بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
التَّعليق على كتاب (مُـختصر الصَّواعقِ الـمُرسلة على الجهميَّة والـمُعطِّلة) للموصلي
الدّرس: السَّادس والسّتون
*** *** ***
– القارئ: بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله سيدِنا ونبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعين. قال المؤلف غفرَ الله لنا وله:
الْوَجْهُ الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ: إِنَّ لَوَازِمَ هَذَا الْقَوْلِ مَعْلُومَةُ الْبُطْلَانِ بِالضَّرُورَةِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ، وَهِيَ مِنْ أَعْظَمِ الْكُفْرِ، وَبُطْلَانُ اللازمِ يَسْتَلْزِمُ بُطْلَانَ مَلْزُومِهِ؛ فَإِنَّ مِنْ لَوَازِمِهِ: أَنَّهُ لَا يُسْتَفَادُ مِنْ خَبَرِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم عَنِ اللَّهِ فِي هَذَا الْبَابِ عِلْمٌ وَلَا هُدًى، وَلَا بَيَانُ الْحَقِّ فِي نَفْسِهِ.
وَمِنْ لَوَازِمِهِ: أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُ مُتَضَمِّنًا لِضِدِّ ذَلِكَ فِي ظَاهِرِهِ وَحَقِيقَتِهِ.
وَمِنْ لَوَازِمِهِ: الْقَدْحُ فِي مَعْرِفَتِهِ وَعِلْمِهِ، أَوْ فِي فَصَاحَتِهِ وَبَيَانِهِ أَوْ فِي فَصْحِهِ وَإِرَادَتِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ مِرَارًا.
وَمِنْ لَوَازِمِهِ: أَنْ يَكُونَ الْمُعَطِّلَةُ النُّفَاةُ أَعْلَمَ بِاللَّهِ مِنْهُ أَوْ أفصحَ أو أَنْصَحَ.
وَمِنْ لَوَازِمِهِ: أَنْ يَكُونَ أَشْرَفُ الْكُتُبِ وَأَشْرَفُ الرُّسُلِ قَدْ قَصَّرَ فِي هَذَا الْبَابِ غَايَةَ التَّقْصِيرِ; وَأَفْرَطَ فِي التَّجْسِيمِ وَالتَّشْبِيهِ غَايَةَ الْإِفْرَاطِ
– الشيخ: نسأل الله العافية، هذا كلُّه أقول: ما تقدَّمَ مِن مذاهبِ المتكلِّمين والفلاسفة الذين يقولونَ هذهِ النصوصُ ليسَتْ على ظاهرِها.
فالفلاسفةُ يقولون: هذهِ تَخييلٌ، ما لها، ليسَتْ هذه النصوصُ على ظاهرِها بلْ هي تخييلٌ للناسِ.
والمتكلِّمون هم يقولونَ أهلُ التأويلِ منهم، أهلُ التأويلِ منهم يقولون هذهِ النصوصُ لها مَعَانٍ خلافُ ظاهرِها، فظاهرُ نصوصِ الصفاتِ هو التشبيهُ، هذا هو ظاهرُها، والتشبيهُ كُفرٌ، إذاً قولُهم يتضمَّنُ أنَّ ظاهر النصوصِ كفرٌ وباطلٌ، لا يجوزُ اعتقادُ ظاهرِ النصوصِ.
وأهلُ التفويض يقولونَ: إن هذهِ النصوص تُتْلَى دونَ تدبُّرٍ لها؛ لأنَّها ألفاظٌ لا تُفهَم ولا يُفهَم منها شيءٌ، ولا لها معنىً ولا يُرادُ فَهْمُ معنىً مِن المعاني منها، إذاً تُصبِحُ هذه النصوص ليسَ فيها هدىً ولا شفاءٌ ولا بيانٌ. فأقوالُ هؤلاءِ تستلزم أموراً شنيعةً قبيحةً، أنواعاً مِن الكفرِ.
– القارئ: وَمِنْ لَوَازِمِهِ: أَنْ يَكُونَ أَشْرَفُ الْكُتُبِ وَأَشْرَفُ الرُّسُلِ قَدْ قَصَّرَ فِي هَذَا الْبَابِ غَايَةَ التَّقْصِيرِ، وَأَفْرَطَ فِي التَّجْسِيمِ وَالتَّشْبِيهِ غَايَةَ الْإِفْرَاطِ، وَتَنَوَّعَ فِي غَايَةِ التَّنَوُّعِ، فَمَرَّةً يَقُولُ: (أَيْنَ اللَّهُ؟) وَمَرَّةً يُقِرُّ عَلَيْهَا مَنْ سَأَلَهُ وَلَا يُنْكِرُهَا، وَمَرَّةً يُشِيرُ بِأُصْبُعِهِ، وَمَرَّةً يَضَعُ يَدَهُ عَلَى عَيْنِهِ وَأُذُنِهِ حِينَ يُخْبِرُ عَنْ سَمْعِ الرَّبِّ وَبَصَرِهِ
– الشيخ: لبيانِ إرادةِ الحقيقةِ يضعُ أُصبعَهُ إبهامه على أُذُنِهِ، والسبابةُ على عَيْنِهِ؛ لبيانِ أنَّ اللهَ يريدُ مِن قولِهِ: سَمِيعًا بَصِيرًا [النساء:58] أنه يَسمعُ ويُبْصِرُ أنه يَسمعُ ويُبْصِرُ، وليسَ لإثباتِ العَينِ والأُذنِ، لكن العينُ جاءَ التصريحُ بِها في آياتِ: تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا [القمر:14]، فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا [الطور:48]، وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي [طه:39]، فوجبَ إثباتُ العينينِ للهِ بهذهِ الآياتِ.
وأمَّا الأُذنُ فلم يأتِ فيها شيءٌ فهي مما يُسكَتُ عنه فلا تُنْفَى ولا تُثبَتُ، فلا يُقالُ: "للهِ أذنٌ"، ولا يُقالُ: لا، ليسَ للهِ أُذُن، ولكنَّهُ يسمعُ ويبصرُ، السمعُ والبصرُ معلومانِ بالضرورةِ سمعاً وعقلاً.
– القارئ: وَمَرَّةً يُشِيرُ بِأُصْبُعِهِ، وَمَرَّةً يَضَعُ يَدَهُ عَلَى عَيْنِهِ وَأُذُنِهِ حِينَ يُخْبِرُ عَنْ سَمْعِ الرَّبِّ وَبَصَرِهِ، وَمَرَّةً يَصِفُهُ بِالْمَجِيءِ وَالنُّزُولِ وَالْإِتْيَانِ وَالِانْطِلَاقِ وَالْمَشْيِ وَالْهَرْوَلَةِ، وَمَرَّةً يُثْبِتُ لَهُ الْوَجْهَ وَالْعَيْنَ وَالْيَدَ وَالْأُصْبُعَ وَالْقَدَمَ وَالرِّجْلَ، وَالضَّحِكَ وَالْفَرَحَ وَالرِّضَا وَالْغَضَبَ، وَالْكَلَامَ وَالتَّكْلِيمَ وَالنِّدَاءَ بِالصَّوْتِ وَالْمُنَاجَاةَ، وَرُؤْيَتَهُ مُوَاجَهَةً عِيَانًا بِالْأَبْصَارِ مِنْ فَوْقِهِمْ، وَمُحَاضَرَتَهُ لَهُمْ مُحَاضَرَةً، وَرَفْعَ الْحِجَابِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ وَتَجَلِّيهِ لَهُمْ وَاسْتِدْعَاءَهُمْ لِزِيَارَتِهِ، وَسَلَامَهُ عَلَيْهِمْ سَلَامًا حَقِيقِيًّا
– الشيخ: {سلامٌ قولاً} حقيقيّ يعني كلامٌ، يُسلم عليهم كلاماً سلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ .
– القارئ: سلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ[يس:58] وَاسْتِمَاعَهُ وَأَذْنِهِ
– الشيخ: أَذَن أَذَن، وَاسْتِمَاعَهُ وَأَذَنَهُ، هذا الحديث: (ما أَذِنَ اللهُ لشيءٍ أَذَنَهُ لنبيٍّ يَتَغَنَّى بالقرآنِ يجهرُ بِهِ) أو كما جاءَ في الحديث.
الأَذَنُ: الاستماع، الأَذَنُ: الاستماعُ. واللهُ يستمعُ لمنْ يشاءُ إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ [الشعراء:15]
والنُّفاةُ الذين ينفونَ قيامَ الأفعالِ الاختياريةِ به وهي ما يكونُ بمشيئتِهِ يَنْفُونَ الاستماعَ، وإنْ أثبتوا السمعَ، يقولونَ إنَّ الله يسمعُ، لكن يستمع: لا، يعني الاستماعُ فعلٌ مقصودٌ يكونُ بالإرادةِ، وهذا أمرٌ معقولٌ، ليس كلُّ ما تسمعُهُ تستمعُ له، ولهذا قال سبحانه: وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ [الأعراف:204]، فأنتَ إذا سمعتَ قارئاً يقرأُ وأنتَ في شأنِكَ، أنتَ تسمعُهُ، لكن أنتَ..، لو كانَ إلى جنبكَ قارئٌ وأنتَ في شُغلِكَ مُذاكرةً أو تفكيراً في شيءٍ ثمَّ سجدَ، هل يُشرعُ لكَ السجود؟ يقولُ الفقهاء: لا. يقولونَ: يُستحَبُّ السجودُ مَعَ القارئِ يُستحَبُّ ذلك للمُستَمِعِ دونَ السَّامعِ، يعني: دِقَّةٌ! يُستحَبُّ السجودُ تبعاً للقارئِ إذا سجدَ يُستحَبُّ ذلكَ للمُستمِعِ دونَ السامِعِ.
– القارئ: قال: وَاسْتِمَاعَهُ وَأَذْنِه
– الشيخ: وأَذَنُه
– القارئ: أحسنَ اللهُ إليكم، هو كسرَ النونَ عندي.
– الشيخ: لا، ولو كان، أذَنِ، لا، اقرأ، لا أذَنُه. عندك أيش؟
– طالب: بفتحِ النونِ وضمِّ الألفِ.
– الشيخ: أُذُنَ، أَذَنُ.
– طالب: بفتح النون.
– الشيخ: أين فتح النون؟ النون الأخيرة؟ أيش العبارة عندك؟ أيش يقول وَاسْتِمَاعَهُ؟
– القارئ: وَاسْتِمَاعَهُ
– الشيخ: لا، قبل واستماعه
– القارئ: قال: {سلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} وَاسْتِمَاعَهُ
– الشيخ: أَذَنُهُ
– القارئ: وأَذَنُهُ لِحُسْنِ الصَّوْتِ إِذَا تَلَا كَلَامَهُ، وَخَلْقَهُ مَا يَشَاءُ بِيَدِهِ، وَكِتَابَتَهُ كَلَامَهُ بِيَدِهِ، وَيَصِفُهُ بِالْإِرَادَةِ وَالْمَشِيئَةِ وَالْقُدْرَةِ
– الشيخ: يصفُهُ، كلها حسبَ المعطوفِ يمكن يصفُه بكذا وكذا وباستماعِه وأذنِهِ. عندكم مكسورة النون؟
– طالب: لا، ضمُّ الألفِ والذالِ وفتحِ النونِ
– الشيخ: لا، المقصودُ أنها تَبَعُ ما قبلِها، إن كان الذي قبلَها مرفوعٌ فهي مرفوعةٌ، أَذَنُهُ، وإنْ كانَ مفتوحاً فهي مفتوحةٌ: أَذَنَهُ، أَذَنَهُ،
– القارئ: إي أحسنَ اللهُ إليكم، إذا كانَ ذلكَ، فهيَ "وَمَرَّةً يُثْبِتُ لَهُ … وَرُؤْيَتَهُ … وَمُحَاضَرَتَهُ … وَرَفْعَ الْحِجَابِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ، وَاسْتِدْعَاءَهُ لِزِيَارَتِهِ، وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ
– الشيخ: وسلامَهُ
– القارئ: لم يُشكل
– الشيخ: الحين [الآن] أنتَ رجعتَ؟ تبي [تريد] تعرف أيش العامل في هذه الكلمات، وتارةً يُثبِتُ له، ما هو العامل في الكلمات ذي؟ "يثبتُ"، تكونُ منصوبةً، انصب كل الذي قدامك.
– القارئ: وَمَرَّةً يُثْبِتُ لَهُ الْوَجْهَ وَالْعَيْنَ وَالْيَدَ. ثم قال: وَرُؤْيَتَهُ … وَمُحَاضَرَتَهُ … وَرَفْعَ الْحِجَابِ بَيْنَهُ … وَاسْتِدْعَاءَهُ … وَسَلَامَهُ… وَاسْتِمَاعَهُ وأَذَنَهُ
– الشيخ: وأذَنَه خلاص، عندكَ كذا هي.
– طالب: هي بالكسر عندي، أحسنَ اللهُ إليكم.
– الشيخ: صارتْ مفتوحةً؟
– طالب: هي بالكسرِ، مثبتةٌ عندي بالكسر.
– الشيخ: لا، لا، كلّه منصوبةً يثبتُ له إلى آخره.
– القارئ: قال: وَخَلْقَهُ مَا يَشَاءُ بِيَدِهِ، وَكِتَابَتَهُ كَلَامَهُ بِيَدِهِ، وَيَصِفَهُ بِالْإِرَادَةِ
– الشيخ: ها؟ ويصفُهُ، وتارةً يُثبتُ لَه .. ويصفُهُ، ويصفُهُ فعلٌ مضارعٌ.
– القارئ: لا، -شيخ- تكونُ معطوفة على ما سَبقَ أحسنَ اللهُ إليكم؟
– الشيخ: ما هي بيثبتُ؟ هذه معطوفةٌ على الفعلِ ما هو معطوفٌ على الأسماءِ المفعولةِ، "ويَصِفُ" معطوفٌ على "ويُثبِتُ".
– القارئ: إي نعم، أحسنَ اللهُ إليكم.
وَيَصِفُهُ بِالْإِرَادَةِ وَالْمَشِيئَةِ وَالْقُدْرَةِ وَالْقُوَّةِ وَالْحَيَاءِ، وَقَبْضِ السَّمَاوَاتِ وَطَيِّهَا بِيَدِهِ وَالْأَرْضِ بِيَدِهِ الْأُخْرَى، وَوَضْعِهِ السَّمَاوَاتِ عَلَى أُصْبُعٍ، وَالْأَرْضِ عَلَى أُصْبُعٍ، وَالْجِبَالِ عَلَى أُصْبُعٍ، وَالشَّجَرِ عَلَى أُصْبُعٍ، إِلَى أَضْعَافِ ذَلِكَ مِمَّا إِذَا سَمِعَهُ الْمُعَطِّلَةُ سَبَّحُوا اللَّهَ وَنَزَّهُوهُ جُحُودًا وَإِنْكَارًا، لَا إِيمَانًا وَتَصْدِيقًا، كَمَا ضَحِكَ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَجُّبًا وَتَصْدِيقًا لِقَائِلِهِ، وَمَا شَهِدَ لِقَائِلِهِ بِالْإِيمَانِ شَهِدَ لَهُ هَؤُلَاءِ بِالْكُفْرِ وَالضَّلَالِ، وَمَا أَوْصَى بِتَبْلِيغِهِ إِلَى الْأُمَّةِ وَإِظْهَارِهِ، يُوصِي هَؤُلَاءِ بِكِتْمَانِهِ وَإِخْفَائِهِ، وَمَا أَطْلَقَهُ عَلَى رَبِّهِ لِئَلَّا يُطْلَقَ عَلَيْهِ ضِدُّهُ وَنَقِيضُهُ، يُطْلِقُ هَؤُلَاءِ عَلَيْهِ ضِدَّهُ وَنَقِيضَهُ، وَمَا نَزَّهَ رَبَّهُ عَنْهُ مِنَ الْعُيُوبِ وَالنَّقَائِصِ، يُمْسِكُونَ عَنْ تَنْزِيهِهِ عَنْهُ، وَإِنِ اعْتَقَدُوا أَنَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْهُ، وَيُبَالِغُونَ فِي تَنْزِيهِهِ عَمَّا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، فَتَرَاهُمْ يُبَالِغُونَ أَعْظَمَ الْمُبَالَغَةِ فِي تَنْزِيهِهِ عَنِ عُلُوِّهِ عَلَى عَرْشِهِ وَعُلُوِّهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَتَكَلُّمِهِ بِالْقُرْآنِ حَقِيقَةً، وَإِثْبَاتِ الْوَجْهِ وَالْيَدِ وَالْعَيْنِ لَهُ، مَا لَا يُبَالِغُونَ مِثْلَهُ وَلَا قَرِيبًا مِنْهُ فِي تَنْزِيهِهِ عَنِ الظُّلْمِ وَالْعَبَثِ وَالْفِعْلِ لَا لِحِكْمَةٍ، وَالتَّكَلُّمِ بِمَا ظَاهِرُهُ ضَلَالٌ وَمُحَالٌ، وَتَرَاهُمْ إِذَا أَثْبَتُوا أَثْبَتُوا مُجْمَلًا لَا تَعْرِفُهُ الْقُلُوبُ وَلَا تُمَيِّزُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَدَمِ، وَإِذَا نَفَوْا نَفَوْا نَفْيًا مُفَصَّلًا يَتَضَمَّنُ تَعْطِيلَ مَا أَثْبَتَهُ الرَّسُولُ حَقِيقَةً.
فَهَذَا وَأَضْعَافُ أَضْعَافِهِ مِنْ لَوَازِمِ قَوْلِ الْمُعَطِّلَةِ.
وَمِنْ لَوَازِمِهِ: أَنَّ الْقُلُوبَ لَا تُحِبُّهُ وَلَا تُرِيدُهُ وَلَا تَبْتَهِجُ لَهُ وَلَا تَشْتَاقُ إِلَيْهِ
– الشيخ: لا إله إلا الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، هم ينفونَ المحبةَ كذلكَ، عندَ الجهميةِ: لا يُحِبُّ ولا يُحَبُّ.
– القارئ: وَمِنْ لَوَازِمِهِ: أَنَّ الْقُلُوبَ لَا تُحِبُّهُ وَلَا تُرِيدُهُ وَلَا تَبْتَهِجُ لَهُ وَلَا تَشْتَاقُ إِلَيْهِ، وَلَا تَلْتَذُّ بِالنَّظَرِ إِلَى وَجْهِهِ الْكَرِيمِ فِي دَارِ النَّعِيمِ
– الشيخ: الله أكبر، الله أكبر.
– القارئ: صَرَّحُوا بِذَلِكَ وَقَالُوا: هَذَا كُلُّهُ إِنَّمَا يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِالْمُحْدَثِ لَا بِالْقَدِيمِ، قَالُوا: وَإِرَادَتُهُ وَمَحَبَّتُهُ مُحَالٌ، لِأَنَّ الْإِرَادَةَ إِنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِالْمَعْدُومِ لَا بِالْمَوْجُودِ، وَالْمَحَبَّةُ إِنَّمَا تَكُونُ لِمُنَاسَبَةٍ بَيْنَ الْمُحِبِّ وَالْمَحْبُوبِ وَلَا مُنَاسَبَةَ بَيْنَ الْقَدِيمِ وَالْمُحْدَثِ.
– القارئ: وَمِنْ لَوَازِمِهِ: أَعْظَمُ الْعُقُوقِ لِأَبِيهِمْ آدَمَ، فَإِنَّ مِنْ خَصَائِصِهِ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْهُ بِيَدِهِ، فَقَالُوا: إِنَّمَا خَلَقَهُ بِقُدْرَتِهِ، فَلَمْ يَجْعَلُوا
– الشيخ: إذا قالوا خلقَهُ بقدرتِهِ صارَ مثلَ إبليس، لا تكونُ لآدمَ فضيلةٌ ولا خصوصية.
– القارئ: وَمِنْ لَوَازِمِهِ أَعْظَمُ الْعُقُوقِ لِأَبِيهِمْ آدَمَ، فَإِنَّ مِنْ خَصَائِصِهِ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَهُ بِيَدِهِ، فَقَالُوا: إِنَّمَا خَلَقَهُ بِقُدْرَتِهِ، فَلَمْ يَجْعَلُوا لَهُ مَزِيَّةً عَلَى إِبْلِيسَ فِي خَلْقِهِ.
وَمِنْ لَوَازِمِهِ -بَلْ صَرَّحُوا بِهِ جَحْدُهُمْ-: خُلَّةَ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ، وَقَالُوا: هِيَ حَاجَتُهُ وَفَقْرُهُ وَفَاقَتُهُ إِلَى اللَّهِ، فَلَمْ يُثْبِتُوا لَهُ بِذَلِكَ مَزِيَّةً عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ، إِذْ كَلُّ أَحَدٍ فَقِيرٌ إِلَيهِ بِالذَّاتِ وَإِنْ غَابَ شُعُورُهُ بِفَقْرِهِ عَنْ قَلْبِهِ أَحْيَانًا، فَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ فَقِيرٌ إِلَيْهِ فِي كُلِّ نَفَسٍ وَطَرْفَةِ عَيْنٍ.
وَمِنْ لَوَازِمِهِ -بَلْ صَرَّحُوا بِهِ-: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُكَلِّمْ مُوسَى تَكْلِيمًا، وَإِنَّمَا خَلَقَ كَلَامًا فِي الْهَوَاءِ أَسْمَعَهُ إِيَّاهُ فَكَلَّمَهُ فِي الرِّيحِ، لَا أَنَّهُ أَسْمَعَهُ كَلَامَهُ الَّذِي هُوَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ قَائِمٌ بِذَاتِهِ، لَا يُصَدِّقُ الْجَهْمِيُّ بِهَذَا أَبَدًا.
وَمِنْ لَوَازِمِهِ -بَلْ صَرَّحُوا بِهِ-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُعْرَجْ بِهِ إِلَى اللَّهِ حَقِيقَةً
– الشيخ: "بَلْ صَرَّحُوا بِهِ"، إذا صَرَّحُوا بِهِ أصبحوا ملتزمينَ لذلكَ اللازمِ، فيكونَ مذهباً، أمَّا إذا لم يُصرِّحُوا به ولم يُثبتوهُ فيُصبحُ لازماً لهمْ، ويقولُ العلماء: إنَّ لازمَ المذهبِ ليسَ بمذهبٍ إلا أنْ يعترفَ به صاحبُ المذهبِ، يلتزمُ أو يعترفُ بأنَّ هذا يَلْزَمُ مِن مذهبِه، ولهذا ابنُ القيِّم يأتي في بعضِ المواضعِ ويقولُ: "بَلْ صَرَّحُوا بِهِ" يعني معناهُ أنَّهم اعترفوا بهذا اللازمِ وقالوا بموجَبِهِ.
– القارئ: وَمِنْ لَوَازِمِهِ -بَلْ صَرَّحُوا بِهِ-: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُكَلِّمْ مُوسَى تَكْلِيمًا، وَإِنَّمَا خَلَقَ كَلَامًا فِي الْهَوَاءِ أَسْمَعَهُ إِيَّاهُ فَكَلَّمَهُ فِي الرِّيحِ، لَا أَنَّهُ أَسْمَعَهُ كَلَامَهُ الَّذِي هُوَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ قَائِمٌ بِذَاتِهِ، لَا يُصَدِّقُ الْجَهْمِيُّ بِهَذَا أَبَدًا.
وَمِنْ لَوَازِمِهِ -بَلْ صَرَّحُوا بِهِ-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُعْرَجْ بِهِ إِلَى اللَّهِ حَقِيقَةً، وَلَمْ يَدْنُ مِنْ رَبِّهِ حَتَّى كَانَ مِنْهُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى، وَلَمْ يُرْفَعْ مِنْ عِنْدِ مُوسَى إِلَى عِنْدِ رَبِّهِ مِرَارًا
– الشيخ: إي، يعني في قصةِ الإسراءِ أنه تردَّدَ، تردَّدَ.
– القارئ: وَلَمْ يُرْفَعْ مِنْ عِنْدِ مُوسَى إِلَى عِنْدِ رَبِّهِ مِرَارًا يَسْأَلُهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِهِ، فَإِنَّ: "مِنْ" وَ"إِلَى" عِنْدَهُمْ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى مُحَالٌ، فَإِنَّهَا تَسْتَلْزِمُ الْمَكَانَ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً.
– الشيخ: نسألُ اللهَ العافيةَ، أعوذ بالله.
– القارئ: وَمِنْ لَوَازِمِهِ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَفْعَلَ شَيْئًا وَلَا يَفْعَلُ شَيْئًا، فَإِنَّ الْفِعْلَ عِنْدَهُمْ عَيْنُ الْمَفْعُولِ، وَهُوَ غَيْرُ قَائِمٍ بِالرَّبِّ، فَلَمْ يَقُمْ بِهِ عِنْدَهُمْ فِعْلٌ أَصْلًا، وَسَمَّوْهُ فَاعِلًا مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ يَقُومُ بِهِ، كَمَا سَمَّوْهُ مُرِيدًا مِنْ غَيْرِ إِرَادَةٍ تَقُومُ بِهِ، وَسَمَّوْهُ مُتَكَلِّمًا مِنْ غَيْرِ كَلَامٍ يَقُومُ بِهِ، وَسَمَّاهُ زَعِيمُهُمُ الْمُستَأَخِرُ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ عِبَادِهِ عَالِمًا مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ يَقُومُ بِهِ حَيْثُ قَالَ: الْعِلْمُ هُوَ الْمَعْلُومُ، كَمَا قَالُوا: الْفِعْلُ هُوَ الْمَفْعُولُ.
قالَ في الحاشية أحسنَ اللهُ إليكم: "لعلَّ الإمامَ ابنَ القيِّمِ يعني بهذا الطُّوسي".
قال: وَمِنْ لَوَازِمِهِ أَنَّهُ لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ، وَلَا يَرْضَى وَلَا يَغْضَبُ، وَلَا يُحِبُّ وَلَا يُبْغَضُ، فَإِذَا ذَلِكَ مِنْ مَقُولَةِ: أَنْ يَنْفَعِل، وَهَذِهِ الْمَقُولَةُ لَا تَتَعَلَّقُ بِهِ وَهِيَ فِي حَقِّهِ مُحَالٌ، كَمَا نَفَوْا عُلُوَّهُ عَلَى خَلْقِهِ وَاسْتِوَاءَهُ عَلَى عَرْشِهِ لكَوْنِ ذَلِكَ مِنْ مَقُولَةِ "الْأَيْنِ" وَهِيَ مُمْتَنِعَةٌ عَلَيْهِ، كَمَا نَفَوُا اسْتِوَاءَهُ عَلَى عَرْشِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مَقُولَةِ الْوَضْعِ الْمُسْتَحِيلِ ثُبُوتُهَا لَهُ، وَلَوَازِمُ قَوْلِهِمْ أَضْعَافُ أَضْعَافِ مَا ذَكَرْنَاهُ.
الْوَجْهُ الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ
– الشيخ: إلى هنا.