الرئيسية/شروحات الكتب/المنتقى في الأحكام الشرعية من كلام خير البرية/(17) باب بيان أن من أدرك بعض الصلاة في الوقت فإنه يتمها
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(17) باب بيان أن من أدرك بعض الصلاة في الوقت فإنه يتمها

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

التَّعليق على كتاب (المنتقى) للمجد ابن تيميَّة

الدَّرس السَّابع عشر

***    ***    ***   

 

– القارئ: بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، قالَ الشوكانيُّ -رحمَهُ اللهُ تعالى- في كتابِهِ (نيلُ الأوطارِ):

بابُ بيانِ أنَّ مَن أدركَ بعضَ الصلاةِ في الوقتِ فإنّهُ يتمُّها.

– الشيخ: ليته قالَ "بابُ أنَّ مَن أدركَ ركعةً من الصلاة فإنَّه يتمُّها" يعني كلمة "بعض" ولهذا يعني المصنِّف في الترجمة كأنَّه راعى الاختيار الَّذي عندَ الحنابلةِ، أنَّ مَن أدركَ تكبيرةَ الإحرامِ، تكبيرةَ الإحرامِ أدركَها بالوقتِ فإنّه يتمُّها وتكونُ وتكونُ في الوقتِ.

 

– القارئ: قولُهُ: (فقد أدركَ) قالَ النوويُّ: أجمعَ المسلمون.

– الشيخ: يعني فقد أدرك الصلاة…الحديث، من أدركَ ركعةً مِن الصلاةِ فقد أدركَ الصلاةَ، قالَ النوويُّ.

– القارئ: قالَ النوويُّ: أجمعَ المسلمون على أنَّ هذا ليسَ على ظاهرِهِ، وأنَّهُ لا يكونُ بالركعةِ مُدرِكاً لكلِّ الصلاةِ وتكفيهِ، وتحصلُ الصلاةُ بهذهِ الركعةِ.

– الشيخ: يعني الحديث، لا إله إلَّا الله، كمِّلْ.

– القارئ: بلْ هوَ متأوَّلٌ، وفيهِ إضمارٌ تقديرُهُ، فقدْ أدركَ حكمَ الصلاةِ أو وجوبَها أو فضلَها، انتهى.

وقيلَ: يُحمَلُ على أنَّهُ أدركَ الوقتَ، قالَ الحافظُ: وهذا قولُ الجمهورِ.

– الشيخ: هذا هو الصحيح فلا داعي للتطويل، مَن فقدَ أدركَ الصلاة بركعة أو أدرك الوقت، خلاص نعم.

– القارئ: وفي روايةٍ مِن حديثِ أبي هريرةَ «مَن صلَّى ركعةً مِن العصرِ قبلَ أنْ تغربَ الشَّمسُ وصلَّى ما بقيَ بعدَ غروبِ الشمسِ لم تفتْهُ العصرَ».

وقالَ مثلُ ذلكَ في الصبحِ.

وفي روايةٍ للبُخاريِّ مِن حديثِ أبي هريرةَ أيضاً "فليتمَّ صلاتَهُ" وللنسائيِّ.

– الشيخ: خلاص، من أدرك ركعة فليُتمَّ صلاته، نعم.

– القارئ: فقدْ أدركَ الصلاةَ

– الشيخ: أيش يقول؟ أيش.

– القارئ: وللنسائيِّ «فقدْ أدركَ الصلاةَ كلَّها إلَّا أنَّهُ يقضي ما فاتَهُ» وللبيهقيِّ: "فليُصلِّ إليها أخرى". ويُؤخَذُ مِن هذا الردُّ على الطحاويِّ حيثُ خصَّ الإدراكَ باحتلامِ الصبيِّ وطُهرِ الحائضِ وإسلامِ الكافرِ ونحوِ ذلكَ، وأرادَ بذلكَ نُصرةَ مذهبِهِ في أنَّ مَن أدركَ مِن الصُّبحِ ركعةً تفسدُ صلاتُهُ؛ لأنَّه لا يكملُها إلَّا في وقتِ الكراهةِ، وهوَ مبنيٌّ على أنَّ الكراهةَ تتناولُ الفرضَ والنفلَ وهيَ خلافيَّةٌ مشهورةٌ.

قالَ الترمذيُّ: وبهذا يقولُ الشافعيُّ وأحمدُ وإسحاقُ وخالفَ أبو حنيفةَ فقالَ: مَن طلعَتْ عليهِ الشمسُ وهوَ في صلاةِ الصبحِ بطلَتْ صلاتُهُ، واحتجَّ في ذلكَ بالأحاديثِ الواردةِ في النهيِ عن الصلاةِ عندَ طلوعِ الشمسِ وادَّعى بعضُهم أنَّ أحاديثَ النهيِ ناسخةٌ لهذا الحديثِ، قالَ الحافظُ

– الشيخ: بل هذا الحديث مُخصَّصٌ لأحاديثِ النهي، نعم.

– القارئ: وهيَ دعوى تحتاجُ إلى دليلٍ وأنَّهُ لا يُصارُ إلى النسخِ بالاحتمالِ، والجمعُ بينَ الحديثين مُمكنٌ بأنْ تُحمَلَ أحاديثُ النهيِ على ما لا سببَ لهُ مِن النوافلِ، انتهى.

قلْتُ: وهذا أيضاً جمعٌ بما يوافقُ مذهبَ الحافظِ، والحقُّ أنَّ أحاديثَ النهيِ عامَّةً تشملُ كلُّ صلاةٍ، وهذا الحديثُ خاصٌّ فيُبنَى العامُّ على الخاصِّ، ولا يجوزُ في ذلكَ الوقتِ شيءٌ مِن الصلواتِ إلَّا بدليلٍ يخصُّهُ، سواءً كانَ مِن ذواتِ الأسبابِ أو غيرِها، ومفهومُ الحديثِ أنَّ مَن أدركَ أقلَّ مِن ركعةٍ لا يكونُ مُدرِكاً للوقتِ، وأنَّ صلاتَهُ تكونُ قضاءً، وإليهِ ذهبَ الجمهورُ.

وقالَ البعضُ: أداءً، والحديثُ يردُّهُ، واختلفُوا إذا أدركَ مَن لا تجبُ عليهِ الصلاةُ كالحائضِ تطهُرُ، والمجنونُ يعقلُ، والمُغمَى عليهِ يفيقُ، والكافرُ يُسلِمُ، دونَ ركعةٍ مِن وقتِها هلْ تجبُ عليهِ الصلاةُ أم لا؟ وفيهِ قولانِ للشافعيِّ أحدُهما: لا تجبُ، ورُوِيَ عن مالكٍ عملاً بمفهومِ الحديثِ وأصحُّهما عن أصحابِ الشافعيِّ أنَّها تلزمُهُ وبهِ قالَ أبو حنيفةَ؛ لأنَّه أدركَ جزءاً مِن الوقتِ فاستوى قليلُهُ وكثيرُهُ وأجابُوا عن مفهومِ الحديثِ بأنَّ التقيُّدَ بركعةٍ خرجَ مخرجَ الغالبِ ولا يخفى ما فيهِ مِن البعدِ، وأمَّا إذا أدركَ أحدُ هؤلاءِ ركعةً وجبَتْ عليهِ الصلاةُ بالاتِّفاقِ بينَهم ومقدارُ هذهِ الركعةِ قَدْرُ ما يُكبِّرُ ويقرأُ أمَّ القرآنِ ويركعُ ويرفعُ ويسجدُ سجدتَينِ.

والحديثُ يدلُّ على أنَّ الصلاةَ الَّتي أُدرِكَتْ منها ركعةٌ قبلَ خروجِ الوقتِ أداءً لا قضاءً، وفي ذلكَ إشكالاتٌ عندَ أئمةِ الأصولِ، قولُهُ: (سجدةٌ) المُرادُ بها الركعةُ كما ذكرَهُ المُصنِّفُ ومُسلِمٌ في صحيحِهِ.

وقد ثبتَ عندَ الإسماعيليِّ بلفظِ: ركعةً مكانَ سجدةً، فدلَّ على أنَّ الاختلافَ في اللفظِ وقعَ مِن الرواةِ، وقد ثبتَ أيضاً عندَ البخاريِّ مِن طريقِ مالكٍ بلفظِ: "مَن أدركَ ركعةً" قالَ الحافظُ: ولمْ يُختلَفْ على راويهِ في ذلكَ فكانَ عليها الاعتمادُ.

قالَ الخطَّابيُّ: المُرادُ بالسجدةِ الركعةُ بركوعِها وسجودِها، والركعةُ إنَّما يكونُ تمامُها سجودُها فسُمِّيَتْ على هذا سجدةٌ، انتهى.

وإدراكُ الركعةِ، قبلَ خروجِ الوقتِ لا يخصُّ صلاةَ الفجرِ والعصرِ لِما ثبتَ عندَ البخاريِّ ومُسلمٍ وغيرِهما مِن حديثِ أبي هريرةَ مرفوعاً بلفظِ: "مَن أدركَ ركعةً مِن الصلاةِ فقدْ أدركَ الصلاةَ".

– الشيخ: هذا عامٌّ، مَن أدركَ ركعةً من الصلاة فقد أدركَ الصلاةَ، أدركَ الصلاةَ في الوقتِ وأدركَها معَ الجماعةِ، فمَن أدركَ معَ الإمامِ ركعةً فقدْ أدركَ الجماعةَ، مَن أدركَ في الوقتِ ركعةً فقدْ أدركَ الوقتَ، اللهُ أكبرُ.

– القارئ: وهوَ أعمُّ مِن حديثِ البابِ.

قالَ الحافظُ: ويُحتمَلُ أنْ تكونَ اللامُ عهديَّةً.

– الشيخ: من أدركَ ركعةً من الصلاة.

– القارئ: اللهُ المُستعانُ، مَن أدركَ ركعةً مِن الصلاةِ، نعم نعم.

ويؤيِّدُهُ أنَّ كلَّاً مِنهما مِن روايةِ أبي سلمةَ عن أبي هريرةَ وهذا مُطلَقٌ وذاكَ يعني حديثَ البابِ مُقيَّدٌ فيُحمَلُ المُطلَقُ على المُقيَّدِ انتهى.

ويمكنُ أنْ يُقالَ: إنَّ حديثَ البابِ دلَّ بمفهومِهِ على اختصاصِ ذلكَ الحكمِ بالفجرِ والعصرِ، وهذا الحديثُ يدلُّ بمنطوقِهِ على أنَّ حُكمَ جميعِ الصلواتِ لا يختلفُ في ذلكَ، والمنطوقُ أرجحُ مِن المفهومِ فيتعيَّنُ المصيرُ إليهِ ولاشتمالِهِ على الزيادةِ الَّتي ليسَتْ منافيةً للمزيدِ، قالَ النوويُّ: وقدْ اتَّفقَ العلماءُ على أنَّهُ لا يجوزُ تعمُّدُ التأخيرِ إلى هذا الوقتِ، انتهى.

وقد قدَّمْنا الكلامَ على اختصاصِ هذا الوقتِ بالمُضطرِّين في أوائلِ الأوقاتِ فارجعْ إليهِ.

قولُهُ: (يُميتون الصلاةَ).

– الشيخ: قف على هذا بارك اللّه بك، وش عندك محمّد.

– طالب: أحسن اللّه إليك يا شيخنا ورضي اللّه عنك يا شيخنا إدراك الركوع هل هو إدراك للركعة كاملة؟

– الشيخ: والله ما ذكرُوا كذا لكن عندي أنا قلتها أمس، قلت يظهرُ لي أنَّ مَن أدركَ الركوعَ؛ لأنَّ هكذا من ركعَ معَ الإمامِ فقد أدركَ الركعةَ، الآنَ فلعلَّه كذلك اللهُ أعلم.

– القارئ: باب اللي بعده؟

– الشيخ: لالا قف على هذا بس [فقط].

– القارئ: أقصد في المتن

– الشيخ: لا لا بس [يكفي].

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :الحديث وعلومه