الرئيسية/الاختيارات الفقهية/يشترط لوجوب صلاة الجمعة حضور ثلاثة رجال وكل الأقوال التي قيلت في اعتبار العدد مرجوحة
share

يشترط لوجوب صلاة الجمعة حضور ثلاثة رجال وكل الأقوال التي قيلت في اعتبار العدد مرجوحة

 

يُشترَطُ لوجوبِ صلاة الجمعة: حضورُ ثلاثةِ رجالٍ، وكلُّ الأقوالِ التي قيلت في اعتبارِ العددِ مرجوحة

كلُّ الأقوالِ التي قيلت في اعتبارِ العددِ في الجمعةِ مرجوحةٌ، ومنه: اشتراطُ حضور أربعين رجلًا، ومفهومُ ذلك: لو أنَّه كان موجودٌ تسعةً وثلاثينَ لم تجبْ عليهم الجمعةُ، ولو أقاموها لم تصحَّ . [1]  
هذا الرَّأي وإن كان عليه كثيرون 
[2] ، فإنَّه ليس له ذلك المستند الذي يجبُ التَّعويلُ عليه، منها الأثرُ الذي في السَّيرة: "أنَّ أوّل جمعةٍ جُمعتْ في المدينةِ كان عددُهم أربعين" [3] ، ولكن هذا لا يعني لو أنَّهم كانوا ثلاثينَ لم يقيموا جمعةً، وحديثٌ آخرُ عن جابرٍ -رضي اللهُ عنه- وهو ضعيفٌ، ذكرَهُ الحافظُ في بلوغِ المرامِ [4] : "مضتِ السنّةُ أنَّ في كلِّ أربعينَ فصاعدًا جمعة" [5] ، ومع ذلك قال به كثيرونَ، وانظرْ ماذا يترتَّبُ على هذا، اشترطوا لصحّةِ الجمعةِ حضورَ أربعينَ رجلًا في الخطبةِ والصَّلاةِ، فلو أقاموا الجمعةَ بأن كانوا أربعينَ ثمَّ قُدّرَ أنَّه ذهبَ منهم واحدٌ لسببٍ ما، كانتقاضِ وضوءٍ، لم تصحَّ، وهذا مِن العجائبِ ! أو لو كانوا قبل ذلك تسعًا وثلاثين فكذلك، وهذا القولُ لا شكَّ أنَّه ضعيفٌ، وهناك أقوالٌ أخرى وهي مرجوحةٌ . [6]
وأرجحُ الأقوالِ: أنَّ شرطَ وجوبِ الجمعةِ وصحّتِها وجودُ ثلاثةٍ  [7] ، وأقوى ما استُدلَّ به: ما مِن ثلاثةٍ في قريةٍ ولا بَدْوٍ لا تُقام فيهم الصَّلاةُ إلَّا استحوذَ عليهم الشَّيطانُ [8] ، وهو اختيارُ شيخِ الإسلامِ ابنِ تيميَّةَ  [9] ، وذكرَهُ الشّيخُ محمَّدُ بن عثيمينَ  [10] ، والأقوالُ الأخرى كذلك: منها ما يشترطُ لصحّتِها وجودَ اثني عشرَ رجلًا  [11] أخذًا بحديثِ جابرٍ في القصَّةِ التي انصرفَ فيها بعضُ الصَّحابةِ والنَّبيُّ يخطبُ ولم يبقى منهم إلّا اثنا عشر [12] ، وهذا مبنيٌ على أمرٍ وقعَ اتّفاقًا، فلو لم يبقى إلَّا عشرةٌ مثلًا مِن أين لنا أنَّها لا تصحُّ ؟! فكلُّ الأقوالِ في الحقيقةِ أدلَّتُها لا تنهضُ لترجيحِ القولِ وتصحيحِه .  [13]  


الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
1 وهذا هو المذهب. ينظر: المنتهى 1/352، والإقناع 1/294
2 ينظر: المغني 3/202
3 أخرجه أبو داود 1069، وابن ماجه 1082 من طريق ابن إسحاق، عن محمد بن أبى أمامة بن سهل بن حنيف، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك -وكان قائد أبيه بعدما ذهب بصره- عن أبيه كعب بن مالك " أنه كان إذا سمع النداء يوم الجمعة؛ تَرحَّم لأسعدَ بن زُرَارة. فقلت له: إذا سمعتَ النداء ترحَّمتَ لأسعد بن زرارة؟! قال: لأنه أول من جَمَّعَ بنا في هَزْمِ النبِيتِ من حَرَّةِ بني بَيَاضة، في نقيع يقال له: نقيع الخَضِماتِ. قلت: كم أنتم يومئذ؟ قال: أربعون". وصححه ابن خزيمة 1724، وابن حبان 7013، والحاكم 1039 على شرط مسلم! وقال البيهقي 5606: "محمد بن إسحاق: إذا ذكر سماعه في الرواية وكان الراوي ثقة استقام الإسناد، وهذا حديث حسن الإسناد صحيح". وقال الحافظ في التلخيص 2/ 139: "وإسناده حسن". وفي الباب آثار لم تصح. ينظر: نصب الراية 2/198، والبدر المنير 4/ 594، والتلخيص الحبير 2/ 137، وصحيح أبي داود 980، وإرواء الغليل 3/ 66.
4 رقم 464 وقال: "بإسناد ضعيف".
5 أخرجه الدارقطني 1579، والبيهقي 5607 من طريق عبد العزيز بن عبد الرحمن القرشي، عن خصيف، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبد الله، به. وهذا إسناد تالف! وعلته عبد العزيز القرشي هذا، فقد قال فيه أحمد: اضرب على حديثه فإنها كذب أو موضوعة، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال الدارقطني: منكر الحديث، وقال ابن حبان: لا يجوز أن يحتج به، وقال البيهقي: هذا الحديث لا يحتج بمثله. التلخيص الحبير 2/137
6 ينظر: المغني 3/204
7 وهي رواية عن الإمام أحمد، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية. ينظر: المغني 3/204، والاختيارات ص119، والإنصاف 2/378
8 أخرجه أحمد 21710، وأبو داود 547، والنسائي 847، وصححه ابن خزيمة 1486، وابن حبان 2101، والحاكم 765 من طريق زائدة بن قدامة، عن السائب بن حبيش الكلاعي، عن معدان بن أبي طلحة اليعمري، قال: قال لي أبو الدرداء: أين مسكنك؟ فقلت: في خربة دون حمص، فقال أبو الدرداء: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: فذكره. ورواته ثقات غير السائب بن حبيش وثقه العجلي وابن حبان. وقال الدارقطني: "صالح الحديث من أهل الشام، لا أعلم حدث عنه غير زائدة ". وقال الحاكم بعد أن أخرج الحديث:" وقد عرف من مذهب زائدة أنه لا يحدث إلا عن الثقات". ينظر: البدر المنير 4/386، والتلخيص الحبير 2/65، وصحيح أبي داود 556
9 ينظر: الاختيارات ص119، والإنصاف 2/378
10 الشرح الممتع 5/ 40
11 وحكي هذا القول عن ربيعة والزهري والأوزاعي. ينظر: المغني 3/205
12 أخرجه مسلم 863
13 شرح "زاد المستقنع، كتاب الصلاة" درس رقم /46/