الرئيسية/شروحات الكتب/مختصر الصواعق المرسلة/(71) أقوى الطرق وأدلها على الصانع

(71) أقوى الطرق وأدلها على الصانع

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
التَّعليق على كتاب (مُـختصر الصَّواعقِ الـمُرسلة على الجهميَّة والـمُعطِّلة) للموصلي
الدّرس: الحادي والسَّبعون

***    ***    ***
 
– القارئ: بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ سيدِنا ونبيِّنا محمَّدٍ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، قالَ الإمامُ ابنُ القيِّمِ رحمه الله تعالى:
الْوَجْهُ الرَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ: أَنَّكَ إِذَا أَخَذْتَ لَوَازِمَ الْمُشْتَرَكِ الْمُطْلَقِ والْمُقَيَّدِ
– الشيخ: اصبر، لَوَازِمَ الْمُشْتَرَكِ، لَوَازِمَ الْمُشْتَرَكِ الْمُطْلَقِ، كأنَّها "غيرِ الْمُقَيَّدِ"، اقرأْهَا كذا، ولعلَّه يتبيَّنُ، لوازم، "إذا أخذتَ لَوَازِمَ الْمُشْتَرَكِ" يعني: الاسمُ المشتركُ المطلَقُ غيرِ المقيَّدِ"، نعم "غيرُ المقيَّدِ".
– القارئ: يعني: "لَوَازِمَ الْمُشْتَرَكِ والْمُطْلَقِ وَغَيْر الْمُقَيَّدِ"؟
– الشيخ: لا، لا، "غير" على طول [مباشرة]
– القارئ: "غيرِ المطلق"؟
– الشيخ: "الْمُطْلَقِ غَيْرِ الْمُقَيَّدِ"
– القارئ: نعم، أحسن الله إليك
– الشيخ: كذا صفة، تجعلُها صفةً.
 
– القارئ: أَنَّكَ إِذَا أَخَذْتَ لَوَازِمَ الْمُشْتَرَكِ الْمُطْلَقِ غيرِ الْمُقَيَّدِ الْمُمَيَّزِ، وَمَيَّزْتَ هَذَا مِنْ هَذَا، صَحَّ نَظَرُكَ وَمُنَاظَرَتُكَ، وَذَلِكَ
– الشيخ: يمكن توجيهٌ ثانٍ وهو أنَّكَ يمكن هذا كأنَّه: "لَوَازِمَ الْمُشْتَرَكِ الْمُطْلَقِ ولَوَازمَ"، أي يتَّضحُ بكذا، "ولوازمَ المقيّدِ المميَّزِ"، نعم كذا اقرأ.
 
– القارئ: أَنَّكَ إِذَا أَخَذْتَ لَوَازِمَ الْمُشْتَرَكِ الْمُطْلَقِ وَلوازمَ الْمُقَيَّدِ والْمُمَيَّزِ وَمَيَّزْتَ هَذَا مِنْ هَذَا صَحَّ نَظَرُكَ وَمُنَاظَرَتُكَ
– الشيخ: "إذا أخذتَ لوازمَ المشتركَ ولوازم المقيَّد المميّز" وميَّزتَ بينَ لوازمِ هذا ولوازمِ هذا، ميَّزتَ بينَ لوازمِ المطلَق ولوازمِ المقيد.
 
– القارئ: وَمَيَّزْتَ هَذَا مِنْ هَذَا صَحَّ نَظَرُكَ وَمُنَاظَرَتُكَ، وَذَلِكَ أَنَّ الصِّفَةَ
– الشيخ: لا إله إلا الله، تطبيقاً لهذا يقول لكَ مثلاً: "الوجودُ"، أو تقول: "الموجودُ" -هذا مثال يعني- الموجود هذا مطلَقٌ، يَصدقُ على كلِّ موجودٍ على الخالقِ والمخلوقِ، وقولُكَ: "هذا الإنسانُ الموجودُ"، "موجودٌ" في قولِكَ: "الإنسانُ الموجودُ"، هذا مقيَّدٌ، فعندنا:
وجودٌ مطلَقٌ: وهو مفهومُ الاسمِ العامِّ، موجودٌ.
ووجودٌ مقيَّدٌ: وهو المضافُ، "الإنسانُ موجودٌ"، إذا قلنا: "وجودُ الخالقِ"، "وجودُ اللهِ" نقول: هذا وجود أيش؟ مقيّد، "وجودُ المخلوقِ" هذا وجودٌ مقيدٌ، لكن إذا قلنا: "وجود" ضِدُّ عَدَم، هذا مطلَق.
يُوضِّحُ ذلك أنَّنا نقولُ لكَ: الوجود مِن حيث مختصّ بالمخلوقِ؟ الجواب أيش؟ لا، مختصٌّ بالخالقِ الوجود؟
– القارئ: لا.
– الشيخ: الوجود مختصٌّ بالخالق؟
– القارئ: مُطلَق.
– الشيخ: لا، هذا مطلق، طيب "وجودُ الخالقِ" هذا مختصٌّ به، "وجود المخلوق" مختصٌّ، شوف [انظر] الفرق بين الكلمتين بينَ قولِ: "الوجود" هذا كلام مطلَق ما أضفتُه، ما أضفتُه إلى شيء، لكن في الجملِ الثانيةِ، لا، قلتُ: "وجودُ الخالِقِ، وجودُ المخلوقِ"، هذا مقيَّدٌ، فالمطلَقُ مشتركٌ بينَ جميعِ الموجوداتِ.
الوجودُ الـمُطلَق له لوازمُ، والوجودُ المقيدُ له لوازمُ، فالخلَلُ يأتي مِن الخَلطِ وعدمِ التمييزِ بينَ لوازمِ المطلَق ولوازم المقيَّد.
وجودُ الربِّ من لوازمِه: الوجوبُ، الوجوبُ، ووجودُ المخلوقِ مِن لوازمِهِ: الإمكانُ والحدوثُ، الإمكان أنه ممكن، وجودُ المخلوق: ممكن ليس بواجبٍ، وجودُ الخالق: واجبٌ، أمَّا الوجود المطلَق فهو مشتركٌ بين الممكن والواجب، بين القديمِ والـمُحدَث.
نعم أعدِ الجملة هذه، وهذا كمثالٍ يعني أذكرُ كلمةَ الوجود في الإطلاقِ والتقييدِ هذا مثال، يُحتذَى حَذوها في سائرِ الأسماءِ المطلَقة والمقيَّدَة.
– القارئ: سيضربُ مثالاً بالفعلِ والإدراك يا شيخ.
– الشيخ: ماشي ماشي هات.
 
– القارئ: قال: أَنَّكَ إِذَا أَخَذْتَ لَوَازِمَ الْمُشْتَرَكِ الْمُطْلَقِ وَلوازم الْمُقَيَّدِ الْمُمَيَّزِ، وَمَيَّزْتَ هَذَا مِنْ هَذَا صَحَّ نَظَرُكَ وَمُنَاظَرَتُكَ، وَذَلِكَ أَنَّ الصِّفَةَ تَلْزَمُهَا لَوَازِمُ مِنْ حَيْثُ هِيَ هِيَ، فَهَذِهِ اللَّوَازِمُ يَجِبُ إِثْبَاتُهَا وَلَا يَصِحُّ نَفْيُهَا، إِذْ نَفْيُهَا مَلْزُومٌ لِنَفْيِ الصِّفَةِ، مِثَالُهُ:
– الشيخ: "إذ نَفْيُهَا": نفيَ اللازمِ يقتضي نفيَ الملزومِ.
 
– القارئ: مِثَالُهُ: الْفِعْلُ وَالْإِدْرَاكُ لِلْحَيَاةِ، فَإِنَّ كُلَّ
– الشيخ: اصبر اصبر، اصبر، ها، ها "الْفِعْلُ وَالْإِدْرَاكُ لِلْحَيَاةِ"، يعني: الحياةُ تستلزِمُ الإدراكَ وتستلزمُ الفعلَ، الحياةُ تستلزمُ الفعلَ وتستلزمُ الإدراكَ، هذه مِن لوازمِ الحياةِ، مِن لوازمِ الحياةِ: الفعلُ، مِن لوازم الحياة: الإدراكُ، الحياةُ من حيث هي أي: هي الحياةُ الـمُطلَقة.
 
– القارئ: مِثَالُهُ: الْفِعْلُ وَالْإِدْرَاكُ لِلْحَيَاةِ
– الشيخ: هذا تمثيلٌ أيش؟ للوازم، الفعلُ والإدراكُ مِن اللوازم.
– القارئ: فَإِنَّ كُلَّ حَيٍّ فَعَّالٌ مُدْرِكٌ
– الشيخ: هذا توضيحٌ.
– القارئ: وَإِدْرَاكُ الْمَسْمُوعَاتِ لصِفَةِ السَّمْعِ، وَإِدْرَاكُ الْمُبْصِرَاتِ لصِفَةِ الْبَصَرِ، وَكَشْفُ الْمَعْلُومَاتِ لصِفَةِ الْعِلْمِ، وَالتَّمْيِيزُ لِهَذِهِ الصِّفَاتِ، فَهَذِهِ اللَّوَازِمُ يَمْتَنِعُ رَفْعُهَا عَنِ الصِّفَةِ، فَإِنَّهَا ذَاتِيَّةٌ لَهَا، وَلَا تَرْتَفِعُ إِلَّا بِرَفْعِ الصِّفَةِ، وَيَلْزَمُهَا لَوَازِمُ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهَا صِفَةَ للْقَدِيمِ، مِثْلَ كَوْنِهَا وَاجِبَةً قَدِيمَةً عَامَّةَ التَّعَلُّقِ، فَإِنَّ صِفَةَ الْعِلْمِ وَاجِبَةٌ لِلَّهِ قَدِيمَةٌ غَيْرُ حَادِثَةٍ، مُتَعَلِّقَةٌ
– الشيخ: نعم، وصفةُ العلمِ للمخلوقِ غيرُ واجبةٍ، علمُ المخلوقِ مُحدَث، صارَ عالماً بعد أنْ كانَ جاهلاً، وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا [النحل:78]، ها؟ أمَّا علمُ الرَّبِّ صفةُ العلم لله فهي مِن لوازمِ ذاتِه.
 
– القارئ: فَإِنَّ صِفَةَ الْعِلْمِ وَاجِبَةٌ لِلَّهِ قَدِيمَةٌ غَيْرُ حَادِثَةٍ، مُتَعَلِّقَةٌ بِكُلِّ مَعْلُومٍ عَلَى التَّفْصِيلِ، وَهَذِهِ اللَّوَازِمُ مُنْتَفِيَةٌ عَنِ
– الشيخ: اللَّوازمُ مِن القِدَمِ والوجوبِ والعُمومِ.
 
– القارئ: وَهَذِهِ اللَّوَازِمُ مُنْتَفِيَةٌ عَنِ الْعِلْمِ الَّذِي هُوَ صِفَةٌ لِلْمَخْلُوقِينَ، وَيَلْزَمُهَا لَوَازِمُ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهَا صفة للمخلوق مثلَ كونـِها مُمْكِنَةً حَادِثَةً بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ مَخْلُوقَةً غَيْرَ صَالِحَةٍ لِلْعُمُومِ مُفَارِقَةً لَهُ، فَهَذِهِ اللَّوَازِمُ يَسْتَحِيلُ إِضَافَتُهَا إِلَى الْقَدِيمِ
– الشيخ: "القديم" هذا يعني الشيخُ تكلَّم بلغةِ الـمُتكلمين، فإنَّ "القديمَ" عندَهم مُصطلحٌ خاصٌّ بالله، "القديم، القديم" فيقولون: "هذا يجوز على القديمِ"، أو "هذا لا يجوز على القديم".
 
– القارئ: وَاجْعَلْ هَذَا التَّفْضِيلَ مِيزَانًا لَكَ فِي جَمِيعِ الصِّفَاتِ وَالْأَفْعَالِ، وَاعْتَصِمْ بِهِ فِي نَفْيِ التَّشْبِيهِ وَالتَّمْثِيلِ، وَفِي بُطْلَانِ النَّفْيِ وَالتَّعْطِيلِ، وَاعْتَبِرْهُ فِي الْعُلُوِّ وَالِاسْتِوَاءِ تَجِدْ هَذِهِ الصِّفَةَ يَلْزَمُهَا كَوْنُ الْعَالِي فَوْقَ السَّافِلِ فِي الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ، فَهَذَا اللازمُ حَقٌّ لَا يَجُوزُ نَفْيُهُ، وَيَلْزَمُهَا كَوْنُ السَّافِلِ حَاوِيًا لِلْأَعْلَى مُحِيطًا بِهِ حَامِلًا لَهُ، وَالْأَعْلَى مُفْتَقِرًا إِلَيْهِ، وَهَذَا فِي بَعْضِ الْمَخْلُوقَاتِ لَا فِي كُلِّهَا
– الشيخ: صح.
– القارئ: بَلْ بَعْضُهَا لَا يَفْتَقِرُ فِيهِ الْأَعْلَى إِلَى الأَسْفَلَ، وَلَا يَحْوِيهِ الْأَسْفَلُ وَلَا يُحِيطُ بِهِ وَلَا يَحْمِلُهُ، كَالسَّمَاءِ مَعَ الْأَرْضِ، فَالرَّبُّ تَعَالَى أَجَلُّ شَأْنًا وَأَعْظَمُ أَنْ يَلْزَمَ مِنْ عُلُوِّهِ ذلكَ، بلْ لوازمُ عُلُوِّهِ مِنْ خَصَائِصِهِ، وَهِيَ حَمْلُهُ للسَّافِلَ وَفَقْرُ السَّافِلِ إِلَيْهِ، وَغِنَاهُ سُبْحَانَهُ عَنْهُ وَإِحَاطَتُهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ ; فَهُوَ فَوْقَ الْعَرْشِ، معَ حَمْلِهِ العَرْشَ وحَمَلَتِهِ، وغِنَاهُ
– الشيخ: "حَمْلِهِ العَرْشَ" يعني: بقدرتِهِ وإمساكُهُم بقدرتِهِ.
– القارئ: "معَ حَمْلِهِ العَرْشَ وحَمَلَتِه" هكذا أحسن الله إليكم؟
– الشيخ: إي، إي، "معَ حَمْلِهِ العَرْشَ وحَمَلَتِه" يعني: إمساكُهم بقدرتِه سبحانه وتعالى.
 
– القارئ: معَ حَمْلِهِ العَرْشَ وحَمَلَتِه، وغِنَاهُ عَن العرشِ وفقرُ العَرشِ إليهِ، وإحاطتُهُ بالعَرشِ وَعَدَمُ إِحَاطَةِ الْعَرْشِ بِهِ، وَحَصْرُهُ لِلْعَرْشِ وَعَدَمُ حَصْرِ الْعَرْشِ لَهُ، وَهَذِهِ
اللَّوَازِمُ مُنْتَفِيَةٌ عَنِ الْمَخْلُوقِينَ، وَلَوْ مَيَّزَ أَهْلُ التَّعْطِيلِ هَذَا التَّمْيِيزَ لَهُدُوا إِلَى سَوَاءِ السَّبِيلِ، وَلَمَا فَارَقُوا الدَّلِيلَ.
الْوَجْهُ الْخَامِسُ وَالْأَرْبَعُونَ: أَنَّ الْأَصْلَ الَّذِي قَادَهُمْ إِلَى التَّعْطِيلِ، وَاعْتِقَادِ الْمُعَارَضَةِ بَيْنَ الْوَحْيِ وَالْعَقْلِ أَصْلٌ وَاحِدٌ

– الشيخ: لعلَّكَ تقفُ هنا.
 
 

info

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :العقيدة