الرئيسية/شروحات الكتب/المنتقى في الأحكام الشرعية من كلام خير البرية/(46) باب الحجة في الصلاة بقراءة ابن مسعود وأبي
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(46) باب الحجة في الصلاة بقراءة ابن مسعود وأبي

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

التَّعليق على كتاب (المنتقي) للمجد ابن تيميَّة

الدَّرس: السَّادس والأربعون

***      ***      ***

 

– القارئ : بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، والحمدُ للهِ ربِّ العالَمين، والصلاةُ والسلامُ على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعين. قال الإمامُ مجدُ الدين عبدُ السلام ابن تيميةَ الحراني -رحمه الله تعالى- في كتابه "المُنتقى في الأحكامِ الشرعية من كلامِ خيرِ البريَّة صلى الله عليه وسلم":

بَابُ: بَابُ الْحُجَّةِ فِي الصَّلَاةِ بِقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيُّ وَغَيْرِهِمَا مِمَّنْ أَثْنَى عَلَى قِرَاءَتِهِ

– الشيخ : يعني بابُ ذكرِ الدليل على صحةِ الصلاة بقراءةِ فلانٍ وفلان –أبيٍّ وابنِ مسعود- وإنْ كانت مُخالفةً للقراءة المشهورة، التي يُسمِّيها علماءُ القراءات بِ "القراءاتِ الشاذة"، والقراءةُ الشاذة: التي لا تنطبقُ عليها الشروطُ المُقرَّرةُ عندَهم كصحةِ الإسنادِ، ومُوافقة الرسمِ العُثمانيِّ ومُوافقة قواعدِ اللغة العربية.

 

– القارئ : عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ، مِنْ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ – فَبَدَأَ بِهِ

– الشيخ : ابنُ مسعودٍ: هو ابنُ أمِّ عبد

– القارئ : وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَأُبَيُّ بْنِ كَعْبٍ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ). رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ غَريضًا

– الشيخ : غضًّا

– القارئ : عندي "ياء"

– الشيخ : لا، "غضًّا" بس [فقط]

– القارئ : نعم. يقولُ في الحاشية: الغريضُ: الطَّريُّ. لحم غريضٌ: أي طريٌّ

– الشيخ : ما أدري ما أدري. غضًّا، الغضُّ هو الطريُّ.

يُمكن المُحقِّق فسَّرَ الغضَّ وحطَّها على الغريضِ، تُراجَع، إنْ كانَت الكلمةُ لها أصلٌ من المعروفِ غَضًّا كما أُنزِلَ.

– القارئ : (مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ غَضًّا كَمَا أُنْزِلَ، فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ). رَوَاهُ أَحْمَدُ.

وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِأُبِيٍّ: (إنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا [البينة:1]) وَفِي رِوَايَةٍ: (أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ) قَالَ: "وَسَمَّانِي لَكَ"، قَالَ (نَعَمْ) فَبَكَى. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

– الشيخ : الله أكبر. بكى بكاءَ الفرح، من أنواعِ البكاء: بكاءُ الفرحِ. اللهُ أكبر. كما يحصلُ للمُتلاقِيَين المُتحابَّين.

– القارئ :

بَابُ مَا جَاءَ فِي السَّكْتَتَيْنِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَبَعْدَهَا

– الشيخ : إلى هنا بارك الله فيك. اقرأ شيئًا من كلامِ الشارحِ. لا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا بالله.

– القارئ : قالَ الشَّوكانيُّ -رحمه الله تعالى-:

حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ أَيْضًا أَبُو يَعْلَى وَالْبَزَّارُ وَفِيهِ جَرِيرُ بْنُ أَيُّوبَ الْبَجَلِيُّ وَهُوَ مَتْرُوكٌ، لَكِنَّهُ أَخْرَجَهُ بِهَذَا اللَّفْظِ

الشيخ : جرير. من جماعةِ جريرِ بن عبد الله.

– القارئ : لَكِنَّهُ أَخْرَجَهُ بِهَذَا اللَّفْظِ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ: وَرِجَالُ الْبَزَّارِ ثِقَاتٌ.

قَوْلُهُ: (ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ لَمْ يَحْفَظْ الْقُرْآنَ جَمِيعًا فِي عَصْرِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلَّا هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ.

وَالْمُصَنِّفُ -رَحِمَهُ اللَّهُ- عَقَدَ هَذَا الْبَابَ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ يَقُولُ: إنَّهَا لَا تُجْزِئُ فِي الصَّلَاةِ إلَّا قِرَاءَةُ السَّبْعَةِ الْقُرَّاءِ الْمَشْهُورِينَ، قَالُوا: لِأَنَّ مَا نُقِلَ أُحَادِيًّا لَيْسَ بِقُرْآنٍ وَلَمْ تَتَوَاتَرْ إلَّا السَّبْعُ دُونَ غَيْرِهَا، فَلَا قُرْآنَ إلَّا مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ، وَقَدْ رَدَّ هَذَا الِاشْتِرَاطَ إمَامُ الْقِرَاءَاتِ الجَزَري فقالَ في النشرِ

– الشيخ : في النشرِ –نعم- في القراءاتِ العشرِ

– القارئ : زَعَمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ الْقُرْآنَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالتَّوَاتُرِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ لِأَنَّا إذَا اشْتَرَطْنَا التَّوَاتُرَ فِي كُلِّ حَرْفٍ مِنْ حُرُوفِ الْخِلَافِ انْتَفَى كَثِيرٌ مِنْ أَحْرُفِ الْخِلَافِ الثَّابِتَةِ عَنْ هَؤُلَاءِ السَّبْعَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَالَ: وَلَقَدْ كُنْتُ أَجْنَحُ إلَى هَذَا الْقَوْلِ ثم ظهرَ فَسَادُهُ وَمُوَافَقَةُ أَئِمَّةِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ عَلَى خِلَافِهِ

– الشيخ : مُوافقةً، يعني بمعنى اتِّفاق، توافق، توافُقٌ يعني اتفاقٌ. اتفاقُ أئمةِ السلفِ على خلافِه.

 – القارئ : وَقَالَ: الْقِرَاءَةُ الْمَنْسُوبَةُ إلَى كُلِّ قَارِئٍ مِنْ السَّبْعَةِ وَغَيْرِهِمْ مُنْقَسِمَةٌ إلَى الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ وَالشَّاذِّ، غَيْرَ أَنَّ هَؤُلَاءِ السَّبْعَةِ لِشُهْرَتِهِمْ وَكَثْرَةِ الصَّحِيحِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ فِي قِرَاءَتِهِمْ تَرْكَنُ النَّفْسُ إلَى مَا نُقِلَ عَنْهُمْ فَوْقَ ما نُقِلَ عَنْ غَيْرِهِمْ. انتهى.

فَانْظُرْ كَيْفَ جَعَلَ اشْتِرَاطَ التَّوَاتُرِ قَوْلًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَجَعَلَ قَوْلَ أَئِمَّةِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ عَلَى خِلَافِهِ. وَقَالَ أَيْضًا فِي النَّشْرِ: كُلُّ قِرَاءَةٍ وَافَقَتْ الْعَرَبِيَّةَ وَلَوْ بِوَجْهٍ ووَافَقَتْ أَحَدَ الْمَصَاحِفِ الْعُثْمَانِيَّةِ وَلَوْ احْتِمَالًا وَصَحَّ إسْنَادُهَا فَهِيَ الْقِرَاءَةُ الصَّحِيحَةُ الَّتِي لَا يَجُوزُ رَدُّهَا وَلَا يَحِلُّ إنْكَارُهَا بَلْ هِيَ مِنْ الْأَحْرُفِ السَّبْعَةِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا الْقُرْآنُ وَوَجَبَ عَلَى النَّاسِ قَبُولُهَا سَوَاءٌ كَانَتْ عَنْ الْأَئِمَّةِ السَّبْعَةِ أَمْ عَنْ الْعَشَرَةِ أَمْ عَنْ غَيْرِهِمْ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْمَقْبُولِينَ، وَمَتَى اخْتَلَّ رُكْنٌ مِنْ هَذِهِ الْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ أُطْلِقَ عَلَيْهَا ضَعِيفَةٌ أَوْ شَاذَّةٌ أَوْ بَاطِلَةٌ سَوَاءٌ كَانَتْ عَنْ السَّبْعَةِ أَوْ عَمَّنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُمْ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ أَئِمَّةِ التَّحْقِيقِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ، صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمَدَنِيُّ وَالْمَكِّيُّ وَالْمَهْدَوِيُّ وَأَبُو شَامَةَ وَهُوَ مَذْهَبُ السَّلَفِ الَّذِي لَا يُعْرَفُ مِنْ أَحَدِهِمْ خِلَافُهُ.

قَالَ أَبُو شَامَةَ فِي الْمُرْشِدِ الْوَجِيزِ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُغْتَرَّ بِكُلِّ قِرَاءَةٍ تُعْزَى إلَى أَحَدِ هَؤُلَاءِ السَّبْعَةِ، وَيُطْلَقُ عَلَيْهَا لَفْظُ الصِّحَّةِ وَأَنَّهَا نَزلَتْ هَكَذَا إلَّا إذَا دَخَلَتْ فِي تلك الضَّابِطَةِ، وَحِينَئِذٍ لَا يَنْفَرِدُ مُصَنِّفٌ عَنْ غَيْرِهِ وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِنَقْلِهَا عَنْهُمْ، بَلْ إنْ نُقِلَتْ عَنْ غَيْرِهِمْ مِنْ الْقُرَّاءِ فَذَلِكَ لَا يُخْرِجُهَا مِنْ الصِّحَّةِ، فَإِنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى اسْتِجْمَاعِ تِلْكَ الْأَوْصَافِ لَا عَلَى مَنْ تُنْسَبُ إلَيْهِ إلَى آخِرِ كَلَامِ الْجَزَرِيُّ الَّذِي حَكَاهُ عَنْهُ صَاحِبُ الْإِتْقَانِ.

وَقَالَ أَبُو شَامَةَ: شَاعَ عَلَى أَلْسِنَةِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْمُقْرِئِينَ الْمُتَأَخِّرِينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْمُقَلِّدِينَ أَنَّ السَّبْعَ كُلَّهَا مُتَوَاتِرَةٌ أَيْ كُلُّ حَرْفٍ مِمَّا يُرْوَى عَنْهُمْ، قَالُوا: وَالْقَطْعُ بِأَنَّهَا مُنَزَّلَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاجِبٌ وَنَحْنُ نَقُولُ بِهَذَا الْقَوْلِ، وَلَكِنْ فِيمَا أَجْمَعَتْ عَلَى نَقْلِهِ عَنْهُمْ الطُّرُقُ وَاتَّفَقَتْ عَلَيْهِ الْفِرَقُ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، فَلَا أَقَلَّ مِنْ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَتَّفِقْ التَّوَاتُرُ فِي بَعْضِهَا. انتهى.

إذَا تَقَرَّرَ لَك إجْمَاعُ أَئِمَّةِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ عَلَى عَدَمِ تَوَاتُرِ كُلِّ حَرْفٍ مِنْ حُرُوفِ الْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ، وَعَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا إذَا وَافَقَ وَجْهًا عَرَبِيًّا، وَصَحَّ إسْنَادُهُ وَوَافَقَ الرَّسْمَ وَلَوْ احْتِمَالًا بِمَا نَقَلْنَاهُ عَنْ أَئِمَّةِ الْقُرَّاءِ تَبَيَّنَ لَكَ صِحَّةُ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ بِكُلِّ قِرَاءَةٍ مُتَّصِفَةٍ بِتِلْكَ الصِّفَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ قِرَاءَةِ الصَّحَابَةِ الْمَذْكُورِينَ فِي الْحَدِيثِ أَوْ مِنْ قِرَاءَةِ غَيْرِهِمْ

– الشيخ : من المُعتبرِ الشروطُ المشهورةُ، الشُّروطُ الثلاثةُ لكنَّ الشأنَ فيما لم تتوفرْ فيه الشروطُ الثلاثةُ مثل بعضِ القراءاتِ التي لا تُوافِقُ الرَّسمَ، يعني فيها زيادةٌ مثلَ ما تكلَّمُوا عن: "وصيامِ ثلاثةِ أيامٍ مُتتابعاتٍ" عندَ ابن مسعودٍ. والمشهورُ عن شيخِ الإسلام: يرى أنَّ كلَّ ما صحَّ عن الصحابةِ فإنَّه تصحُّ القراءةُ به، فحكمُه حكمُ الحديث، فإذا صحَّت القراءةُ عن ابن مسعودٍ أو عن أبيٍّ أو عن غيرِهما صحَّتِ القراءةُ به.

 

– القارئ : تَبَيَّنَ لَكَ صِحَّةُ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ بِكُلِّ قِرَاءَةٍ مُتَّصِفَةٍ بِتِلْكَ الصِّفَةِ، سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ قِرَاءَةِ الصَّحَابَةِ الْمَذْكُورِينَ فِي الْحَدِيثِ أَوْ مِنْ قِرَاءَةِ غَيْرِهِمْ، وَقَدْ خَالَفَ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةَ النُّوَيْرِيُّ الْمَالِكِيُّ فِي شَرْحِ الطَّيِّبَةِ فَقَالَ عِنْدَ شَرْحِ قَوْلِ الْجَزَرِي فِيهَا:

فَكُلُّ مَا وَافَقَ وَجْهَ نَحْوِي … وَكَانَ لِلرَّسْمِ احْتِمَالًا يَحْوِي

وَصَحَّ إسْنَادًا هُوَ الْقُرْآنُ … فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ الْأَرْكَانُ

وَكُلُّ مَا خَالَفَ وَجْهًا أُثْبِتَ … شُذُوذُهُ لَوْ أَنَّهُ فِي السَّبْعَةِ

– الشيخ : "أَثْبِتِ" كذا يُقرَأ. وَكُلُّ مَا خَالَفَ وَجْهًا –يعني: من الوجوه الثلاثة- وَكُلُّ مَا خَالَفَ وَجْهًا أَثْبِتِ شذوذَهُ

– القارئ :  مَا لَفْظُهُ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْقُرْآنَ يُكْتَفَى فِي ثُبُوتِهِ مَعَ الشَّرْطَيْنِ الْمُتَقَدِّمِينَ بِصِحَّةِ السَّنَدِ فَقَطْ، وَلَا يُحْتَاجُ إلَى التَّوَاتُرِ، وَهَذَا قَوْلٌ حَادِثٌ مُخَالِفٌ لِإِجْمَاعِ الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْأُصُولِيِّينَ وَالْمُفَسِّرِينَ. انتهى.

وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ نَقْلَ مِثْلِ الْإِمَامِ الْجَزَرِيُّ وَغَيْرِهِ مِنْ أَئِمَّةِ الْقراءاتِ لَا يُعَارِضُهُ نَقْلُ النُّوَيْرِيُّ لِمَا يُخَالِفُهُ، لِأَنَّا إنْ رَجَعْنَا إلَى التَّرْجِيحِ بِالْكَثْرَةِ أَو الْخِبْرَةِ بِالْفَنِّ أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ الْمُرَجِّحَاتِ قَطَعْنَا بِأَنَّ نَقْلَ أُولَئِكَ الْأَئِمَّةِ أَرْجَحُ، وَقَدْ وَافَقَهُمْ عَلَيْهِ كَثِيرٌ عَنْ أَكَابِرِ الْأَئِمَّةِ، حَتَّى أَنَّ الشَّيْخَ زَكَرِيَّا بْنَ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيَّ لَمْ يَحْكِ فِي غَايَةِ الْأُصُولِ إلَى شَرْحِ لُبِّ الْأُصُولِ الْخِلَافَ لِمَا حَكَاهُ الْجَزَرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ أَحَدٍ سِوَى ابْنِ الْحَاجِبِ.

حديثُ أنس: قالَ: قَوْلُهُ: (أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ)

– الشيخ : إلى آخرِه

– طالب:

– الشيخ : أيش؟ تواتر أيش؟

– طالب: القراءاتُ العشرُ كذلك

– الشيخ : يا أخي التواترُ مراتبٌ، مثلَ ما قالوا في حديث: (إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ) أيش قالوا؟ قالوا أنَّه غريبٌ في أوَّلِه وفي أعلاه، ثم آلَ الأمرُ وصار مُتواترًا في آخرِه، فيُمكن التواتر اللي يقولُه شيخُ الإسلام هو من هذا النوعِ، لكنَّ القرآنَ في جملتِه لا شكَّ أنَّه متواترٌ تواترًا قطعيًّا، لكن كل حرفٍ؟ لا نقولُ كلُّ حرفٍ لأنَّ بعض الحروفِ فيها اختلافٌ.

إلى هُنا. ويُعجبني -في الجملة- منهجَ ابن جرير فإنَّه أحيانًا يُضعِّفُ بعض القراءاتِ، وإن كانَتْ سبعيَّةً وترجيحًا لقولِ الجمهور -جمهور القُرَّاء- ويُسمِّيهم الحُجَّةَ ويردُّ بعض القراءاتِ يقول: لمخالفتِه الحُجَّةَ من القَرَأَةِ.

 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :الحديث وعلومه