file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(19) أبواب الأذان

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

التَّعليق على كتاب (المنتقى) للمجد ابن تيميَّة

الدَّرس التَّاسع عشر

***    ***    ***   

 

– القارئ: بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، قالَ الإمامُ مجدُ الدينِ ابنُ تيميةَ-رحمَهُ اللهُ تعالى- في كتابِهِ (المُنتقى في الأحكامِ الشرعيَّةِ):

أَبْوَابُ الْأَذَانِ.

– الشيخ: اللهُ أكبرُ، الأذان أصله في اللغة الإعلام، وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ [التوبة:3] وهو يصير في اللغة اسمُ مصدرٍ أذان لأنه: آذن يوذِنُ إيذاناً، الأصل مصدر من أفعل أكرم يُكرِم إكراماً، فاسم مصدر.

وهو النداءُ … أذان المراد بالأذان سمَّاه الله نداءً؛ لأنَّه ذكرٌ بصوتٍ رفيعٍ، وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا [المائدة:58]. إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ [الجمعة:9].

والمقصودُ بهِ في الشرعِ هوَ الإعلامُ بدخولِ وقتِ الصلاةِ المكتوبةِ، الإعلامُ بدخولِ وقتِ الصلاةِ، بألفاظٍ مخصوصةٍ، وهو شعارُ بلادِ الإسلامِ، الأذانُ هو شعارُ بلادِ الإسلامِ.

ولهذا قالَ العلماءُ إنَّهما فرضُ كفايةٍ، يُقاتَلُ أهلُ بلدٍ تركوه، لو تواطأَ أهلُ بلدٍ على أنَّهم لا يؤذِّنون، فإنَّهم يُقاتَلون.

فهو عنوانُ ديارِ الإسلامِ، حتّى إنَّهُ عليهِ الصلاةُ والسلامُ كانَ إذا غزا قوماً انتظرَ عندَ طلوعِ الفجرِ، فإنْ سمعَ أذاناً وإلَّا أغارَ عليهِم، فإنْ سمعَ أذاناً فهم مسلمون، وإلّا أغارَ عليهم.

اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، وهو يدلُّ على عِظمِ شأنِ الصلاةِ، يُنادَى للصلواتِ الخمسِ، ويُنادَى للصلاةِ في اليومِ خمسُ مرَّاتٍ، سبحانَ اللهِ العظيمِ.

وشياطينُ الجنِّ والإنسِ كلُّهم يفرُّون مِن الأذانِ، إذا سمعَ الشيطانُ الأذانَ أدبرَ ولهُ ضُراطٌ، فإذا فَرغَ المؤذِّنُ رجعَ فوسوسَ، وهكذا في الإقامةِ.

وهكذا شياطينُ الإنسِ يفرُّون من الأذانِ، ويكرهونه ويسخرون، وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُواً [المائدة:58]. هذهِ حالُ الكفّارِ من المشركين أصحابِ الأوثانِ، وكذلك أهلُ الكتابِ الكفرةِ. نعم الأذان بابُ الأذانِ أبوابُ الأذانِ أبواب.

 

– القارئ: بَابُ وُجُوبِهِ وَفَضِيلَتِهِ.

– الشيخ: بابُ ذكرِ الأدلَّة على وجوبه، يذكر في هذا الباب ما يدلُّ على وجوبه وعلى فضله، وجوبه هذا حكمُ الأذان هذا وجوبه، وفضلُه يعني ما يترتَّبُ عليه من أجرٍ، وفي الحديث لو يعلم الناس ما في الأذان والصف الأول ثم لم يجدوا إلّا أن يستهِموا عليه لاستهموا عليه.

 

– القارئ: عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَقُولُ: «مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ لَا يُؤَذِّنُونَ وَلَا تُقَامُ فِيهِمْ الصَّلَاةُ إلَّا اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ الشَّيْطَانُ» رواهُ أحمدُ وأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ.

وَعَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ أَنَّ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ: «إذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَعَنْ مُعَاوِيَةَ أَنَّ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ: «إنَّ الْمُؤَذِّنِينَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَابْنُ مَاجَهْ.

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْإِمَامُ ضَامِنٌ وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ اللَّهُمَّ أَرْشِدْ الْأَئِمَّةَ وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ.

وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَقُولُ: «يَعْجَبُ رَبُّكَ مِنْ رَاعِي غَنَمٍ فِي شَظِيَّةٍ بِجَبَلٍ يُؤَذِّنُ لِلصَّلَاةِ وَيُصَلِّي، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: اُنْظُرُوا إلَى عَبْدِي هَذَا يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ الصَّلَاةِ يَخَافُ مِنِّي قَدْ غَفَرْت لِعَبْدِي وَأَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَذَانَ يُسَنُّ لِلْمُنْفَرِدِ وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ.

والشَّظِيَّةُ: الطَّرِيقَةُ كَالْجِدَةِ.

– الشيخ: كالجادَّة.

– القارئ: ما في، ما فيها "ألف"

– الشيخ: وش عندك "الجدة"؟

– القارئ: جدة.

– الشيخ: لا لا؛ كالجادة.

– القارئ: ناقص ألف يعني، انتهى الباب.

– الشيخ: لا إله إلَّا الله، دلَّت هذه الأحاديث على وجوبِه وجوبِ الأذان للصلاة، فليؤذّن يقم أحدكم وليؤمكم أكبركم، وكذلك الحديث الأول، ما من ثلاثة في قريةٍ لا يؤذَّن فيها فيهم في الصلاة ويُقام إلّا استحوذَ عليهم الشيطانُ، لا إله إلّا الله.

ومن أدلّةِ فضلِه حديث أطولُ الناسِ أعناقاً يومَ القيامةِ المؤذِّنون،وكذلك الحديث الذي لم يذكره المؤلّف وهو أصحُّ ممّا ذكره، (لو يعلم الناس مافي الأذان والصف الأول ثمّ لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا عليه).

شوف حديث الإمام ضامن والمؤذِّن مؤتمن اقرأ كلام الشارح عليه، عندك؟

– القارئ: نعم.

– الشيخ: اقرأ كلامه عليه.

– القارئ: قالَ: الْحَدِيثُ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ طَرِيقِ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى وَابْنِ حِبَّانَ وَابْنِ خُزَيْمَةَ كُلُّهُمْ مِنْ طَرِيقِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

وَأَخْرَجَهُ مَنْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أي الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ عَكْسَهُ، وَذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا.

وَقَالَ أَيْضًا: لَمْ يَسْمَعْ سُهَيْلٌ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ أَبِيهِ إنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ الْأَعْمَشِ وَلَمْ يَسْمَعْهُ الْأَعْمَشُ مِنْ أَبِي صَالِحٍ بِيَقِينٍ لِأَنَّهُ يَقُولُ فِيهِ نُبِّئْتُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، وَكَذَا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ: رَوَاهُ سُلَيْمَانُ وَرُوحُ بْنُ الْقَاسِمِ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَغَيْرُهُمْ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ الْأَعْمَشِ، قَالَ: وَقَالَ أَبُو بَدْرٍ عَنْ الْأَعْمَشِ: حَدِيثٌ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، وَقَالَ ابْنُ فُضَيْلٍ: عَنْهُ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: لَمْ يَسْمَعْ الْأَعْمَشُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ أَبِي صَالِحٍ، وَصَحَّحَ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةَ جَمِيعًا ابْنُ حِبَّانَ وَقَالَ: قَدْ سَمِعَ أَبُو صَالِحٍ هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ مِنْ عَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ جَمِيعًا، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْهَادِي: أَخْرَجَ مُسْلِمٌ هَذَا الْإِسْنَادَ يَعْنِي سُهَيْلًا عَنْ أَبِيهِ نَحْوًا مِنْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ حَدِيثًا.

وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَخْرَجَهُ أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ وَصَحَّحَهُ الضِّيَاءُ فِي الْمُخْتَارَةِ.

وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَعَنْ جَابِرٍ عِنْدَ ابْنِ الْجَوْزِيِّ فِي الْعِلَلِ وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَادَ فِيهِ بِذَلِكَ الْإِسْنَادِ، «قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ تَرَكْتَنَا نَتَنَافَسُ فِي الْأَذَانِ بَعْدَكَ، فَقَالَ: إنَّهُ يَكُونُ بَعْدَكُمْ قَوْمٌ سِفْلَتَهُمْ مُؤَذِّنُهُمْ».

قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هَذِهِ الزِّيَادَةُ لَيْسَتْ مَحْفُوظَةً وَأَشَارَ ابْنُ الْقَطَّانِ إلَى أَنَّ الْبَزَّارَ وَهُوَ الْمُتَفَرِّدُ بِهَا قَالَ الْحَافِظُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ جَزَمَ ابْنُ عَدِيٍّ بِأَنَّهَا مِنْ أَفْرَادِ أَبِي حَمْزَةَ وَكَذَا قَالَ الْخَلِيلِيُّ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الْبَزَّارِ فَبَرِئَ مِنْ عُهْدَتِهَا.

وَأَخْرَجَهَا ابْنُ عَدِيٍّ فِي تَرْجَمَةِ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ عِيسَى الرَّمْلِيِّ عَنْ الْأَعْمَشِ، وَاتَّهَمَ بِهَا عِيسَى وَقَالَ: إنَّمَا تُعْرَفُ هَذِهِ الزِّيَادَةُ بِأَبِي حَمْزَةَ قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: أَبُو حَمْزَةَ ثِقَةٌ وَلَا عَيْبَ لِلْإِسْنَادِ إلَّا مَا ذَكَرَ مِنْ الِانْقِطَاعِ، وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْوَاسِطَةَ قَدْ عُرِفَتْ وَهُوَ الْأَعْمَشُ كَمَا تَقَدَّمَ، فَلَا يَضُرُّ هَذَا الِانْقِطَاعُ وَلَا تُعَدُّ عِلَّةً، وَأَمَّا الِانْقِطَاعُ الثَّانِي بَيْنَ الْأَعْمَشِ وَأَبِي صَالِحٍ الَّذِي تَقَدَّمَ فِيهِ قَوْلُهُ عَن رجلٍ.

قَوْلُهُ: (الْإِمَامُ ضَامِنٌ) الضَّمَانُ فِي اللُّغَةِ الْكَفَالَةُ وَالْحِفْظُ وَالرِّعَايَةُ وَالْمُرَادُ أَنَّهُمْ ضُمَنَاءُ عَلَى الْإِسْرَارِ بِالْقِرَاءَةِ وَالْأَذْكَارِ.

– الشيخ: ضامنون ضُمناء يصبحُ كعالمٍ وعُلماءَ، عالمٍ وعُلماءَ ضامنٍ وضُمناءَ هنا ما ذكرَها.

– القارئ: ضُمَنَاءُ عَلَى الْإِسْرَارِ بِالْقِرَاءَةِ وَالْأَذْكَارِ حُكِيَ ذَلِكَ عَنْ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ ضَمَانُ الدُّعَاءِ أَنْ يَعُمَّ الْقَوْمَ بِهِ وَلَا يَخُصَّ نَفْسَهُ.

وَقِيلَ: لِأَنَّهُ يَتَحَمَّلُ الْقِيَامَ وَالْقِرَاءَةَ عَنْ الْمَسْبُوقِ.

وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَحْفَظُ عَلَى الْقَوْمِ صَلَاتَهُمْ وَلَيْسَ مِنْ الضَّمَانِ الْمُوجِبِ لِلْغَرَامَةِ.

قَوْلُهُ: (وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ) قِيلَ: الْمُرَادُ أَنَّهُ أَمِينٌ عَلَى مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ.

وَقِيلَ: أَمِينٌ عَلَى حُرَمِ النَّاسِ لِأَنَّهُ..

– الشيخ: لأنَّه يكون في المِئذنة وهي مرتفعة تكشف على البيوت، قال أمين مؤتمن على الحُرُمات، يعني إنَّ عليه ألّا ينظر إلى حرماتِ الناسِ وعليه أن يغضَّ بصره ويشتغلُ بالأذانِ ولا يتعدّى، فهو مؤتمنٌ بهذا الاعتبارِ.

 

– القارئ: لِأَنَّهُ يُشْرِفُ عَلَى الْمَوَاضِعِ الْعَالِيَةِ.

وَالْحَدِيثُ اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى فَضِيلَةِ الْأَذَانِ، وَعَلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِمَامَةِ؛ لِأَنَّ الْأَمِينَ أَرْفَعُ حَالًا مِنْ الضَّمِينِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ، وَيُؤَيِّدُ قَوْلَ مَنْ قَالَ: إنَّ الْإِمَامَةَ أَفْضَلُ أَنَّ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَالْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ بَعْدَهُ أَمُّوا وَلَمْ يُؤَذِّنُوا وَكَذَا كِبَارُ الْعُلَمَاءِ بَعْدَهُمْ.

انتهى.

– الشيخ: بارك الله فيك، لا إله إلّا الله.

– القارئ: ما بعد جاء، اقرأ اللي بعد اللي بعده؟

– الشيخ: اقرأ نعم.

– القارئ: قالَ: بَابُ صِفَةُ الْأَذَانِ.

– الشيخ: أه هذا موضوع كبير لأنَّ الروايات مختلفة في صفة الأذان، يعني في جُمَلِهِ في اختلاف الروايات مختلفة في جُمل الأذان، وأشهرها أنَّ جُملَ الأذانِ خمسةَ عشرَ، ومع الترجيعِ يصيرُ تسعةَ عشرَ، نعم وش يقول صفة الأذان.

 

– القارئ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ قَالَ: «لَمَّا أَجْمَعَ رَسُولُ اللَّهِ لَمَّا أَجْمَعَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَنْ يُضْرَبَ بِالنَّاقُوسِ وَهُوَ لَهُ كَارِهٌ..

– الشيخ: أصل هذا أصل الموضوع أنَّهم كانوا يتحيَّنون الصلاة يتحرَّون الوقت، فتشاوروا أن يجعلوا لذلك علامة أو دليل يعرفون به الوقت، فاقترح بعضهم الضرب بالناقوس، وبعضهم أن يُضرَبَ بالبوق، الناقوس للنصارى والبوق لليهود.

 ففي هذه الرواية أنَّ الرسول كأنَّه يعني مال إلى أن يُرجِّح أو يعتمد الضرب بالناقوس، مع أنّه يكرهُ ذلك لما فيه من التشبُّه. فمن فضل الله أنَّ عبد الله بن زيد بن عبد ربِّه رأى هذه الرؤيا، فأقرّها النبيُّ عليه الصلاة والسلام.

 

– القارئ: أَنْ يَضْرِبَ بِالنَّاقُوسِ وَهُوَ لَهُ كَارِهٌ لِمُوَافَقَتِهِ النَّصَارَى طَافَ بِي مِنْ اللَّيْلِ طَائِفٌ وَأَنَا نَائِمٌ: رَجُلٌ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ، وَفِي يَدِهِ نَاقُوسٌ يَحْمِلُهُ قَالَ: فَقُلْت له: يَا عَبْدَ اللَّهِ أَتَبِيعُ النَّاقُوسَ، قَالَ: وَمَا تَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: قُلْت: نَدْعُو بِهِ إلَى الصَّلَاةِ، قَالَ: أَفَلَا أَدُلُّك عَلَى خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ؟ فَقُلْت: بَلَى، فقَالَ: تَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ.

قَالَ: ثُمَّ اسْتَأْخَرَ غَيْرَ بَعِيدٍ فقَالَ: ثُمَّ تَقُولُ إذَا أَقَمْت الصَّلَاةَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ، قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ.

قَالَ: فَلَمَّا أَصْبَحْت أَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا رَأَيْت، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إنَّ هَذِهِ لرُّؤْيَا حَقٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَمَرَ بِالتَّأْذِينِ فَكَانَ بِلَالٌ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ يُؤَذِّنُ بِذَلِكَ وَيَدْعُو رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إلَى الصَّلَاةِ قَالَ: فَجَاءَهُ فَدَعَاهُ ذَاتَ غَدَاةٍ إلَى الْفَجْرِ فَقِيلَ لَهُ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – نَائِمٌ فَصَرَخَ بِلَالٌ بِأَعْلَى صَوْتِهِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ.

قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: فَأُدْخِلَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ فِي التَّأْذِينِ إلَى صَلَاةِ الْفَجْرِ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ، وَفِيهِ «فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا رَأَيْت، فَقَالَ: إنَّهَا لَرُؤْيَا حَقٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَقُمْ مَعَ بِلَالٍ فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْت فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ قَالَ: فَقُمْت مَعَ بِلَالٍ فَجَعَلْت أُلْقِيهِ عَلَيْهِ وَيُؤَذِّنُ بِهِ قَالَ: فَسَمِعَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ فَخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ يَقُولُ: وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ لَقَدْ رَأَيْت مِثْلَ الَّذِي أُرِيَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَلِلَّهِ الْحَمْدُ».

وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ هَذَا الطَّرَفُ مِنْهُ بِهَذِهِ الطَّرِيقِ وَقَالَ: حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ إلَّا الْإِقَامَةَ».

رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ، وَلَيْسَ فِيهِ لِلنَّسَائِيِّ وَالتِّرْمِذِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ إلَّا الْإِقَامَةَ.

وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «إنَّمَا كَانَ الْأَذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَالْإِقَامَةُ مَرَّةً مَرَّةً غَيْرَ أَنَّهُ يَقُولَ: قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ، وَكُنَّا إذَا سَمِعْنَا الْإِقَامَةَ تَوَضَّأْنَا ثُمَّ خَرَجْنَا إلَى الصَّلَاةِ».

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.

– الشيخ: في هذا ما يدلّ على أنّ النبيّ-صلّى الله عليه وسلّم- كان يطيل يطيل الركعة الأولى، الله المستعان.

 

– القارئ: وَعَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – عَلَّمَهُ هَذَا الْأَذَانَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ يَعُودُ فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مَرَّتَيْنِ أَشْهَدُ أَنْ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ مَرَّتَيْنِ.

– الشيخ: هذا هو الترجيع هذا هو الترجيع، يعني يقولها أوّلاً سِرّاً ثم يعود ويجهر بها، والترجيع في الشهادتين فيصير فيؤول الأمر إلى أن يكونَ الأذان تسعةَ عشرَ.

 

– القارئ: ..حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ مَرَّتَيْنِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ مَرَّتَيْنِ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ، وَذَكَرَ التَّكْبِيرَ فِي أَوَّلِهِ أَرْبَعًا. وَلِلْخَمْسَةِ عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – عَلَّمَهُ الْأَذَانَ تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً وَالْإِقَامَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً».

قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

وَعَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ قَالَ: «قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – عَلِّمْنِي سُنَّةَ الْأَذَانِ فَعَلَّمَهُ وَقَالَ: فَإِنْ كَانَتْ صَلَاةُ الصُّبْحِ قُلْت: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.

انتهى البابُ.

– الشيخ: الله المستعان.

– طالب: أحسن الله إليكم، يعني يُشرَع للمؤذِّن أحياناً يؤذِّن بالترجيع؟

– الشيخ: أي عجل [بالتأكيد]! عند أهل العلم أن هذا من التنوُّع، يعني وللناس مذاهب من الناس من يرتجع ومن من لا سبحان الله، لا حول ولا قوّة إلّا بالله.

 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :الحديث وعلومه