الرئيسية/الاختيارات الفقهية/يستحب للكافر الذي أسلم أن يغتسل ولا يجب
share

يستحب للكافر الذي أسلم أن يغتسل ولا يجب

 

يُستحبُّ للكافرِ الذي أسلمَ أن يغتسلَ ولا يَجِبُ

الكافرُ الَّذي أسلمَ -سواء كان كافرًا أصليًا أو مرتدًا-: يُستحبُّ في حقّه الغُسْلُ ولا يجبُ على الصَّحيح [1] وفي هذه المسألة ثلاثة أقوال:  [2]
* القولُ الأوّلُ: يوجبون الغُسْلَ على الكافرِ الذي أسلمَ، ويأمرونه بالغُسْلِ [3]
واستدلّوا لهذا بحديثين: حديث قيسٍ بن عاصم، أنّه لما أسلمَ أمرَهُ النَّبيُّ -صلّى الله عليه وسلّم- أن يغتسلَ بماءٍ وسدرٍ [4] ، وحديث ثمامة ابن أثال لمَّا أظهرَ الإسلامَ أمرَهُ النَّبيُّ -صلّى الله عليه وسلّم- أن يغتسلَ [5]
فاحتَجَّ بهذين الحديثين الصَّحيحين مَن قالَ بوجوبِ الغُسْلِ على مَن أسلمَ؛ فلهذا قالوا: الإسلامُ يوجبُ الغُسْلَ، فالإسلامُ نفسُه طهارةٌ للمسلم، ويناسبُ أنّ مَن دخلَ في الإسلامِ أن يغتسلَ، كأنَّه يغسلُ أثرَ الكفرِ الذي كان، فيجمعُ لنفسِه بينَ الطَّهارة الحسيَّة والمعنويَّة.
* والقولُ الثَّاني: لا يجبُ الغُسل بالدّخول في الإسلام، وحجّة هؤلاء: أنّه قد أسلمّ في عهد النَّبيِّ -صلّى الله عليه وسلّم- وبعده ألوفٌ مؤلّفة، ولم يشتهر أنَّ كلَّ مَن أسلمَ كان يُؤمر بالغُسْلِ، ولو كان هذا: لكان اشتُهِرَ، وتواتر النَّقلُ بذلك؛ لأنّه ممّا تتوافر الدّواعي لنقله، ونشره.
* والقولُ الثَّالث: إذا كان قد أصابته جنابةٌ في حالِ كفرِه: يغتسلُ للجنابة، وغُسلُهُ في حالِ كفرهِ لا ينفعه، فيكون هذا مِن جنس الوضوء، الكافرُ لو أسلمَ وهو طبعًا محدثٌ فإنّه يتوضّأ، لابدّ أن يتوضَّأ للصَّلاة.
فهذه ثلاثةُ مذاهبٍ، وفي الحقيقة القولُ بالاستحباب: هو القولُ الوسطُ؛ وذلك لتكافئ الدَّليلين، فهذان حديثان صحيحان، والحجّة الأخرى التي تقومُ على الجانب العملي كذلك، ففيهما قوَّة، فلو حملَ هذا على الاستحباب: لعلَّه يحصلُ بذلك الجمعُ بين الحجَّتين، والله أعلم
[6]  

 


الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
1 وهذه الرواية الثانية الإمام أحمد: أنه لا يجب بالإسلام غسل، بل يُستحب. قال في "الإنصاف" 1/236: " وهو أولى"
2 ينظر: "المغني" 1/274-276
3 وهذا هو المذهب، وسواء وجد منه ما يوجب الغسل أو لا، وسواء اغتسل له قبل إسلامه أو لا. ينظر: "الإنصاف" 1/236 و"المنتهى" 1/81 و"الإقناع" 1/67
4 أخرجه عبد الرزاق 9833  وأحمد 20611 وأبو داوود 355 والترمذي 605 والنسائي 188 وابن الجارود 14 وابن خزيمة 254 وابن حبان 1240 والبيهقي 807 والبغوي 340  من طرق، عن سفيان الثوري، عن الأغر، عن خليفة بن حصين، عن جده قيس بن عاصم: " أنه أسلم، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يغتسل بماء وسدر "
وأخرجه أحمد 20615 من طريق وكيع، والبيهقي 809 من طريق قبيصة بن عقبة، كلاهما عن الأغر، عن خليفة بن حصين بن قيس بن عاصم، عن أبيه، عن جده، به.
قال الترمذي: " هذا حديث حسن، لا نعرفه إلا من هذا الوجه" وصححه ابن خزيمة، وابن حبان. وحسَّنه أيضًا النووي في المجموع 2/152
وزعم ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام"2/429 أنه منقطع، وأن خليفة بن حصين إنما يرويه عن أبيه عن جده، وروايته عن جده مرسلة! وتعقبه الحافظ في "التهذيب" 2/388 بقوله: "وحصين ذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: يروي عن جماعة من الصحابة، ثم قال: ويروي عن أبيه، روى عنه ابنه خليفة بن حصين. قال الحافظ أبو سعيد العلائي:  فعلى هذا يكون رواية وكيع هي المتصلة. قلت: ثم وجدت في "العلل" لابن أبي حاتم عن أبيه أن قبيصة رواه عن الثوري فوهم في قوله عن أبيه، وإنما هو عن خليفة عن جده"
5 أخرجه عبد الرزاق" 9834 ومن طريقه أخرجه: البزار 8460 وابن الجارود في "المنتقى" 15 وابن خزيمة 253 والبيهقي 805 من طريق عبد الله بن عمر وعبيد الله بن عمر، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة أن ثمامة الحنفي أُسر: فذكر قصته وفيه الأمر بالغسل.
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن عبيد الله إلا عبد الرزاق"
قلت: وهو ثقة روى له الشيخان.
وأورده الهيثمي في "المجمع" 1/283 وقال: "وفي إسناد أحمد والبزار: عبد الله بن عمر العمري، وثقه ابن معين وأبو أحمد بن عدي، وضعفه غيرهما من غير نسبة إلى كذب"
قلت: قد تابعه عليه عبيد الله بن عمر، فلا يضر
وأصل هذا الحديث في الصحيحن، وليس فيهما الأمر بالاغتسال، وإنما فيها: أنه اغتسل من غير أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أسلم بعد ذلك. ينظر: صحيح البخاري 462 ومسلم 1764
6 شرح "زاد المستقنع" درس رقم /15/