشيخ: كَانَ يُسْمَعُ من المسيح، نعم من المسيح، ما هو الصَّوتُ الذي يُسمع؟ من أين، من أي أحد؟!
– القارئ: من المسيحِ؟ أم من الشجرة كأنَّها؟
– الشيخ: لا ما قالَ الذي سمعَهُ موسى، قل: الصَّوْتَ الَّذِي يُسْمَعُ
– القارئ: ثُمَّ إِنَّهُ مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ الصَّوْتَ الَّذِي كَانَ يُسْمَعُ هُوَ صَوْتُ النَّاسُوتِ
– الشيخ: النَّاسُوتِ، هذا ما ينطبق على الشجرة ولا يصلح، ما يُحمَلُ، ما يستقيمُ حملُه، النَّاسُوتُ: مُصطلَحٌ عندهم، الإنسان، يعني المسيح -عليه السلام- عندهم، مُكوَّنٌ من لاهوتٍ وناسوتٍ، لأنه حَلَّ اللاهوتُ في الناسوتِ أو اتَّحدَ اللاهوتُ في الناسوتِ، فالشيخُ يقول: "مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ الصَّوْتَ الَّذِي يُسْمَعُ" يعني: من المسيح، "هُوَ" أيش؟ صَوْتُ، اللاهوت أم النَّاسُوتِ؟ يقول: النَّاسُوتِ.
– القارئ: ثُمَّ إِنَّهُ مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ الصَّوْتَ الَّذِي كَانَ يُسْمَعُ هُوَ صَوْتُ النَّاسُوتِ
– الشيخ: ضع على الجملة ذي "الصَّوْتَ الَّذِي يُسْمَعُ" أي: من المسيحِ. الذي كان يسمعُه النصارى. أَنَّ الصَّوْتَ الَّذِي كَان يسمعه النصارى من المسيح، أو يدَّعِيه النصارى.
– القارئ: فَالتَّمْثِيلُ بِالشَّجَرَةِ أَيْضًا بَاطِلٌ، كَمَا بُسِطَ فِي مَوْضِعِهِ. وَأَمَّا الْحَدِيدُ وَالْخَشَبُ وَغَيْرُهُمَا إِذَا أُلْقِيَ فِي النَّارِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِيلُ نَارًا لِاتِّصَالِهِ بِالنَّارِ
– الشيخ: أعوذ بالله، أعوذ بالله. يَسْتَحِيلُ نَارًا، أيش بعده؟
– القارئ: فَإِنَّهُ يَسْتَحِيلُ نَارًا لِاتِّصَالِهِ بِالنَّارِ، لَا أَنَّ النَّارَ الَّذِي اسْتَحَالَ إِلَيْهَا كَانَتْ مَوْجُودَةً فَحَلَّتْ بِهِ
– الشيخ: كَانَتْ مَوْجُودَةً فَحَلَّتْ بِهِ، النار إذا أُلقِيَ بها ما كان فيه نار، لكن لمَّا أُلقي في النار إمَّا أن الحديد صار نارًا أو أنَّ الحديد حلَّت فيه النار، حلَّت فيه، ولهذا إذا أُخرِج منها صارَ يبرد، فتذهب منه الناريَّةُ ويعود حديدًا، فإذا أُلقي في النار وأُحمِي يصير نارًا بحلول النار فيه، وإنْ كانت مادة الحديد باقية.
– القارئ: لَا أَنَّ النَّارَ الَّذِي اسْتَحَالَ إِلَيْهَا كَانَتْ مَوْجُودَةً فَحَلَّتْ بِهِ، فَهَذَا اسْتِحَالَةٌ بِلَا حُلُولٍ. وَالنَّارُ الَّذِي صَارَتْ فِي الْحَدِيدِ حَادِثَةٌ عَنْ تِلْكَ النَّارِ لَيْسَتْ إِيَّاهَا..
– الشيخ: عجيب! والنارُ التي
– القارئ: وَالنَّارُ الَّذِي صَارَتْ فِي الْحَدِيدِ حَادِثَةٌ عَنْ تِلْكَ النَّارِ لَيْسَتْ إِيَّاهَا
– الشيخ: الحديدُ إذا أُحمي يقول: النار التي في الحديد ليست هي النار التي هي الأصلُ، هذه نارٌ نشأَت عن النار، ليست هي النار التي إذا أحميتَ الحديد على النار. افرضْ أنَّه مثل الآن احمِيه على النار المُتولِّدة من الكهرباء، إذا أَحميْتَ الحديد، النارُ التي صارت في الحديد ليست هي النار التي في المعدنِ الذي يحملُ النار المُتولِّدةَ بالكهرباء، يقولُ – الشيخ: ليست هي هي، بل هي نارٌ مُتولِّدةٌ عن تلك النارِ ليست عينها.
– القارئ: ثُمَّ تِلْكَ الْحَدِيدَةُ إِذَا طُرِقَتْ وَقَعَ التَّطْرِيقُ عَلَى النَّارِ، وَكَذَلِكَ إِذَا أُلْقِيَتْ فِي الْمَاءِ، فَلَوْ كَانَ هَذَا تَمْثِيلًا مُطَابِقًا لَكَانَ الضَّرْبُ وَالصَّلْبُ وَالْإِهَانَةُ وَقَعَ عَلَى اللَّاهُوتِ، وَكَانَ اللَّاهُوتُ هُوَ الَّذِي يَغْتَسِلُ بِالْمَاءِ، وَهُوَ الَّذِي يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ، وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْكُفْرِ.
وَيُحْكَى عَنْ بَعْضِ طَائِفَةٍ مِنْهُم كَالْيَعْقُوبِيَّةِ أَنَّهُ يَقُولُ بِهَذَا الْكُفْرِ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ كَالْمَلَكِيَّةِ وَالنُّسْطُورِيَّةِ يُنْكِرُهُ، فَهُوَ لَازِمٌ لَهُم..
– الشيخ: العجيب أنَّ هذه الأسماء ذهبت وجاءَت أسماء حديثة، الكاثوليك والبروتستانت وما أدري أيش؟ ثلاثة الآن، فلابدَّ أنه فيه بحث، ربط هذه الأسماءَ بالأسماء الأصيلة، يا ترى النُّسْطُورِيَّة أيُّ هذه الطوائفِ الموجودة بأسمائها؟ الْمَلَكِيَّة؟ الْيَعْقُوبِيَّة؟ فهذه الأسماء كأنَّها عند نصارى العرب، كانت معروفة في الشام وفي مصر، ولكنها الآن انتقلتْ إليها الأسماءُ الأعجمية، وصاروا لا يعرفون الأسماءَ الأولى، ما يذكرونَها، راجعْ إذا تيسرْ لكَ يا سامي، شوف أحد ربَطَ بين الأسماء القديمة والحديثة، يعني مثلًا يقول لنا: الْيَعْقُوبِيَّة هم كذا، هم الآن يُسمَّون كذا، والْمَلَكِيَّة هم الي يُسمَّون كذا، إذا تيسَّرَ لكَ.
– القارئ: أبشِرْ، وَكَذَلِكَ إِذَا شَبَّهُوهُ بِالنَّفْسِ وَالْبَدَنِ، فَإِنَّ النَّفْسَ تَتَأَلَّمُ تَأَلُّمَ الْبَدَنِ، وَتَسْتَحِيلُ صِفَاتُهَا بِكَوْنِهَا فِي الْبَدَنِ، وَتَكْتَسِبُ عَنِ الْبَدَنِ أَخْلَاقًا وَصِفَاتٍ، فَلَوْ كَانَ هَذَا تَمْثِيلًا مُطَابِقًا لَزِمَ تَأَلُّمُ اللَّاهُوتِ بِآلَامِ الْبَدَنِ، وَأَنْ يَكُونَ مُتَأَلِّمًا بِجُوعِ الْبَدَنِ وَعَطَشِهِ وَضَرْبِهِ وَصَلْبِهِ، وَأَنْ يَكُونَ مُسْتَحِيلًا لِمَا اكْتَسَبَهُ مِنْ صِفَاتِ النَّاسُوتِ الَّذِي هُوَ عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْبَدَنِ لِلنَّفْسِ، وَأَمَّا قَوْلُهُم: إِذْ لَمْ نُهْمِلْ مَا تَسَلَّمْنَاهُ، وَلَمْ نَرْفُضْ مَا تَقَلَّدْنَاهُ، فَقَوْلُهُمْ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِ الْيَهُودِ لِلْمَسِيحِ..
– الشيخ: الظاهر أنه انتقل
– القارئ: بقيَ نصفُ صفحةٍ -أحسن الله إليك-
– الشيخ: طيب كمّل. الله يُعين.
– القارئ: فَقَوْلُهُمْ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِ الْيَهُودِ لِلْمَسِيحِ: إِنَّا لَا نُهْمِلُ مَا تَسَلَّمْنَاهُ، وَلَا نَرْفُضُ مَا تَقَلَّدْنَاهُ مِن مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ-.
وَجَوَابُ الطَّائِفَتَيْنِ مِنْ وَجْهَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا: أَنَّكُمْ بَدَّلْتُمْ وَحَرَّفْتُمُ الْكِتَابَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكُم، وَالشَّرْعَ الَّذِي شُرِعَ لَكُم، وَتَبْدِيلُ الْمَعَانِي وَالْأَحْكَامِ لَا رَيْبَ فِيهِ عِنْدَ جَمِيعِ عُقَلَاءِ الْأَنَامِ، وَمَا كَانَ عَلَيْهِ الْيَهُودُ بَعْدَ التَّبْدِيلِ لَمْ يَكُنْ هُوَ الشَّرْعَ الَّذِي شَرَعَهُ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ-
– الشيخ: الله المُستعان، نسأل الله العافية، نسأل الله الثبات..
– القارئ: وَمَا كَانَ عَلَيْهِ النَّصَارَى بَعْدَ التَّبْدِيلِ لَمْ يَكُنْ هُوَ الشَّرْعَ الَّذِي شَرَعَهُ الْمَسِيحُ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
وَالثَّانِي: أَنَّكُمْ كَذَّبْتُمْ بِالْكِتَابِ الْآخِرِ، وَالرَّسُولِ الْآخِرِ..
– الشيخ: أيش؟ وَالثَّانِي؟
– القارئ: وَالثَّانِي: أَنَّكُمْ كَذَّبْتُمْ بِالْكِتَابِ الْآخِرِ، وَالرَّسُولِ الْآخِرِالَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُم، وَمَنْ كَذَّبَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ، وَالرَّسُولَ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْهِ كَانَ كَافِرًا مُسْتَحِقًّا لِعَذَابِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مُتَّبِعًا لِشَرْعِ رَسُولٍ، وَكِتَابٍ غَيْرِ مُبَدَّلٍ، فَكَيْفَ إِذَا كَانَ قَدْ بُدِّلَ مَا بُدِّلَ مِنْ أَحْكَامِهِ وَمَعَانِيهِ؟
قال -رحمه الله تعالى-: فَصْلٌ..
– الشيخ: حسبُكْ