الرئيسية/شروحات الكتب/المنتقى في الأحكام الشرعية من كلام خير البرية/(30) باب نهي الرجال عن المعصفر وما جاء في الأحمر
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(30) باب نهي الرجال عن المعصفر وما جاء في الأحمر

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

التَّعليق على كتاب (المنتقي) للمجد ابن تيميَّة

الدَّرس الثلاثون

***     ***     ***

 

– القارئ: بسم الله الرحمن الرحيم، قال الإمامُ مجدُ الدِّين ابن تيمية الحراني -رحمه الله- في كتابه "المنتقى":

بَابُ نَهْيِ الرِّجَالِ عَنْ لُبسِ الْمُعَصْفَرِ وَمَا جَاءَ فِي الْأَحْمَرِ.

– الشيخ: الْمُعَصْفَر: المصبوغُ بالعِصْفِر، والمعروف إن العِصْفِر يصبغُ أحمر، يعني يصبغُ بلون الحُمْرَة، وقد جاءتْ الأحاديث بهذا باللفظين: بلفظِ العِصْفِر والثوب الـمُعَصْفَر، وبلفظِ الحُمرة.

والأحاديث فيها دَلالةٌ على تحريمِ لُبْسِ الأحمر، تحريم ذلك على الرجال، لُبْسِ الأحمرِ قال العلماء: هو الخالصُ، الأحمر الخالصُ، يعني الرجلُ ما يجوز يلبس ثوب أحمر خالص، لابدَّ أن يكونَ إمَّا فيه يعني خطوط، أو يصير مخلوط ما هو بالأحمر القاني، يصير بَيْنَ بَيْنَ فيه حُمرة.

 

– القارئ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: رَأَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَيَّ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ فَقَالَ: "إنَّ هَذِهِ مِنْ ثِيَابِ الْكُفَّارِ فَلَا تَلْبَسْهَا". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ.

– الشيخ: عــلَّـــلَــهُ بالتشبُّهِ بالكفار، علَّلَ النَّهي عن لُبس الـمُعَصْفَرِ بمشابهةِ الكفار، "إنَّها مِنْ لباس الْكُفَّارِ فَلَا تَلْبَسْهَا"، فيها ألفاظٍ أخرى غيرِ هذا، بالإنكارِ قال له: "أمُّكَ أَمَرَتْكَ بهذا؟"، فهو من لباسِ النساء، ومن لباس الكفار.

 

– القارئ: وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ ثَنِيَّةٍ، فَالْتَفَتَ إلَيَّ وَعَلَيَّ رَيْطَةٌ مُضَرَّجَةٌ بِالْعِصْفِرِ، فَقَالَ: مَا هَذِهِ؟ فَعَرَفْتُ مَا كَرِهَ، فَأَتَيْت أَهْلِي وَهُمْ يَسْجُرُونَ تَنُّورَهُمْ فَقَذَفْتُهَا فِيهِ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ مِنْ الْغَدِ، فَقَالَ: "يَا عَبْدَ اللَّهِ مَا فَعَلَتْ الرَّيْطَةُ؟ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: أَلَا كَسَوْتَهَا بَعْضَ أَهْلِكِ؟، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَكَذَلِكَ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ.

– الشيخ: المهم أنَّ عبدَ الله بن عمرو مِن يعني موافقتِهِ لمراد الله ورسوله لـمَّا رأى في وجهِ النَّبي كراهةً، وقال له: ما هذا؟ على وجه الاستنكارِ، يعني لمْ يتوقفْ ويستمرَّ لابساً له، بل ذهبَ إلى أهلِهِ ورأى التنُّورَ تتوقَّدُ -قد أوقدوا فيها النَّار- فألقى فيها الرَّيْطَةَ وأحرقَهَا إحْراقاً، فلمَّا جاءَهُ من الغدِ، ما فعل؟ سأله عنها فأخبره، فقال: لو كسوتَ بها بعضَ أهلِكَ، فعُلِم أنها، يدلُّ هذا على تحريمِ لُبس الـمُعَصْفَرِ على الرجالِ وإباحتِهِ للنساء.

 

– القارئ: رَوَاهُ أَحْمَدُ وَكَذَلِكَ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَزَادَ: "فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ لِلنِّسَاءِ".

وَعَنْ عَلِيٍّ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- قَالَ: نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ التَّخَتُّمِ بِالذَّهَبِ وَعَنْ لِبَاسِ الْقَسِّيِّ.

– الشيخ: عن التَّخَتُّمِ بِالذَّهَبِ هذا معروف، يعني لُبس الذهب ومنه التَّخَتُّم، نعم لُبس خواتيم الذهب.

– القارئ: وَعَنْ الْقِرَاءَةِ

– الشيخ: لا، وَعَنْ لِبَسِ الْقَسِّيِّ

– القارئ: وَعَنْ لِبَاسِ الْقَسِّيِّ.

– الشيخ: الْقَسِّيّ نوعٌ من الحرير يعني.

– القارئ: وَعَنْ الْقِرَاءَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ.

– الشيخ: عجيب، يعني يظهرُ مثلِ هذا النوع من الأحاديث ما يلزمُ أنَّ الرسولَ جَمَعَهَا في كلامه، لكن اللي جَمَعَهَا -مثلاً- عليّ يُخِبر أنَّ الرسول نهى عن هذا ونهاه عن هذا وعن هذا وعن هذا، ولا يلزمُ أنه نهاه عنها جميعاً في موقفٍ واحدِ، ما يلزم.

وقد صحَّ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "أَلَا إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا" فيَحْرُمُ قراءةُ شيءٍ من القرآنِ في حالِ الركوع والسجود، لكن لو دعا الإنسان ببعض أدعيةِ القرآنِ، ولم يقصد التلاوة مثل: لو قرأ، لو قال: اللهمَّ ربنا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً [البقرة:201]، مثل هذا ما هو بقرآن ما هو بتلاوة قرآن، هذا دعاءٌ مُقْتَبَسٌ من القرآن.

 

– القارئ: وَعَنْ لِبَاسِ الْمُعَصْفَرِ"

– الشيخ: هذا هو الشاهد، هذا هو الشاهد في هذا الحديث.

– القارئ: رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ وَابْنَ مَاجَهْ.

وَعَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرْبُوعًا بَعِيدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ لَهُ شَعْرٌ يَبْلُغُ شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ رَأَيْتُهُ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ لَمْ أَرَ شَيْئًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

– الشيخ: اللهم صلِّ وسلم على، حُلَّة حَمْرَاء، الحُلَّة من لباس العرب إِزار ورِدَاء، يقول: رَأَيْتُهُ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ، يعني لابساً لحُلَّةٍ حمراء، قال العلماء: إنَّها لم تكن حمراءَ خالصةً يعني قانِيَةً لا، لكن مثل الآن، أنتم وش تسمون هذا؟ ما تقولون: أحمر؟ 

– الطلاب: بلى .

– الشيخ: أحمر، وهل هو أحمر خالص؟ نعم.

– القارئ: وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلٌ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَحْمَرَانِ فَسَلَّمَ فَلَمْ يَرُدَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَيْهِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد والتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: مَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ كَرِهَ الْمُعَصْفَرَ، قَالَ: وَرَأَوْا أَنَّ مَا صُبِغَ بِالْحُمْرَةِ مِنْ مَدَرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ ما لَمْ يَكُنْ مُعَصْفَرًا.

– الشيخ: يعني لأنَّ الصبغ بغير العِصْفِر ما هو، لا يكون أحمر أحمر قاني، يعني يصير أحمر يعني خفيفَ الحُمرة، خفيف ما يصير أحمر يعني دمويّ دمويّ، لا.

 

– القارئ: بَابُ مَا جَاءَ فِي لُبْسِ الْأَبْيَضِ وَالْأَسْوَدِ وَالْأَخْضَرِ وَالْمُزَعْفَرِ وَالْمُلَوَّنَاتِ.

– الشيخ: شف تعليق المؤلف بس على يعني، شفه في الأول والا في آخره كلامه يعني على فقه الأحاديث، أو حكم الـمُعَصْفَر عند العلماء.

– القارئ: في بداية الباب

– الشيخ: إي

– القارئ: قال: وَقَدْ اسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ قَالَ بِتَحْرِيمِ.

– الشيخ: اسْتَدَلَّ

– القارئ: وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ قَالَ بِتَحْرِيمِ لُبْسِ الثَّوْبِ الْمَصْبُوغِ بِعُصْفُرٍ وَهُمْ الْعِتْرَةُ، وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا عَلَى

– الشيخ: وهم العِترة بس! العترة! إنما أهل البيت، عندهم العِترة، نعم.

– القارئ: وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ ابْنِ عَمْرٍو وَحَدِيثِ عَلِيٍّ الْمَذْكُورَيْنِ بَعْدَ هَذَا وَغَيْرِهِمَا وَسَيَأْتِي بَعْضُ ذَلِكَ. وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ إلَى الْإِبَاحَةِ، كَذَا قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ فِي شَرْحِ السُّنَنِ قَالَ: وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ بِالْكَرَاهَةِ لِلتَّنْزِيهِ.

– الشيخ: يعني صار ثلاثة أقوال: تحريم، الإباحة، الكراهة.

– القارئ: وَحَمَلُوا النَّهْيَ عَلَى هَذَا لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ" زَادَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ: "وَقَدْ كَانَ يَصْبُغُ بِهَا ثِيَابَهُ كُلَّهَا".

وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: النَّهْيُ مُنْصَرِفٌ إلَى مَا صُبِغَ مِنْ الثِّيَابِ، وَكَأَنَّهُ نَظَرَ إلَى مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ ذِكْرِ مُطْلَقِ الصَّبْغِ بِالصُّفْرَةِ، فَقَصَرَهُ عَلَى صَبْغِ اللِّحْيَةِ دُونَ الثِّيَابِ، وَجَعَلَ النَّهْيَ مُتَوَجِّهًا إلَى الثِّيَابِ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى تِلْكَ الزِّيَادَةِ الْمُصَرِّحَةِ بِأَنَّهُ كَانَ يَصْبُغُ ثِيَابَهُ بِالصُّفْرَةِ، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ الصُّفْرَةَ الَّتِي كَانَ يَصْبُغُ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَيْرُ صُفْرَةِ الْعِصْفَرَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ.

– الشيخ: يعني في الكلام اضطراب، الذي أذكره أن العِصْفر يصبغ أحمر، والآن هو يقول: أنه يصبغ بالصُفرة، والأحاديث المتضافرة فيها النَّهي عن لُبس الأحمر القاني، نعم كمِّل كمِّل.

 

– القارئ: وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا سَيَأْتِي فِي بَابِ لُبْسِ الْأَبْيَضِ وَالْأَسْوَدِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَصْبُغُ بِالزَّعْفَرَانِ.

وَقَدْ أَجَابَ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِالتَّحْرِيمِ عَنْ حَدِيثِ ابْنِ عَمْرٍو الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ وَحَدِيثِهِ الَّذِي بَعْدَهُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَهْيِهِ لَهُ نَهْيُ سَائِرِ الْأُمَّةِ.

– الشيخ: عجيب! يجعلونه خاص! لا هذا خالف القاعدة، نهيُّ الرسولِ لواحدٍ وأمرُهُ لواحدٍ هو أمرٌ للجميعِ.

– القارئ: وَكَذَلِكَ أَجَابَ عَنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ الْآتِي بِأَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ: "نَهَانِي" أَنَّ ذَلِكَ مُخْتَصٌّ بِهِ.

– الشيخ: لا لا لا، الله المستعان، نعم.

– القارئ: وَلِهَذَا ثَبَتَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: وَلَا أَقُولُ نَهَاكُمْ.

– الشيخ: "لا أقول: نهاكم"، لكن هو نهاهُ وَوَجَّهَ إليه نَهْيَهُ، كأنه يعني يلتزمُ النَّصَ، أنَّ الرسول نهاهُ، وأنه لم يقلْ: لا تلبسوا، بل قالَ له: لا تلبسْ، وحُكم الأمةِ واحدٌ إلا أنْ يدلَّ دليلٌ على التخصيص، هذه كلها أقوالٌ ليستْ جيدة.

 

– القارئ: وَهَذَا الْجَوَابُ يَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ الْمَشْهُورِ بَيْنَ أَهْلِ الْأُصُولِ فِي حُكْمِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْوَاحِدِ مِنْ الْأُمَّةِ هَلْ يَكُونُ حُكْمًا عَلَى بَقِيَّتِهِمْ أَوْ لَا؟

– الشيخ: هذا هو الصحيح، بل هو حُكمٌ على الأمة جَمْعَاء، وهذا مبنيٌّ، اقرأْ.

– القارئ: وَهَذَا الْجَوَابُ يَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ الْمَشْهُورِ بَيْنَ أَهْلِ الْأُصُولِ فِي حُكْمِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْوَاحِدِ مِنْ الْأُمَّةِ هَلْ يَكُونُ حُكْمًا عَلَى بَقِيَّتِهِمْ أَوْ لَا؟ وَالْحَقُّ الْأَوَّلُ.

– الشيخ: وشو الأول؟ الأول أنه يعني يشملُ الأمة ويعمُّ الأمة.

– القارئ: فَيَكُونُ نَهْيُهُ لِعَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ نَهْيًا لِجَمِيعِ الْأُمَّةِ.

– الشيخ: نعم، إي والله، نعم.

– القارئ: وَلَا يُعَارِضُهُ صَبْغُهُ بِالصُّفْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِ أَنَّهَا مِنْ الْعُصْفُرِ لِمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ مِنْ أَنَّ فِعْلَهُ الْخَالِيَ عَنْ دَلِيلِ التَّأَسِّي الْخَاصِّ لَا يُعَارِضُ قَوْلَهُ الْخَاصَّ بِأُمَّتِهِ.

– الشيخ: هذا أصلٌ عند الشوكاني، وهو أنَّ فعلَهُ -عليه الصلاة والسلام- إذا تعارضَ القولُ والفعلُ كان الفعل خاصَّاً به والقولُ خاصَّاً بالأمة.

والجمهورُ يستدلونَ إذا خالف -يعني الفعلُ القولَ- استُدلَّ بالفعلِ على الجوازِ، وحملِ النهي على، يعني إما خلافِ الأولى أو على الكراهة، كما نهى، كما أمرَ النبي صلى الله عليه وسلم بالوضوءِ ممَّا مَسَّتِ النَّار، ثمَّ كانَ في آخرِ الأمرِ كان منه أنه كان لا يتوضأُ مما مَسَّتِ النَّار، كان آخر الأمرين -يقول جابر-: "كَانَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ تَرْكُ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ".

فاستُدلَّ بتركِهِ الوضوء مما مَسَّتِ النَّارُ على إباحةِ ذلكَ وأنه لا يجب، لا يجب الوضوء مما مَسَّتِ النَّارُ.

 

– القارئ: فَالرَّاجِحُ تَحْرِيمُ الثِّيَابِ الْمُعَصْفَرَةِ، وَالْعُصْفُرُ وَإِنْ كَانَ يَصْبُغُ صَبْغًا أَحْمَرَ-كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ- فَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ: أَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – كَانَ يَلْبَسُ حُلَّةً حَمْرَاءَ. كَمَا يَأْتِي، لِأَنَّ النَّهْيَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ يَتَوَجَّهُ إلَى نَوْعٍ خَاصٍّ مِنْ الْحُمْرَةِ، وَهِيَ الْحُمْرَةُ الْحَاصِلَةُ عَنْ صِبَاغِ الْعُصْفُرِ وَسَيَأْتِي مَا حَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ بِمَعْنَى هَذَا. وَقَدْ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ رَادًّا لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ: إنَّهُ..

– الشيخ: عجيب! البيهقي يردُّ قولَ الشافعي! هذا شيءٌ نادرٌ! رادَّاً؟

– القارئ: رَادًّا لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ: إنَّهُ لَمْ يَحْكِ أَحَدٌ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النَّهْيَ عَنْ الصُّفْرَةِ إلَّا مَا قَالَ عَلِيٌّ: "نَهَانِي وَلَا أَقُولُ نَهَاكُمْ"، إنَّ الْأَحَادِيثَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَلَى الْعُمُومِ، ثُمَّ ذَكَرَ أَحَادِيثَ مَا قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ.

– طالب: …

– الشيخ: ثُمَّ ذَكَرَ؟

– القارئ: ثُمَّ ذَكَرَ أَحَادِيثَ، ثم قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ بَلَغَتْ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الشَّافِعِيَّ لَقَالَ بِهَا.

– الشيخ: دائماً هو يقول: "إذا صحَّ الحديثُ فهو مذهبي"، ولا يتعمَّدُ مخالفةَ السُّنةِ، وكثيراً ما يعني يُعْتَذَرُ عن العلماءِ إذا خالفوا شيئاً من الأدلَّةِ أو الأحاديثِ بأنَّها لم تَبْلُغْهُمْ.

 

– القارئ: ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مَا صَحَّ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: "إذَا صَحَّ الْحَدِيثُ خِلَافَ قَوْلِي فَاعْمَلُوا بِالْحَدِيثِ".

[انتهى بعدين انتقل لحديث عمرو بن شعيب].

– الشيخ: احنا خلاص هو يعني دَرَسَ المسألة في هذا المكان، جزاه الله خيراً، الله المستعان، الله المستعان، اللهم اهدنا لما اختُلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاءُ إلى صراطٍ مستقيمٍ، نعم يا محمد، أبو عبد الله.

– طالب: ذكر الشوكاني -أحسن الله إليكم- في الثوبِ الأحمر، قال: وفي فتحِ الباري أنَّ في لُبس الثوب الأحمر سبعةُ مذاهبٍ.

– الشيخ: أي خلها خلها، بس.

– طالب: ثم سَرَدَهَا.

– الشيخ: خلها، الله يعين، الله يعين، نعم، لا وأوسط الأقوال ما ذكره ابن القيِّم يعني: إنَّ الأصلَ تحريم الأحمر الأحمر، وجواز يعني ما فيه خلطٌ ..

 

 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :الحديث وعلومه