الرئيسية/شروحات الكتب/الرد على المنطقيين/(17) هل يمكن تصور الأشياء بالحدود قوله “أنهم يقولون الحد لا يمنع ولا يقوم عليه دليل”
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(17) هل يمكن تصور الأشياء بالحدود قوله “أنهم يقولون الحد لا يمنع ولا يقوم عليه دليل”

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح كتاب (الرَّد على المنطقيين) لشيخ الإسلام ابن تيميَّة
الدّرس السّابع عشر

***    ***    ***    ***
 
– القارئ: بسم اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على نبينا محمدٍ وعلى آلِه وصحبه أجمعين، قال شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- في كتابه "الردِّ على المنطقيِّين":
الوجهُ الثاني: أنَّهم يقولون: الحدُّ لا يَمنعُ ولا يقومُ عليه دليلٌ

– الشيخ: نعم مشِّ العبارة. ما هي بواضحة.
– القارئ: وإنما يُمكِنُ إبطالُه بالنقضِ والمُعارضةِ.
– الشيخ: لا يُمنع ما هي بلا يَمنع، يظهر أنها لا يُمنع.
– القارئ: نعم.
– الشيخ: ولا يقومُ عليه دليلٌ.
– القارئ: وإنَّما يمكن إبطالُه بالنقضِ والمُعارضةِ بخلافِ القياسِ، فإنَّه يمكن فيه المُمانعةُ والمُعارضةُ.
فيقال: إذا لم يكنِ الحادُّ قد أقامَ دليلًا على صحةِ الحدِّ امتنعَ أن يعرف المُستمعُ المحدودَ به. إذا جوَّزَ عليه الخطأَ فإنَّه إذا لم يعرفْ صِحَّةَ الحدِّ إلا بقولِه، وقولُه مُحتمِلٌ للصدقِ والكذبِ، امتنعَ أن يعرفَه بقولِه.

– الشيخ: أن يعرفه أو يُعرِّفه بقوله.
– القارئ: ومن العجبِ أنَّ هؤلاء يزعمونَ أنَّ هذهِ طرقٌ عقليةٌ يقينيةٌ، ويجعلونَ العلمَ بالمُفردِ أصلًا للعلمِ بالمُركَّبِ، ويجعلون العمدةَ في ذلك على الحدِّ الذي هو قولُ الحادِّ بلا دليلٍ، وهو خبرُ واحدٍ عن أمرٍ عقليٍّ لا حِسِّيٍّ يحتملُ الصوابَ والخطأَ، والصدقَ والكذبَ، ثم يعيبونَ على من يعتمدُ في الأمورِ السمعيةِ على نقلِ الواحد، الذي معه من القرائنِ ما يُفيدُ المُستمعَ العالمَ بها العلمَ اليقينيَّ، زاعمينَ أنَّ خبرَ الواحدِ لا يفيدُ العلمَ، ولا ريبَ أنَّ مُجردَ خبرَ الواحدِ الذي لا دليلَ على صِدقِه لا يُفيدُ العلمَ، لكن هذا بعينِه قولُهم في الحدِّ، وإنَّه خبرٌ واحدٌ لا دليلَ على صدقِه، بل ولا يمكنُ عندَهم إقامةَ دليلٍ على صدقِه، فلم يكنِ الحدُّ مُفيدًا لتصوُّرِ المحدودِ.
ولكن إنْ كان المُستمعُ قدْ تصوَّرَ المحدودَ قبلَ هذا، أو تصوَّرَه معَه أو بعدَه بدونِ الحدِّ، وعَلِمَ أنَّ ذلك حدَّه، ===== عَلِمَ صدقَه في حدِّه.

– الشيخ: لا إله إلا الله، ولهذا يُلاحَظُ أنَّ أكثرَ الحدودِ هي تعريفاتٌ لأشياء معروفة، بس يروحون يأخذون مواصفاتِ هذا الشيء المعروف ويُسمُّونَه حدًا، عرفنا مما أمرَ الله به ورسولُه، أنه يجب الإمساكُ في رمضانَ من الفجرِ إلى الليلِ، عن الأكلِ والشرب، جاءوا بالتعريف؛ الصيام هو: "الإمساك عن المُفطِّرات"، نعرفُ الصيامُ بدون هذا الحدِّ، يعني: الحدُّ هذا هو الذي عرَّفنا بحقيقةِ الصيامِ؟ أبدًا، عجيبٌ كلامُ الشيخ.
 

– القارئ: وحينئذٍ فلا يكونُ الحدُّ أفادَ التصويرَ وهذا بيِّنٌ. وتلخيصُه أنَّ تصوُّرَ المحدودِ بالحدِّ لا يمكنُ بدونِ العلمِ بصدقِ قولِ الحادِّ، وصدقُ قولِه لا يُعلمُ بمُجردِ الخبرِ، فلا يُعلم المحدودُ بالحدِّ.
ومن قالَ: أنا أُريدُ بالحدِّ المُفردِ لم يكن قولُه مُفيدًا لشيءٍ أصلًا، فإنَّ التكلُّمَ بالاسمِ المفردِ لا يفيدُ المُستمعَ شيئًا، بل إنْ كان تصوَّرَ المحدودَ بدونِ هذا اللفظِ، كان قد تصوَّرَه بدون هذا اللفظِ المُفردِ، وإن لم يكنْ تصوَّرَه لا قبلَه ولا بعدَه.
الوجهُ الثالثُ.

– الشيخ: يكفيك بس [فقط].
 
 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :العقيدة