الرئيسية/شروحات الكتب/كتاب بلوغ المرام/كتاب الطلاق من بلوغ المرام/(12) باب العدة والإحداد – خروج المعتدة من طلاق بائن من منزلها في النهار – المتوفى عنها زوجها تعتد في بيتها
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(12) باب العدة والإحداد – خروج المعتدة من طلاق بائن من منزلها في النهار – المتوفى عنها زوجها تعتد في بيتها

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح "بلوغ المرام مِن أدلّة الأحكام" (كتاب الطّلاق)
الدّرس الثّاني عشر

***    ***    ***    ***
 
– القارئ: بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالَمين، وصلَّى الله وسلَّمَ وباركَ على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعين. قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- في "بلوغ المرام": في تتمة بَاب الْعِدَّةِ وَالْإِحْدَادِ:
وعَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- قَالَ: طُلِّقَتْ خَالَتِي، فَأَرَادَتْ أَنْ تَجُدَّ نَخْلَهَا فَزَجَرَهَا رَجُلٌ أَنْ تَخْرُجَ، فَأَتَتْ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ: (بَلْ جُدِّي نَخْلَكِ، فَإِنَّكَ عَسَى أَنْ تَصَدَّقِي، أَوْ تَفْعَلِي مَعْرُوفًا). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
– الشيخ: في هذا الحديث أنَّ خالةَ جابرٍ كانتْ مُحِدَّةً وكان لها نخلٌ فأرادتْ أن تَجُدَّهُ يعني: تُجُذَّهُ، الجَذَاذُ أو الجَدَادُ، بالدال والذال، وهو قَطْعُ القِنْوَانِ، قَطْعُ القِنْوَانِ، في القرآن غَيْرَ مَجْذُوذٍ [هود:108] أي: غيرُ مقطوعٍ.
فَزَجَرَهَا مَنْ زَجَرَهَا عن الخروج فأتَتْ النَّبيَّ تسألُهُ فقال: (جُدِّي نَخْلَكِ)، فَلعلكِ أَنْ تَصَدَّقِي. استُدلَّ بهذا أنه يجوزُ للمُحِدَّةِ أنْ تخرجَ لحاجَتِها. وهذا
– القارئ: قَالَ: طُلِّقَتْ خَالَتِي، فَأَرَادَتْ أَنْ تَجُدَّ نَخْلَهَا
– الشيخ: مُطَلَّقَة راح بالي، في الحقيقةِ هذا يجري على، المطلَّقة الرجعيَّة كالزوجة غيرُ المطلَّقة يعني تخرجُ بإذنِ زوجِها، لكن لعلَّها المطلَّقة ثلاثاً هذه يقول فيها أهلُ العلمِ أنَّها لها نوعٌ مِن الإحدادِ، وإذا كانتْ مُطلَّقة فالأمرُ بيِّنٌ ما فيهِ. أقولُ: إذا كانتْ مطلَّقةً فالإحدادُ غيرُ لازمٍ لها غايةُ الأمرُ أنْ: يُقَالُ أنَّه مُسْتَحَبٌّ.
 
– القارئ: وعَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- قَالَ: طُلِّقَتْ خَالَتِي، فَأَرَادَتْ أَنْ تَجُدَّ نَخْلَهَا فَزَجَرَهَا رَجُلٌ أَنْ تَخْرُجَ، فَأَتَتْ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: (بَلْ جُدِّي نَخْلَكِ، فَإِنَّكَ عَسَى أَنْ تَصَدَّقِي، أَوْ تَفْعَلِي مَعْرُوفًا). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَعَنْ فُرَيْعَةَ بِنْتِ مَالِكٍ: أَنَّ زَوْجَهَا خَرَجَ فِي طَلَبِ أَعْبُدٍ لَهُ، فَقَتَلُوهُ. قَالَتْ: فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي؛ فَإِنَّ زَوْجِي لَمْ يَتْرُكْ لِي مَسْكَنًا يَمْلِكُهُ وَلَا نَفَقَةً، فَقَالَ: (نَعَمْ). فَلَمَّا كُنْتُ فِي الْحُجْرَةِ نَادَانِي، فَقَالَ: (امْكُثِي فِي بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ). قَالَتْ: فَاعْتَدَدْتُ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، قَالَتْ: فَقَضَى بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ عُثْمَانُ. أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَالْأَرْبَعَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، والذُّهْلِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ وَغَيْرُهُمْ.

– الشيخ: هذا الحديثُ استَدَلَّ بِه على أنَّ مِن إحدادِ الـمُتوفَّى عنها لزومَ الـمَسْكَنِ الذي بَلَغَها خَبرُهُ وهي فيهِ، وقالَ بهذا جمهورُ أهلِ العلمِ، وتقولُ هي: أنه قضى بِهِ عثمانُ بعدَ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-.
وهذا يقولُ أهلُ العلمِ: أنه لا تجبُ لها السُّكنى، ولكنْ إذا تهيَّأَ لها البقاءُ في هذا المسكنِ، في مَسْكَنها الذي كانتْ تُقيمُ فيه فذاكَ، وإلَّا لا يلزمُها أن تستأجرَهُ، بلْ ذلكَ بحسبِ حالِها إنْ توفَّرَ لها جلسَتْ فيهِ.
وفي الحديثِ نوعُ إشكالٍ؛ لأنَّها قالتْ: إنه لمْ يتركْ لي مَسكنًا ولا نفقةً، ثم قالَ لها: (امْكُثِي فِي بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ). فهلْ هذه الحجرةُ غيرُ مَسكنِها التي كانتْ فيه؟ قالتْ: "لمْ يتركْ لي مَسْكَنًا وَلَا أيش؟ نَفَقَةً. أيش بعدها؟ تَمْلِكُهُ او يَمْلِكُهُ
– القارئ: قالت: فَإِنَّ زَوْجِي لَمْ يَتْرُكْ لِي مَسْكَنًا يَمْلِكُهُ
– الشيخ: طيَّب بعده الحديث.
– القارئ: وَعَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ زَوْجِي طَلَّقَنِي ثَلَاثًا، وَأَخَافُ أَنْ يُقْتَحَمَ عَلَيَّ، قَالَ: فَأَمَرَهَا، فَتَحَوَّلَتْ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
– الشيخ: في هذا أنَّ المطلَّقةَ ثلاثاً ينبغي لها أنْ تقيمَ -إذا تيسَّرَ لها- أنْ تقيمَ في مسكنِها، فإذا كانَ عليها حَرَجٌ في ذلك فلا بأسَ، يشهدُ لهذا حديثُ فاطمةِ بنتَ قيسٍ أنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- أمَرَهَا أنْ تَعْتَدَّ في بيتِ ابنِ أمِّ مكتومٍ، وقالَ: إنَّهُ رَجَلٌ أعْمَى لا يَرَاكِ، وهو قريبٌ لها، فاعتدَّتْ، بعدَما طَلَّقَها زوجُها الطلقةَ الثالثةَ.
وهذا يشهدُ لما يقولُه أهلُ العلمِ مِن أنَّ المطلَّقة ثلاثًا ينبغي لها أنْ تقيمَ في بيتٍ، يعني: أنْ تَعْتَدَّ ولا تخرجَ إلا لحاجةٍ، وهذا يشبهُ حالَ الـمـُتوفَّى عنها زوجُها. نعم انتهى الباب؟
– القارئ: لا، بقي أحاديث.
– الشيخ: أحاديث، إذاً قف اقرأ لنا الحديث الأول، قل: ماذا قالَ عَنِ المطلَّقةِ؟ حديث جابر.
– القارئ: شرحها البسام جميعاً الثلاثة
– الشيخ: جمعها؟ طيّب هاتَ.
– القارئ: لا، حديث جابر لوحدِه، والأحاديثُ الثلاثةُ التي بعدَهُ.
– الشيخ: طيّب هات حديث جابر نشوف. حديثُ جابر يُشبِه الحديثَ الأخيرَ له به تعلُّق.
 
– القارئ: قالَ -رحمه الله-: ما يُؤخَذُ مِن الحديثِ أنَّ المطلَّقةَ في عِدَّتِها ليستْ كالـمُتَوفَّى عنها في عدةِ الوفاةِ، فلهَا الخروجُ متى شاءَتْ معَ أنَّ الأفضلَ على وجهِ العمومِ أنَّ بقاءَ المرأةِ في بيتِها أفضلُ لها وأصونُ؛ فإنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- قالَ: (بيوتهنَّ خيرٌ لهنَّ).
– الشيخ
: هذا حكمٌ عامٌّ، لا يختصُّ بمطلَّقةٍ ولا..
– القارئ: هذا في حقِّ العبادةِ والصلاةِ معَ المسلمينَ وسماعِ الخيرِ فكيفَ معَ غيرِ ذلكَ؟
ثانياً: قالَ ابنُ القيِّمِ: إنْ قالَ معترضٌ: كيفَ فَرَّقَتِ الشريعةُ بَيْنَ الْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ مَعَ اسْتِوَاءِ حَالِ الرَّحِمِ فِيهِمَا؟
– الشيخ
: لا إله إلا الله، أصلُ عِدَّةِ الوفاةِ ليستْ لبراءةِ الرَّحِمِ، سبحان الله! لأنَّها تجبُ حتى على غيرِ المدخولِ بها، هذا هو الجوابُ، بلِ العِدَّةُ لحقِّ الزوجِ لا لبراءةِ الرَّحِمِ، بلْ وعِدَّةُ الطلاقِ كذلك، عِدَّةُ الطلاقِ: ثلاثةُ أقراءٍ، ليستْ لمجرَّدِ البراءةِ، ولهذا قالَ كثيرٌ مِنْ أهلِ العلمِ: بَأنَّ المفسوخَةَ والـمـُخْتَلِعَةَ إنما تَعْتَدُّ بحيضةٍ؛ للبراءة، أمَّا ثلاثةُ أقراءٍ فهذا لحقِّ الزوجِ ولتطويلِ فرصةِ الـمُرَاجَعَةِ، تطويلِ فرصةِ الـمُرَاجَعَةِ.
 
– القارئ: قال ابن القيم: قالَ ابنُ القيِّمِ: إنْ قالَ معترضٌ: كيفَ فَرَّقَتِ الشريعةُ بَيْنَ الْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ مَعَ اسْتِوَاءِ حَالِ الرَّحِمِ فِيهِمَا؟ 
والجوابُ: أنَّ هذا إنَّما يتبيَّنُ وجهُهُ إذا عُرِفَتِ الحكمةَ التي لأجلِها شُرِعَتِ العِدَّةُ، فإنَّ العِدَّةَ شُرِعَتْ لِعِدَّةِ حِكَمٍ: منها: العلمُ ببراءةِ الرَّحِمِ، ومنها: تعظيمُ خطرِ هذا العقدِ، ومنها: تطويلُ زمانِ الرجعةِ للمُطَلّقِ إذْ لعلَّهُ يندَمُ، ومنها: الاحتياطُ لحقِّ الزوجِ ومصلحةِ الزوجةِ وحقِّ والولدِ والقيامِ بحقِّ اللهِ الذي أوجبَهُ، ففي العِدَّةِ أربعةُ حقوقٍ: حقُّ اللهِ، وحقُّ الزوجِ، وحقُّ الزوجةِ، وحقُّ الولدِ.
ثالثاً: فَحْوى الحديثِ أنَّ الـمُحِدَّة لا تخرجُ مِن منزِلِها

– الشيخ: أنَّ الـمُحِدَّة
– القارئ: إي، هو في المطلقة.
– الشيخ: لا، أقول: ما في إحداد.
– القارئ: فَحْوى الحديثِ أنَّ الـمُحِدَّة لا تخرجُ مِن منزِلِها مدةَ الحِدَّةِ والإحداد، فهذا ما فَهِمَهُ الصحابةُ مِن أحكامِ ربِّهم، وهذا ما دعَا قريبُ المطلَّقَةِ إلى زَجْرِهَا عَن الخروجِ.
– الشيخ: ما أدري والله، أيش هل كلام؟
رابعاً: جوازُ خروجِ المطلَّقَةِ عندَ الحاجةِ.
– الشيخ
: الصنعاني علَّقَ على هذا؟
– القارئ: الصنعاني في تعليق، نعم أحسنَ الله إليكم، يقولُ الصنعانيُّ:
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ خُرُوجِ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ مِنْ مَنْزِلِهَا فِي النَّهَارِ لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ، وَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، وَقَدْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَقَالُوا: يَجُوزُ الْخُرُوجُ لِلْحَاجَةِ وَالْعُذْرِ لَيْلًا وَنَهَارًا كَالْخَوْفِ وَخَشْيَةِ
– الشيخ: لا، نحنُ جوازُ الخروجِ للحاجةِ واضحٌ ولا إشكالَ فيه، ولكنَّ القولَ بوجوبِ البقاءِ وعدمِ الخروجِ وجعلُ هذا هو الأصلُ هذا هو الذي نحتاجُ إلى ذكرِ الدليلِ عليه، هذا ما فيهِ إلا أنَّ هذا الرجلَ زجرَهَا عن الخروجِ كأنَّه على وجهِ الأولويةِ والأفضليةِ.
 
– القارئ: وَقَدْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَقَالُوا: يَجُوزُ الْخُرُوجُ لِلْحَاجَةِ وَالْعُذْرِ لَيْلًا وَنَهَارًا كَالْخَوْفِ وَخَشْيَةِ انْهِدَامِ الْمَنْزِلِ، وَيَجُوزُ إخْرَاجُهَا إذَا تَأَذَّتْ بِالْجِيرَانِ، أَوْ تَأَذَّوْا بِهَا أَذًى شَدِيدًا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ .. [الطلاق:1]
– الشيخ: هذا في الرجعيَّة، الآية الصحيح أنَّها في الرجعيةِ لا المطلَّقة الـمَبْتُوتة، المطلَّقة الرجعية لها السُّكنى والنفقة، وغيرُ الرجعيةِ حُرَّةٌ، مبتوتةٌ، تسكنُ حيث شاءَتْ مما تأمَنُ فيه على نفسِها، كمَا جاءَ في قصةِ فاطمةِ بنتِ قيسٍ.
 
– القارئ: وَفَسَّرَ الْفَاحِشَةَ بِالْبَذَاءَةِ عَلَى الْأَحْمَاءِ وَنحوهِم، وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ إلَى جَوَازِ خُرُوجِهَا نَهَارًا مُطْلَقًا دُونَ اللَّيْلِ؛ لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ، وَقِيَاسًا عَلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ
– الشيخ: هذا كلامُ الصنعاني؟ أيش يقول كمل؟
– القارئ: قال: وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ إلَى جَوَازِ خُرُوجِهَا نَهَارًا مُطْلَقًا دُونَ اللَّيْلِ لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ وَقِيَاسًا عَلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ عُلِّلَ فِيهِ جَوَازُ الْخُرُوجِ بِرَجَاءِ أَنْ تَصَّدَّقَ، أَوْ تَفْعَلَ مَعْرُوفًا، وَهَذَا عُذْرٌ فِي الْخُرُوجِ، وَأَمَّا لِغَيْرِ عُذْرٍ، فَلَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّمَا رَجَاءُ فِعْلِ ذَلِكَ، وَقَدْ يُرْجَى فِي كُلِّ خُرُوجٍ فِي الْغَالِبِ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ الصَّدَقَةِ مِنْ التَّمْرِ عِنْدَ جِدَادِهِ، وَاسْتِحْبَابِ التَّعْرِيضِ لِصَاحِبِهِ بِفِعْلِ الْخَيْرِ وَالتَّذْكِيرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالْبِرِّ.

– الشيخ: المهم لمْ يذكرُوا الدليلَ الذي يُعوَّلُ عليهِ ويصلُحُ لتحريمِ خروجِ الـمُعتدَّة.
– القارئ: الأحاديث الأخرى أحسن الله إليكم.
– الشيخ: إي، شوف أريدُ الجوابَ على الإشكالِ الذي ذكرتُه، ذكرَتْ أنَّه لمْ يتركْ لها مسكناً تَسْكُنُهُ ولا نفقةً، ثم بعد ذلكَ قالَ: (امْكُثِيْ في حُجْرَتِكِ) هلْ هو تعرَّضَ لهذا؟ الصنعاني ولَّا. هات هات اقرأ، هات البَسَّام لأنه مركز، جمعَ الثلاثة اقرأ.
 
– القارئ: نعم، أحسنَ الله إليك، شرحَ حديثَ فُرَيْعَةَ بِنْتِ مَالِكٍ وحديث فاطمة بنتُ قيسٍ، قالَ ما يُؤْخَذُ مِن الحديثينِ:
في حديثِ فُرَيْعَةَ قالَ: أنَّ زوجةَ المتوفَّى يجبُ عليها أنْ تقضي عِدَّتَها وحِدَادِها في البيتِ الذي تُوفِّي زوجِها وهِيَ تَسْكُنُهُ، وأنَّه لا يحلُّ لها الانتقالُ منه حتى يبلغَ الكتابُ أجلَهُ بانقضاءِ عِدَّتها وحِدَادِها؛ وذلكَ بوضعِ الحَمْلِ إنْ كانتْ حاملًا، أو بإتمامِ أربعةِ أشهرٍ وعشرةِ أيامٍ لغيرِ ذاتِ الحملِ.

– الشيخ: يعني لأنَّ مُكْثَهَا في البيتِ مِن الإحدادِ، الإحدادُ يشملُ ما تقدَّمَ مِن تركِ الزينةِ بأنواعِها، ويشمَلُ الـمُكْثَ في البيتِ الذي كانتْ تسكنُهُ.
 
– القارئ: ثانيًا: ووجوبُ بقاءِ زوجةِ المتوفَّى في البيتِ الذي ماتَ وهِيَ تَسْكُنُهُ، هو مذهبُ جماعةٍ مِن السَّلَفِ والخَلَفِ.
وهو مذهبُ الأئمةِ الثلاثةِ: أبي حنيفة، والشَّافعيّ، وأحمد، وأتباعُهُم.
قالَ ابنُ عبدِ البَرِّ: وبِهِ قالَ جماعةٌ مِن فقهاءِ الأمصارِ بالحجازِ، والشامِ، ومصرَ، والعراقِ، وقَضَى بِه عُمَرُ بمحضرٍ مِن الصحابةِ مِن المهاجرينَ والأنصارِ؛ والدليلُ حديثُ فريعة، ولمْ يطعنْ فيهِ أحدٌ، ولا في رواتِهِ.
ثالثًا: أجازَ العلماءُ تحوُّلَ زوجةِ المتوفَّى مِن المنزلِ الذي ماتَ زوجُها وهي تَسْكُنُهُ إلى منزلٍ آخر عندَ الضرورةِ، كأنْ تخافَ على نفسِها، أو على مالِها، أو لتحويلِ مالكِهِ لها منه، أو طلبِهِ أجرةً أكثرَ مِن أجرةِ مثلِهِ، أو لمْ تجدْ ما تَكْتَرِي بِه، ونحو ذلكَ مِن الأعذارِ؛ فحينئذٍ يجوزُ لها الانتقالُ حيثُ شاءَتْ.
رابعاً..

– الشيخ: المسألةُ التي ذكرتُ ما تعرَّضَ لها، حيثُ ذكرَتُ أنه ليسَ لزوجِها مسكنًا يملكُهُ ثمَّ يقولُ لها: (امْكُثِيْ في حُجْرَتِكِ) فهذهِ الحُجْرَةُ لم يتعرَّضْ لها المؤلِّفُ.
 
– القارئ: سابعاً: أمَّا حكمُ سُكْنَى المطلَّقةِ على زوجِها: فإنْ كانتْ مطلَّقَةً رجعيّةً..
– الشيخ: ها! انتقلنا إلى المطلَّقة؟
– القارئ: إي نعم، قالَ: أمَّا حكمُ سُكْنَى المطلَّقةِ على زوجِها:
فإنْ كانتْ مطلَّقَةً رجعيّةً، فتجبُ نفقتُها وسُكْنَاهَا كالزوجةِ.

– الشيخ: هذا معلومٌ.
– القارئ: وإنْ كانتْ مُبَانَةٍ بِفَسْخٍ أو طلاقٍ، فليسَ لها على زوجِها، ولا على أهلِه شيءٌ.
قالَ ابنُ القَيِّمِ: المطلَّقَةُ البائنُ لا نفقةَ لها، ولا سكْنَى بسنةِ رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- الصحيحةِ

– الشيخ: لحديث فاطمةُ بنتُ قَيسٍ.
– القارئ: الموافقةُ لكتابِ اللهِ، وهِيَ مُقْتَضَى القياسِ، ومذهبُ أهلِ الحديثِ.
ثامناً: وحديثُ البابِ جاءَ لبيانِ حكمِ بقاءِ المطلَّقةِ في البيتِ الذي كانتْ تسكُنُهُ وقتَ طلاقِها مِن عدمِهِ؛ ليكونَ مقابِلَ وجوبِ بقاءِ المعتدَّةِ بالوفاةِ في البيتِ الذي ماتَ زوجُها وهِيَ تسكُنُهُ.

– الشيخ: لا، أعد هذا.
– القارئ: وحديثُ البابِ جاءَ لبيانِ حكمِ بقاءِ المطلَّقةِ
– الشيخ: أيُّ حديث؟
– القارئ: فاطمةَ بنتِ قيسٍ.
جاءَ لبيانِ حكمِ بقاءِ المطلَّقةِ في البيتِ الذي كانتْ تسكُنُهُ وقتَ طلاقِها مِن عدمِهِ؛ ليكونَ مقابِلَ وجوبِ بقاءِ المعتدَّةِ بالوفاةِ في البيتِ الذي ماتَ زوجُها وهِيَ تسكُنُهُ.
تاسعًا: أنَّه لا يجوزُ للمرأةِ أنْ تنفرِدَ بمسكنٍ ليسَ معَها فيهِ أحدٌ، إذا كانتْ تخافُ على نفسِها مِن أهلِ الفسادِ؛ فيجبُ على وليِ أمرِها أنْ يأمرَها بالتحوُّلِ منه.
عاشرًا: الطَّلاقُ الثلاثُ الذي ذكرتْهُ السائلةُ -فاطمةُ بنتُ قيسٍ رضيَ الله عنها- يُحتمَلُ أنَّه وقعَ دفعةً واحدةً،

– الشيخ: لا، الصحيحُ أنه آخرُ الطلَقَاتِ، آخرُ الطلَقَاتِ الثلاثِ.
– القارئ: ويُحتمَلُ أنَّه نهايةُ ما لها في عِدَّةِ الطَّلَقَاتِ، وفَحْوَاهُ يدلُّ على أنَّه أوقعَهُ عليها دفعةً واحدةً، ولكنْ لمْ يُسَقِ الحديثُ لبيانِ جوازِه مِن عدمِهِ.
أحسنَ الله إليك، الـمُتوفَّى عنها قالَ:
العِدَّةُ والإحدادُ الواجبانِ على المرأةِ هو ما ذُكِرَ في قولِ اللهِ -تعالى-: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا [البقرة:234]
قال: أمَّا الآية السابقة وقد ذكرها وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ 

– الشيخ: الآيةُ الأولى ناسخةٌ للثانية.
– القارئ: فَهِيَ تُرْشِدُ إلى أفضلِ وأولى ما ينبغي لأهلِ الميتِ أنْ يفعلُوهُ معَ زوجةِ ميِّتِهِم؛ وذلكَ أنَّه -تعالى- يوصيهِم بأنْ يَسْتَوْصُوا بزوجتِهِ خيرًا،
– الشيخ: يعني: هذا أنَّ مَنْ يقولُ: أنَّ الآيةَ الأخرى مُحكمةٌ، فهذه فيها الوصيةُ، الأولى في العِدَّةِ، والثانيةُ في الوصيةِ وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ ليستْ على سبيلِ الوجوبِ، بلْ على سبيلِ.. وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ هذا البسَّام يقوله؟
– القارئ: نعم، أحسنَ الله إليك.
– الشيخ: الله المستعان.
– القارئ: والصنعاني تكلَّم على حديثِ فُرَيْعَة.
قال: وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا تَعْتَدُّ فِي بَيْتِهَا الَّذِي نَوَتْ فِيهِ الْعِدَّةَ، وَلَا تَخْرُجُ مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ. وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ.
وَفِي ذَلِكَ عِدَّةُ رِوَايَاتٍ وَآثَارٍ عَنْ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَقَالَ بِهَذَا أَحْمَدُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَبِهِ يَقُولُ جَمَاعَةٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ بِالْحِجَازِ وَالشَّامِ وَمِصْرَ وَالْعِرَاقِ، وَقَضَى بِهِ عُمَرُ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ.
وَالدَّلِيلُ حَدِيثُ الْفُرَيْعَةِ وَلَمْ يَطْعَنْ فِيهِ أَحَدٌ، وَلَا فِي رُوَاتِهِ إلَّا مَا عَرَفْتَ، وَقَدْ دُفِعَ.
وَيَجِبُ لَهَا السُّكْنَى فِي مَالِ زَوْجِهَا

– الشيخ: هذا جديدٌ.
– القارئ: وَيَجِبُ لَهَا السُّكْنَى فِي مَالِ زَوْجِهَا لِقَوْلِهِ -تَعَالَى-: غَيْرَ إِخْرَاجٍ وَالْآيَةُ وَإِنْ كَانَ قَدْ نُسِخَ فِيهَا اسْتِمْرَارُ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ حَوْلًا فَالسُّكْنَى بَاقٍ حُكْمُهَا مُدَّةَ الْعِدَّةِ، وَقَدْ قَرَّرَ الشَّافِعِيُّ الِاسْتِدْلَالَ بِالْآيَةِ بِمَا فِيهِ تَطْوِيلٌ.
وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ إلَى أَنَّهُ لَا سُكْنَى لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا.

– الشيخ: يعني: لَا سُكْنَى ولا نَفَقَة مِن بابِ أولى.
– القارئ: والآن العمل على هذا أحسن الله إليك.
– الشيخ: هذا هو مذهبُ الحنابلة.
– القارئ: إلَى أَنَّهُ لَا سُكْنَى لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا.
رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّهَا كَانَتْ تُفْتِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا بِالْخُرُوجِ فِي عِدَّتِهَا.
وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- أَنَّهُ قَالَ إنَّمَا قَالَ اللَّهُ: تَعْتَدُّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا وَلَمْ يَقُلْ تَعْتَدُّ فِي بَيْتِهَا فَتَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ.

وهذه بأسانيد صحيحة
– الشيخ: رأي ابنُ حزمٍ على هذا ويُنافِحُ عنه.
– القارئ: ابنُ حزم ذكرَ أنه يُضَعِّفُ حديثَ فُرَيعَة. وما ثبتَ عَن عائشةَ وابنِ عباسٍ بأسانيدَ صحيحة أحسنَ الله إليكم.
وَمِثْلُهُ أَخْرَجَهُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَمِثْلُهُ عَنْ..
– الشيخ: معَ هذا الواقعُ، أقول: ما يُشدَّد في الأمر وبس، مع أن القائلينَ بِه يُشددونَ يقولونَ: لو خرجتْ الحجَّ ترجِعُ إذا أمكنَها الرجوعُ.
 
– القارئ: وَمِثْلُهُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْهَادِي. وَدَلِيلُهُمْ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ مِنْ أَنَّهُ -تَعَالَى- ذَكَرَ مُدَّةَ الْعِدَّةِ وَلَمْ يَذْكُرْ السُّكْنَى.
وَالْجَوَابُ: أَنَّهُ ثَبَتَ بِالسُّنَّةِ، وَهُوَ حَدِيثُ فُرَيْعَةِ، وَبِالْكِتَابِ أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنَّ حَدِيثَ فُرَيْعَةِ صَرَّحَتْ فِيهِ أَنَّ الْبَيْتَ لَيْسَ لِزَوْجِهَا، فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ مِنْ الْبَيْتِ الَّذِي مَاتَ وَهِيَ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ، أَم لَا.

– الشيخ: أقولُ: هذهِ هي النُّكتة.
– القارئ: وَقَدْ أَطَالَ فِي الْهَدْيِ النَّبَوِيِّ -ابنُ القيم رحمه الله- الْكَلَامَ عَلَى مَا يَتَفَرَّعُ مِنْ إثْبَاتِ السُّكْنَى وَهَلْ تَجِبُ عَلَى الْوَرَثَةِ مِنْ رَأْسِ التَّرِكَةِ، أَوْ لَا؟ وَهَلْ تَخْرُجُ مِنْ مَنْزِلِهَا لِلضَّرُورَةِ، أَمْ لَا؟ وَذَكَرَ خِلَافًا كَثِيرًا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ لَيْسَ لِلتَّطْوِيلِ بِنَقْلِهِ كَثِيرُ فَائِدَةٍ، إذْ لَيْسَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْفُرُوعِ دَلِيلٌ نَاهِضٌ.
– الشيخ: أحسنتَ محمد.
– القارئ: والراجحُ -أحسنَ الله إليك- لها السُّكنى يعني الآن المـُحدَّة الآن؟
– الشيخ: الحديثُ فيه الأمرُ بأنْ تبقى في حُجْرَتِها حتى يبلغَ الكتابِ أجَلَهُ، هذا نصُّ ولفظ الحديث، تمكث في حجرتها، وهذه الحُجْرة يَظهرُ أنه إمَّا أنها لها أو مُستأجَرة، لأنَّ ذكرتْ أنه ليسَ لزوجِها مسكنٌ يملكه.
– القارئ: وتكون من التَرِكَةِ؟
– الشيخ: لا، ما أدري، ما أقول شيء.
الحنابلةُ يقولونَ أنَّ عليها أنْ تسكنَ إذا أُمِّنَ لها السكنَ، إذا تهيَّأَ لها أنْ تسكنَ في هذا البيتِ يجبُ أن تسكنَ، إذا لم يتهيَّأْ فهي معذورةٌ تعتدُّ حيثُ شاءتْ.
 
 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :الحديث وعلومه