وجوب العمرة

 
وجوب العمرة
اختلفَ العلماءُ في وجوبِ العُمرة [1]، ويظهرُ أنَّ أكثرَ العلماءِ على أنَّها واجبةٌ [2]، وكثيرٌ من الأدلّة فيها مناقشاتٌ [3]. ومن أدلّةِ القائلينَ بوجوبِ العمرةِ قولُه تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196]، فجمعَ بينهما. وأُجيبَ عن هذا من القائلينَ بعدمِ الوجوبِ: أنَّ هذا أمرٌ بالإتمامِ، يعني أُمر من شرعَ فيهما بالإتمامِ، ولهذا من المعروفِ أنَّه من شرعَ بالحجِّ والعمرةِ وجبَ عليه الإتمامُ.
ومن ذلك:
قولُه -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- للذي سألَهُ أنَّ أباهُ لا يستطيعُ الحجَّ والعمرةَ فقال: (حُجَّ عن أبيك واعتمرْ) [4]، كقولِه لامرأةٍ من خشعم قالت: يا رسول الله إنَّ فريضة الله على عباده في الحج أدركتْ أبي شيخًا كبيًرا، لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: (نعم)، وذلك في حجة الوداع  [5]، وهذا أيضًا يناقشُه القائلونَ بعدمِ الوجوبِ بأنَّه يتضمَّنُ الإذنَ.
واختارَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ عدمَ وجوبِ العمرةِ [6]، ومن توجيهاتِه: أنَّ جميعَ أعمالِ العمرةِ داخلةٌ ومندرجةٌ في أعمالِ الحجّ، والحجُّ إنَّما يجبُ مرَّةً. فلا تَسْلَمُ الأدلّةُ التي استُدِلَّ بها على وجوبِ العمرةِ من مناقشةٍ من نحو ما ذكرتُ في الآيةِ والحديثِ [7].
 

[1] ينظر: المغني 5/13، ومجموع الفتاوى 26/5.
[2] وهذا هو المذهب. ينظر: المنتهى 2/57، والإقناع 1/535.
[3] ينظر: شرح العمدة لشيخ الإسلام، كتاب الحج 1/88 ط مكتبة الحرمين – الرياض.
[4] أخرجه أحمد 16435، وأبو داود 1806، والترمذي 959، والنسائي 2621، وابن ماجه 2906 من طريق شعبة، عن النعمان بن سالم، عن عمرو بن أوس، عن أبي رزين العقيلي، أنه قال: يا رسول الله إن أبي شيخ كبير، لا يستطيع الحج، ولا العمرة، والظعن قال: فذكره. قال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن خزيمة 3040، وابن حبان 3996، والحاكم 1768 على شرط الشيخين. ونقل في نصب الراية 3/ 148 عن صاحب التنقيح قال: لا أعلم في إيجاب العمرة حديثًا أصح من هذا".
[5] أخرجه البخاري 1513، ومسلم 1334 من حديث ابن عباس.
[6] ينظر: شرح العمدة، كتاب الحج، 1/88، ومجموع الفتاوى 26/5.
[7] زاد المستقنع، كتاب الحج، درس رقم 1.