الرئيسية/شروحات الكتب/المنتقى في الأحكام الشرعية من كلام خير البرية/(16) باب بيان أن من أدرك الصلاة في الوقت فإنه يتمها
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(16) باب بيان أن من أدرك الصلاة في الوقت فإنه يتمها

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

التَّعليق على كتاب (المنتقى) للمجد ابن تيميَّة

الدَّرس السَّادس عشر

***    ***    ***   

 

– القارئ: بسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعين، قالَ الإمامُ مجدُ الدينِ عبدُ السلامِ بنُ تيميةَ الحرَّانيِّ -رحمَهُ اللهُ تعالى- في كتابِهِ (المُنتقَى):

بَابُ بَيَانِ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ بَعْضَ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ فَإِنَّهُ يُتِمُّهَا، ووُجوبِ..

– الشيخ: سبحان الله، مُقتضَى ما سيذكره من الدليل أنَّ مَن أدركَ بعضَ الصلاةِ في الوقتِ فإنّه يكون مُدرِكاً للصلاة، أمّا الإتمام فهذا يعني لابدَّ منه مَن أدرك دخلَ شرعَ في الصلاة في الوقت ولو بتكبيرةِ الإحرامِ فإنّه يُتمُّها، لكن هل يكون مُدركِاً للوقت؟ لا، إلّا بركعة إلّا بركعة.

– القارئ: الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْوَقْتِ.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الصُّبْحِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ"

– الشيخ: من أدركها يعني في الوقت، من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك صلاة الصبح، يعني في الوقت يعني أدركها في الوقت أداءً، إذاً إذا أدرك ركعة وش باقي يصلّي ركعة ثانية وخلاص تتمّ صلاته؛ لأنّ صلاة الفجر ركعتان من أدرك ركعة فقد أدرك الصبح، وتكون الركعة الثانية وقت طلوع الشمس، وهذا هو الصحيح أنّ مَن يعني انتبه من نومه أو تذكّر وكان ناسياً، وكان في هذا الوقت فإنّه يصلّي، لكن هل يدرك الصبح بأقلّ من ركعة؟ في ذلك خلاف، فالمشهور من مذهب الحنابلة أنّه يُدرك الوقت بتكبيرة الإحرام، إذا قال لحظة قبل طلوع الشمس بلحظة (اللهُ أكبر) أدرك الوقت.

لكن الحديث فيه النصّ من أدرك ركعة ركعة كاملة، ولعلّه يدركها بإدراك الركوع إذا كبَّر وقرأ وركع لعلّه يكون بذلك مُدرِكاً للوقت.

 

– القارئ: وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ». رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ.

– الشيخ: الجماعة كلّهم؛ البخاريّ ومسلم وأبو داود والترمذيّ والنسائيّ وابن ماجه وأحمد كلّهم الجماعة، المقصود من أردك ركعة أيضاً من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك فإنّه يصلّيها، ويضيف إليها بعد غروب الشمس يصلي ثلاث.

ففي الفجر الركعة الأولى في الوقت والثانية خارج الوقت وكذلك في المغرب في العصر، مَن صلّى ركعةً، الركعة الأولى في الوقت وثلاث منها بعد خروج الوقت، فمن أدرك ركعة في الوقت فقد أدرك الوقت، وتكون صلاته أداءً لا قضاءً.

وإلى معنى هذا الحديث ذهب جمهور أهل العلم بأنَّ الوقت يُدرَكُ بإدراكِ ركعةٍ، وأنّه لا فرق بين الصبح والعصر، فمن أدرك ركعة من الصبح قبل طلوع الشمس فقد أدرك ويُتِمُّها، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر ويُتِمُّها بعد الغروب.

ففي الفجر الركعة الثانية في وقت النهي، وفي العصر الركعة الأولى في وقت النهي عند غروب الشمس، عند غروب الشمس.

بعض الفقهاء يفرِّق بين الصبح والعصر ويقول أنّه من أدرك ركعة من الصبح فإنّه لا تَصُحُّ صلاته؛ لأنّ الثانية في وقت النهي، وهذا قولٌ ضعيفٌ مردودٌ بصريحِ هذا الحديثِ.

والصحيح أنّه لو استيقظ الإنسان وثمّ صلّى عند طلوع الشمس فإنّه يصحُّ ذلك له؛ لأنّ النهي يُستثَنى منه الفرائض، الفرائض لا تدخل في حديث: (لا صلاةَ بعدَ الصبحِ حتَّى تطلعَ الشمسُ ولا صلاةَ بعدَ العصرِ حتَّى تغيبَ الشمسُ)، هذا في التطوُّع.

 

– القارئ: وَلِلْبُخَارِيِّ: «إذَا أَدْرَكَ أَحَدُكُمْ سَجْدَةً مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَلْيُتِمَّ صَلَاتَهُ وَإِذَا أَدْرَكَ سَجْدَةً مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَلْيُتِمَّ صَلَاتَهُ».

– الشيخ: والسجدة المراد بها الصحيح أنّ السجدة في مثل هذا هي بمعنى الركعة، سجدة وركعة نعم.

 

– القارئ: وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الْعَصْرِ سَجْدَةً قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ أَوْ مِنْ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ فَقَدْ أَدْرَكَهَا». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَالسَّجْدَةُ هُنَا الرَّكْعَةُ.

وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «كَيْفَ أَنْتَ إذَا كَانَ عَلَيْكَ أُمَرَاءُ يُمِيتُونَ الصَّلَاةَ أَوْ قال يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا؟، قُلْت: فَمَا تَأْمُرنِي يا رسولَ اللّهِ؟ قَالَ: صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا فَإِنْ أَدْرَكْتَهَا مَعَهُمْ فَصَلِّ فَإِنَّهَا لَك نَافِلَةٌ» وَفِي رِوَايَةٍ: «فَإِنْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وَأَنْتَ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلِّ»، وَفِي روايةٍ أُخْرَى «فَإِنْ أَدْرَكَتْكَ -يَعْنِي الصَّلَاةَ- مَعَهُمْ فَصَلِّ وَلَا تَقُلْ: إنِّي قَدْ صَلَّيْتُ فَلَا أُصَلِّي». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ.

– الشيخ: المهمّ من هذا الحديث يدل على أنّه لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها المحدود، وتقدّم أنّ لكلّ صلاة وقت ولكلّ وقت أوّل وآخر، فلا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها.

فإذا كان الرسول أرشد أبا ذرٍّ بأنّه إذا كان عليه من أمراء يؤخّرون الصلاة عن وقتها، فإنّه يصلّي الصلاة لوقتها، فإن يعني حضر صلاتهم صلّاها معهم وتكون له نافلة.

 

– القارئ: وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «سَيكُونُ عَلَيْكُمْ بَعْدِي أُمَرَاءُ تُشْغِلُهُمْ أَشْيَاءُ عَنْ الصَّلَاةِ لوقتِها حتّى يذهبَ وقتُها، فَصَلُّوا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُصَلِّي مَعَهُمْ؟ فَقَالَ: نَعَمْ إنْ شِئْتَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَأَحْمَدُ بِنَحْوِهِ، وَفِي لَفْظِ: «وَاجْعَلُوا صَلَاتَكُمْ مَعَهُمْ تَطَوُّعًا».

وَفِيهِ دَلِيلٌ لِمَنْ رَأَى الْمُعَادَةَ نَافِلَةً، وَلِمَنْ لَمْ يُكَفِّرْ تَارِكَ الصَّلَاةِ، وَلِمَنْ أَجَازَ إمَامَةَ الْفَاسِقِ.

– الشيخ: انتهى؟

– القارئ: بابُ قضاءُ الفوائتِ.

– الشيخ: حسبُك إلى هنا بس [فقط].

 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :الحديث وعلومه