الرئيسية/شروحات الكتب/المنتقى في الأحكام الشرعية من كلام خير البرية/(15) باب وقت صلاة الفجر وما جاء في التغليس بها
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(15) باب وقت صلاة الفجر وما جاء في التغليس بها

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

التَّعليق على كتاب (المنتقى) للمجد ابن تيميَّة

الدَّرس الخامس عشر

***    ***    ***   

 

– القارئ: بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ، على نبيِّنا مُحمدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعين، قالَ مجدُ الدينِ بنُ تيميةَ -رحمَهُ اللهُ تعالى- في كتابِهِ (المُنتقى):

بَابُ وَقْتِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَمَا جَاءَ فِي التَّغْلِيسِ بِهَا وَالْإِسْفَارِ.

قَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ وَقْتِهَا فِي غَيْرِ حَدِيث، وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنَّ نِسَاءَ الْمُؤْمِنَاتِ يَشْهَدْنَ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَاةَ الْفَجْرِ، مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ ثُمَّ يَنْقَلِبْنَ إلَى بُيُوتِهِنَّ حِينَ يَقْضِينَ الصَّلَاةَ لَا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ مِنْ الْغَلَسِ. رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ، وَلِلْبُخَارِيِّ: وَلَا يَعْرِفُ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا.

– الشيخ: لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، اللهم صلي وسلم.. هذا من أدلّة، أجمعَ جمهور العلماء على أنّ السُّنة والفضيلة بالتبكير لصلاة الفجر، بعد تيقّن دخول الوقت، بعد تيقّن دخول الوقت، السُّنة المبادرة لصلاة الفجر، ووجه الدلالة من هذا الحديث ظاهرة أن هذه النسوة يصلين الفجر مع النبي عليه الصلاة والسلام، وهذا من حرصهنّ على الخير ومحبتهن للصلاة ومشاركة الرجال في صلاة الجماعة وإن كانت ليست واجبة عليهن، وللصلاة خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم ينصرفْنَ وهنَّ متلفّعات، متلفلفات بأكسيتهن بمروطهنَّ، في الرواية الأولى لا يعرفهنَّ أحد من الغَلَس، بسبب الغلس وهو اختلاط ظلام الليل بضياء النهار، يعني لا يزال الظلام هو الغالب فلا يعرفهنّ أحد، وفي الرواية الثانية، لا يعرف بعضهنَّ بعضاً، وهذا هن أحد من الغلس، بسبب الغلس وهو اختلاط ظلام الليل بضياء النهار، يعني لا يزال الظلام هو الغالب فلا يعرفهنّ أحد، وفي الرواية الثانية، لا يعرف بعضهن بعضاً، وهذا إذا كُنَّ لا يعرفهنَّ أحد من يراهنَّ أو لا يعرف بعضهنّ بعضاً، والشخص قد يُعرف بخياله وبهيئته وإن لم يُرى وجهه، يعني ترى الإنسان وهو يمشي وهو مولٍّ ظهره تعرف أنّه فلان، والشاهد قوله لا يعرفهن أحد من الغلس، هذا في حال الانصراف وهنَّ منصرفات، ومن المعلوم أنّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يطيل القراءة، يقرأ في الصلاة من الستين إلى المئة، وكذلك يتأنّى بعض الشيء لحضور المصلين، هذا كلّه يؤكّد أنّ الرسول كان يُبكِّر لصلاة الفجر.

 

– القارئ: وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى صَلَاةَ الصُّبْحِ مَرَّةً بِغَلَسٍ ثُمَّ صَلَّى مَرَّةً أُخْرَى فَأَسْفَرَ بِهَا ثُمَّ كَانَتْ صَلَاتُهُ بَعْد ذَلِكَ التَّغْلِيسَ حَتَّى مَاتَ لَمْ يَعُدْ إلَى أَنْ يُسْفِرَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

– الشيخ: جميل لما صلّى بالنبيّ مرّة صلّى به في أول الوقت، ومرّة صلّى به قبيل طلوع الشمس، وهكذا فعل الرسول للتعليم، لتعليم حدود الوقت، فعل ذلك لتعليم بعض الناس الوافدين الذين جاؤوا يسألون عن الصلاة، ولكن يعني إذاً فإسفاره أو صلاته بإسفارِ هذا شيء يعني لسبب وهو قليل أو نادر، أمّا الغالب فكانت صلاته بغلس.

 

– القارئ: وَعَنْ أَنَسٍ عَنْ «زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: تَسَحَّرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ قُمْنَا إلَى الصَّلَاةِ، قُلْت: كَمْ كَانَ مِقْدَارُ مَا بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

– الشيخ: لا إله إلا الله، ما قدر خمسين آية متوسّطة، الآيات فيها طويل وقصير، حنّا نقول خمسين آية متوسطة، يعني بعض السور آياتها قصيرة جداً مثل سورة الصفّ وسورة الشعراء، آيات قصيرة، في آيات طويلة مثل سورة البقرة وآل عمران والنساء، آياتها طويلة، والمتوسطة يمكن تقول مثل سورة الأحقاف وسورة محمّد وسورة الفتح، يمكن هو يقول قدر خمسين آية ما بين فراغهم من السحور وبين الصلاة.

 

– طالب: أحسن الله إليكم، هذا يعني أنّهم انتهوا من السحور على وقت ال..

– الشيخ: انتهوا من السحور عند الأذان، نعم.

 

– القارئ: عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ». رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

– الشيخ: هذا هو دليل من يرى الإسفار في صلاة الفجر، وهو مشهور مذهب الأحناف، أسفروا في الفجر فإنّه أعظم للأجر، ولكن هذا الحديث وحده لا يقاوم الأحاديث الكثيرة والمُستفيضة، ثم هذا مؤوّل على أنّه يعني المراد يعني التحقُّق من طلوع الفجر.

 

– القارئ: وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – صَلَّى صَلَاةً لِغَيْرِ مِيقَاتِهَا إلَّا صَلَاتَيْنِ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِجَمْعٍ وَصَلَّى الْفَجْرَ يَوْمئِذٍ قَبْلَ مِيقَاتِهَا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِمُسْلِمٍ: قَبْلَ وَقْتِهَا بِغَلَسٍ، وَلِأَحْمَدَ وَالْبُخَارِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: «خَرَجْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ فَقَدِمْنَا جَمْعًا فَصَلَّى الصَّلَاتَيْنِ كُلَّ صَلَاةٍ وَحْدَهَا بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَتَعَشَّى بَيْنَهُمَا ثُمَّ صَلَّى حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ، قَائِلٌ يَقُولُ: طَلَعَ الْفَجْرُ وَقَائِلٌ: لَمْ يَطْلُعْ، ثُمَّ قَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: إنَّ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ حُوِّلَتَا عَنْ وَقْتِهِمَا فِي هَذَا الْمَكَانِ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، وَلَا يَقْدَمُ النَّاسُ جَمْعًا حَتَّى يُعْتِمُوا وَصَلَاةُ الْفَجْرِ هَذِهِ السَّاعَةَ، وَعَنْ أَبِي الرَّبِيعِ قَالَ..

– الشيخ: … اللي بعده.

– القارئ: هوَ قالَ قبلُ ولأحمدَ والبخاريِّ.

– الشيخ: لأحمد والبخاري؟

– القارئ: نعم.

– الشيخ: على كل حال حديث ابن مسعود هذا محمول على أن الرسول في مزدلفة، أماّ الجمع ما هو متفق عليه، إنّه لا يصلي المغرب بعرفة، لأ بل الصلاة أمامك فليصل المغرب إذا وصل إلى المُزدلفة، وأمّا الفجر فهذا محمول على أنه صلاها قبل العادة قبل عادته، لكن بعد طلوع الفجر يقيناً، صلاة الفجر لا تصحّ قبل الوقت، باتّفاق المسلمين هي اسمها صلاة الفجر، فلا تكون قبل الفجر، هي صلاة الفجر لا تكون قبل الفجر، لكن ما ذكره ابن مسعود هو يعني باعتبار الغالب من هديه أنه كان يصليها بغلس بعد طلوع الفجر بكذا، يمكن قدّمها قبل عادته يعني نقول بخمس دقائق يمكن، الله المستعان.

 

– القارئ: وَعَنْ «أَبِي الرَّبِيعِ قَالَ: كُنْت مَعَ ابْنِ عُمَرَ فَقُلْتُ لَهُ: إنِّي أُصَلِّي مَعَك ثُمَّ أَلْتَفِتُ فَلَا أَرَى وَجْهَ جَلِيسِي ثُمَّ أَحْيَانًا تُسْفِرُ، فَقَالَ: كَذَلِكَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي وَأَحْبَبْتُ أَنْ أُصَلِّيَهَا كَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّيهَا». رَوَاهُ أَحْمَدُ.

وَعَنْ «مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلَى الْيَمَنِ، فَقَالَ: يَا مُعَاذُ إذَا كَانَ فِي الشِّتَاءِ فَغَلِّسْ بِالْفَجْرِ وَأَطِلْ الْقِرَاءَةَ قَدْرَ مَا يُطِيقُ النَّاسُ وَلَا تَمَلَّهُمْ وَإِذَا كَانَ الصَّيْفُ فَأَسْفِرْ بِالْفَجْرِ فَإِنَّ اللَّيْلَ قَصِيرٌ وَالنَّاسُ يَنَامُونَ فَأَمْهِلْهُمْ حَتَّى يُدْرِكُوا». رَوَاهُ الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ الْبَغَوِيّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ، وَأَخْرَجَهُ بَقِيٍّ بْنُ مَخْلَدٍ فِي مُسْنَدِهِ الْمُصَنَّفِ.

– الشيخ: انتهى؟

– القارئ: نعم.

– الشيخ: الله المستعان، سبحان الله، الواجب العمل بالأحاديث والجمع بينها وتحرّي ما هو أقرب إلى سُنَتِه وهديه عله الصلاة والسلام، فإنّه قال: (صلّوا كما رأيتموني أصلي). وهذا يشمل يعني صفة الصلاة يعني بأفعالها ويشمل كذلك يعني الوقت، يعني ينبغي للمسلمين أن يتحرَّوا الوقت الذي كان يصلّي فيه الرسول عليه الصلاة والسلام، وما عُلِمَ أنّه كان يُبَكِّرُ فيه يعني كانت السُّنة التقدُّم، وما عُلِمَ أنه كان يُؤخِّر أخّر، مثل صلاة العشاء صلاة العشاء الرسول كان يستحبُّ تأخيرها، حتّى إنّه لما تأخّر ذات ليلة قال: (لولا أن أشقّ على أمتي لأمرتهم بالصلاة هذه الساعة). فخير الهدي هدي محمّد -صلى الله عليه وسلم- فالواجب اتّباعه والتأسّي به، وليس للمسلم أن يأخذ من مذاهب الناس ما يوافق هواه أو مذهبه، لأ عليه أن يتحرّى هدي محمّدٍ -صلى الله عليه وسلم- إلى هنا يا محمّد، لا إله إلا الله، سبحان الله، سبحان الله، نعم يا محمّد، طيب الشوكانيّ أيش عنده، كلام كثير، خلاصة الكلام بعده، أترك تعليقه على تخريج الأحاديث، عندك والأحاديث كذا والحديث يدلّ، والحاصل ما في شيء؟

– القارئ: نعم.

– الشيخ: ما في شي، لابدّ فيه يعني..

– القارئ: قال: وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْمُبَادَرَةِ بِصَلَاةِ الْفَجْرِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ

– الشيخ: طيب.

– القارئ: وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ

– الشيخ: طيب هذا أول حديث؟

– القارئ: أي.

– الشيخ: طيب ماشي عيد [أعد] …

– القارئ: وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ، فَذَهَبَتْ الْعِتْرَةُ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَدَاوُد بْنُ عَلِيٍّ وَأَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَأَنَسٍ وَأَبِي مُوسَى وَأَبِي هُرَيْرَةَ إلَى أَنَّ التَّغْلِيسَ أَفْضَلُ وَأَنَّ الْإِسْفَارَ غَيْرُ مَنْدُوبٍ، وَحَكَى هَذَا الْقَوْلَ الْحَازِمِيُّ عَنْ بَقِيَّةِ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ وَأَهْلِ الْحِجَازِ. وَاحْتَجُّوا بِالْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْبَابِ وَغَيْرِهَا وَلِتَصْرِيحِ أَبِي مَسْعُودٍ فِي الْحَدِيثِ الْآتِي بِأَنَّهَا كَانَتْ صَلَاةُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- التَّغْلِيسَ حَتَّى مَاتَ وَلَمْ يَعُدْ إلَى الْإِسْفَارِ.

وَذَهَبَ الْكُوفِيُّونَ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَأَكْثَرُ الْعِرَاقِيِّينَ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- وَابْنِ مَسْعُودٍ إلَى أَنَّ الْإِسْفَارَ أَفْضَلُ.

وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ «أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ» وَسَيَأْتِي نَحْوُهُ. وَقَدْ أَجَابَ الْقَائِلُونَ بِالتَّغْلِيسِ عَنْ أَحَادِيثِ الْإِسْفَارِ بِأَجْوِبَةٍ، مِنْهَا أَنَّ الْإِسْفَارَ التَّبَيُّنُ وَالتَّحَقُّقُ.

– الشيخ: التَّبَيُّنُ يعني ليس الإسفار تأخير صلاة الفجر حتى يذهب الظلام ويغلب الضوء؛ لأنّ هذا يكون قريب من طلوع الشمس، وإنّما المراد بالإسفار هذا التأويل تأويله، هو التحقّق والتبيّن والانتظار حتى يعني يتضح الفجر.

 

– القارئ: فَلَيْسَ الْمُرَادُ إلَّا تَبَيُّنَ الْفَجْرِ وَتَحَقُّقَ طُلُوعِهِ وَرُدَّ بِمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَإِسْحَاقُ وَغَيْرُهُمَا بِلَفْظِ: «ثَوِّبْ بِصَلَاةِ الصُّبْحِ يَا بِلَالُ حِينَ يُبْصِرُ الْقَوْمُ مَوَاقِعَ نَبْلِهِمْ مِنْ الْإِسْفَارِ» وَمِنْهَا أَنَّ الْأَمْرَ بِالْإِسْفَارِ فِي اللَّيَالِي الْمُقْمِرَةِ فَإِنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ فِيهَا الْفَجْرُ إلَّا بِالِاسْتِظْهَارِ فِي الْإِسْفَارِ.

وَذَكَرَ الْخَطَّابِيِّ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ لَمَّا أُمِرُوا بِالتَّعْجِيلِ صَلَّوْا بَيْنَ الْفَجْرِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي طَلَبًا لِلثَّوَابِ، فَقِيلَ لَهُمْ: صَلُّوا بَعْدَ الْفَجْرِ الثَّانِي، وَأَصْبِحُوا بِهَا، فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِأَجْرِكُمْ، فَإِنْ قِيلَ: لَوْ صَلَّوْا قَبْلَ الْفَجْرِ لَمْ يَكُنْ فِيهَا أَجْرٌ، فَالْجَوَابُ أَنَّهُمْ يُؤْجَرُونَ عَلَى نِيَّتِهِمْ وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ لِقَوْلِهِ: «إذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ».

وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ: إنَّمَا يَتَّفِقُ مَعَانِي آثَارِ هَذَا الْبَابِ بِأَنْ يَكُونَ دُخُولُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ مُغَلِّسًا ثُمَّ يُطِيلُ الْقِرَاءَةَ حَتَّى يَنْصَرِفَ عَنْهَا مُسْفِرًا، وَهَذَا خِلَافُ قَوْلِ عَائِشَةَ؛ لِأَنَّهَا حَكَتْ أَنَّ انْصِرَافَ النِّسَاءِ كَانَ وَهُنَّ لَا يُعْرَفْنَ مِنْ الْغَلَسِ، وَلَوْ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالسُّوَرِ الطِّوَالِ مَا انْصَرَفَ إلَّا وَهُمْ قَدْ أَسْفَرُوا وَدَخَلُوا فِي الْإِسْفَارِ جِدَّا، أَلَا تَرَى إلَى أَبِي بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- حِين قَرَأَ الْبَقَرَةَ فِي رَكْعَتَيْ الصُّبْحِ قِيلَ لَهُ: كَادَتْ الشَّمْسُ تَطْلُعُ، فَقَالَ: لَوْ طَلَعَتْ لَمْ تَجِدْنَا غَافِلِينَ.

ثمّ الحديثُ أبي مسعودٍ.

– الشيخ: الله المستعان، إلى هنا بس [فقط].

 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :الحديث وعلومه