بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح "بلوغ المرام مِن أدلّة الأحكام" (كتاب الطّلاق)
الدّرس الثّالث عشر
*** *** *** ***
– القارئ: بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وصلَّى الله وسلَّمَ وباركَ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعينَ، قالَ الحافظُ ابن حجرٍ -رحمَه الله تعالى- في "بلوغ المرام" في تتمَّةِ بابِ العدَّةِ والإحداد:
وعَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رضي الله عنه- قَالَ: "لَا تُلْبِسُوا عَلَيْنَا سُنَّةَ نَبِيِّنَا، عِدَّةُ أُمِّ الولَدِ إِذَا تُوفِّيَ عَنْهَا سَيِّدُهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وعَشْرًا". رَواهُ أَحْمَدُ، وأبو دَاودَ، وابْنُ مَاجَهْ، وصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وأَعَلَّهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِالِانْقِطَاعِ.
– الشيخ: هذا الحديثُ الذي يذكرُه عمرو بن العاصِ -رضي الله عنه- الصحابيُّ المعروفُ الجليلُ -رضي الله عنه- يقول: "لَا تُلْبِسُوا عَلَيْنَا سُنَّةَ نَبِيِّنَا عِدَّةُ أُمِّ الولَدِ الـمُتوفَّى عَنْهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وعَشْرًا".
يعني: كأنَّ هذا الأسلوبَ يَدلُّ على أنَّ فيه [هناك] نزاعٌ، فيه [هناك] مَن يرى أنَّ عدة أم الولدِ غيرُ ذلك، يمكن تكون نصف؛ لأنَّ الزوجةَ -الأمةَ- يعني إذا تزوجَ الإنسانُ أَمَةً وتُوفي عنها، لو طلَّقها عدَّتها شهران أو حَيْضَتَانِ، على النصف، هذا هو المشهورُ عندَ كثيرٍ مِن أهلِ العلمِ. وكذلكَ لو تُوفي عنها عِدَّتُها شهرانِ كلّها على النِّصف، على النِّصفِ.
وأمُّ الولدِ هِيَ التي تَسَرَّاهَا سيِّدُها وحملَتْ منه وأتَتْ بولدٍ -أتَتْ بولدٍ مِن سيدِها- تصبحُ هذه تُعرَفُ في الشرعِ: "أُمَّ ولدٍ" و"أمُّ الولَدِ" يتعلَّقُ بها مسائلُ:
منها حكمُ بيعِ أمهاتِ الأولادِ، هل يجوزُ بَيْعُهُنَّ على أنَّهنَّ إماءُ أو لا يجوزُ بَيْعُهُنَّ؟
ومِن أحكامِهنَّ أنَّ إحداهُنَّ تَعْتُقُ إذا تُوفِّيَ عنها تَعْتُقُ، فإذا تُوفِّيَ الرجلُ عَن أمِّ ولدِه عندَه أمُّ ولدٍ أَمَةٌ تَسَرَّاهَا وولدَتْ فصارَتْ أمَّ وَلَدٍ، إذا تُوفِّيَ عنها يا تُرى: فهل عدَّتها عِدَّةُ الزوجاتِ؟ المذكورة في قولِه: والَّذِينَ يُتَوفَّونَ مِنكُمْ ويَذَرُونَ أَزْواجًا أزواج صريحة ويَذَرُونَ أَزْواجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إلى آخرِ الآية [البقرة:234] هذا في الزوجاتِ الآية نصٌّ صريحٌ، في أنَّ عِدَّةَ الزوجةِ التي تُوفِّيَ عنها زوجُها أربعةُ أشهرٍ وعشرًا، مطلقاً سواءً كانت -كما تقدَّمَ- مدخولٌ بها أو غيرَ مدخولٍ بها، حُرَّةً أو أَمَةً، لكن الأَمَةُ فيها بحثٌ تخصيص، مثل ما أنَّها هذه الآية مخصوصةٌ بالحواملِ، فالحاملُ الـمُتَوفَّى عنها إذا وضعَتْ حملَها خرجَتْ مِن عدَّتها.
لكن نبقى في أمِّ الولد هل هي زوجة؟ لا، ليستْ زوجةً، فبناءً على أنها ليستْ زوجةً فقد يُؤخَذُ مِن هذا أنَّ عِدَّتَها تختلفُ عن عِدَّةِ الزوجاتِ، بَلْ رُبَّما يُقالُ: أنه ليسَ عليها عدةٌ؛ لأنَّها ليستْ زوجةً، لكن إذا كانت هذه الأَمَةُ صارت أمَّ وَلَدٍ يمكن أنْ يُزوِّجَها سيِّدُها، إذا تُوفِّيَ عنها سيدُها، فلا يظهرُ أنْ تكونَ لها عِدَّةٌ؛ لأنَّها ليستْ زوجةً، هِيَ أَمَةٌ، لكن لو تزوَّجَتْ لو زَوَّجَها سَيِّدُها، ثمَّ تُوفِّيَ عنها زوجُها فإنَّها تدخلُ في العمومِ، وقد يكونُ حكمُها حكمَ سائرِ الإِمَاءِ في جانبِ التَّنْصيفِ.
إذاً فالمسألةُ فيها اختلافٌ، وهذا الأثرُ عَن عمروٍ -رضي الله عنه- يقتضي، يقولُ: (لَا تُلْبِسُوا عَلَيْنَا سُنَّةَ نَبِيِّنَا) إذاً الحديثً مرفوعٌ بهذا الكلامِ، لَه حكمُ الرفعِ. أعد الحديث.
– القارئ: وعَنْ عمرو بن الْعَاصِ -رضي الله عنه- قَالَ: لَا تُلْبِسُوا عَلَيْنَا سُنَّةَ نَبِيِّنَا، عِدَّةُ أُمِّ الولَدِ إِذَا تُوفِّيَ عَنْهَا سَيِّدُهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وعَشْرًا. رَواهُ أَحْمَدُ، وأبو دَاودَ، وابْنُ مَاجَهْ، وصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ،
– الشيخ: الآن صار الموضوع -موضوعُ هذا الحديثِ- فيما إذا تُوفِّيَ عنها سيدُها، ليسَ زوجًا، بل سيدُها، وهي أمُّ ولدٍ، فيظهر الآن مِن هذا أنَّ هذا خلافُ ظاهرِ القرآنِ، فلو صحَّ هذا عَن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- وجبَ القولُ به فإنَّ سنةَ النبي أصلٌ في التشريعِ، وأصلٌ في الأحكامِ كالقرآنِ، كالقرآنِ، ولكن هذا يقولُ المصنف: أنَّ الحديثَ معلولٌ، والمعلولُ مِن قسمِ الضعيفِ. اقرأ شرحه.
– القارئ: أحسنَ اللهُ إليك، الصنعاني؟
الصنعاني الأفضل، قال -رحمه الله بعد أن ذكر الحديث- قال: وأَعَلَّهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِالِانْقِطَاعِ
– الشيخ: خلص المنقطعُ هو مِن قسمِ المردودِ، وهو ما سَقَطَ منه راوٍ، يعني: السندُ مِن شروطِ الصحيحِ الاتصالُ، أن يكون السندُ متصلاً بالرواةِ العُدُولِ الضابطينَ، فإذا سقطَ منه راوٍ بأنْ روى الراوي عَمَّنْ لمْ يدركْهُ، عَمَّنْ لمْ يسمعْ منه، يصيرُ السندُ منقطعاً.
– القارئ: وذَلِكَ لِأَنَّهُ مِنْ رِوايَةِ قُبَيْصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ
– الشيخ: قَبِيْصَةَ
– القارئ: ضَبَطَهَا قُبيصة. مِنْ رِوايَةِ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ عَنْ عمروِ بنِ الْعَاصِ ولَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ قَالَه الدَّارَقُطْنِيُّ، وقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ
– الشيخ: سبحان الله! قَبْيصَة صحابي
– القارئ: لعلَّهُ: ابنُ ذُؤَيْبٍ، آخر تابعي يعني.
– الشيخ: تابعي يقول قَبْيصَة ابن؟
– القارئ: ابنُ ذُؤَيْبٍ.
– الشيخ: ابنُ ذُؤَيْبٍ، ذاكَ ابنُ مُخارق صح، قَبِيصَةَ بنُ مُخارق
– القارئ: وهذا ضبطها بضمِّ القافِ.
– الشيخ: يمكن، يمكن، لأجلِ أنه قُبَيْصَة، لكن التسميةُ عندَهم قَبَيْصَة.
– القارئ: ولَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ قَالَه الدَّارَقُطْنِيُّ، وقالَ ابنُ المنذِر: ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وأبو عُبَيْدٍ، وقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى: سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْهُ، فَقَالَ: لَا يَصِحُّ، وقَالَ الْمَيْمُونِيُّ: رَأَيْت أَبَا عُبَيْدِ اللَّهِ يَعْجَبُ مِنْ حَدِيثِ عمرو بن الْعَاصِ هَذَا.
– الشيخ: إنه لعجيب!
– القارئ: ثُمَّ قَالَ: أَيُّ سُنَّةٍ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- فِي هَذَا؟ وقَالَ: أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وعَشْرًا، إنَّمَا هِيَ عِدَّةُ الْحُرَّةِ عَنْ النِّكَاحِ، وإِنَّمَا هَذِهِ أَمَةٌ خَرَجَتْ عَنْ الرِّقِّ إلَى الْحُرِّيَّةِ، وقَالَ الْمُنْذِري: فِي إسْنَادِ حَدِيثِ عَمْرٍو: مَطْرُ بْنُ طَهْمَانَ أبو رَجَاءٍ الورَّاقُ، وقَدْ ضَعَّفَهُ غَيْرُ واحِدٍ
– الشيخ: هذا زيادةٌ في التضعيفِ
– القارئ: ولَهُ عِلَّةٌ ثَالِثَةٌ هِيَ الِاضْطِرَابُ؛ لِأَنَّهُ رُويَ عَلَى ثَلَاثَةِ وجُوهٍ، وقَالَ أَحْمَدُ: حَدِيثٌ مُنْكَرٌ،
– الشيخ: انتهى. كمّل، كمّل، شوف.
– القارئ: وقَالَ أَحْمَدُ: حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وقَدْ رَوى خِلَاسٌ عَنْ عَلِيٍّ مِثْلَ رِوايَةِ قَبِيصَةَ عَنْ عَمْرٍو ولَكِنَّ خِلَاسَ بْنَ عَمْرٍو قَدْ تَكَلَّمَ فِي حَدِيثِهِ، كَانَ ابْنُ مَعِينٍ لَا يَعْبَأُ بِحَدِيثِهِ، وقَالَ أَحْمَدُ: فِي رِوايَتِهِ عَنْ عَلِيٍّ يُقَالُ إنَّهَا كِتَابٌ، وقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: رِوايَةُ خِلَاسٍ عَنْ عَلِيٍّ ضَعِيفَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ.
ثم قالَ الصنعاني: والْمَسْأَلَةُ فِيهَا خِلَافٌ، ذَهَبَ إلَى مَا أَفَادَهُ حَدِيثُ عَمْرٍو الْأوزَاعِيُّ والنَّاصِرُ والظَّاهِرِيَّةُ
– الشيخ: سبحان الله! سبحان الله!
– القارئ: ذَهَبَ إلَى مَا أَفَادَهُ حَدِيثُ عَمْرٍو الأوزاعيُّ والنَّاصِرُ والظَّاهِرِيَّةُ
– الشيخ: الأوزاعي، والنَّاصِرُ، والظَّاهِرِيَّةُ إنه لعجيب!
– القارئ: وآخَرُونَ. وذَهَبَ مَالِكٌ والشَّافِعِيُّ وأَحْمَدُ وجَمَاعَةٌ إلَى أَنَّ عِدَّتَهَا حَيْضَةٌ
– الشيخ: حيضة؛ لأنَّها ليستْ زوجةً ولا مطلَّقة ولا
– القارئ: لِأَنَّهَا لَيْسَتْ زَوجَةً، ولَا مُطَلَّقَةً فَلَيْسَ إلَّا اسْتِبْرَاءُ رَحِمِهَا، وذَلِكَ بِحَيْضَةٍ تَشْبِيهًا بِالْأَمَةِ يَمُوتُ عَنْهَا سَيِّدُهَا، وذَلِكَ مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ..
– الشيخ: الأمَة يعني.
– القارئ: الأمة. وقَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَحِيضُ اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ ولَهَا السُّكْنَى، وقَالَ أبو حَنِيفَةَ: عِدَّتُهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ، وهو قَولُ عَلِيٍّ وابْنِ مَسْعودٍ وذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ إنَّمَا وجَبَتْ عَلَيْهَا وهِيَ
– الشيخ: المهم أنَّها لا تعتدُّ عند هؤلاء كلِّهم، لا تعتدُّ عدةَ وفاة.
– القارئ: وذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ إنَّمَا وجَبَتْ عَلَيْهَا وهِيَ حُرَّةٌ ولَيْسَتْ بِزَوجَةٍ، فَتَعْتَدُّ عِدَّةَ الوفَاةِ، ولَا أَمَةٍ فَتَعْتَدُّ عِدَّةَ الْأَمَةِ فَوجَبَ
– الشيخ: أنتَ تقولُ عدة الوفاة؟
– القارئ: لا، هذا من كلام الصنعاني.
وذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ إنَّمَا وجَبَتْ عَلَيْهَا وهِيَ حُرَّةٌ ولَيْسَتْ بِزَوجَةٍ فَتَعْتَدُّ عِدَّةَ الوفَاةِ، ولَا أَمَةٍ
– الشيخ: اصبر اصبر وجَبَتْ عَلَيْهَا وهِيَ حُرَّةٌ ولَيْسَتْ بِزَوجَةٍ، فَتَعْتَدُّ عِدَّةَ الوفَاةِ. أيش بعدها؟
– القارئ: وذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ إنَّمَا وجَبَتْ عَلَيْهَا وهِيَ حُرَّةٌ ولَيْسَتْ بِزَوجَةٍ فَتَعْتَدُّ عِدَّةَ الوفَاةِ، ولَا أَمَةٍ
– الشيخ: هذا ليسَ فيه إثبات، يقول: "لَيْسَتْ بِزَوجَةٍ فَتَعْتَدُّ". العبارةُ فيها إيهامٌ. "إنَّها وجبَتْ عليها وهي حرةٌ وليستْ زوجةً حتى تعتدَّ" ليستْ زوجةً عدة الوفاةِ إنما تجبُ على الزوجةِ، وهذه وجبتْ عليها وهي أمُّ ولدٍ فصارت حرةً، فليستْ زوجةً حتى تعتدَّ، فالعبارةُ تُوهِمُ أنه إثباتٌ لهذا الحكمِ، وليسَ كذلك.
– القارئ: ولَيْسَتْ بِزَوجَةٍ فَتَعْتَدُّ عِدَّةَ الوفَاةِ، ولَا أَمَةٍ فَتَعْتَدُّ عِدَّةَ الْأَمَةِ فَوجَبَ أَنْ يُسْتَبْرَأَ رَحِمُهَا بِعِدَّةِ الْحَرَائِرِ
– الشيخ: تمام، تمام.
– القارئ: ثم ذكرَ قال: قُلْت: وقَدْ عَرَفْت مَا فِي حَدِيثِ عَمْرٍو مِنْ الْمَقَالِ، فَالْأَقْرَبُ قَولُ أَحْمَدَ والشَّافِعِيِّ أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِحَيْضَةٍ، وهو قَولُ ابْنِ عُمَرَ وعُرْوةَ بْنِ الزُّبَيْرِ والْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ والشَّعْبِيِّ والزُّهْرِيِّ؛
– الشيخ: والله العجيب بس من الظاهرية! هم هم الظاهرية! عندهم
– القارئ: يُحسِّنونَ الحديثَ.
– الشيخ: والله ما أدري.
– القارئ: الراجحُ قولُ أحمد -أحسنَ اللهُ إليك- والشافعيّ؟
– الشيخ: هذا هو الظاهر، ظاهرُ القرآن، ما في عدة أربعة أشهرٍ وعشراً إلا للزوجةِ، وهذه ليستْ زوجةً، والآيةُ صريحةٌ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ فمن أين؟ سبحان الله! البسام عنده شيء إضافة.
– القارئ: البسَّام صحَّح الحديث
– الشيخ: وأثبتَ الحكمَ؟
– القارئ: البسام جمع ثلاثة أحاديث وشرحها جميعاً.
– الشيخ: هذا هذا، المسألة، المسألة، وأيش قال فيها؟
– القارئ: قال: إذا ماتَ سيدُ أمِّ الولدِ، فحديثُ البابِ يدلُّ على أنَّها تعتدُّ وتَحُدُّ أربعةَ أشهرٍ وعشرةَ أيامٍ؛ كالزوجةِ الحرةِ.
ثالثاً: أمُّ الولدِ عتْقُهَا مُرَاعَىً بموتِ سيدِهَا، فَلا تُعْتَقُ قبلَهُ، فإذا ماتَ سَبَّبَ موتِهِ عتقُهَا، فهِيَ في عدادِ الإِماءِ؛ لِذَا فإنَّهُ ليسَ لها عِدَّةٌ، وإنَّما تُسْتَبْرَأُ بحيضةٍ واحدةٍ، يُعلمُ بها براءةَ رَحِمَهَا إنْ كانتْ تحيضُ، وإنْ كانتْ لا تحيضُ، فاستبراؤُهَا بمضيِّ شهرٍ مِنْ وفاتِهِ؛ لأنَّها ليسَتْ زوجةً، ولا في عِدادِ الزوجاتِ؛ وإلى هذا ذهبَ الأئمةُ الثلاثةُ: مالكٌ، والشافعيُّ، وأحمدُ، وأتباعُهم، وجماعةٌ مِن السَّلَفِ.
– الشيخ: ومن تخلَّف؟
– القارئ: وقدْ ذهبَ إلى ما أفادَهُ الحديثُ: الأوزاعيُّ، والظاهريةُ.
– الشيخ: لا، كمَا عندَ الصنعانيّ، لا الثلاثة الثلاثة: أحمد؟
– القارئ: وإلى هذا ذهبَ الأئمةُ الثلاثةُ: مالكٌ، والشافعيٌّ، وأحمدُ، وأتباعُهم، وجماعةٌ مِن السلفِ.
– الشيخ: ومالك؟
– القارئ: مالك ذكرَهُ مالكٌ، والشافعيٌّ، وأحمدُ،
– الشيخ: وأبو حنيفة أيش يقول؟
– القارئ: سيذكر الآن. وقد ذهبَ إلى ما أفادَهُ الحديثُ: الأوزاعيُّ، والظاهريةُ.
أمَّا الحنفيةُ: فَعِدَّةُ أمِّ الولدِ عندَهم ثلاثُ حِيَضٍ؛
– الشيخ: سهل، سهل بس أخذوا منحىً آخر في الاستبراءِ.
– القارئ: وقالَ بِه بعضُ الصحابةِ.
قالَ ابنُ رشدٍ: سببُ الخلافِ: أنَّ أمَّ الولدِ مسكوتٌ عنها في الكتابِ والسنةِ؛ فهيَ مُتردِّدةُ الشَّبَهِ بينَ الأَمَةِ والحُرَّةِ.
– الشيخ: مُتردِّدةٌ بينَ الأَمَةِ والحُرَّةِ لا بأسَ، لكنَّها ليستْ زوجةً، هذا الكلام.
– القارئ: قالَ شارحُ الكتابِ: وأقربُ الأقوالِ قولُ أحمد، والشافعيُّ: أنَّها تَعْتَدُّ بحيضةٍ؛ ثمَّ ذكرَ كلامَ الشارحِ السابقَ
– الشيخ: يعني الصنعاني؟
– القارئ: إي نعم.
– الشيخ: أيش الحديث اللي بعد هذا بس؟
– القارئ: وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: إِنَّمَا الْأَقْرَاءُ: الْأَطْهَارُ. أَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي قِصَّةٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.
– الشيخ: هذه مسألةٌ عظيمةٌ، وفيها خلافٌ واسعٌ وطويلٌ، ولهمْ استدلالاتٌ، مسألةِ الأَقْرَاءِ، ما المرادُ بالأقراءِ في قولِه تعالى: والْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ [البقرة:228]؟ فيُقالُ: قُرُوءٌ أو أَقْرَاءٌ، هل الأَقْرَاءُ هِيَ الأطهارُ أمْ الحِيَضُ؟
وَذَكَرَ ابنُ القيِّم هذه المسألةَ وكعادتِه أطْنَبَ في عَرْضِ الخلافِ وذِكْرِ أدلةَ القولينِ.
وينبني على هذا مسألةٌ ما تخرج به الـمُطلَّقة من العِدَّةِ:
فمَنْ يرى أنَّ الأقراءَ هي الحِيَضُ يقول: تخرجُ مِن العِدَّة بانقضاءِ الحيضةِ الثالثةِ.
ومَنْ يرى أنَّها الأطهارُ يقولُ: تخرجُ من العِدَّة بانقضاءِ الطُّهرِ الثاني ودخولِها الطُّهر؛ لأنَّه إذا طلَّقها في طُهْرٍ هذا واحدٌ، ثمَّ حيضةٌ، ثم طُهْرٌ، ثمَّ حيضةٌ، فكأنَّها تخرجُ من العِدة بانقضاءِ الحيضةِ الثانيةِ، ودخولِها في الطهرِ الثالثِ؛ لأنَّ السُّنَّةَ أن المفروضُ أنَّ الطلاقَ يكونُ في طهرٍ لمْ يُجامعْها فيه، فهذا مِن عِدَّتِها -الطهرُ الأولُ- ثمَّ بعدّه حيضةٌ، ثمَّ طهرٌ، ثمَّ حيضةٌ هي الثانية، فتنقضي عِدَّتُها بالحيضةِ الثانيةِ، وشروعِها في الطهرِ، فهذا هو الطهرُ الثالثُ.
ولهمْ فيها استدلالاتٌ ومُناقشَاتٌ، ويقولُ -ما معناه ابنُ القيم يقول-: القولُ بأنَّها الحِيَضُ هو قولُ الأكابرِ مِن الصحابةِ -رضي الله عنهم- وهمُ الخلفاءُ الراشدونَ، والله أعلم، والمسألة كبيرةٌ.
– القارئ: شيخُ الإسلام في الفتاوى يقولُ: القرء عند أكثر الصحابة: الحَيْضُ.
– الشيخ: هذا هو، هذا هو.
– القارئ: وهو الراجح أحسنَ اللهُ إليك؟
– الشيخ: الله أعلم، يدلُّ له أيضًا حديثُ فاطمةَ بنتِ أبي حُبَيْشٍ بأنه سمَّى الحِيَضَ أقراءً.
– القارئ: دَعِي الصلاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِكِ؟
– الشيخ: في بعض الروايات سمَّى الحيضَ أقراءً، وشيخُنا الشيخ الشِّنقيطي الظاهرُ أنه على مذهبِ الإمامِ مالكٍ، احتمال، يَرى أنَّها الأطهارُ. فالمسألة، والله أعلم.
وفي فرق كبير في العِدة في فرق كبير على أنَّها الحِيَض تنتهي العدةُ في انقضاءِ الحيضةِ الثالثةِ، وعلى القولِ الآخرِ تنقضي عِدَّتُها بانقضاءِ الحيضةِ الثانيةِ، فهناكَ فَرْقٌ. الصنعاني لَه ترجيح؟ عنده؟
– القارئ: البَسَّامُ قالَ: والراجحُ أنَّ الأقراءَ هِيَ الحِيَضُ.
– الشيخ: أقول: على المذهبِ وعلى اختيارِ شيخِ الإسلام.
– القارئ: الصنعاني نقرأ الشرح أحسنَ اللهُ إليك، البسام والصنعاني أطالوا الشرحَ وذكروا الاستدلالَ.
– الشيخ: أي المسألة كبيرة، قلتُ لكَ: ابنُ القيم استوعَبَ هذا في زادِ المعادِ وفي غيرِه. إلى هنا يا محمد. الله المستعان.